على الرغم من إنجلاء مظاهر الركود في الاقتصاد العالمي وعودة معدلات النمو والنشاط الاقتصادي الى الارتفاع ،الا ان مستويات البطالة ظلت عالية،وانها مازالت لا تلامس الكسر الطبيعي للبطالة البالغ 2 بالمئة.وان معدلاتها باقية تتراوح بين 5،5 بالمئة و 7،5 بالمئة في كل من امريكا وبريطانيا على نحو خاص ،ذلك لكونهما اكبر اقتصادين في العالم دشنا الركود الاقتصادي منذ مطلع الازمة المالية الدولية في العام 2008.الا ان من تناول ظاهرة البطالة وفسراستمرارها ، بالرغم من زوال حالات الكساد اوغيرها ،هو الكاتب الاقتصادي السويدي اللامع (لنديك) وزميله(سنور) في بحثهما المنشور في العام 1984 والموسوم: حيرة (دواخل ) سوق العمل و(خوارجها )إزاء البطالة الاجبارية.إذ يوضح الكاتبان بهذا الشأن ماياتي: يسمى العاملون المستمرون في مجالات العمل (بالدواخل insiders )وان من سواهم من العاطلين يسمون (بالخوارج outsiders ) اي خارج مجالات العمل.ويستعمل الكاتبان مثل هذا التصنيف بين العمال بغية تشخيص حالة البطالة المستمرة في العديد من اقتصادات العالم.اذ غالباً ما تتحدد شروط الاشتغال واجور العاملين عن طريق التفاوض الجماعي بين ممثلي العمال وارباب العمل.ويحرص ممثلو العمال على حماية المشتغلين(الدواخل )المستمرين بالعمل ضمن اولويات تفضيلاتهم،وتجدهم اقل رغبة بالدفاع عن اولئك الذين هم خارج مجال العمل اي الخوارج في توفير فرص عمل لهم.كما ان العمال الدواخل هم اشد حرصاً على عدم المبالغة في رفع معدلات اجورهم لكي لايسُمح بأستبدالهم وضياع فرص عملهم لمصلحة الخوارج في داخل سوق العمل ،ذلك بجعل فرص التشغيل الجديدة اكثر كلفة على الشركات باستمرار.وبناءً على ذلك تجد ان القوى التفاوضية بالانابة عن العمال او التي تمسك بزمام التفاوض هم من العمال المستمرين او الدواخل.كما تجد في الوقت نفسه ان الدواخل هم انفسهم اقل حماساً في اتساع ربح الشركة ووصوله الى الدرجة التي تسمح بأستيعاب المزيد من اولئك الخوارج في فرص عمل جديدة. اما من جانب الادارة فأن مايشجع اولئك المديرين وارباب العمل في اهمال ظاهرة البطالة اوالتصدي لها، تأتي من حقيقة تجنب كلف قيد الحد الادنى للاجر والذي لايمكن النزول عنه. يضاف الى ذلك ما يسمى بكلفة التحول او الاستبدال بين العمال القدامى والعمال الجُدد وما يُرتب غالباً تكاليف اعادة التاهيل والتدريب ،وهو الامر الذي تبتعد عنه ادارات الشركات في تحمل كلفة استبدال اولئك الدواخل من العاملين ذوي الكلف التشغيلية المعتدلة بالخوارج العاطلين ذوي الكلف التشغيلية العالية.وبهذا فان العلاقة العكسية بين الاجور الاسمية ومستوى البطالة وعلى النحو الذي يسمى بمنحنى فيلبس بصورته الاصلية في علم الاقتصاد الكلي قد انتهى بفعل قوة الدواخل وانهزام الخوارج في سوق العمل. ختاماً،ثمة مفارقة في بيئة العمل اليابانية،فعلى الرغم من تقاضي النساء اجورهن بنسبة تقل 35بالمئة عن اجور الرجال العاملين .فان النساء اليابانيات هن في مقدمة العاملين الخوارج في سوق العمل مقارنة بالرجال.فتشغيل النساء الخوارج لايشكل سوى20 بالمئة من تشغيل الرجال و لاسباب اُسرية وعادات وتقاليد اجتماعية بحته.وبهذا يتضح ان الرجال الدواخل العاملين في سوق العمل الياباني ،ممن يمضون ساعات عمل اضافية طويلة شاقة، هم اشد اخلاصاً وولاءً لزوجاتهم اللواتي تحولن من خوارج الى دواخل …ولكن هذه المرة دواخل في بيوتهن وليس داخل سوق العمل!!
(*) مستشار رئيس الوزراء العراقي
علاقات العمل فى ظل العولمة : اضطر العمال ( المستخدمون والمستخدمات ) فى كثير من الاحيان ان يتحملوا تنازلات موْلمة عن حقوقهم لكى يستطيعوا البقاء قادرين على التنافس وفى البلدان الفقيرة يحرم الناس العاملون من الوصول الى متطلباتهم وتحسين ظروف عملهم وتشير بعض الدراسات الى ان المواقف التفاوضية للنقابات العمالية اصبحت اضعف من ذى قبل وكما جاء فى المقال فى اعلاه (فان القوة التفاوضية بالانابة عن العمل او التى تمسك زمام التفاوض هم من العمال المستمرين او الدواخل ) ولكن السوْال هل وصل الحال بنقابات العمال او العمال المستمرين بالعمل – الدواخل اقل حماسا من اتساع ربح الشركة ووصوله الى الدرجة التى تسمح باستيعاب المزيد من اولئك الخوارج فى فرص عمل جديدة ؟) كما يشير المقال وكيف تم التوصل الى هذا الاستنتاج بشان سلوك لما سمى بالعمال ( الدواخل ) عسى ان يقوم الدكتور مظهر بايضاح كيفية تحديد شروط الاشتغال واجور العاملين عن طريق التفاوض الجماعى بين ممثلى العمال وارباب العمل وهل يكون ذلك مقتصرا على ما سمى بالدواخل طالما كان العامل معرض للبطالة سواء كان تحت ابط راس المال او خارج هذا الابط وذلك وتبعا لظروف العمل وحركة روْوس الاموال العابرة للقارات
ما يهمنى فى هذا المقام الاشارة الى الدراسة القيمة التى اعدها الدكتور محمد عدنان وديع الموسومة ب ( العولمة والبطالة : تحديات التنمية البشرية – سلسلة اجتماعات الخبراء – المعهد العربى للتخطيط 2007 واكتفى منها بما يلى :
اولا – تشير منظمة العمل الدولية ILO الى زيادة ارقام البطالة باكثر من 20% خلال السنوات العشر الاخيرة وهو ما له من تبعات عميقة على الاوضاع الاجتماعية والسياسية وان معظم الوظائف الجديدة فى العالم فى القطاع غير المنظم قليل الانتاجية بحيث لم يهبط عدد العمال الفقراء فى العالم
ارتفع اجمالى عدد العاطلين عن العمل من 92,7 مليونا عام 1995 الى 111.7 مليونا عام 2004 والى ( 112.9 مليونا تقديرية )
ثانيا – فى منطقة الشرق الاوسط ارتفعت اعداد العاطلين عن العمل من 12,8 مليونا عام 1995 الى تحو 15.7 مليونا عام 2004 ومن المنتظر اقتراب العدد الى 20 مليونا فى عام 2015 ويمثل الشباب نسبة هامة من هذا العدد كما تمثل المراة ايضا نسبة هامة من البطالة تفوق نسبة مشاركتها فى سوق العمل
مع خالص تقديرى للاستاذ الدكتور مظهر محمد صالح