خواطر إقتصادية

د.مظهر محمد صالح: هذه هي الفائدة..!

من منا نحن معشر الاقتصاديين من لايعرف أرفنك فشر الشخصية الاوسع تأثيراً في التاريخ الاقتصادي الحديث والذي  توجت نظريته الكمية في النقود مباديء واُسس المدرسة النقودية في علم الاقتصاد. وهو الرجل الذي قال عنه عالم الاقتصاد جوزيف شومبيتر بانه اعظم ما انجبت الولايات المتحدة من اقتصادي في تاريخها .ففي كتاب السيرة الذاتية لاارفنك فشر كتب نجله نورتن في العام 1961 قصة إقتصادية رواها والده وجرت في عيادة المساج وبالشكل الاتي:

فخلال انهماكه بمهام عمله، أفصح عامل المساج عن نفسه مخبراً البروفسور أرفنك فشر بأنه رجلُ اشتراكي يؤمن ان الفائدة هي اساس النظام الراسمالي وهي سرقة بحد ذاتها.وقد تابع عامل المساج حواره…وبعد ان توقف عن الكلام.. سأل فشر عامل المساج قائلاً:كم انا مدينٌ لك ايها الرجل؟اجاب عامل المساج انت مدين لي بثلاثين دولاراُ ثمن اتعابي.اجاب أرفنك فشر  مستطرداً:سوف اُعطيك ورقة اتعهد فيها بدفع المبلغ آنفاً بعد مئة عام.مفترضاً انك ستأخذ ذلك التعهد القابل للدفع بدون فائدة تذكر.وانه في نهاية المدة او في تاريخ الاستحقاق فربما انت او احد احفادك سيتولى تحصيل المبلغ! اجاب عامل المساج من فوره قائلاً :لايمكنني تحمل كل تلك المدة حتى يتاح لي التمتع باتعابي!! هنا استدرك فشر قائلاً:اظن انك قلت لي ان الفائدة سرقة!! فأذا كانت الفائدة سرقة حقاُ، فما عليك الا ان تنتظر طوال تلك المدة حتى تتسلم نقودك. هنا وامام حيرة العامل المسكين ودهاء فشر عرض الاخير رأياً آخرا مفاده ماياتي:اذا كانت رغبتك بالانتظار عشر سنوات بدلاً من مئة عام …فكم ستطلب عن اتعابك؟اجاب عامل المساج:سأطلب بالتاكيد اجرا هو اكثر من ثلاثين دولاراً…هنا رد فشر من فوره قائلاً:

هذه هي الفائدة…!!!

يقول فشر عندما ننظر من زاوية العرض في سوق الاموال المعدة للاقراض،ستجد ان معدلات الفائدة التي تترتب على القروض المدفوعة تحتاج شيء ما لاغراء جمهور المقرضين كي يضحوا في انفاقهم الاستهلاكي الحالي بغية السماح لآحد ما ان يستعمل نقودهم والتمتع بمنافع استعمالها لمدة معينة. جاءت القصة التي رواها الينا ارفنك فشر1867-1947 في حواره مع عامل المساج، لكي تساعدنا في تصور ان هناك قيمة زمنية للنقود! ختاماً، قد لايعترف النظام الراسمالي ان للزمن  بُعد فيزيائي رابع للمكان حسب النظرية النسبية الخاصة .وان الزمن هو احد مكونات المسرح الكوني الذي تجري فيه الاحداث وان لكل جملة فيزيائية زمنها الخاص الذي تختلف فيه عن زمن  جملة فيزيائية اخرى .وان السفر عبر الزمن هو الى المستقبل تماشياً مع ظاهرة التمدد الزمني في النظرية النسبية .

، ربما سنجد واحد من الاقتصاديين من يفلسف لنا اليوم الفائدة  كقيمة زمنية للنقود ولكن وفقا للزمن بكونه البعد الرابع للمكان..!عسى ان يقل الجشع الراسمالي ولا يتكاثر..!!!

(*) المستشار الإقتصادي لرئيس الوزراء

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

تعليقات (2)

  1. مظهر محمد صالح
    مظهر محمد صالح:

    دمتم لنا الاستاذ العزيز فاروق يونس وبالعمر المديد
    مظهر

  2. فاروق يونس
    فاروق يونس:

    فى هذه القصة درس بليغ يتلخص بقول البروفيسور ارفنك فشر كما جاء فى المقال ( عندما ننظر من زاوية العرض فى سوق الاموال المعدة للاقراض سنجد ان معدلات الفائدة التى تترتب على القروض المدفوعة تحتاج شيىْ ما لاغراء جمهور المقرضين كى يضحوا فى انفاقهم الاستهلاكى الحالى بغية السماح لاحد ما ان يستعمل نقودهم والتمتع بمنافع استعمالها لمدة معينة )
    يبدو من قراءة القصة ان ( فشر ) استطاع ( اغراء ) عامل المساج لكى يضحى بانفاقه الاستهلاكى مقابل الحصول على ( ثمن اتعابه + فائدة ) على ان يكون موعد الاستحقاق بعد عدة سنوات مثلا 10 سنوات
    – كان عامل المساج رجل اشتراكى يوْمن براى ( كارل ماركس) بان الفائدة التى يستولى عليها اصحاب راس المال نوعا من الاغتصاب والسرقة وذلك لان الفائدة هى احدى العناصر المكونة لفائض القيمة التى يستولى عليها الراسماليون دون وجه حق لانه جزء من ناتج العمل
    – ربما كان عامل المساج متاثرا بقول (جون لوك ) : كيف يمكن ان يكون للنقود – وهى عقيمة بطبيعتها نفس الطابع الانتاجى للارض الزراعية التى تنتج بالفعل شيئا نافعا
    – او قد يكون قد سمع ب( ارسطو ) الذى اعتير ( الربا ) احقر انواع الكسب
    – وكاْنى بذلك العامل الاشتراكى البسيط بعد اقتناعه بتبرير البروفيسور ( فشر ) قد تذكر مسرحية ( تاجر البندقبة ) – وليم شيكسبير وقصة ذلك اليهودى الجشع ( شيلوك ) الذى جمع ثروة طائلة من المال الحرام فقد كان يقرض الناس بالربا الفاحش -هل صحيح مطلوب منه ان بصبح مثل المرابى الجشع ( شيلوك ) ؟
    وتاسيسا على ما تقدم فان عامل المساج مع اقتناعه بان الفائدة ليس سوى مكافاْة للمدخرين على الادخار وان الفائدة تعويض للمدخر عن تضحيته وحرمانه من الاستهلاك فى الوقت الحاضر الا انه كما يبدو – تسائل هل ان دخلى الحالى وانا عامل اعمل ( بالمياومة ) احصل على اتعابى يوما بيوم يسمح لى بالادخار والحرمان من ابسط وسائل العيش الكريم الذى يليق بالانسان ؟ لا – يجيب عامل المساج ليس بامكانى الانتظار ساحتفظ بنقودى سائلة لكى اتمكن من اجراء النفقات الجارية لاسرتى وساحتاط لمقابلة الحوادث غير المتوقعة مثل المرض وليقم الاغنياء بالادخار ولكن عليهم مراعاة قول ( دافيد هيوم ) الذى يرى ( ان انخفاض سعر الفائدة فى بلد ما يعد اقوى دليل على الازدهار )
    خالص تقديرى واحترامى للدكتور مظهر محمد صالح

اترك رداً على فاروق يونس إلغاء الرد

%d مدونون معجبون بهذه: