المنهاج: بيان لبناء نظام رأسمالي عصري
هذه المقالة هي قراءة سريعة لبعض مواد المنهاج الحكومي فيما يخص مؤسسة التأمين وموقف المنهاج من بعض أشكالها. وهي محاولة للتنبيه وليس التحليل المنهجي. ونبدأ، فيما يلي، بتوصيف النظام الاقتصادي-الاجتماعي الذي ستعمل الحكومة على تحقيقه. وهو، في نظرنا، نظام رأسمالي عصري يحاول تجاوز التنمية الرثة التي شهدها العراق، ولكن دون أي تأكيد على وضع خطة اقتصادية. ومن الملاحظ أن وثيقة الاتفاق السياسي بين الكتل السياسية المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية[1] تخلو من أية إشارة إلى الاقتصاد الوطني والتخطيط الاقتصادي[2] وكأنه موضوع منجز لا يشغل بال الأحزاب والكتل المشاركة في الاتفاق. ربما هو كذلك بفضل الفهم الضّيق لما يسمى بالاقتصاد الحر الذي يردده السياسيون كأطروحة لا تحتاج إلى مناقشة.
هذا المنهاج، الذي يحتمل النقد، يمثل نقلة مهمة في تفكير الطبقة السياسية الحاكمة مقارنة بالحكومة السابقة (فوضى السياسة النفطية، وضعف أو غياب التنسيق بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان والمحافظات، وغياب الرؤية الاقتصادية، والتخبط في الإنفاق العام .. الخ). ويمكن ملاحظة الفرق بين مضمون هذا المنهاج ومقارنته بالإطار العام لبرنامج الحكومة الاستراتيجي للسنوات 2011-2014 كما ورد في رسالة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي في تموز 2011[3] وجاء فيه:
“هذه الوثيقة .. هي برنامج الحكومة الاستراتيجي، وفيها تظهر المحاور الآتية في لغة واضحة وستكون نصب أعيننا في خلال فترة رئاستنا لهذه الحكومة:
1- أمن العراق واستقراره
2- الارتقاء بالمستوى المعاشي والحياتي للمواطن العراقي
3- تحقيق اقتصاد أفضل وزيادة القدرة التنافسية للمؤسسات العامة والخاصة
4- زيادة إنتاج النفط والغاز لتحسين الاستدامة المالية
5- إصلاح الخدمة المدنية
6- تنظيم العلاقات الاتحادية – المحلي[ية].”
وللقراء أن يحكموا على ما تحقق من هذه المحاور الستة على أرض الواقع خلال السنوات الماضية. ومن رأينا أن حكومة المالكي فشلت في برنامجها الاستراتيجي هذا بدءاً بأمن العراق وانتهاءً بما أسمته بالعلاقات الاتحادية-المحلية. يحدونا الأمل ألاّ يكون مصير المنهاج الحكومي الحالي مشابهاً لما مضى قبله.
المنهاج الحكومي واقتصاد السوق الاجتماعي
نعتمد في هذه المقالة على نص المنهاج الحكومي الذي نشرته جريدة الصباح بتاريخ 9 أيلول 2014. نقرأ الآتي تحت الباب “ثانيا: الارتقاء بالمستوى الخدمي والمعيشي للمواطن”:
“بغية تطوير الواقع الاقتصادي وحماية المواطن العراقي مع [من] الغش والتلاعب وجشع التجار[4] تسعى الحكومة الى تحقيق ما يلي:
حسم توجه الاقتصاد العراقي نحو اقتصاد السوق وتخلي الدولة التدريجي عن النشاطات الاقتصادية.”
ونقرأ تحت الباب “خامسا: الاصلاح الاداري والمالي للمؤسسات الحكومية” عن:
البدء بتطبيق نظام تحصيل أجور الخدمات التي تقدمها الدولة بغية تعظيم موارد الدولة والسيطرة على الهدر والتبذير وتحسين كفاءة الخدمات مع الاخذ بنظر الاعتبار عدم إثقال كاهل الطبقات الفقيرة والمتوسطة بأجور تلك الخدمات.”[5]
وهو ما يعني بناء اقتصاد رأسمالي حديث على النمط الغربي أو ما أسماه د. مظهر محمد صالح اختصاراً باقتصاد السوق الاجتماعي الذي “يتمثل بدعم الشرائح المهمشة والفقيرة من المجتمع مثل العاطلين والمعاقين وغيرهم وذلك بإيجاد حلول علمية تتفق مع المرحلة القادمة بتوفير فرص عمل حقيقية خارج مؤسسات الدولة ورواتب مجزية للعوائل المتعففة التي ازدادت في الآونة الاخيرة لعدة اسباب.”[6] وهو بهذا اختار جانباً من أطروحة اقتصاد السوق الاجتماعي.
