أندرو ﭘوپ، العائلات المُنظمة للمشروعات: الأعمال، الزواج والحياة في أوائل القرن التاسع عشر، (لندن: بيكرينغ وتشاتو، 2012. 8 + 188 ص.)
مراجعة: كريستينا لوبينسكي، المعهد التاريخي الألماني، واشنطن، دي سي.
ترجمة: مصباح كمال
كتاب العائلات المُنظمة للمشروعات هو مثالٌ عن كتابة التاريخ الجزئي في أفضل حالاتها. يصف أندرو ﭘوپ ، أستاذ في مدرسة الإدارة في جامعة ليفربول، برنامجه باعتباره “الكتابة نحو الخارج، للوصول إلى قضايا أوسع” (ص 5) من خلال دراسة حالة – في هذه الحالة دراسة تاريخ جون وإليزابيث شو اللذين أسسا حوالي عام 1800 مؤسسة أعمال تبيع المواد بالجملة. واستفادَ المؤلف لأغراض دراسته من المراسلات واسعة النطاق، المجزأة في بعض الأحيان، بين جون وإليزابيث شو، وكذلك مع أفراد الأسرة الآخرين والشركاء التجاريين.
تمكّنَ ﭘوپ من استخدام أكثر من 200 رسالة خاصة على نطاق واسع. وهذه الرسائل هي أحد المصادر التي توقفَ عندها وأمعن التفكير فيها في الفصل الأول من الكتاب. وبفضل هذه الرسائل استطاع ﭘوپ رسم صورة غير عادية للزوجين كمُنظمَيْن من خلال التركيز على حياتهما الشخصية، والغوص في حياتهما الداخلية بإثارة السؤال: كيف خلقا حياةً لنفسيهما وكيف قررا ما هو ذا قيمة وجدير بالاهتمام بالنسبة لهما. ولهذه الغاية، يُقدّمُ ﭘوپ المفهوم التوجيهي “شراكة غير محدودة” (ص 4) حيث ينظر إلى الحب والزواج في تشابك جوهري مع روح المبادرة، وبناء تنظيم الشركة، وعملية صنع القرار الاقتصادي. وبينما يُعطي تحوّلُ الشركة من شركة ذات مسؤولية غير محدودة إلى شركة ذات مسؤولية محدودة الانطباع بأنها تتحول نحو المهنية professionalizing وتُحّدُ من نفوذ الأفراد والعواطف، يقول ﭘوپ إن الشركات الحديثة لا تزال حتى اليوم تقوم على أساسٍ من الملكية الشخصية والإدارة. وهو، بالتالي، يدعو إلى إعادة إدماج أكبر بين المجالين الأسري والديني، من جهة، واستراتيجية الأعمال business والتنظيم، من جهة أخرى.
وُلدَ جون شو، من سكنة ولـﭬرهامبتون، في مدينة ﭘنْ Penn عام 1782. وفي حوالي عام 1800 أسس وكالة إقليمية لبيع الأدوات المعدنية. تزوجَ اليزابيث ويلكنسون، ابنة صاحب متجر في كولن Colne التي أصبحت تشارك في العمل على نطاق واسع. في عام 1815، دخل جون شو في شراكة مع هنري كرين، واستمر التعاون معه حتى عام 1848. خلال فترة الشراكة، أنشأ شو وكرين شركة باسم كلكتا هاوس تي إي طومسون وشركاه، وبفضلها تم تحويل الوكالة المحلية إلى مؤسسة متعددة الجنسيات.
يتمحور بُنية الكتاب على معالجة الموضوعات بدلا من السرد الزمني، واختيار ﭘوپ للموضوعات للقراء اختيار جيد. ففي الفصل الثاني يبدأ بوضع الشركة والزوجين في سياقها التاريخي مع لمحات من التاريخ الاقتصادي والاجتماعي والثقافي لبداية القرن التاسع عشر. ويركّز في الفصل الثالث على العلاقة العاطفية والتجارية بين جون وإليزابيث، وسنوات الخطوبة، وبدايات الزواج الراكز. وبحكم سفره للأغراض التجارية، كان جون بعيداً عن البيت لفترات طويلة بحيث أصبحت العلاقة الزوجية تعتمد على مراسلاتهما المتكررة. هذا الوضع مَكنَّ كلا منهما التفكير في القضايا التجارية والأسرية، والآفاق التي تنتظرهما في الحياة، والحب، والعلاقات. يُشكل هذين الفصلين الأساس للتحليلات في الفصول التالية. ويبدو أن توفر المصادر والمناقشات البحثية القائمة حول الجنسانية gender والأعمال التجارية والتاريخ الاجتماعي هي التي فرضت نفسها على اختيار الكاتب.
