لتنزيل البحث كاملاً مع الجداول بصيغة ملف بي دي أف انقر هنا
أولاً: النفقات والإيرادات والعجز
في مقترح موازنة 2014 الذي أُحيل إلى مجلس النواب بعد موافقة مجلس الوزراء في منتصف كانون ثان/يناير 2014 والتعديلات التي طرأت عليه فيما يخص تخصيصات البترودولار في أواخر كانون ثان، بلغت تخصيصات النفقات لسنة 2014 حوالي 146 مليار دولار، منها 60 مليار دولار تخصيصات النفقات الاستثمارية (41%) و33 مليار دولار تعويضات الموظفين (23%)، التي لا تشمل الرواتب التقاعدية. وقُدِرت الإيرادات بحوالي 120 مليار دولار منها 112 مليار دولار إيرادات نفطية (93%). بهذا يبلغ العجز المخطط بين النفقات والإيرادات حوالي 26 مليار دولار (18% من تخصيصات النفقات).[1]
وفي جانب الإيرادات النفطية أُفترض في حسابات الموازنة سعر تصدير 90 دولار للبرميل. ويقارن ذلك مع سعر فعلي قدره 102 دولار في 2013 و106 دولار في 2012. كما اُفترضت كمية تصدير 3.4 مليون برميل في اليوم (م-ب-ي) منها 0.4 م-ب-ي من اقليم كردستان. واعتماداً على تطور طاقة التكرير المتاحة واستهلاك النفط في محطات الكهرباء خلال 2014، فإن كمية التصدير هذه تتوافق مع إنتاج 4.1-4.2 م-ب-ي.[2] ويقارن ذلك مع إنتاج فعلي قدره 3.3 م-ب-ي (منها 0.3 م-ب-ي في كردستان) في 2013 و3.19 م-ب-ي (منها 0.25 م-ب-ي في كردستان) في 2012.[3]
وفي ضوء تطورات السنتين 2012 و2013 يمكن القول أن الافتراض المستخدم لكمية التصدير (والإنتاج) لسنة 2014 يعتبر متفائلاً. لذلك فإن انخفاض هذه الكمية سيؤدي إلى تزايد العجز. على سبيل المثال، لو أن كمية التصدير التي ستتحقق ستكون 3.0 م-ب-ي بدلاً من 3.4 م-ب-ي فإن العجز سيرتفع من 26 مليار إلى أكثر من 39 مليار دولار. من ناحية أخرى، سينخفض العجز أو يختفي في حالة عدم صرف كامل التخصيصات الإنفاقية و/أو تحقق سعر تصدير للنفط أعلى من 90 دولار للبرميل. على سبيل المثال، يتبين من بيانات الصرف الفعلي لنفقات ميزانية 2011 (وهي أحدث سنة تتوفر عنها بيانات فعلية) أن معدل الصرف الفعلي كان 75% لتلك السنة، جدول (1) أدناه. وتبين حساباتنا أنه لو تحقق إنفاق فعلي لسنة 2014 في حدود هذه النسبة وحتى 82% فستحقق الموازنة فائضاً (بدلاً من عجز 26 مليار دولار).
وعند ظهور العجز فإن تمويله سيكون من خلال عدة مصادر كفوائض الميزانية المتجمعة من السنوات السابقة (سواء كانت فوائض نقدية لتعاقدات سابقة لم تنفذ أو تلك المودعة بالعملة الاجنبية في صندوق تطوير العراق، DFI، أو الفوائض الأخرى المودعة في الجهاز المصرفي المحلي) وحوالات الخزينة (الاقتراض من الجهاز المصرفي وغير المصرفي) ومصادر أخرى. واعتماداً على مقدار العجز فإن استخدام فوائض الميزانية المتجمعة سيقيده حد أدنى حرج لرصيدها.
ثانيـاً: التخصيصات الاستثمارية
يساعد وجود منظور تخطيطي متوسط/بعيد المدى موحد للمشاريع الاستثمارية للقطاع العام، على تحديد التخصيصات الاستثمارية في الموازنة العامة السنوية بشكل متسق ومترابط. ولكن لا يتواجد مثل هذا المنظور للمشاريع العامة في العراق. فلم يرد في خطتي التنمية الوطنية 2010-2014 و2013-2017 جداول بمشاريع عامة محددة وتكاليفها حسب التقسيمات الإدارية والأنشطة الاقتصادية للسنوات الخمس فيها. كما لا تتوفر، حسب علمنا، موازنة عامة متوسطة المدى يمكن ان تكون عوناً في هذا المجال. لذلك فإن الموازنات السنوية تعد في ضوء اقتراحات الوزارات والإدارات المختلفة، بدون منظور موحد مسبق. وليس لدينا ما يبين أن ما يخصص مقابل هذه الاقتراحات قائم على دراسات الجدوى الاقتصادية والاجتماعية. وفي أغلب الظن يؤثر في قرار التخصيص ما سيتوقع توفره من موارد للميزانية، من ناحية، والحاجات ذات الاسبقيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بالإضافة للقوة التفاوضية للوزير أو رئيس الإدارة، من ناحية أخرى. وبينما تتوفر تقديرات متوسطة/بعيدة المدى متاحة، في المجال العام، عن مشاريع بعض الوزارات أو القطاعات فإن وزارات وقطاعات أخرى لم تنشر، أو تتاح في المجال العام، تقديراتها الاستثمارية المستقبلية والمشاريع التي تكونها.
