المسألة تبدو لي أبعد من هذه الخلافات الدستورية والقانونية، لأن المسألة تتعلق أولا بالمنطق السليم الذي هو يحكم صياغة القانون أو الفقرات الدستورية، فكل عراقي أصبح اليوم معنيا بما يطالب به الإقليم بما يتعلق الموضوع بالنفط والغاز، فدعونا نرى ما الذي يريده الإقليم بالتحديد في الشأن النفطي؟
- نفط وغاز كردستان للكردستانيين فقط، والإقليم يشارك بعائدات النفط من باقي مناطق العراق! طبعا هذا الخلاف لا يتفق مع أي منطق.
- عائدات تصفية النفط في كردستان تعود للإقليم فقط ويأخذون نسبة17% من المشتقات التي تنتجها المصافي في المناطق العربية أو التي تشتريها الدولة لسد النقص! علما بأن الإقليم يصفي من النفط في خورمالة ما مقداره100 ألف برميل يوميا تؤخذ من قبة خورمالة الشمالية في حقل كركوك ولا يدفعون شيئا مقابل هذا النفط، كما ويصفون في عدد من المصافي الصغيرة ما يزيد على50 ألف برميل يوميا أيضا! فهل من المنطق القبول بهذا الأمر؟
- قبة خورمالة، وهي القبة الشمالية من حقل كركوك المطور منذ عام1927 اعتبرها الإقليم غير خاضعة للحكومة الاتحادية رغم وضوح المادة112 أولا من الدستور، حيث سيطر عليها الإقليم بقوة السلاح وصادر معدات كانت جاهزة للنصب لزيداة الإنتاج من القبة الشمالية، خورمالة، لحقل كركوك.
- نسمع من حين لآخر أن الإقليم يطالب بزيادة حصته من عائدات النفط لتصبح25% كما يعلنون الآن!
- اعتبار عقود الإقليم شرعية التي زادت مؤخرا لتصبح أكثر من ستين عقدا، منها ما يقرب من40 عقدا في المناطق المتنازع عليها، حيث أن هذه العقود تتعارض من الدستور والقوانين المرعية جملة وتفصيلا، كما وأن العقود المبرمة في المناطق المتنازع عليها لها شأن آخر، فهي فاقدة للشرعية مرتين، مرة كتلك العقود المبرمة بداخل الإقليم، ومرة أخرى كونها خارج الحدود الإدارية للإقليم حاليا!
- الاقليم يصدر نفطه بنفسه، كما ويخطط، ويتعاقد على النفط والغاز، ويستكشف ويطور الحقول وينتج بنفسه دون تدخل من الحكومة الاتحادية! يفعل كل هذا رغم وضوح الفقرات الدستورية التي أصبحت بمنتهى الوضوح بعد شرحها ومناقشتها من قبل عدد كبير من المختصين.
- يستفيد من البنية التحتية العراقية لتصدير النفط (تحديدا خط جيهان ومنشآة الميناء)!
- قانون النفط والغاز وحزمة القوانين الأخرى والمختلف عليها بين الطرفين لا تمرر من خلال البرلمان إلا وفق التوافقات، وهذا الأمر من سابع المستحيلات أن يحصل عليه توافق.
- الإشكال الرئيسي يتعلق بتفسير الفقرات الدستورية التي تتعلق بهذه الثروة، والأكراد لا يرغبون باللجوء للمحكمة الاتحادية لتفسير الفقرات لأانهم يعرفون مسبقا أن تفاسيرهم لفقرات الدستور بعيدا عن أي منطق سليم.
أسئلة مشروعة:
- هل سترضخ الحكومة الاتحادية للقبول بكل هذا والإقليم لم يترك فسحة للمساومة؟
- وهل سيقبل الشعب العراقي بذلك بعد أن تصبح حصة الفرد في الإقليم من النفط والغاز ثلاثة أضعاف حصة العراقي في المناطق خارج حدود الإقليم الإدارية؟ وهل سيقبل ابن البصرة بهذه القسمة الضيزا، وهل سيقبل أبناء ميسان أو واسط أو ذي قار بمنح نفطهم للكرد لأن الحكومة الاتحادية قد تنازل عن حقوقهم لصالح الإقليم؟
- وهل سيقبل أبناء المناطق التي تنتج المشتقات النفطية بمنح حصة الأكراد دون أن تستلم حصة من مشتقات الاقليم؟
- وهل سيقبل العراقي استيراد الغاز من إيران في حين أن الغاز العراقي يصدر إلى تركيا بأسعر لا أحد يعرف مقدارها؟
- وهل سيقبل سكان المناطق المتنازع عليها أن يصادر الإقليم من أراضيهم ما يقرب من40 حقلا نفطيا، خصوصا وأن هذه المحافظات سيكون لديها جيوش “حرس وطني” يعمل في أربع محافظات تحيط بكردستان من الغرب والجنوب؟ خصوصا وأن هذه الجيوش بمجموعها ستكون أقوى من البشمركة؟
- وهل ستتدخل الحكومة الاتحادية في مثل هذا النزاع لصالح اللإقليم؟ أم لصالح سكان المناطق المتنازع عليها بمختلف قومياتهم وأديانهم؟
- وسواء تدخلت لصالح جهة أو لم تتدخل، هل يستطيع أحد منع نشوب نزاع مسلح بين الأطراف آنفة الذكر؟
- وهل سيكون النزاع المسلح سببا بانفصال الإقليم؟
- وهل تستطيع كوردستان العيش وسط بيئة معادية من كل الاتجاهات، شمالا وجنوبا وشرقا وغربا؟
- وهل تستطيع الدولة الكردية بيع نفطها وغازها بحرية، وحتى لو قدمت تنازلات كبيرة لصالح دول العبور لهذه السلع الاستراتيجية؟
- وهل يمكن حل كل هذه المعضلات خلال فسحة زمنية قصيرة حددها الإقليم بثلاثة أشهر فقط من تاريخ تشكيل الحكومة الجديدة؟ وهل هذه الفسحة الزمنية كافية لطرد عناصر داعش من العراق.
- وسؤال أخير، لكن غاية بالأهمية
- من المعروف أن رئاسة الإقليم لم تشارك بالمفاوضات مع المركز ولو لمرة واحدة وفي جميع المحاولات التفاوضية السابقة، وكل ما تفعله الرئاسة وبعد انتهاء كل مفاوضات أن تقول “لا” لكل ما توصل إليه المتفاوضون بعد عودة الوفد المفاوض للاقليم، فهل ستتولى رئاسة الإقليم المفاوضات بنفسها أم تفعل ما فعلته في كل مرة؟ وهذا يعني أن الحكومة الاتحادية يجب أن لا تفكر بأية مفاوضات لأن نتيجتها ستكون كسابقاتها، كونها تواجه “”اللا”” الرئاسية حتما.
لذا أعتقد أن على الطرفين وضع جدول زمني لمناقشة هذه الموضوعات كل على حدة، لأن حجم الخلافات كبير ويتسع مع الوقت للأسف الشديد.
كان هناك مقترحا من الأستاذ كامل المهيدي يتعلق بحل أسميه أنا “حل القبول بالأمر الواقع” والذي يقبل بمعظم ما يطالب به الإقليم من أشكال الاستقلالية ولكن بعد تطويع الفقرات الدستورية للقبول به ومن خلال المحكمة الاتحادية، لأن بدون حالة التوافق مع ما أقره الدستور، علينا أن نقرأ على العراق السلام من الآن.
*) خبير نفطي عراقي
الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية