تجسد العبارة في اعلاه العنوان الذي اعتمده استاذ الاقتصاد الشهير روبرت فرانك في كتابه الذي نشره في العام 1996 والذي اكد فيه بان قلة من الشعب الامريكي ممن يقطن في محيط بشري لايتعدى 1 بالمئة من سكان الولايات المتحدة يستحوذ لوحده على نسبة تزيد على 40 بالمئة من اجمالي نمو الدخل السنوي في الولايات المتحدة.واللافت ان من بين اولئك المحضوضين نسبة ضئيلة جداً من اصحاب المهارات و المواهب سواء في سوق الرياضة اوفي سوق الموسيقى والغناء او اسواق السينما و النشر، يتمكنون من الاستحواذ على ايرادات ضخمة تدرها تلك الاسواق سنوياً مقارنة بمتوسط ايراد السوق كله.ويعود السبب في ذلك الى ان جمهور المستهلكين والشركات هم من يبحث عن تلك المهارات ليجعلها قوى رابحة تستحوذ على السوق بشكل متسارع. فالاختلافات في المواهب او المهارات او الشهرة، وان كانت قليلة فأنها تؤدي لامحالة الى عوائد دخل سنوية كبيرة والى تراكم في الثروات بصورة هائلة مقارنة بالمنافسين الاخرين و على نحو لايصدق!.وتفسر العولمة اليوم جانباُ مهماُ من ظاهرة الاستحواذ تلك بسبب ثورة الاتصالات بين مناطق العالم واسواقه الناجمة عن التطور الهائل في انظمة تكنولوجيا المعلومات.ففي العام 2007 احدث لاعب الكرة البريطاني ديفيد بيكهام موجة كبيرة عندما تداولت وسائل الاعلام تخلي ذلك اللاعب عن نادي مدريد الملكي لكرة القدم لقاء توقيع عقد مع نادي لولس انجلس كالكسي الامريكي يمبلغ 250 مليون دولار لمدة خمسة اعوام.ولايخفى على الجميع ملكة الغناء الشعبي الكندية شانيا توين قد حصلت على عشرات الملايين من الدولارات من بيعها ملايين الاقراص المدمجة في سوق الغناء عبر العالم.ولكن يبقى التساؤل،هل ان ضربة الجزاء التي يؤديها ديفيد بيكهام والتي ربما لاتخطيء الهدف كما يقال تستحق مبلغ 50 مليون دولار سنوياً؟وهل ان ما يدفع لذلك اللاعب هو ذو قيمة اجتماعية حقاً؟هنا يجيب فرانك في كتابه بالنفي! ولكن يقول ان تحقيق مدخولات خيالية على غرار بيكهام اوغيره ستدفع الناس في البحث عن اختيار فرص عمل مخطوءة .فبدلا من ان يقدموا الطلاب على تعلم علم الرياضيات فانهم يضيعون اوقاتهم بالتدريب على مهارات رياضية هم ليسوا قادرين بدنيا عليها!.والنتيجة ان الاسواق الحرة قد تؤدي بسبب دافع الربح الى ضياع المهارات التي يمكن ان تكون نافعة في مجالات اُخرى.ولكن يبقى التساؤل:ماهو السر في دفع كل تلك المبالغ العالية لتلك المهارة من الاداء؟ياتي الجواب من المدرسة النمساوية في الاقتصاد وبالاخص من العالم( كارل مانكر) في كتابه مباديء علم الاقتصاد 1871.
ففي حواره مع آدم سمث حول الفرق بين منفعة قدح الماء وقطعة من الماس عند تناول موضوع قيمة الاشياء.ينتهي (كارل مانكر) الى مسألة الحد marginوهو الذي يخفي كل هذه الحقيقة الجدلية! ولكن كيف؟..تصور انك في الصحراء وانك في عطش شديد هل انت مستعد ان تعطي قطعة الماس التي في جعبتك لقاء ذلك القدح الاول او( الحد الاول)؟الجواب نعم انها منفعة القدح الاول من الماء!.ختاما ستبقى ركلة ديفيد بيكهام في شباك كرة القدم مثلها مثل منفعة القدح الاول من الماء في الصحراء وليس القدح الثالث او الرابع.فقيمة الاشياء هي مسالة ذاتية تحددها الندرة وهوما يطلق عليه في علم الاقتصاد بالثورة الحدية !ومع ذلك يبقى العمل المنتج هو مصدر القيمة واساسها.