على سبيل المثال، في قطاع الطاقة تتوفر تقديرات ظهرت في الاستراتيجية الوطنية المتكاملة للطاقة (الاستراتيجية) تمتد إلى سنة 2030، والتي قدرت الحاجة الاستثمارية لقطاع الطاقة (نفط خام وغاز وتكرير وكهرباء، الخ) بحوالي 543 مليار دولار (بأسعار 2011). إن هذا الرقم (الذي هو أقرب شيء متاح لتقدير رسمي) يعادل 635 ترليون دينار (بسعر صرف 2011) والذي يترجم إلى حوالي 35 ترليون دينار سنوياً خلال 2013-2030 (بأسعار 2011).[4] وفي ضوء حقيقة أن معظم العقود النفطية/الغازية هي عقود مقاولة خدمة كما ان معظم استثمارات التكرير والكهرباء ومشاريع الطاقة الأخرى سيمولها القطاع العام فأن معظم استثمارات الطاقة تتحملها الموازنة العامة. ولكن يلاحظ في الجدول (1) فإن تخصيصات 2013 و2014 للنفط والكهرباء، بالرغم من ارتفاعها، لازالت أقل من المستوى السنوي الذي تتضمنه الاستراتيجية (خاصة وأنها ستنخفض حين تقاس بأسعار 2011).
ومن المناسب الاشارة إلى أن كفاءة الأداء قد يصعب قياسها حينما تجزأ حسابات بعض الوحدات الإنتاجية العامة بحيث ترد نفقاتها الاستثمارية، وربما بعض نفقاتها التشغيلية، في الموازنة العامة والنفقات والإيرادات الأخرى في موازنات مستقلة لهذه الوحدات. ففي هذه الحالة لا يمكن الربط بين التكاليف والعوائد بشكل واضح. ويتبين هذا الأمر بشكل بارز في قطاع الكهرباء الذي يعاني من ارتفاع التكاليف وانخفاض العوائد. إن وجود ميزانية مستقلة مالياً تجمع جميع النفقات والعوائد يساعد على بيان مقدار الربح أو الخسارة التي تترتب على استثمارات وعمليات توليد ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية ومقدار الإعانة التي تقدم للمستهلك. وربما ينصرف ذات الأمر للقطاع النفطي. فلابد من التفكير في تنظيم عملياته المالية في ميزانية مستقلة تعود لمؤسسة عامة مستقلة مالياً كشركة نفط وطنية، على سبيل المثال. ولكن، في المقابل، فإن الاهمية الكبيرة لعوائد النفط وصعوبة فصل تخصيص عوائده عن القرار السياسي، من ناحية، وضرورة الشفافية في بيان عوائده مع النفقات المترتبة عليه، من ناحية أخرى، قد تبرر استمرار أيراد استثماراته في الموازنة العامة. إن تحقيق تسوية بين الكفاءة والشفافية/المتطلبات السياسية يمثل معضلة ينبغي دراستها وإيجاد الحلول الناجعة لها.
وعند مقارنتها بموازنة 2013 يلاحظ ارتفاع تخصيصات النفقات الكلية (تشغيلية واستثمارية) في مقترح موازنة 2014 (بما فيها تعديلات أواخر كانون ثان) بحوالي 23.8 ترليون دينار. وفيما عدا الزيادة في تخصيصات البترودولار فإن أغلب المتبقي هو زيادة في تخصيصات النفقات التشغيلية، جدول (1). ومن ضمن التخصيصات الاستثمارية، وفيما عدا النفط والبترودولار، انخفضت التخصيصات لأغلب الوزارات الأخرى عن موازنة 2013. من ناحية أخرى، تبين مؤشرات الصرف الفعلي (لسنة 2011) أن نسبة الصرف الفعلي على المشاريع الاستثمارية بلغت 46% من التخصيصات الاستثمارية المنقحة مقارنة مع نسبة صرف 92% من تخصيصات النفقات التشغيلية المنقحة (معدل 75% لتخصيصات النفقات الكلية في الميزانية) أنظر جدول (1).
إن انخفاض نسبة الصرف يمثل عقبة رئيسية في زيادة نصيب الاستثمار في الناتج المحلي الإجمالي. على سبيل المثال، بلغت نسبة تخصيصات الاستثمارات في موازنة 2011 حوالي 37% من مجموع تخصيصات النفقات في حين بلغت نسبة المصروف الفعلي على الاستثمارات إلى المصروف على النفقات 23%. وتقابل النسبة الأخيرة حصة استثمار في الناتج المحلي الإجمالي في حدود 18% في 2011 (أنظر جدول 1، أدناه، وجدول 4، في ملحق 1). لذلك فإن العمل على زيادة نسبة الصرف (التنفيذ) سيقود إلى ارتفاع نسبة الاستثمار في الموازنة ومن ثم في الناتج المحلي الإجمالي.
ثالثاً: نمط الاستخدام 2007-2014
ورد في مقالين لي، بالعربية والإنجليزية نشرا، بالتتابع في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين (23/5/2013) وفي مجلة ميس MEES (12/8/2013)، بأن مؤشرات خطة التنمية الوطنية 2013-2017 ينتج عنها فعلياً تركيز لنمط الاستخدام في العراق والمتمثل في استمرار قطاع “الحكومة العامة” كأهم مستخدم في الاقتصاد والمصدر المعول عليه لاستيعاب جزء أساس لا يقل عن نصف الداخلين في سوق العمل سنوياً. وتبين أيضاً أن هذه المؤشرات لا تتفق مع هدف التنويع الاقتصادي الوارد في الخطة.
وعند مقارنة عدد العاملين في الوزارات والدوائر الممولة مركزياً الوارد في مقترح موازنة 2014 بالأعداد الواردة في الموازنات المقرة للسنوات السابقة لسنة 2013، يلاحظ استمرار الأهمية الكبيرة للاستخدام الحكومي. هذا بالرغم من التباطؤ الملحوظ في الزيادة السنوية لعدد مستخدمي الدولة في موازنة 2014 (96 ألف) مقارنة مع الزيادة السنوية في موازنة 2013 (158 ألف). ولبيان استمرار أهمية الاستخدام الحكومي، بالرغم من هذا التباطؤ، لنلقي نظرة على جدول (2) أدناه.
