السياسة النقديةملف البنك المركزي العراقي
21/07/2013
واجه البنك المركزي بعض المشاكل في بداية 2012 تمثلت بزيادة الطلب على الدولار نتيجة خروج القوات الامريكية وازدياد الطلب الاقليمي خاصة من قبل سوريا وايران. وقد مثل ذلك بالمعنى الاقتصادى صدمة كبيرة ادت الى زيادة الطلب على الدولار وبالتالي ارتفاع حجم مزاد العملة الاجنبية. وظاهرة الصدمات الخارجية ليست غريبة في الدول النامية بل هي خاصية اساسية من خواصها بسبب انفتاح اقتصادياتها على الخارج. وقد تأخذ مواجهة هذه الصدمات وقتا طويلا يتأثر ويتذبذب خلالها سعر الصرف ومتغيرات اقتصادية اخرى.
ان هذه الصدمات تنصب على الطلب على الدولار، وليس غريبا ان تلجأ البلدان التي تشهدها الى بعض التقييدات الهادفة الى تنظيم الطلب. وتتفاوت النجاحات نتيجة لهذه الاجراءات. هذا يعني ان التذبذب في سعر الصرف في 2012 كان اساسا بسبب الصدمات الخارجية وليس بسبب سياسة داخلية. ولم تكن الاساليب التقييدية فعالة، ولكن العلاج الفعال الذي تمخض عن نجاح كبير كان من خلال رفع كل القيود وتحرير سعر الصرف ومقابلة الطلب على العملة الاجنبية بشكل كامل كما هو موضح في البيان رقم 19 في 1/10/2012 حيث “التزم البنك بالحفاظ على قيمة الدينار العراقي واستقراره كجزء من سياسته الرامية لحماية ونمو الاقتصاد العراقي، وفي هذا السياق يضمن البنك المركزي العراقي تلبية الطلب على العملة الاجنبية بالكامل بما لا يتقاطع مع قانون غسل الاموال واموال الجريمة والارهاب رقم 93 لسنة 2004 والتعليمات والضوابط الصادرة بهذا الشأن” .
واذا كانت ازمة البنك المركزي في الفترة السابقة هي نتيجة لصدمة خارجية عنيفة فان التذبذب الذي حصل في زمن الادارة الحالية كان نتيجة لسياساتها، والعلاج الذي شهدناه اخيرا لم يكن نتيجة لسياسة هذه الادارة النقدية وانما نتيجة لمبادرات المصارف التي تمثلت في تخفيض سعر الصرف الذي تعرضه على المتعاملين النهائيين عن طريق تخفيض ارباحها. لقد تم تقييد العرض من العملة الاجنبية ابتداء ( في الشهر العاشر من 2012). واستمر هذا التقييد وذلك لعدم رغبة الادارة الجديدة بمقابلة الطلب بشكل كامل اعتقادا منها بان ذلك يتفادى الهدر في المال العام، ولم تكن هذه الادارة مدركة ان الهدف الاساس للبنك المركزي بحسب قانونه هو استقرار سعر الصرف، ولذا فانه من الضروري جدا ان تتم مقابلة كل الطلب عدا ذلك الذي ينطوي على مخالفات مصرفية وادارية كبيرة او ذلك الذي ينطوي على عمليات لغسيل الاموال وتمويل الارهاب.
لذلك فلقد استمر السعر بالارتفاع واصبح بحدود 1280 ديناراً للدولار في نهاية الشهر الخامس من عام 2013. لا ندري كيف نكون امام هدر للمال العام ونحن نقابل طلبا على الدولار ونأخذ عملة عراقية بدله وينتج عن ذلك استقرار في سعر الصرف. الادارة الحالية تبيع الآن مبالغ تتجاوز ما كانت تبيعه الادارة السابقة في فترتها الاخيرة فلماذا كان هناك هدر في السابق – كما قيل – وليس هناك هدر الآن !؟
لقد تبنت الادارة الجديدة علاجا لا ينسجم مع مبادىء السياسة النقدية. وهذا العلاج تمثل بان تقوم المصارف بخفض سعر الدولار، ما يعني ان الاجراء كان على سعر الصرف نفسه وليس على اساسيات سعر الصرف (العرض والطلب من العملة الاجنبية) . ان استهداف السعر مباشرة قد يتجاهل اساسيات السعر وبالتالي فانه لا يعدو ان يكون اجراءً ادارياً وحسب. ولكن الاعتماد على اساسيات السعر يعني استخدام الاحتياطي لمقابلة الطلب، الامر الذي سيؤدي الى خفض سعر الدولار، وهذه قضية سوق وليست قضية ادارية، واذا انخفض الاحتياطي كمحدد رئيسي لاساسيات السعر، نعمد الى زيادة سعر الدولار. اذن فقد كان على السلطة النقدية ان تخفض سعر صرف الدولار عن طريق ضخ العرض النقدي عن طريق الاحتياطي وليس عن طريق قيام القطاع المصرفي بالخفض مباشرة. بمعنى آخر ان العلاج يجب ان يكون ضمن السياسة النقدية اساسا.