وكان د. كاظم حبيب قد طرح موضوعة اقتصاد السوق الاجتماعي في دراسة بخمس حلقات بعنوان “نقاش اقتصادي مفتوح وصريح مع السيد الدكتور برهم صالح، نائب رئيس الوزراء العراقي” (جريدة المدى، أيار 2009). وقمتُ بدوري بمناقشته في مقالتي “التأمين: موضوع مهمل في الكتابات الاقتصادية العراقية.”[7] واقتبس هنا جزءاً من مقالتي لإلقاء بعض الضوء على اقتصاد السوق الاجتماعي وما يعنيه لقطاع التأمين. كانت إحدى النقاط الجوهرية التي أثارها د. حبيب بصيغة السؤال التالي:
“وكيف يُفترض معالجة قطاع التأمين وإعادة التأمين في العراق ليلعب دوره الاقتصادي وكاحتياط ضروري لثروات العراق؟”
كي نتابع موقف د. حبيب من الدور الاقتصادي للتأمين، ولفائدة القارئ، نقتبس مطولاً من دراسته. يذكر د. حبيب أن “الهدف المركزي منذ الآن وعلى مدى السنوات العشرين القادمة” يتركز “في تخليص العراق من التخلف والاعتماد الوحيد الجانب على موارد النفط في تكوين الدخل القومي. أي تنويع وتطوير الإنتاج ومصادر تكوين الدخل القومي.” وهذه أطروحة مشتركة بين معظم الاقتصاديين العراقيين ومنهم زميلينا د. صبري زاير السعدي و د. كامل العضاض.
بعد ذلك يدعو د. حبيب إلى التزام جملة أدوات ومنها:
“1 الاستفادة من إمكانيات القطاعين الخاص والحكومي في عملية التنمية، بما في ذلك القطاع الخاص العربي والإقليمي والدولي، إضافة إلى التعاون مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.
2 حماية الإنتاج المحلي من المنافسة الأجنبية خلال المراحل الأولى من تنفيذ استراتيجية التنمية، أي تنظيم التجارة الخارجية بما يسهم في زيادة استيراد سلع الإنتاج وتقليص تدريجي لسلع الاستهلاك ووضع سياسة جمركية تساعد على تحقيق ذلك.
3 التحكم بتأمين انسياب نسبة تتراوح بين 60 – 70% من إيرادات النفط الخام صوب التثمير الإنتاجي وتنشيط القطاع الخاص لهذا الغرض أيضا.
4 وضع سياسة مالية ونقدية، بما فيها السياسة الضريبية والجمركية، وسياسة جادة للتأمين وإعادة التأمين على نطاق البلاد كلها تتناغم مع استراتيجية التنمية الوطنية وتساهم في تحقيق تلك الأهداف الأساسية وتنقل البلاد من حالة الاقتصاد الشمولي المتخلف إلى حالة الاقتصاد المتقدم، اقتصاد السوق الاجتماعي، إذ أن السياسة المالية والنقدية، ومعها التأمين، هي الأدوات التنفيذية للسياسات الاقتصادية.” [التأكيد من عندنا]
[وقد وردت هذه الأدوات بصيغ مختلفة في المنهاج الحكومي أيضاً].
اقتصاد السوق الاجتماعي والتأمين
وقبل التعليق على رسم سياسة للتأمين وإعادة التأمين وما يتعلق بالسياسة المالية والنقدية نود التعريف باقتصاد السوق الاجتماعي الذي يرد في دراسة د. حبيب هذه وغيرها من دراساته لنعرج بعدها إلى ما يعنيه هذا الاقتصاد بالنسبة للنشاط التأميني.
اقتصاد السوق الاجتماعي أشبه ما يكون بمشروع بناء “طريق ثالث” بين الليبرالية (اقتصاد السوق، المبادرة الفردية، المنافسة) والاشتراكية (العدالة الاجتماعية). ويتطلب تحقيقه اعتماد سياسات تقوم على تأكيد المنافسة (والوجه الآخر له هو منع الاحتكار)، توفير الشروط لتحقيق تكافؤ الفرص بين الكيانات الاقتصادية وتعطيل سيطرة فئة على مقاليد الاقتصاد الوطني، وتدخل الدولة عند فشل السوق في أداء دوره (دور اضطراري). وقد يضاف إلى هذه السياسات تدخل الدولة لتوجيه الإنفاق والاستثمار لتلبية حاجات اجتماعية (هياكل ارتكازية، مدارس، مستشفيات وغيرها من خلال مشاركة الدولة مع القطاع الخاص الوطني أو الأجنبي أو الاستثمار المباشر وهذا الأخير هو الذي ينتظم دعوات الاستفادة من الريع النفطي لأغراض البنية التحتية، المادية وغير المادية، بما فيها التعليم والصحة والحفاظ على البيئة).
وبالنسبة للعراق فإن خيار الانتقال من الاقتصاد الشمولي الأوامري إلى اقتصاد السوق مسألة مفروغ منها وإضافة الصفة الاجتماعية لا يغير من طبيعة التوجه الاقتصادي للحكومة والأحزاب السياسية بما فيها أحزاب اليسار. فهناك تقدير واعتراف بدور جديد للدولة، في صيغتها الاتحادية، في العراق، رغم عدم وضوح الأفكار بشأن هذا الدور في الوقت الحاضر وضعف مؤسسات الدولة الاتحادية والتضارب في تحديد العلاقة بين الاتحاد والإقليم، يقوم على منهج الرعاية الاجتماعية، والتنمية البشرية والتكنولوجية وتدريب القوى العاملة ومحاربة الفساد المالي والإداري (مفوضية النزاهة) وإعلاء سلطة القانون. وبعبارة أخرى فإن التلكؤ الحالي في إدارة الاقتصاد وغياب السياسات الواضحة هو الممهد لإنهاء دور الدولة كمقرر لإدارة الاقتصاد. نحن بإزاء قيام اقتصاد رأسمالي في العراق رغم الأوصاف الأخرى التي تُطلق عليه والذي سيترسخ مع دخول العراق عضواً في منظمة التجارة العالمية.