يتضح نمط الاستخدام المشار أليه أعلاه بملاحظة ان الاستخدام الحكومي ساهم بتشغيل 55% من الداخلين لسوق العمل بين 2007 و2012. وبالرغم من تباطؤ الزيادة في الاستخدام الحكومي في موازنة 2014 (عن موازنة 2013)، فأن هذا النمط استمر/سيستمر خلال السنوات 2013 و2014. إذ سيساهم الاستخدام الحكومي باستيعاب 38% من الداخلين والذين سيدخلون لسوق العمل فيما بين 2012 و2014. إن دوافع التباطؤ في زيادة الاستخدام في موازنة 2014 عن موازنة 2013 متعددة ولعل أهمها الخشية من عدم تحقق الزيادة المخططة في تصدير النفط لسنة 2014 خاصة استمرار الخلاف حول تصدير النفط من كردستان. هذا بالإضافة لتضخم البطالة المقنعة في الجهاز الحكومي.
رابعـاً: السياسة الصناعية ونمط الاستخدام
إن تمويل الميزانيات العامة المتعاقبة، ومنها الموازنة المقترحة لسنة 2014، لزيادة الاستخدام الحكومي يعتبر اجراء متاح وفعال لاستيعاب جزء مهم من الاعداد المتزايدة الداخلة لسوق العمل. إذ كما يتبين من الجدول (2) فإن متوسط عدد الداخلين في سوق العمل (عرض العمل) بلغ 252 ألف شخص سنوياً خلال الفترة 2007-2012 ليزداد إلى 332 ألف سنوياً خلال الفترة 2012-2014. وسيرتفع العدد تدريجياً خلال العقد القادم. ومن الصعوبة التوقع من متخذي القرار الاقتصادي في الدولة بعدم التوسع في الاستخدام الحكومي في ظل عدم قابلية النشاطات الأخرى في استيعاب كامل الداخلين لسوق العمل. إن أي حكومة مهما كان توجهها سترى نفسها، في مثل هذه الظروف، مضطرة لتوسيع الاستخدام الحكومي.
غير أن استمرار هذا النهج، بالرغم من الأهداف المعلنة للتنويع الاقتصادي، يعني تركيز احادية الاقتصاد واستحكام حلقات الفخ الريعي. لذلك فإن التوصية المناسبة، في هذا المجال، هي في ضرورة تبني سياسة صناعية فعالة تهدف لتنمية القطاعات الأخرى، خاصة ذات القابلية التصديرية، بغية استيعاب اعداد متزايدة من الداخلين لسوق العمل تدريجياًً بحيث تقل الأهمية النسبية للاستخدام الحكومي بمرور الوقت ويتغير نمط الاستخدام الحالي.
وتعني السياسة الصناعية، عموماً، حزمة السياسات التي تهدف إلى تطوير وإنعاش بناء مجموعة من النشاطات الاقتصادية وتطوير مجموعة من التغييرات الهيكلية. على هذا فهي ليست محددة بالصناعة فقط وإنما تشمل قطاعات إنتاجية وخدمية أخرى. ومن الناحية النظرية يتم تبني سياسات صناعية تدخلية من قبل الدولة بسبب أن عملية التنمية ليست تلقائية. وعدم التلقائية هذا يثار نتيجة نواقص نظام السوق التي تؤثر سلباً في الكفاءة الاقتصادية/الاجتماعية. وهذه النواقص تتطلب تدخل الدولة لتصحيحها بما يؤدي لرفع مستوى الكفاءة ومن ثم ترقية العملية التنموية. ولكن من الناحية العملية تواجه السياسة الصناعية عادة بمسائل تتعلق بمشكلتين. أولاً غياب المعلومات لدى الإدارة الاقتصادية في الدولة عن المجالات المناسبة في الاستثمارات المرغوبة ومن يقوم بها. وثانياً مشكلة الفسـاد وضعف البنيـة الإداريـة/البيروقراطية والقابليـة الفنية في رسم ومتابعة السياسات. Rodrik (2009).
وهذه المشاكل العملية، بالإضافة للنزاع والاستقطاب السياسي، ربما تعتبر من أهم المسببات لتواضع أداء ونتائج السياسات الاقتصادية عموماً في العراق. هذا إضافة لغياب سياسة صناعية واضحة على المستوى المؤسسي ومستوى الإدارة الاقتصادية. وفيما يتعلق بالمستقبل القريب/المتوسط لا يوجد في خطة التنمية الوطنية 2013-2017 كلاً متماسكاً لسياسة صناعية فعالة. فلقد تشعب العرض فيها إلى اجراءات وسياسات وأهداف غير مرتبطة ببرنامج واضح، كقوانين تشجيع القطاع الخاص في أنشاء المشاريع والمشاركة في النشاط الاقتصادي وإقامة مدن صناعية (ص 13، 51) وتنمية القدرة التنافسية (ص 24)، وضرورة التخلص من احادية الاقتصاد (ص 26، 27)، وضرورة تخفيض دور القطاع العام في الاستخدام (ص36، 38، 53)، وخصخصة المنشآت العامة (ص 50)، الخ. كما أن ما ورد حول القطاع الصناعي تحت عنوان (وسائل تحقيق الاهداف، ص82)، كان يمكن أن يكون نواة لسياسة صناعية لو انه وضع بشكل منظم وتفصيلي متسق وضمن رؤيا مؤسسية واضحة وقائمة بالمشاريع المنوي اسنادها. وبالإشارة لما ورد في ما هو متاح من الاستراتيجية الوطنية المتكاملة للطاقة، فهي تحوي عناصر مناسبة لسياسة صناعية ولكنها غير كافية. فلقد اشتملت الاستراتيجية على عرض تفصيلي لقائمة بمشاريع صناعية ينبغي تشجيعها وإسنادها كما شملت اقتراحات بتغييرات مؤسسية تنطوي على لجان وزارية للمتابعة والإصلاح (task forces) ولجنة متابعة “الصناعات المتصلةlinked industries ” وإقامة سلطة للمناطق الصناعية وشركة عامة صناعية قابضة، الخ. وبالنتيجة يمكن القول أن ما ورد في خطة التنمية الوطنية 2013-2017 والاستراتيجية الوطنية للطاقة لا يرقى إلى سياسة صناعية عامة متماسكة ولكن ما ورد فيهما يمكن أن يكون أساساً لسياسة صناعية فيما لو جمعه إطار شامل بالمفهوم المُعَّرَف في أعلاه للسياسة الصناعية.
خامساً: القطاع الخاص ودوره في الاستثمار وفي استيعاب الزيادة في قوة العمل: معضلة في السياسة الاقتصادية
تدل المؤشرات المتاحة بأن القطاع الخاص يحتل موقعاً مهماً في الاقتصاد العراقي في الوقت الحاضر ويمكن تطويره بما يؤهله للعب دور أكبر في الإنتاج والاستثمار وإتاحة فرص العمل مستقبلاً. إذ تبين تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء للناتج المحلي الإجمالي في الفترات التي تتوفر عنها تقديرات مناسبة (2009-2012) أن القطاع الخاص ساهم بحوالي 60% من الناتج غير النفطي كما يظهره الجدول (3) أدناه. والذي يلاحظ منه أيضاً أن هذا القطاع يهيمن على الزراعة وباقي التعدين والبناء والتشييد ونشاطات التوزيع والتجارة والنقل وملكية دور السكن ويشارك بنسبة مهمة في ناتج الصناعة التحويلية ولكن مشاركته النسبية منخفضة في نشاطي المصارف/التمويل والكهرباء.
ومع أهميته الملموسة في الناتج غير النفطي فإن دوره في توليد فرص العمل وفي الاستثمار اتسم بالتواضع. فما يمكن استقراؤه من فقرة ثالثاً أعلاه هو أن القطاع الخاص لم يستطع في جانب توليد فرص العمل مضاهاة قطاع الحكومة العامة والذي بلغت القيمة المضافة فيه أقل من نصف القيمة المضافة للقطاع الخاص خلال السنوات 2009-2012 (جدول 5 في ملحق 1). ولا شك أن الدولة في قرار الاستخدام الحكومي لا تلتزم باعتبارات الانتاجية وإنما باعتبارات توفر العوائد النفطية والضغط الشعبي في حين أن قرار الاستخدام في القطاع الخاص يخضع لاعتبارات الربحية. ولكن مع ذلك فإن جانب مهم من التأخر النسبي لدور القطاع الخاص في توليد فرص العمل يعود لتواضع نموه وتطوره خلال العشرة سنوات الماضية (وربما العقود الماضية) وتواضع الاستثمار فيه.
ففي جانب الاستثمار لم تتعدى مساهمة القطاع الخاص 8% من الاستثمار غير النفطي خلال الفترة 2009-2011، جدول (3). وبالرغم مما يبدو من الجدول أن القطاع العام قام تقريباً بجميع الاستثمارات في النشاطات المتاجر بها (الصناعة والزراعة) فأنه في الحقيقة لم ينافس القطاع الخاص جدياً في هذه النشاطات. ويعود ذلك إلى أن الاستثمار الذي نفذه كان منخفضاً في هذين النشاطين خلال هذه الفترة (أقل من 5% من الاستثمار غير النفطي، أنظر جدول 4، ملحق 1). على سبيل المثال، فإن ما استثمره القطاع العام في الصناعة لا يتخطى تكرير النفط ونشاطات تكميلية لاستثمارت سابقة. لقد كانت استثمارات القطاع العام أكثر تركيزاً على الطاقة والبنى الأساسية والاجتماعية. في هذا الوقت، فلقد أنحصر النشاط الاستثماري للقطاع الخاص، اساساً، في الأبنية السكنية، ثم بفارق كبير في النقل/التجارة/التمويل ونشاطات صغيرة أخرى.
وهناك رأي يرى أن السياسة النقدية (سعر الفائدة) لم تحفز الجهاز المصرفي لإشباع كامل الائتمان المطلوب من قبل القطاع الخاص. ويتبع ذلك أنه بالتوافق مع سياسة مالية تتيح التمويل المجاني للاستثمارات العامة الواردة في الميزانية العامة وتلجأ للاقتراض لسد العجز، فإن كلا السياستين ساهم بإزاحة،crowded out ، جزء من استثمار القطاع الخاص. وكان يمكن أن يكون هذا الاستثمار أكبر لولا هذه الإزاحة. وينصرف هذا الرأي إلى أن السياسة النقدية، وحتى السياسة المالية، حَفَّزت المصارف على تفضيل استخدام أموالها (بالذات الودائع لديها) وذلك بإيداع جزء كبير منها لدى البنك المركزي بأكثر بكثير من متطلبات الاحتياطي القانوني.[5] وربما أيضاً في شراء حوالات البنك المركزي وحوالات خزينة وزارة المالية. وقد قاد ذلك، حسب هذا الرأي، إلى تقليل الائتمان المتاح، من هذه المصارف، إلى القطاع الخاص. إن اثبات حدوث “الإزاحة” وتقدير حجمها يحتاج إلى تحليل إحصائي واستطلاع أيكنومتري.[6] وفي اعتقادي فإنها حتى إن حدثت فهي محدودة الحجم والتأثير. ذلك أن تردد المصارف لإقراض النشاط الخاص يرجع إلى عوامل تتخطى أثر السياستين النقدية والمالية لتمتد إلى الحالة الأمنية وقوانين الملكية والتشريعات وعلاقتها بكفاية وفعالية الضمانات collaterals التي تطلبها المصارف. من ناحية أخرى، في اقتصاد يغلب عليه التعامل بالنقود واللجوء إلى المصادر غير المصرفية في التمويل فإن السياسة النقدية (بالذات سعر الفائدة) تكون عادة محدودة التأثير على القرارات الاستثمارية في القطاع الخاص.
لقد انطوت مختلف الوثائق الرسمية (على سبيل المثال، خطة التنمية الوطنية 2013-2017، الاستراتيجية الوطنية المتكاملة للطاقة، خطة التنمية الوطنية 2010- 2014، استراتيجية التنمية الوطنية 2005-2007، الخ) وتصريحات المسؤولين الحكوميين على توصيات بضرورة تشجيع القطاع الخاص كأحد أهم الاستراتيجيات والوسائل والسياسات والإجراءات اللازمة لتنمية القطاعات البديلة للنفط والاستخدام الحكومي بغية التخلص من احادية الاقتصاد وايجاد مصادر مستديمة للاستخدام. غير أن تجربة السنوات المنصرمة بينت أن الدعوة لزياد دور القطاع الخاص بالشكل (التلقائي) الوارد في معظم هذه الوثائق والتصريحات لا يكون لها تأثير ملموس بدون سياسة صناعية ودور فعال لإدارة اقتصادية مقتدرة وشفافة في تنسيق السياسات والإجراءات وإقامة البنى المؤسسية المحابية للنمو واستخدام نظام السوق والأسعار وتشخيص مجالات النمو وتشجيع وإعانة القطاع الخاص للقيام بها.
سادساً: البترودولار وصلاحيات وموارد المحافظات
ورد في التعديل الثاني لقانون المحافظات رقم (21) لسنة 2008، الذي صدر في 8 آب/أغسطس 2013، مجموعة من التعديلات التي يمكن أن تزيد من استقلالية المحافظات، عن السلطة المركزية، فيما يخص صلاحياتها ومواردها المالية. ففي جانب الصلاحيات ورد في سادساً من المادة (2) ما يلي: “تدار الاختصاصات المشتركة المنصوص عليها في المواد (112 و113 و114) من الدستور بالتنسيق والتعاون بين الحكومة الاتحادية والحكومة المحلية وتكون الأولوية فيها لقوانين المحافظات غير المنتظمة في اقليم في حالة الخلاف بينهما وفقاً لأحكام المادة 115 من الدستور“. وفي جانب الموارد المالية، بالإضافة لحصتها من الميزانية الاتحادية، فإن المحافظات التي يُنْتَج أو يُكَرر فيها النفط/الغاز تتمتع بإيراد إضافي حددته الفقرة 8 من ثانياً من المادة (44) كما يلي: “خمسة دولارات عن كل برميل نفط خام منتج في المحافظة وخمسة دولارات عن كل برميل نفط خام مكرر في المحافظة وخمسة دولارات عن كل 150 متر مكعب غاز طبيعي منتج في المحافظة”.
ويثير قانون المحافظات المعدل هذا مجموعة من القضايا الأساسية في الهيكل السياسي/الاقتصادي/الإداري في العراق بالإضافة لقضايا فنية تفصيلية. إذ أن من المرجح أن يقود تطبيق القانون إلى وضعٍ مماثلٍ للعلاقة القائمة حالياً بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان. وحيث ان المادة 112 من الدستور متعلقة بالموارد الطبيعية ومنها النفط، وفي ضوء ما اتبعته كردستان من سياسة نفطية مستقلة، فإن هذا التعديل يتيح للمحافظات مساراً مماثلاً. إن حقيقة أن النظام السياسي (والجماعات السياسية فيه) لم يستطع الوصول إلى آلية مناسبة لحل الإشكالات والخلافات بين المركز والإقليم ومن ثم التنسيق بينهما للوصول إلى سياسات واستراتيجيات تنموية بناءة ومتسقة (خاصة في مجال الطاقة) فإن توسيع هذا الخلاف ليشمل المحافظات الأخرى سيقود إلى أزمات مستمرة بين الإدارات المحلية والمركز وقد يعرقل عملية التخطيط التنموي. من ناحية أخرى، من غير الواضح فيما إذا كانت القابليات المهنية والإدارية والتنفيذية في المحافظات قادرة على استخدام صلاحيتها واستغلال مواردها المالية بشكل كفوء وشفاف في مسار طال انتظاره في تمكين الإدارات المحلية من تطوير وبناء محافظاتها المهملة منذ عقود طويلة.
أما من الناحية الفنية التفصيلية فيمكن الإشارة للقضايا التالية. إن تحديد أساس البترودولار برقم مطلق (عدد-دولارات/برميل) قد ينتج عنه مستقبلاً تحميل الميزانية العامة عبئاً ثقيلاً في حالة انخفاض أسعار النفط. وكان من الافضل تحديده بنسبة من السعر الصافي (أي السعر ناقصاً تكاليف استخراج ونقل برميل من النفط الخام إلى منطقة الاستخدام أو التصدير) بحيث يكون العبء متناسباً عند انخفاض أو ارتفاع الاسعار. على سبيل المثال، 5% من السعر الصافي. ويكون من الأفضل مزج الأساسين من خلال النص على نسبة من السعر الصافي أو عدد-دولارات/برميل أيهما أقل. من ناحية أخرى، فإن احتساب بترودولار على الغاز الطبيعي المصاحب المنتج يعني منح المحافظة المنتجة عائداً إضافياَ يقترب من الازدواج مع منحها بترودولار النفط الخام. هذا إضافة إلى أن معظم الغاز المصاحب يحرق في الوقت الحاضر. ويكون من المناسب، في مجال الغـاز، قصر البترودولار على الغـاز غير-المصاحب.
وفي مقترح موازنة 2014، في منتصف كانون ثان، بدلاً من استخدام خمسة دولارات للبرميل/150م3-غاز، كما ينص عليه قانون المحافظات المعدل، اُستخدم في تخصيص البترودولار أساس دولار واحد للبرميل/150م3-غاز. وبهذا خصص للبترودولار في مقترح الموازنة حوالي 1.5 مليار دولار. ولكن بعد تعديل أواخر كانون ثان/يناير (كما ورد في وسائل الإعلام) احتسب البترودولار على أساس 5 دولار للبرميل/150م3-غاز وبذلك بلغت تخصيصات البترودولار المعدلة حوالي 7.5 مليار دولار. وتقود هذه الزيادة في التخصيصات إلى زيادة عجز الموازنة المخطط من 20 مليار دولار، في مقترح منتصف كانون ثان، إلى 26 مليار دولار (أي من 23.3 ترليون إلى 30.3 ترليون دينار).
نتيجــة
مما تقدم يتبين أن أحدى المعضلات الأساسية للسياسة الاقتصادية في العراق في الوقت الحاضر تتمثل في ضعف قدرات وأداء الإدارة العامة والاقتصادية في ذات الوقت الذي يتطلب فيه تحقيق تطور مستديم للقطاع الخاص وتحقيق مناخ استثماري جذاب دور فعال إيجابي للإدارة الاقتصادية العامة. ولعل إعداد الموازنات العامة وتنفيذها يقدم مثالاً في تواضع التنسيق مع القطاع الخاص وتواضع أثرها في حفزه على الاستثمار والتوسع. فبالرغم من أن الاستثمارات في الموازنات العامة ركزت على مشاريع البنية الاساسية والاجتماعية والطاقة بعيداً عن المجالات التي يفترض أن يلجها القطاع الخاص، وربما قد تسهل عمله، غير أن هناك رأي يرى أن القطاع العام ربما أزاح القطاع الخاص من جزء من المجال الاستثماري. وسواء صح هذه الرأي أم لا فأنه يشير إلى وجود مشكلة في توفر التمويل منخفض الكلفة للقطاع الخاص وبالذات الوحدات الصغيرة فيه. ولعل للبطء في إعادة هيكلة الجهاز المصرفي أثر في ذلك. هذا إضافة إلى العراقيل والمشاكل التي تواجهه في تعامله مع دوائر الدولة والمشاكل الأمنية الأخرى المساهمة في عرقلة نشاطه.[7] أما كيف يمكن الوصول “لدور فعال إيجابي لإدارة اقتصادية مقتدرة وشفافة” فهناك تجارب مرت بها وسياسات وإجراءات اتخذها ويتخذها العديد من الدول وخاصة الدول الآسيوية وقبلها، وبالتوازي معها، الدول المتقدمة وطبقتها بنجاح واضح في تطوير الإدارة الاقتصادية وزيادة فعاليتها. ويبرز في هذا المجال الدور الإيجابي لإعداد خطط وميزانيات عامة متسقة، سنوية ومتوسطة المدى. وهذه الدول تنطوي على أنظمة سياسية واجتماعية وثقافية وأثنية متباينة. ولقد بيَّن العديد من التقارير الدولية المعدة حول العراق عناصر عديدة من هذه التجارب والخطوات اللازمة لتطوير هيكلية وعمل وأداء الإدارة العامة والاقتصادية بما فيها كيفية شمول سياسة الدولة الاقتصادية في الموازنات العامة السنوية ومتوسطة المدى. كما احتوت هذه التقارير على عناصر إصلاح وإعادة هيكلة الجهاز المصرفي.
أما كيف يمكن تأمين تطبيق الخطوات والنتائج والبرامج والسياسات المستلة من هذه التجارب الدولية بفعالية في العراق فهذا يتخطى قابلية التحليل الاقتصادي ليمتد إلى حصيلة تفاعل النظام السياسي والجماعات والبنى السياسية والمجتمعية القائمة في العراق والتي لا تبدو بأحسن أحوالها في الوقت الحاضر!
*) باحث وكاتب اقتصادي، February 5, 2014، merza.ali@gmail.com.
**) أشكر الاستاذ/عدنان الجنابي ود. كامل مهدي على الملاحظات القيمة التي أبدوها على مسودة سابقة لهذا المقال دون الزامهم بمحتواه. كما أشكر د. كمال البصري على جهوده في إتاحة بيانات مقترح موازنة 2014
حقوق النشر محفوظة لشبكة الإقتصاديين العراقيين. يسمح بإعادة النشر بشرط الإشارة إلى موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين.
ملحــق (2)
مصادر الجدولين (4) و(5)
مصادر جدول (4)
المصادر التالية مُنَزَلة من الموقع الإلكتروني للجهاز المركزي للإحصاء:
الجهاز المركزي للإحصاء (2010) تقرير التقديرات الأولية لإجمالي تكوين رأس المال الثابت في العراق لسنة 2009، كانون أول.
_____ (2013) تقرير التقديرات الأولية لإجمالي تكوين رأس المال الثابت في العراق لسنة 2010، شباط.
_____ (2013) تقرير التقديرات الأولية لإجمالي تكوين رأس المال الثابت في العراق لسنة 2011.
الناتج المحلي الإجمالي: جدول (5) والجهاز المركزي للإحصاء (2012) التقديرات الأولية الفصلية والإجمالية للناتج المحلي لسنة 2011، نيسان. مع العلم أن تقديرات الجهاز لسنة 2011 لا تفصل الناتج حسب القطاعين العام والخاص.
مصادر جدول (5)
المصادر التالية مُنَزَلة من الموقع الإلكتروني للجهاز المركزي للإحصاء:
الجهاز المركزي للإحصاء, التقديرات الفعلية للناتج المحلي الإجمالي والدخل القومي لسنة 2009، بدون تاريخ.
____ (2013) التقديرات الفعلية للناتج المحلي الإجمالي والدخل القومي لسنة 2010، آذار.
____ (2013) التقديرات الأولية السنوية للناتج المحلي الإجمالي والدخل القومي لسنة 2012، تشرين ثان.
المصــادر
علي مرزا (2012) “موازنة 2012: قضايا مالية/اقتصادية ومؤسسية في العراق”، 25 كانون ثان، موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين، http://iraqieconomists.net/.
علي مرزا (2013) “ملاحظات على خطة التنمية الوطنية 2013-2017 الصادرة عن وزارة التخطيط في كانون ثان 2013″، 23 أيار، موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين،
وزارة المالية (2013) “جدول (البيان المالي للوزارات) الملحق بموازنة 2012″، الموقع الإلكتروني لوزارة المالية، 8 تشرين أول.
وزارة النفط (2014) “إنتاج وتصدير واستهلاك النفط الخام والغاز المصاحب”، الموقع الإلكتروني لوزارة النفط، 25 كانون ثان.
وزارة التخطيط (2013) خطة التنمية الوطنية 2013-2017، بغداد، كانون ثان.