ان العلاج من خلال الاحتياطي سيكون اكثر استقرارا وديمومة. تغيير السعر او تخفيضه في هذه الحالة يجب ان يكون بسبب تاثير السياسة النقدية، خاصة عرض النقد وسياسة سعر الصرف. ولا يجب ان يكون هذا التخفيض بسبب تخفيض ارباح المصارف فذلك لا يتسم بالاستقرار والديمومة من ناحية، كما انه ليس من ضمن وسائل السياسة النقدية من ناحية اخرى. لقد تمخض عن هذا الاسلوب ( عن طريق المصارف) انخفاض لسعر الصرف من 1280 دينار الى 1225 دينار، وهو سعر لازال مرتفعا.
من ناحية اخرى فان العلاج النقدي عن طريق المصارف سيفرض بعض التقييدات على البنك المركزي، وسيزيد من قوة المساومة عند المصارف خاصة عندما يطلب البنك المركزي تطبيق بعض الاجراءات التطويرية مثل زيادة رأسمال المصارف او الطلب منها تنشيط الوساطة المالية لتنظيم الواقع المصرفي.
واخيرا فان سياسة سعر الصرف هي سياسة اجمالية بينما المجال الذي تعمل به المصارف هو المجال الجزئي. تحديد سعر الصرف وظيفة اساسية من وظائف البنك المركزي، وهي بالتأكيد ليست من مهمات المصارف، خاصة وان البنك المركزي يمتلك احتياطيا كبيرا يمكن من خلاله ان يلبي كل مستويات الطلب. ومن الممكن ان نصل الى نفس النتيجة، اي تخفيض سعر الدولار ، عن طريق الاحتياطي وبالتالي نكون امام سياسة نقدية تحافظ على استقرار سعر الصرف بقيادة البنك المركزي.
ان التداول مع المصارف حول قضية سعر الصرف أمر مطلوب، بل ان هذا التداول يجب ان ينصرف الى الجهات الحكومية والبرلمانية والقطاع الخاص أيضاً، ويمكن ان يغطي هذا التداول عناصر السياسة النقدية الاخرى.
* محافظ البنك المركزي المقال
المدى العدد(2848) – السبت 2013/07/2013
تحية طيبة
الاستاذ العزيز سنان الشبيبي المحترم
ما ضرر تخفيض قيمة الدينار العراقي امام الدولار في بلد مثل العراق حيث موازنته التشغيلية الرواتب و الاجور تمثل 70% من الموازنة العامة لذا اقترح تخفيض الدينار العراقي امام الدولار و عكس العمل بدل المحافظة على سعر الصرف ندعه ينزل لفائدة اكثر للاقتصاد العراقي و كذلك باي دولة بالعالم تبيع الدولار بمزاد علني يومي اقترح ايقاف المزاد فورا و الاحتفاظ بالدولار و كذلك الاستيراد من الدول حسب مبدا المقايضة ووفق الاتفاقيات المشتركة الثنائية بين العراق و باقي الدول و بالاخص للسلع الاستراتيجية مثل السكر ( موسمي بالصيف اسعاره اقل مايمكن وقت الحصاد ) و كذلك الحبوب و اللحوم و الزيوت النباتية و المواد التشغيلية للصناعة النفطية و الكهرباء و الادوية و الكتب المدرسية و مستلزمات الامن و الدفاع )
للتفضل بادخال المقترحات للنقاش لاغناء الموضوع من قبل الاساتذة المختصين و العلماء و الباحثين
مع التقدير
خالد اسماعيل ناصر الولي