ماذا يعني ذلك بالنسبة للنشاط التأميني؟ ربما يعني خروج الدولة من السوق التجاري للتأمين. ويقتضي هذا خصخصة شركات التأمين وإعادة التأمين التابعة لها، وحصر دورها (دور الدولة) بتوفير أنماط من التأمين الاجتماعي، أو تطوير ما هو قائم منها، كما هو الحال في الديمقراطيات الغربية، أو تكوين مُجمّع تأميني لمقابلة الخسائر والأضرار المادية المترتبة على الكوارث أو خطر الإرهاب. وقد يكون هذا المجمع ممولاً من الميزانية العامة أو من مساهمة الشركات أو رسوم مفروضة على وثائق تأمين معينة، وقد يكون مشروعاً مشتركاً بين شركات التأمين والدولة. لكننا نستبق ما سيسفر أو لا يسفر عنه المستقبل.
يعني ذلك أيضاً ضمان الدولة للمنافسة (منع الاحتكار) بين شركات التأمين، وتوفير الشروط لتحقيق تكافؤ الفرص بين الكيانات الاقتصادية (عدم تفضيل شركة تأمين على غيرها في التأمين على الأصول المادية والمسؤوليات المادية) وتعطيل سيطرة فئة على مقاليد النشاط التأميني (الاندماج بين مجموعة من شركات التأمين بهدف السيطرة على السوق لتعظيم أرباحها)، وتدخل الدولة عند فشل شركات التأمين في أداء دورها (دور اضطراري ربما قد تلجأ إليه عند إفلاس شركة تأمين للحفاظ على حقوق حملة وثائق التأمين كما هو الحال بالنسبة للمودعين في المصارف). وقد يضاف إلى هذه السياسات تدخل الدولة لتوجيه الإنفاق والاستثمار لتلبية حاجات اجتماعية (وهو ما تمارسه الدولة من خلال الإنفاق العام الذي يخلق فرص جديدة لشراء أغطية التأمين، وتحديد مجالات استثمار صناديق التأمين، والسياسة الضريبية الخاصة بالنشاط التأميني ومنها عدم فرض ضريبة على عقود التأمين على الحياة لتشجيع الإدخار، أو وثائق التأمين الصحي لتقليل الضغط على الخدمات الصحية التي تقدمها الدولة).
التأمين في منهاج الحكومة
جاء ذكر التأمين في المنهاج متناثراً. ونقتبس منه الآتي اعتماداً على ما نشر في جريدة الصباح.[8] لأول مرة يرد ذكر التأمين في خطاب رسمي وضمن ما يبدو أنه بداية اعتماد سياسة أو موقف تجاه جوانب من التأمين تمثّلَ بالبنود التالية:
- اعتماد نظام التأمين الصحي للمواطنين كافة وتطبيق نظام طبيب الاسرة.
- جعل التأمين على المُنْتَجْ والمسؤولية المهنية فيما يتعلق بالسلع والخدمات المنتجة اجبارياً وذلك لحماية حقوق المستهلك.
- توفير مظلة فاعلة من التأمين الزراعي تحمي المزارعين من الخسائر الناجمة عن الكوارث الطبيعية.
هذه البنود الثلاثة، كما هي، لا تعدو أن تكون غير عناوين عريضة بحاجة إلى دراسات تفصيلية ومناقشات ومديات زمنية للتطبيق وتحديد الأطراف التي ستقوم بها وقنوات تمويلها ..الخ. فيما يلي سنعرض بعض الملاحظات على هذه البنود.
- § اعتماد نظام التأمين الصحي للمواطنين كافة وتطبيق نظام طبيب الاسرة
هذا عنوان عريض يجذب اهتمام المؤمنين بضرورة تقديم الدولة لخدمات معينة للمواطنين والمواطنات كافة مجانياً، ويجذب كذلك اهتمام أولئك الباحثين، في الداخل والخارج، عن فرص استثمارية تعتمد مبدأ الربح في تقديم الخدمات.
باستثناء الإشارات المستمرة للتأمين الصحي، كجزء من نظام الرعاية الاجتماعية، لم يخضع الموضوع لدراسات علمية أو يخضع لنقاش عام وتحديداً ما له علاقة بنظام طبيب الأسرة الذي يُعرض لأول مرة. وليس معروفاً إن قامت الحكومة، سابقاً، ومستشاري رئيس الوزراء الحالي، بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة ومنها نقابة الأطباء والصيادلة ونقابة العمال وجمعية الاقتصادين العراقيين وغيرها من النقابات ووزارة الصحة. وليس معروفاً إن كان التأمين الصحي سيكون شاملاً، متاحاً لكل مواطنة ومواطن، دون مقابل (كون التمويل معتمداً على ضريبة الدخل التي يدفعها العاملون أو ضريبة خاصة بالتأمين الوطني تفرض عليهم مستقبلاً)، أم أنه سيصبح سلعة بثمن تقوم بتوفيره شركات التأمين التجارية الخاصة ومنها شركات التأمين الأجنبية.
المنهاج الحكومي، كما نعتقد، يرمي إلى بناء نظام رأسمالي. ونرى أن هذا النظام، بطبيعته، سيفرض أعباءً على الفئات الفقيرة والضعيفة والمهمشة أو يهملها. لكننا نأمل أن لا يكون نظام التأمين الصحي المقترح، إن كان تجارياً، برنامجاً للمقتدرين مالياً. آمل أن يكون هذا النظام موضوعاً لنقاش مفتوح سياسي واقتصادي. وأقدم هنا قراءتي لموقف الحزب الشيوعي العراقي فها قصب السبق.
ربما كان الحزب الشيوعي العراقي متفرداً بالاهتمام بالتأمين الاجتماعي، ومنه التأمين الصحي، وقد كتبت عنه مقالة سنة 2009 أراها مفيدة لمن يرغب بمتابعته.[9] اقتبس هنا قليلاً مما كتبته عن الأشكال المختلفة للضمان الاجتماعي التي وردت في وثيقته الأساسية برنامج الحزب الشيوعي العراقي.[10] يرد في البرنامج تحت باب سياستنا الاقتصادية والاجتماعية ما يلي:
“12 توفير ضمانات العيش الكريم للمواطنين وحمايتهم من الفقر والعوز[11] بالاستخدام العادل لثروات البلاد وعوائد التنمية،[12] وذلك من خلال:
أ- استكمال بناء نظام الضمان الاجتماعي عبر تعزيز الشبكة الحالية وتطويرها لتشمل إنشاء صناديق تقدم الإعانات المالية في حالات البطالة والعجز عن العمل والشيخوخة[13] بما يؤمن حداً أدنى معقولاً من الدخل، وإيجاد نظام فعال لتمويل هذه الصناديق.”[14]
ويتكرر ذكر الضمان الاجتماعي في الأبواب التالية من البرنامج:
“الزراعة
لكي يحقق هذا القطاع الهام أهدافه ويضمن الأمن الغذائي لابد من:
7 تطوير القوى المنتجة في الريف عن طريق تشجيع الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة، الخاصة والمختلطة والحكومية، وحماية العمال الزراعيين عن طريق التشريع والتنظيم النقابي والضمان الاجتماعي والصحي.[15]
الصحة
أدت سياسات النظام المباد وممارساته في هذا الميدان، والسياسة الصحية اللامنهجية بعد زواله، إلى تردي الوضع الصحي لعموم الشعب. ولمعالجة ذلك لا بد من:
1 ضمان تقديم خدمات الرعاية الصحية المجانية، الوقائية والعلاجية، إلى المواطنين والعمل على إيصالها إلى كافة المناطق، والارتقاء بمستواها.
2 توسيع شبكة المستشفيات والمستوصفات الحكومية في المدينة والريف وتامين كل الفعاليات ذات الصلة كالتحصين والصحة المدرسية وصحة الأسرة والرقابة الصحية وغيرها.
3 ضمان حق التأمين الصحي للسكان، جميعاً، كجزء من منظومة الضمان الاجتماعي، واعتماد نظام عادل لتمويله.[16]
آمل أن يتوسع مناقشة النظام الصحي المقترح ليشمل الجوانب الفنية التنظيمية والاقتصادية والإدارية، وهو موضوع ذو بعد طبقي.
- § جعل التأمين على المُنْتَجْ والمسؤولية المهنية فيما يتعلق بالسلع والخدمات المنتجة اجبارياً وذلك لحماية حقوق المستهلك.
كان تأمين المسؤوليات المهنية من بين التمنيات التي قدمتها سنة 2013.[17] وقتها قلت إن “بعض هذه التمنيات ربما تكون بعيدة المنال، أو غير واضحة، أو مبتورة. وهذه مقصودة لإثارة التفكير بها وملابساتها. قائمة التمنيات طويلة نكتفي بعرض بعضٍ منها كيفما اتفق ودون تحديد الأسبقيات. هي مقترحات/جدول عمل بصيغة تمنيات لسنة 2013.” وذكرتُ ضمن هذه التمنيات
“إلزامية التأمين على خطر الحريق، ومسؤولية رب العمل، والمسؤوليات المهنية، والمسؤولية العشرية.”
التأمين على المُنْتَجْ
أرى أن المقصود بالتأمين على المنتج هو التأمين على المسؤوليات القانونية المترتبة على المنتجات المحلية حيث يمكن للطرف الثالث المتضرر من استعمال المنتج الرجوع على مُنتج البضاعة لجبر الضرر اللاحق به. وبالنسبة للمنتجات المستوردة يمكن الرجوع إلى المستورد.
نفترض أن الحكومة ستتقدم لمجلس النواب بمشروع قانون، بالاستفادة من القانون المدني وقانون حماية المستهلك، لتحديد مسؤولية الصانعين والموزعين والمجهزين والمستوردين وتجار التجزئة وغيرهم عن الأضرار الناجمة عن المنتجات التي تلحق بالأطراف الثالثة. ومثل هذا القانون سيساعد شركات التأمين في صياغة أغطية التأمين المناسبة لمثل هذه المسؤولية التي يمكن أن تتأسس لعيب مصنعي في المنتج، أو عدم سلامة المنتج بالضد مما يعلن عنه صاحبه، وغيرها من الأسباب التي تؤدي إلى قيام المسؤولية.
نفترض أيضاً أن جمعية التأمين العراقية ستقوم باتخاذ موقف ووسائل توعية وإجراءات أخرى كما سنشير إلى بعضها أدناه باختصار.
كما نفترض أن تنظيمات رجال الأعمال وغرف التجارة والمؤسسات المماثلة سيكون لها موقف. وأرى أن يتم التنسيق بينها وبين جمعية التأمين العراقية وإيصال صوتها لمجلس النواب.
تأمين المسؤولية المهنية
ها أنا أرى أن التأمين الإجباري على المسؤولية المهنية يقترب من إحدى تمنياتي. ويصبُّ الإعلان عن هذا المشروع، متى ما تحقق، لصالح تطوير سوق التأمين العراقي. والمطلوب أن تتقدم الحكومة أولاً بمشروع قانون عن المسؤولية المهنية يُعرض على مجلس النواب ويكون أساساً لأجراء التأمين من قبل أصحاب المهن (من العراقيين والأجانب العاملين في العراق). ونفترض أن مشروع القانون سيحدد المهن التي ستخضع للتأمين، كالأطباء، والمحامين، والمحاسبين، والمهندسين المعماريين وغيرهم.
من المطلوب أن تقوم جمعية التأمين العراقية بتقديم ورقة موقف تجاه هذه السياسة المعلنة في المنهاج، وتقوم بصياغة وثيقة/وثائق تأمين نموذجية تمثل الحدود الدنيا للغطاء التأميني للمسؤولية، ويترك لشركات التأمين حرية التوسع في الغطاء بالاتفاق مع أصحاب المهن. ومن المفيد أيضاً أن تقوم الجمعية، كإجراء آني، بتوزيع بعض الدراسات عن المسؤولية المهنية على أعضائها. وكذلك استمزاج رأي أصحاب المهن المنضوين في نقابة أو جمعية إذ أن بإمكان هذه النقابات إدارة صندوق تأمين لتغطية مسؤوليات أعضائها من مطالبات الأطراف الثالثة المتضررة من خرق الواجب المهني أو سوء التطبيق.[18]
سيساهم جعل هذا التأمين إجبارياً في تعظيم أقساط شركات التأمين العراقية والتي يفترض أن تقوم بالاكتتاب به لوحدها أو بالتعاون مع معيدي التأمين أو ضمن ترتيبات خاصة مع النقابات والجمعيات المهنية العراقية.
- § توفير مظلة فاعلة من التأمين الزراعي تحمي المزارعين من الخسائر الناجمة عن الكوارث الطبيعية
يبدو لي أن هذا البند هو استمرار للمبادرة الزراعية التي أطلقتها حكومة نوري المالكي (اللجنة العليا للمبادرة الزراعية) وتضمنت الاهتمام والتوسع في الأغطية التأمينية لصالح المزارعين والمستثمرين في قطاع الزراعة؛ وربما هو من توصيات مؤسسات دولية، وهو ما أرجحه.
وافترض بأن الجهة التي قامت بصياغة هذا البند قد أخذت علماً بوجود تأمين زراعي في شركة التأمين الوطنية العامة منذ أوائل ثمانينيات القرن الماضي. وقد تم تبني هذا التأمين آنذاك بالاستفادة من تجربة شركة التأمين التبادلي للنقابة الوطنية للمزارعين البريطانية (The National Farmers Union Mutual Insurance Society Limited) وكذلك بعض معيدي التأمين ووسطاء إعادة التأمين الدوليين.
لا أدري ما المقصود بـ”مظلة فاعلة” لحماية المزارعين من الخسائر الناجمة عن الكوارث الطبيعية. فالوثيقة المركبة (الشاملة) للتأمين الزراعي تغطي أخطار الحريق والسرقة والأخطار الطبيعية (كالعواصف، والفيضانات والصواعق والبَرَدْ وتساقط الثلوج والآفات الزراعية وغيرها). وبالنسبة لموضوع التأمين فإن الوثيقة تغطي مسقفات الثروة الحيوانية، معامل العلف، المفاقس، مخازن الحبوب المخازن المبردة، الدواجن، المواشي، المحاصيل الزراعية، المركبات الزراعية.[19]
المهم في الموضوع هو أن التأمين الزراعي يساهم في ديمومة الإنتاج الزراعي من خلال توفير بدل نقدي تعويضاً للخسائر المادية التي يتعرض لها المزارعون بسبب الحوادث الطبيعية والبشرية. وبذلك يتم استبدال التالف من الممتلكات والنافق من المواشي والتعويض عن فقدان الدخل بسبب التلف اللاحق بالإنتاج النباتي.
ترحيب وتقييم أولي للمنهاج
حسب تقييم الخبير الاقتصادي باسم جميل أنطون فإن “المنهاج الحكومي … تضمن 6 محاور اساسية، اربعة منها تخص الجانب الاقتصادي للبلد مما يعكس مدى التطور المراد تحقيقه على الارض”. وأن “المحور الاول تضمن تقويم الجانب الامني الذي يعتبر الرديف الاساسي لبناء اقتصاد قوي قادر على مواجهة الازمات وتوفير الرفاهية المبتغاة للمواطن البسيط”. كما ان “المحور الثاني أكد على النهوض بواقع الخدمات المتردي والذي يتضمن البنى التحتية الماء والمجاري وبناء المدارس النموذجية وتطوير الواقع الصحي من خلال بناء المستشفيات الحديثة والاهتمام بالقطاعات الاجتماعية الفقيرة.”[20] وهذه تخلق فرصاً جديدة لعمل شركات التأمين في توفير الأغطية التأمينية المرتبطة بتزايد عدد الوحدات الاقتصادية (الصناعية والتجارية والخدمية) وبإنشاء مشاريع البنية التحتية وغيرها من المشاريع التي تتولاها الدولة والقطاع الخاص على أنواعها، من خلال التأمين البحري على المكائن والمعدات والمواد المستوردة (يجب هنا أن يكون عقد البيع على أساس قيمة البضاعة والشحن C&F كي ينفتح المجال أمام شركات التأمين العراقي لعرض خدماتها التأمينية)، والتأمين الهندسي وتأمين المسؤوليات تجاه الطرف الثالث، وتأمين المشاريع بعد إكمالها ووضعها قيد التشغيل.
يتمنى المرء أن لا تبقى هذه السياسات مجرد شعارات بل تخضع للدراسة المعمقة والتفكير بكلفتها الاقتصادية ووسائل تمويلها وتطبيقها على أرض الواقع. هناك ما يمكن وصفه بالحماس لبعض السياسات دون الالتفات إلى كلفتها الاقتصادية كما هو الحال مع تشكيل قوات الصحوات والحرس الوطني في المحافظات وغيرها من القوات العسكرية الموازية للقوات المسلحة، وكلها تستنزف موارد الدولة دون أن تساهم في نمو الإنتاج.
هذه الحزمة من المقترحات في مجالات الصحة، والمسؤوليات القانونية الناجمة عن المنتجات وأخطاء المهنة، والإنتاج الزراعي من شأنها أيضاً أن تقدم تحدياً إضافياً لشركات التأمين العراقية لمواجهتها باستحداث وثائق تأمين جديدة أو تطوير ما هو موجود منها.
ويبقى هناك البعد الفيدرالي لهذه المقترحات وهل أنها ستكون ملزمة لإقليم كوردستان العراق، كما نرغب، أم أن حكومة الإقليم ستشرع قوانينها الخاصة للتأمين في هذه المجالات.
خطوات حكومية أخرى والاقتراب من رؤية لمؤسسة التأمين
طالما أن الحكومة الحالية مهتمة بالنشاط التأميني، كما يظهر لنا من مقترحاتها بإدخال وثائق تأمين جديدة تشكل عنصراً مكملاً لمشروعها في بناء نظام رأسمالي عصري، عليها أن تتخذ خطوات أخرى لتعزيز قطاع التأمين العراقي. يمكن إيجاز بعض هذه الخطوات بالآتي:
- إعادة النظر ببعض أحكام قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 الضارة بمصالح شركات التأمين العراقية.[21]
- تشجيع الإقبال على شراء وثائق التأمين على الحياة من خلال الإعفاء من الضرائب والرسوم.
- تفعيل الوظيفة الرقابية التي يقوم به ديوان التأمين.
- تشجيع الدمج بين شركات التأمين الصغيرة في رأسمالها وكوادرها الفنية.
- تعزيز مكانة شركة إعادة التأمين العراقية من خلال استعادة مبدأ إسناد نسبة من أعمال شركات التأمين لها.
آمل أن تندرج هذه الخطوات ضمن مشروع تطوير رؤية تجاه قطاع التأمين لدى مؤسسات الحكم والأحزاب والكتل السياسية وكيانات التأمين.[22]
لندن 17 أيلول 2014
[1] نص وثيقة الاتفاق بين الكتل السياسية المشاركة في حكومة العبادي منشور في عراق بريس بتاريخ 8 أيلول 2014
https://www.iraqpressagency.com/archives/89858
[2] لتقييم أهمية التخطيط الاقتصادي أنظر: د. كامل مهدي، “عفا الزمن عن “إجماع واشنطن” والعراق بحاجة إلى خطة اقتصادية وطنية ملزمة،” شبكة الاقتصاديين العراقيين:
http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2014/02/Kamil-Mahdi-3.pdf
[3] نص رسالة رئيس الوزراء نوري المالكي إلى مجلس النواب المتضمنة الإطار العام لبرنامج الحكومة الاستراتيجي للسنوات 2011-2014 منشور في جريدة الصباح بتاريخ 18 تموز 2011. وكانت موضوعاً لمقالتي “تعليق على غياب التأمين في برنامج الحكومة للسنوات 2011-2014” المنشورة في مجلة التأمين العراقي:
[4] ترى هل ستقوم الحكومة بخلق مفوضيات خاصة، مستقلة أو شبه مستقلة عن الحكومة، لمنع الغش والتلاعب وجشع التجار؟ مثل هذه المفوضيات الرقابية موجودة في الدول الرأسمالية.
[5] ليس واضحاً ما هي الخدمات التي ستقوم الدولة بتحصيل الأجور عنها من المواطنين. هل ستشمل هذه، مثلاً، مجالات التعليم (جميع مراحل التعليم أو بعضٍ منها) والصحة (التطبيب في المستشفيات، أو لدى طبيب الأسرة المقترح في المنهاج، صرف الأدوية). لعل ذهن القائمين على تحديد هذه الخدمات سيتفتق عن تسليع وتسعير العديد من الخدمات العامة.
[6] كما ورد في مقالة إبراهيم إبراهيم، “الجزر الاقتصادية” والمافيات اهم المعوقات التي تواجه برنامج حكومة العبادي،” جريدة المدى، 14 أيلول 2014.
[7] نشرت نسخة معدلة منها في مجلة الثقافة الجديدة، العدد 336، 2010، ص36-49. ويمكن قراءتها في كتابي التأمين في الكتابات الاقتصادية العراقية، (مكتبة التأمين العراقي، منشورات مصباح كمال)، ص69-74 وهو متوفر في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين والموقع التالي:
https://www.academia.edu/7118197/Insurance_in_Iraqi_Economic_Writings
تناولت المقالة على وجه الخصوص آراء ثلاثة اقتصاديين: د. كاظم حبيب، د. صبري زاير السعدي، د. كامل العضاض.
[8] جريدة الصباح، “أولويات الستراتيجية للبرنامج الحكومي … توفير السكن والخدمات والضمان الاجتماعي”، 9 أيلول 2014.
[9] مصباح كمال، التأمينات الاجتماعية في العراق: قراءة لموقف الحزب الشيوعي العراقي، الثقافة الجديدة، العدد 338، 2010، ص 56-63.
http://www.althakafaaljadeda.com/338/13.htm
[10] لقراءة نص البرنامج استخدم الرابط التالي: http://www.iraqcp.org/members4/0070606wa1.htm
[11] “العيش الكريم للمواطنين وحمايتهم من الفقر والعوز” يقوم على قيم أخلاقية معيارية لم يجري بعد تحديدها على المستوى الوطني في العراق. فليس لدينا تعريفاً رسمياً للفقر والعوز كي يمكن في ضوئه رسم سياسات مناسبة تتماشى مع الدعوة الأخلاقية للعيش الكريم.
[12] “الاستخدام العادل لثروات البلاد وعوائد التنمية.” في سياق هذا الموضوع يفهم من هذه العبارة استخدام الثروات والعوائد بين طبقات الشعب المختلفة، ويتطلب التحديد وإيجاد الوسائل المناسبة لتحقيقه من خلال السياسة الضريبية أو الإعفاءات أو الإعانات وغيرها. إن كان هذا الفهم خاطئاً فهل أن فكرة الاستخدام معنية بالتوزيع بين قطاعات الاقتصاد المختلفة؟ الموضوع يستوجب التدقيق.
[13] “البطالة والعجز عن العمل والشيخوخة.” يبدو لنا أن هذه الحالات لم تلقى عناية المشرع العراقي ومن هنا فإن الدعوة لها أمر ينسجم مع إدارة الاقتصاد الحديث من حيث إيلاء المواطنين لحقوقهم الإنسانية وفي ذات الوقت الحفاظ عل الحدود الدنيا من الطلب الفعال على السلع والخدمات من قبل الفئات الاجتماعية المعرضة للحالات المذكورة.
[14] “إيجاد نظام فعّال لتمويل هذه الصناديق.” حسناً فعل فريق كتابة البرنامج في النص على نظام لتمويل صناديق “البطالة والعجز عن العمل والشيخوخة.” ففي غياب نظام فعال لا تستطيع هذه الصناديق أن تبقي على ملاءتها وتعين الأشخاص المعنيين. إيجاد هذا النظام يحتاج إلى جهد جماعي واستئناس برأي المنظمات النقابية والمدنية. وعموماً، فإن تمويل شبكات الأمان الاجتماعي إشكالي يحتاج إلى موازنة المصالح ضمن مشروع تنمية الاقتصاد العراقي ورفع قيمة الإنسان العراقي.
[15] استهل كاتبوا البرنامج باب الزراعة بذكر موضوع “الأمن الغذائي” وهو أمر مهم في ظل انهيار الإنتاج الزراعي بحيث بات العراق مستورداً لمعظم احتياجاته من المواد الغذائية، وزاد من سوء الوضع النقص الكبير في حصة العراق من المياه الدولية بات معه الأمن الغذائي رهينة لسياسات دول الجوار ووسيلة ضغط على الحكومات العراقية. الأمن الغذائي يعني “التأمين” على مستقبل الأجيال الشابة.
ولضمان الأمن يدعو البرنامج إلى “تطوير القوى المنتجة في الريف عن طريق تشجيع الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة، الخاصة والمختلطة والحكومية، وحماية العمال الزراعيين عن طريق التشريع والتنظيم النقابي والضمان الاجتماعي والصحي.” تبدو هذه المقترحات وكأنها حزمة متكاملة تخفف من وطأة وتفاقم الأمن الغذائي. وبالطبع يمكن لخبراء الزراعة تقديم مقترحات إضافية فيما يخص استصلاح الأراضي والبزل والبذور والقروض وغيرها. راجع د. هاشم نعمة “مشكلة التصحر وأبعادها البيئية والاجتماعية في العراق” الثقافة الجديدة، العدد 331، 2009، ص 31-43، لمتابعة بعض جوانب الموضوع.
وفيما يخص موضوع التأمين نذكر أهمية تطوير التأمين الزراعي (وهو تأمين يشمل التأمين على المحاصيل الزراعية والمواشي والدواجن) الذي يلعب دوراً مهماً في التعويض المالي عن آثار الآفات على المحاصيل الزراعية ونفوق الحيوانات لأسباب محددة. هذا التأمين من شأنه المساهمة في تجديد الإنتاج والاستمرار به.
[16] يقدم البرنامج المقترحات التالية لمعالجة الوضع الصحي المتدهور:
1 ضمان تقديم خدمات الرعاية الصحية المجانية.
2 توسيع شبكة المستشفيات والمستوصفات الحكومية في المدينة والريف.
3 ضمان حق التأمين الصحي للسكان، جميعاً، كجزء من منظومة الضمان الاجتماعي، واعتماد نظام عادل لتمويله.
هذه المعالجات مترابطة تشكل مع بعضها نظاماً يفترض البرنامج، أو هكذا نقرأه، أن تقوم به الدولة. لا يذكر البرنامج الدور الذي تقوم به العيادات والمختبرات الطبية والمستشفيات الخاصة في العراق. لكننا نفترض أيضاً أن مقترحات البرنامج لا تتعارض مع التوجه الاقتصادي للحزب والذي يقوم على تعددية الشخصية الاقتصادية: العامة والخاصة والمختلطة والتعاونية. ونرى في النص على اعتماد نظام عادل لتمويل التأمين الصحي ما يشير إلى إمكانية مساهمة المنتفعين من هذا التأمين ببعض من كلفته قد تأخذ شكل قسط للتأمين، استقطاع من دخل الأجراء والموظفين، المساهمة البسيطة في كلفة الأدوية وهلم جرا. هل يا ترى إذاً أن البرنامج يحمل في طياته مشروع نظام تأميني مختلط لصحة المواطنين؟
[17] مصباح كمال، “تمنيات تأمينية عراقية لسنة 2013” مجلة التأمين العراقي
http://misbahkamal.blogspot.co.uk/2013/12/insurance-wishes-for-2014.html
[18] بالنسبة للأطباء، على سبيل المثال، يمكن الاستفادة من تجربة اتحاد الدفاع الطبي (Medical Defence Union)، أو بالنسبة للمحامين الصندوق التبادلي للدفاع عن المحامين (Solicitors Mutual Defence Fund) في بريطانيا (توقف الصندوق عن العمل لأسباب مالية نظراً لازدياد حجم المطالبات بالتعويض ضد الأعضاء).