(*) المستشار الإقتصادي لرئيس الوزراء العراقي
شكرا جزيلا استاذى العزيز الدكتور مظهر محمد صالح
نعم يرى المرحوم كارل منجر موْسس المدرسة النمساوية ان القيمة ليس الشىْ النافع او السلعة ذاتها بل علاقة الفرد بها وكما اشترتم القيمة مساْلة ذاتية من خلال تحليل المنفعة انه عالم واسع من الجدل ولكن كما بينتم ( يبقى العمل اساس القيمة ومصدر ثروة الام )
( وكل بما لديهم فرحون )
الاستاذ الغالي فارق يونس المحترم
بالتاكيد جدل القيمة هو المحور الخلافي بين تيارات الفكر الاقتصادي .فالمدرسة الكلاسيكية بما فيها الماركسية في صيغتها الاصلية من جهة ومدرسة كمبردج اليسارية واقصد Robenson.J ، Sraffa وكذلك Kaleckiمن جهة هم تيارات متقاربة ومحدثة في جدل القيمة وفائضها مع بعض الاختلافات في توصيف حركة النظام الراسمالي ولكن تبقى المدرسة النمساوية الحدية والمدرسة الكلاسيكية الجديدة هما جناحا الخلاف الاخر والعميق في قضية القيمة وعدها مسالة ذاتية من خلال تحليل المنفعة .انه عالم اسع من الجدل ولكن يبقى العمل اساس القيمة ومصدر ثروة الامم.
مع فائق تقديري لكم
مظهر
سوْالان
السوْال الاول
هل صحيح ( ان جمهور المستهلكين والشركات هم من يبحث عن تلك المهارات ليجعلها قوى رابحة تستحوذ على السوق ) ؟ام ان المستهلك مغلوب على امره تحت ضغط الحملات الاعلانية التى تغرى بل تغوى المستهلك للاقبال على شراء كل شيىْ جديد حتى لو لم يكن بحاجة اليه فى هذا المجتمع الاستهلاكى وهل بامكان جميع اصحاب المواهب فى سوق الرياضة الحصول على عقد بقيمة 250 مليون دولار لمدة 5 اغوام ؟ هل هى ضربة حظ كما ورد فى المقال ام ان وراء الاكمة ما ورائها ؟ حملات الدعاية والاعلان والترويج والتبنى ( وما نيل المطالب بالتمنى —-ولكن تاخذ الدنيا غلابا
السوْال الثانى
مع من يقف الكاتب مع كارل ماكس مع الحديين Marginalists الذين تدور فكرتهم المركزية حول حاجة المستهلك ورغباته وان المنفعة الحدية هى التى تقرر الطلب حيث تكتسب النظرية الحدية الصفة الذاتية Subjective ذلك لانها متركزة على الفرد وحالته النفسية ( قدح الماء الاول فى الصحراء ) كما يشير المقال بغض النظر عن ظروف بيئته والمجتمع الذى يعيش فيه ؟ام مع ادم سميث الذى يقول ان العمل هو المصدر الذى يزود الامة بالضروريات والتسهيلات اللازمة للاستهلاك وادامة حياة الافراد — السعر هو التعبير الاقتصادى للقيمة والعرض هو الذى يقرر هذا السعر وان تكاليف الانتاج هى التى تقف وراء تقرير العرض ثم ان هذه التكاليف تمثل اشياء ملموسة مما يمكن بالتالى قياسها ( انظر الدكتور باسل البستانى – الفكر الاقتصادى من التناقض الى النضوج-1986 وزارة الثقافة والاعلام – دار الشوْون الثقافية العامة) مع ان الكاتب يقول ( فقيمة الاشياء هى مسئلة تحددها الندرة ) الا انه – اى الكاتب يستدرك فى اخر سطر من مقاله فيوْكد بقوله ( ومع ذلك يبقى العمل المنتج هو مصدر القيمة واساسها )
مع خالص التقدير