Central Statistical Organization and Information Technology & Others (2009) Iraq Household Socio-Economic Survey, IHSES 2007, Volume II, Data tables.
International Energy Agency, IEA (2012) Iraq Energy Outlook, October.
IMF (2013) IRAQ: 2013 Article IV Consultation, Country Report No. 13/217, July 19.
Merza, A. (2013) ‘Iraq’s National Energy Strategy: Oil and Gas Output, Diversification, and Employment’, Middle East Economic Survey, MEES, 12 August.
Middle East Economic Survey, MEES (2013), ‘Document – Iraq’s Integrated National Energy Strategy’, 17 June.
Rodrik, D. (2009), ‘Industrial Policy: Don’t Ask Why, Ask How’, Middle East Development Journal, Vol. 1, No. 1.
الهوامش
[1] ورد في وسائل الأعلام أنه جرى في أواخر كانون ثان تعديل على مقترح موازنة منتصف كانون ثان وذلك بزيادة تخصيصات البترودولار (من ضمن تخصيصات الاستثمار) بما يتوافق مع قانون المحافظات المعدل. أنظر فقرة سادساً أدناه. فيما عدا ذلك يبدو أن الأرقام الأخرى الواردة في المقترح بقيت كما هي. وتبعاً لذلك ازدادت تخصيصات النفقات من حوالي 140 مليار دولار، في مقترح منتصف كانون ثان، إلى 146 مليار دولار والعجز من حوالي 20 مليار إلى 26 مليار دولار. مع العلم أن الأرقام حُوِلت من الدينار إلى الدولار باستخدام سعر صرف (مزاد البنك المركزي) 1,166 دينار للدولار.
[2] إن هدف انتاج النفط لسنة 2014 الذي ورد فـي الاستراتيجيـة الوطنيـة المتكاملـة للطاقـة هو 4.5 م-ب-ي (Merza, 2013).
[3] ورد في تقرير وكالة الطاقة الدولية عن العراق (IEA, 2012) أن معدل إنتاج إقليم كردستان في حزيران 2012 بلغ 242 ألف برميل يومياً (ص 22). وفي نفس الصفحة ورد ما يبين أن جزءً من هذا الإنتاج استخدم مع إنتاج الشمال والجنوب لإشباع حاجة المصافي ومحطات الكهرباء والتصدير في بقية العراق. ويتوافق ذلك مع حقيقة أن ما تم تصديره وجهز للمصافي ومحطات الكهرباء في بقية العراق (أي عدا كردستان) زاد على إنتاجه ب 127 ألف برميل/يوم في 2012 و107 ألف برميل/يوم في 2013 (موقع وزارة النفط الإلكتروني). وفي ضوء أرقام الوكالة قدرنا إنتاج الإقليم بحوالي 0.25 م-ب-ي في 2012 وزدناه إلى 0.3 م-ب-ي في 2013.
[4] قَدَّر تقرير وكالة الطاقة الدولية عن العراق (IEA, 2012) الحاجة الاستثمارية لقطاع الطاقة بحوالي 530 مليار دولار حتى سنة 2035 (بأسعار 2011). ويعادل ذلك 620 ترليون دينار (بسعر صرف 2011) والذي يترجم إلى حوالي 24.8 ترليون دينار في السنة خلال 2013-2035 (بأسعار 2011). ويعود الفرق بين هذا الرقم السنوي وذلك الوارد في الاستراتيجية المذكور في المتن (35 ترليون دينار) إلى أن رقم الاستراتيجية ينطوي على تحقيق مستويات إنتاجية نفطية أعلى من تلك التي تضمنها تقرير الوكالة.
[5] ارتفعت نسبة الاحتياطي الفائض لإيداعات المصارف التجارية لدى البنك المركزي (زيادة على متطلبات الاحتياطي القانوني) من 41% من الاحتياطي القانوني خلال السنوات 2006-2008 إلى 272% خلال السنوات 2009-2012. ولكن من الصعوبة قبول أن هذا الارتفاع كان بسبب السياسة النقدية (ارتفاع سعر الفائدة)، فلقد كان معدل سعر فائدة السياسة النقدية خلال السنوات 2009-2012 (7%) أقل بكثير منه خلال السنوات 2006-2008 (16%). أنظر النشرات الإحصائية السنوية 2007، 2009، 2012 الصادرة عن البنك المركزي العراقي.
[6] في الحقيقة تبين المؤشرات المتاحة تزايد الائتمان الممنوح للقطاع الخاص من الجهاز المصرفي بأسرع من ذلك الممنوح للقطاع العام خلال 2009-2012. فلقد ازداد الائتمان النقدي والتعهدي pledged الممنوح إلى القطاع الخاص بنسبة 17% سنويا؛ من 17.4 ترليون دينار في 2009 إلى 28.1 ترليون في 2012. ويقابل ذلك ائتمان ممنوح للحكومة والمؤسسات العامة أزداد بنسبة 9% سنوياً؛ من 34.4 إلى 44.5 ترليون دينار تباعاً لهاتين السنتين. أنظر النشرات الإحصائية السنوية 2009 و2012 الصادرة عن البنك المركزي العراقي. وبالطبع فإن هذه البيانات لا تلغي إمكانية حدوث الإزاحة فيما لو كان طلب القطاع الخاص على الائتمان أكبر من أرقامه المبينة وكان اشباع طلب القطاع العام هو السبب في عدم تحققه.
[7] لعل أهم هذه العراقيل هي إجراءات التطويل في إنجاز المعاملات في دوائر الدولة، في العراق، والتي أصبحت مرتبطةً بصورة متزايدة بالفساد. فبالإضافة لقصص الرشوة في الدوائر الحكومية وفي التعاقدات يبين مؤشر الفساد المتصور Corruption Perception Index الذي تنشره منظمة الشفافية الدولية أن مرتبة العراق في القياس العالمي في 2013 كانت 171 من 177 دولة، أنظر: http://www.transparency.org/country#IRQ.