[19] فؤاد عبد الله عزيز، التأمين في العراق: الواقع وآفاق المستقبل (بغداد: موسوعة القوانين العراقية، [2005؟]، فصل التأمين الزراعي، ص 135-163.
[20] كما ورد في مقالة إبراهيم إبراهيم، “الجزر الاقتصادية” والمافيات اهم المعوقات التي تواجه برنامج حكومة العبادي،” جريدة المدى، 14 أيلول 2014.
[21] مصباح كمال، قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005: تقييم ودراسات نقدية (بغداد، منشورات شركة التأمين الوطنية، 2014).
[22] للتعرف على التفاصيل، أنظر: مصباح كمال، “نحو مشروع لصياغة سياسة لقطاع التأمين في العراق،” مجلة التأمين العراقي
http://misbahkamal.blogspot.co.uk/2012/10/blog-post.html
(*) خبير عراقي في شؤون التأمين
(**) نشرت أصلاً في الثقافة الجديدة، العدد 370، تشرين الثاني 2014، ص 51-63
لتنزيل نسخة سهلة الطباعة انقر هنا
باحث وكاتب عراقي متخصص في قطاع التامين مقيم في المهجر
عزيزي د. صباح
تحية طيبة
أشكرك على تقييمك وثنائك عل ما كتبته حول التأمين في المنهاج الحكومي لسنة 2014، وهو ما يحفزني على الاستمرار في الكتابة عن قضايا التأمين العراقي. أن تقرأ، مثلما يقرأ آخرون، مقالة عن التأمين يعني أن هذا الموضوع صار محط بعض الاهتمام من آخرين من خارج قطاع التأمين. أتمنى أن يزداد هذا الاهتمام كي يساهم الاقتصاديون المحترفون وغيرهم في درس وتحليل ما له علاقة بالنشاط التأميني في العراق.
من المؤسف أن العاملين في قطاع التأمين العراقي قلّما يكتبون عن أوضاع هذا القطاع ومواقفهم منها. أنا أدير مدونتين، مجلة التأمين العراقي ومرصد التأمين العراقي، منذ عدة سنوات، ولكن ما ينشر فيهما من قبل ممارسي التأمين في العراق قليل جداً. بعد قراءتي لخبر الإعلان عن منهاج الحكومة اتصلت بالبعض المهم في قطاع التأمين في بغداد، واقترحت عليهم الكتابة عن هذا البرنامج كونه أول برنامج يرد فيه ذكر محدد لمؤسسة التأمين، وتضمّن مقترحات بشأن إدخال وثائق تأمين معينة. إلا أن اقتراحي لم يلقَ الاستجابة حتى اليوم. كانت نيتي من الاتصال هو جذب ممارسي التأمين في العراق للكتابة عن شؤون صناعتهم لأنني على قناعة بأن “أهل مكة أدرى بشعابها.”
أتمنى أن يتغير هذا الوضع، ويأخذ ممارسو التأمين على عاتقهم متابعة ودرس شؤون صناعتهم مثلما كانوا يفعلون في الماضي في مجلة (رسالة التأمين)، وقد رأس تحريرها لبضع سنوات الأستاذ عبد الباقي رضا، وتوقفت عن الصدور أواخر ثمانينيات القرن الماضي.
أشكرك مرة أخرى على حسن استقبالك لمقالتي. وبدوري أرجو لك دوام الصحة.
مصباح كمال
تحية صادقة
أقدر عاليا ورقتكم العلمية المعرفية وما تضمنتها من معالجات مهمة في حقول التامين والاقتصاد والاجتماع ، ولا سيما ان الكتابة والابحاث في مجال التامين عندنا في العراق لا تزال قليلة لا تتناسب ومستوى هذه المهنة ومهماتها في المجتمع ، كما ولم يعار اليها الاهتمام االمطلوب من قبل المسؤولين الاداريين والمختصين في هذا الحقل .
ان جهدكم الفكري والنظري وتشخيصكم وتحليلكم للمواضيع المهمة في التامين وربطها بشكل منهجي بالاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في العراق اليوم، وتقديمكم معالجات ومقترحات بناءة، بذلك ،تدل على عمق رؤيتكم ومعرفتكم العلمية والمعرفية في المساهمة الجادة من اجل تشجيع وتحفيز المسؤولين الاداريين والمختصين للمشاركة الواسعة والاهتمام الجدي في هذا المجال ، بما يساهم في تطوير مستوى هذه المهنة والاقتصاد، وذلك خدمة للتنمية الوطنية وازدهار وتقدم البلد على اسس مدروسة وصحيحة.
اشد على ايديكم لمزيد من العطاء العلمي ، وتقبلوا مني خالص تقديري ومحبتي وتمنياتي بالصحة الموفورة
صباح قدوري