يتناول الفصل الرابع حلقة واحدة خاصة مثيرة في تاريخ الشركة والأسرة: التوسع في الأعمال إلى كلكتا، الهند. جاءت مغامرة التوسع نحو كلكتا بفضل الشبكات الاجتماعية وتضمن التعامل مع تحديات عديدة. فقد تولّدَ عن البعد الجغرافي بين إنجلترا والهند عدداً من المشاكل الرئيسية ذات العلاقة بالوكيل والموكل له، وجعل من كتابة الرسائل مسألة أساسية، ليس فقط من أجل الحفاظ على العلاقات الخاصة ولكن أيضاً لإدارة الأعمال اليومية.
ويتناول الفصل الخامس قضية بارزة في الدراسات الجنسانية، وهي الفصل بين المجالين العام والخاص، كاشفاً عن أساليب الزوجين للتعاون على ما يخص أعمالهما والأسرة. ومن خلال إظهار تحرك الزوجين باستمرار بين المجالين، فإن ﭘوپ يُشككُ بالفجوة المفترضة بين المجالين، زاعماً، خلاف ذلك، أن الزوجين كانا يتسمان بالمرونة، متنقلين بكل سهولة بين الأدوار والهويات المختلفة.
ويوسّعُ الكاتب في الفصل السادس فهم الشركات العائلية من خلال إدخال أفراد آخرين من الأسرة في التحليل. ويُبيّنُ أن الأسرة ودائرة صغيرة من الأصدقاء المقربين هي التي كانت تُكوّن حياة جون وإليزابيث شو ويفسر كيف حافظا على هذه العلاقات.
وأخيراً، يصف في الفصل السابع الأشياء المادية، وأهمها المنزل والثروة، فهي، في المقام الأول، ليست وسيلة لتحسين الأحوال الشخصية وإنما إرثاً للأجيال القادمة.
في خاتمة الكتاب نجدُ ملخصاً للتاريخ اللاحق للشركة، والتي استمرت في الوجود بعد وفاة جون شو في عام 1858 عندما أصبح أحد أبناءه، توماس ويلكنسون شو، وإدوارد ديثك المالكين لها.
دراسة ﭘوپ لشركة شو العائلية هي دراسة حالة غنية لعلاقات القرابة والجنسانية. وبفضل تحليله الدقيق القائم على الاحترام للعلاقات الحميمة، فإنه نجحَ في إلقاء الضوء على العمليات الثقافية التي من خلالها تقوم العواطف والرغبات في تشكيل السلوكيات الاقتصادية والشركات العائلية الرأسمالية. بناءً على دراسة الحالة هذه، فإن كل فصل من فصول الكتاب، وعلى وجه الخصوص فصلُ الاستنتاجات، يربط النقاط التحليلية المحددة مع مفاهيم ونظريات أوسع، كالتصنيع على المستوى الإقليمي، وقضايا الشركات العائلية، والأزواج المنظمين للمشروعات الاقتصادية، والجدل في الجنسانية.
كتاب العائلات المنظمة للمشروعات هو بالتأكيد إضافة ناجحة إلى ما كُتبَ حول الشركات العائلية، وتشكيل ثقافة الطبقة المتوسطة، ودور المرأة، ويسير على التقليد الذي خطته دافيدوف وهال Davidoff and Hall (1987). كما أن ﭘوپ صريحٌ في المحاجة بأن الممارسات التجارية ليست مجرد أعمال نفعية ترمي إلى تحقيق غايات مادية فقط. إن منهج ﭘوپ في الجمع بين عدة تخصصات يتيح لنا أن نفهم الدوافع الرأسمالية، وتأثير القرابة والجنسانية، وأخيراً وليس آخراً، الحب، والرغبة، والحزن واليأس. هدفُ ﭘوپ في “الانحراف عن التركيز على الاقتصادي أو، بدلا من ذلك، إعادة الطابع الإنساني لما هو اقتصادي” (ص 2) – قد لا يكون جديداً تماماً، لكن هذا الهدف هنا ليس وعداً فارغاً فهو يَرِدُ بوضوح ويرتكزُ على البحث التجريبي. وقد تمكّنَ ﭘوپ من الإقرار بدور الأفراد التاريخيين الفاعلين، وعلى رأسهم جون وإليزابيث شو، كبشر على درجة من التعقيد لهم مجموعة من الأولويات أكبر من المكاسب الاقتصادية. وبينما لا يأتي ﭘوپ على ذكر مساهمات علماء الأنثروبولوجيا الثقافية، ككتاب سيلفيا يناغيسكو Sylvia Yanagisako إنتاج الثقافة ورأس المال (2002)، صراحةً في الكتاب، فإن نهجه أنثروبولوجي للغاية في طبيعته، وسوف يكون بالتأكيد ذات أهمية كبيرة لمؤرخي الأعمال والاقتصاديين، والعلماء الباحثين في الشركات المرتبطة بالأسرة والدراسات الجنسانية.