جهد علمي تجلي في دراسة قيمه سلطت اضواء علي فقدان الربط بين الموازنة السنوية العامة في مجال الاستثمار خصوصا , وبين ما” ادعي” عن وجود خطط وطنيه للتنمية الاقتصادية والاجتماعية سواء للفترة 2010-204 او للفترة 2013-2017… مع ذلك يبدو ان مثل هذه الخطط ظلت مركونة علي الرفوف تزهو بديباجاتها ,ولم تترجم في مشروعات استثماريه محدده , حيث ان كافه خطط العهد الجديد اعدت بشكل اماني واحلام مرغوبه , ولم تدرج فيها مشروعات محدده مدروسة من الناحية الاقتصادية والفنية بموجب اولويات جدوي اقتصاديه واجتماعيه متميزه او ضمن اطر ومعايير الكلفه /المنفعه الاجتماعيه ,التي تتماشي مع تصورات استراتيجية واضحه للتنمية الاقتصاديه والاجتماعيه و اهداف تنمويه واضحه و معلومة .
. هذا واتفق مع الباحث حول مساله غياب السياسيه الصناعيه الهادفه لتفعيل دور الدوله في خلق فرص العمل المنتجه عدا التوظيف الحكومي ” البطاله المقنعه” لتسكين الضغوط الشعبيه من ناحبه او تلك السياسيات الهادفه لتقليص اعتماد البلد علي المورد الوحيد ” النفط” والبدء في ترسبه اركان هيكل اقتصادي منماسك ومتوازن من ناحيه اخري , خصوصا من خلال تطوير قطاعات الانتاج مثل الزراعة او الصناعة التحويلية والخدمات والسياحة ,وغيرها من الفعاليات والأنشطة المولدة هي ايضا لفرص عمل يتجاوز الترهيل الحكومي . .
هذا ويبدو ان الموازنه العامه في مجال الاستثمار ظلت مقصوره الاثر في تنويع هيكل الاقتصاد او خلق فرص عمل منتجه حقيقه بسبب تركيز معظم الاستثمار في قطاع استخراج النفط والطاقه , كما لم نعطي اهتماما الي قطاع تصنيع النفط او الصناعات المرتبط به مثل البتروكيماويات او الاسمده وغيرها من الفروع الموجهه للتصدير .
من جانب اخر تناول الباحث مشكله مهمه وعويصة هي قضيه ” البتر ودولار” , حينما حاول طرح علاجات حول كيفيه احتسابه , لكنه اهمل علي ما يبدو جوهر المشكله ,حينما لم يتساءل عن حيثيات او مدي شرعيه قرار مجلس النواب بخصوص ذلك من جانب , وماهي الابعاد والتاثيرات الاقتصاد يه والسياسية والاجتماعية علي الامد القريب والبعيد علي كينونة ووحده المجتمع العراقي وتماساك ابناءه ( لبس فقط علي عجز الميزانيه العامه ),من جانب اخر .
علما ان النفط حسب منطوق الدستور ملك الشعب العراقي كله , كما لأتوجد نصوص دستوريه تعطي اولويه لسكان البصرة او ا العماره او الموصل او كركوك وغيرها التي تتوافر في ربوعها هذه الثروة في احقيه استثنائية ,بل يتوجب وجود نظره شامله لتنميه متوازنة لكافه مناطق البلاد بغض النظر عن امتلاكها النفط او غيرها من الموارد المادية حيث ان العنصر البشري يظل الحاكم الاول, ان هذا الاسلوب ( البنرودولار) ان ظل اعتماده سيعمق النزاعات والصراعات المناطقية من دون جدوي فعليه للمناطق المنتجه او غبر المنتجه للنفط في حاله غياب السلم الاجتماعي
المشكله الازلبه الاخري التي ظلت ترهق عمليه تنفيذ الخطط او الموازنات الاستثمارية السنوية او الخمسية تكمن حسب اعتقادي المتواضع في نظام اداره صلاحيات التنفيذ ومدي التحرر من القيود البيروقراطيه والمركزيه الصارمه والغموض في التعليمات وعدم الشفافيه .
.. من هنا يطرح التساؤل …هل تم توفير صلاحيات كافيه في اطار نظام شفاف ورقابي محكم سواء للوزارات او مجالس المحافظات ؟ام ظلت عمليه الصرف مقيده بتعليمات مكتب رئيس الوزراء او تعليمات نقليديه ورثت من جهاز وزاره المالية العتيق ,حيث كله يظل يساهم في عرقله عمليه تنفيذ المشروعات الاستثمارية التي تحتاج الي مرونة في اتخاذ القرارات .
ما اريد التعليق عليه الجزء المتعلق بالقطاع الخاص
اولا – يقول الكاتب يحتل القطاع الخاص موقعا مهما فى الاقتصاد العراقى وقد اثبت ذلك فى دراسته بالارقام الاحصائية المتاحة
ثانيا – يقول الباحث ان الدعوة لزيادة دور القطاع الخاص بالشكل التلقائى —- لا يكون لها تاثير ملموس بدون سياسة صناعية ودور فعال لادارة اقتصادية —
ثالثا- يناقش الباحث الباحث السياسة النقدية ( سعر الفائدة ) دون التوصل الى راى قاطع
رابعا – يشير الكاتب الى مطالبة البعض بتوفير تمويل منخفض الكلفة للفطاع الخاص وبالذات الوحدات الصغيرة
اين تكمن المشكلة ؟ مشكلة نمو وتطور القطاع الخاص فى العراق ؟
القطاع الخاص والقطاع العام فى العراق يواجهان
Cutthroat Competition
The situation where competitors use predatory pricing and heavy promotion to eliminate or undermine their rivals
والضحية هو الاقتصاد الغراقى
استاذى العزيز دكتور على مرزا
لا والف لا – لمن يقول ( سوى زين وذب بالشط)
كل ما اتمناه ان يجعل احد المسولين فى الشان الاقتصادى من دراستك القيمة ( ورقة عمل ) للمناقشة بهدف التطبيق وليس بهدف التثقيف