حقوق الطبع والنشر (ح) 2013 لـ EH.Net. جميع الحقوق محفوظة.
حقوق الترجمة محفوظة لمصباح كمال – شبكة الإقتصاديين العراقيين
22/6/2013
Andrew Popp, Entrepreneurial Families: Business, Marriage and Life in the Early Nineteenth Century. London: Pickering and Chatto, 2012. viii + 188 pp. $99 (hardcover), ISBN: 978-1-84893-236-4.
Reviewed for EH.Net by Christina Lubinski, German Historical Institute, Washington, DC.
Published by EH.Net (March 2013)
References:
Leonore Davidoff and Catherine Hall (1987), Family Fortunes: Men and Women of the English Middle Class, 1780-1850, Chicago: University of Chicago Press.
Sylvia J. Yanagisako (2002), Producing Culture and Capital: Family Firms in Italy, Princeton: Princeton University Press.
Christina Lubinski is Research Fellow at the German Historical Institute in Washington, DC. Her publications include “Path Dependency and Governance in German Family Firms,” Business History Review (2011) and the edited volume Family Multinationals (forthcoming, Routledge).
Copyright (c) 2013 by EH.Net. All rights reserved. This work may be copied for non-profit educational uses if proper credit is given to the author and the list. For other permission, please contact the EH.Net Administrator (administrator@eh.net). Published by EH.Net (March 2013). All EH.Net reviews are archived at http://www.eh.net/BookReview
باحث وكاتب عراقي متخصص في قطاع التامين مقيم في المهجر
العائلات المنظمة للمشروعات
جاءت الترجمة موجزة ولكنها وافية بالغرض لاثارة السوال : هل شهد العراق انشطة اقتصادية لعائلات عراقية ؟
سليمان فتاح باشا نموذجا
فى كتابه ( شخصيات نافذة ) تحدث الاستاذ عبد اللطيف الشواف – الطعة الاولى – لندن 1993 عن عدد من الشخصيات العراقية النافذة
كتب عن سليمان فتاح باشا ( فارس الصناعة العراقية )
هذا الشيخ يغدادى – وجها بغداديا حقا فى مظاهر حياته كلها فى سكناه فى ملبسه وطموحاته وعلاقاته العامة والخاصة ولكنه لم يكن بالوجيه التقليدى الذى يعمل ويتصرف ويحلم بخصائص وسمات واهداف القرون الوسطى والمجتمعات الدينية الزراعية شان وجهاء بغداد فى العشرينيات والثلاثينيات من امثال ابناء العوائل البغدادية الاخرى بل كان وجيها متجددا يعيش وينظر ويتطلع الى قيم العصر الحديث التى تعبق برياح الاقتصاد الصناعى الاوربى —
هكذا وصف الاستاذ الشواف سليمان فتاح ولا يتسع المقام لذكر كل ما وصف به هذا الرجل الذى يطلق عليه البغداديون ( وجيه خوش ادمى عالى جناب )
ولد سليمان فتاح عام 1891 فى بغداد وكان فى اوائل الستينيات رجل الصناعة الاول فى العراق بعدما عايش الصناعة ثلاثين عاما ويمكن ان يقاس هذا الرجل مع بناة الصناعة وشيوخها الاولين والاوربين بكل ما يمتازون به من عصامية اخلاقية -كان النموذج الذى يحلم ببنائه سليمان فتاح فى العراق بنية صناعية كان نموذجها الاقتصاد الالمانى واليابانى الذى كان بشيد فى العقود السابقة للعقود التى عاشها سليمان فتاح فيما كان نموذج ما يتمناه الاغنياء البغداديون هو اقتصاد البازار الطهرانى فى ايران والفرق بين النظرتين واضح واكيد هذا غيض من فيض مما كتبه الاستاذ عبد اللطيف الشواف عن فارس الصناعة كما يصفه والذى تعرف عليه فى عام 1958
عزيزى الاستاذ مصباح كمال
نعم فى العراق عوائل صناعية لكن يلاحظ بان النشاط الاقتصادى لاكثر هذه العوائل يتدهور بعد جيلين او ثلاثة اجيال بسبب الخلافات العائلية وبعد قيام القطاع العام فى اواسط الستينيات من القرن العشرين حاولت الدولة جعل القطاع الخاص تابعا للقطاع القائد اى القطاع العام ولا اعلم ان كان هناك برنامج حكومى فى الوقت الحاضر لتشجيع اقامة الصناعات الصغيرة والصناعات الحرفية والصناعات البيتية والصناعات الريفية هذه النماذج من الصناعات المغذية للصناعات المتوسطة والكبيرة والمنتجة للسلع القابلة للتصدير
مع خالص الشكر والتقدير