يغيب عن اذهان الكثيرين ان الموارد البشرية هي اصلا اهم واول الموارد الاقتصادية، ففي الحساب الاقتصادي تعد الموارد الاقتصادية متنوعة من مالية ومعدنية وكثير ممن هم لايعرفون ان الموارد البشرية هي مورد اقتصادي كسائر الموارد و تنتظر الاستخدام الاكفأ، ومن ثم فلها ادارتها ولها جوانب العرض والطلب و اهم مافي الملف ان رشادة استخدام هذه الموارد ينعكس على التنمية الاقتصادية مباشرة وعلى مفاصل حياة المجتمع بصورة مباشرة .فهذه الموارد هي العقول التي ستدير دفة الاقتصاد وبالتالي هي التي ستحرك وتدير الموارد الاقتصادية الاخرى، ومن ثم هي التي ستنجز عملية التنمية وتحركها سعيا الى الهدف المرجو.
ويؤثر ملف الموارد البشرية بصورة مباشرة على الاقتصاد بمعاييره الكلية، ولذا فان العمل على هذا الملف هو اهم استثمار ، وهذه نقطة قد تغيب عن بال الكثيرين الا ان العمل في مضمار الموارد البشرية وادارتها انما هو عملية استثمارية ، وهو استثمار طويل الاجل وتراكم رأسمالي محسوب ضمن الثروة القومية لذلك البلد، وهنا تتمثل خطورة هذا الملف اذ ان ادارة مفاصل هذا النوع الحساس من الاستثمار ستولد الالية العملية لادارة الثروة القومية لذلك البلد وهنا يتبين هل ان هذه الادارة للعملية الاقتصادية تجري بصورة سليمة وعقلانية وواقعية ام انها هدر وتخريب اقتصادي ؟؟!!! دون ام يغيب عن الاذهان ان التخريب في بنى الاستثمار البشري سيقود الى نتائج انسانية تؤثر على تركيب ذلك المجتمع واواصره ومستقبله وعلى تكوينه الطبقي ومن ثم على عملية توليد وصناعة القيم الانسانية بانواعها وهو امر سيؤدي بالضرورة الى التأثير على المنظومة القيمية الكلية لذلك المجتمع وهنا يبرز البعد الانساني الحقيقي لعملية التنمية الاقتصادية.
ولذا ادركت البلدان اهمية هذا الملف وخطورته، واذا كان الفكر الاقتصادي بتشعباته الايديولوجية قد اوغل في الشرح في هذا المضمار الا ان الاستثمار في هذا الحقل اصبح الان علما وتخصصا انسانيا قائما بذاته اضافة الى ما يجب توكيده من عدم خلوه من كونه فنا وفنا راقيا ودقيقا لارتباطه باغلى الموارد وأثمنها وهو الانسان.
وفي تسارع الثورة المعلوماتية وحمى المنافسة الاقتصادية بدأت النظريات الادارية والمناهج الاقتصادية تتبارى في اتباع السبل الكفيلة باستثمار اكفأ لهذا المورد ومن خلال الطرق المثلى التي تطور الاداء وتحقق الامثلية OPTIMAIZAITION في ادارة العملية الاقتصادية برمتها.
في كل هذا الخضم بدات تظهر مع الزمن العلوم الجديدة من تمازج المعارف بدأ تطوير العناصر البشرية و تنميتها وتحوير النظريات الانتاجية الى النهج الذي يخلق اكفأ وانجع السبل الاستثمارية ، وهنا بدأت النظريات الادارية تنحو منحى التطبيق الميداني لاستكشاف ادارة الاماكن الوظيفية الملائمة، وحل العقدة الازلية بين عنصري التخصص العلمي والخبرة الوظيفية ، دون ان ننسى ضوابط حقوق الانسان في مبادىء العدالة الاقتصادية وحق الحصول على فرص العمل والتنافس الوظيفي المشروع ، وفي كل هذا الخضم بدأنا نرى ونسمع كيف تلجأ الدول الى استجلاب العناصر التي تحتاجها في تحقيق و خلق ميزة اقتصادية نسبية لهذا البلد او ذاك، والامر الان لم يعد محصورا بحدود الدول ومحدداتها السياسية لان الامر بات الان في مصاف نطاق جديد من النفوذ والتغلغل الاقتصادي وهنا هو مجال الشركات العملاقة عابرة القارات التي باتت تسيطر على مفاصل الاقتصاد العالمي فانها ايضا افرزت للاستثمار البشري الركن الاول والاساس في عملية الاقتصاد جميعا.
وبالتالي بتنا نرى محاور الصراع تنزل الى مستوى العناصر البشرية التي بات الحصول على المتخصص والمتوائم مع اساليب الانتاج المواكبة لقوانين التنافس الاقتصادي الذي بلغ اشده بعد استفحال المشكلة الاقتصادية التي تتلخص اصلا في مفهوم مفردة الندرة للموارد الاقتصادية في مواجهة للحاجة الانسانية المتزايدة والمتجددة.
فمنذ سقوط النظام السياسي الحاكم في العراق في نيسان 2003 فإننا لم نستطع أن نضع أسسا علمية وواقعية لاستراتيجيات العدالة الانتقالية بشكل عام والعدالة الاقتصادية بشكل الخاص ،والسبب في ذلك يرجع إلى عدم وجود التشريعات التي تستهدف قوانين العمل والتكافؤ في فرص العمل دون أن يكون هناك تمييز على أساس النوع أو العرق أو الطائفة ، كما أن المحاصصة السياسية التي امتدت إلى اغلب مفاصل الدولة أسهمت في ضياع فرص العمل لكيثر من العراقيين بسبب انتماءاتهم السياسية والعرقية إضافة إلى عدم حصول الفرد العراقي على حصة عادلة من نصيبه في الدخل القومي والنقص الحاصل في ملف الخدمات التي تعد جزء من الدخل القومي. جميع تلك العوامل أثرت على غياب رؤية واضحة لما يفترض أن يكون عليه الواقع الاقتصادي في العراق وبالتالي كل ذلك أثر سلبا على وضع الخطط والاستراتيجيات للتحول الاقتصادي “.
اذ أن غياب الفلسفة العامة لإدارة الدولة والفلسفة الاقتصادية أثر على وضع الخطط الستراتيجية لملف الاقتصاد برمته في العراق فما بالكم بالجانب البشري،
ولهذا الرأي ابعاد كثيرة، وأود الأشارة هنا إلى أن الدستور العراقي أشار إلى الستراتيجية الاقتصادية في عدد من مواده، ولكن للأسف الشديد فأن التوجهات والايديلوجيات لبعض الجهات السياسية جعلت من هذه الستراتيجية ستراتيجية معطلة كونها لا تتسق وتوجهات تلك الاحزاب ، كما أن الكتل السياسية التي تصدت للحكم في العراق لم يكن لديها فلسفة ورؤية اقتصادية واضحة المعالم وكانت تفتقر إلى برامج اقتصادية حقيقية خاصة بها ، وهذا ما انعكس سلبا على العدالة الاقتصادية في العراق، وخير دليل على ذلك هو الخلل الواضح في إقرار الموازنة العامة للبلاد وتوزيع الميزانيات على الوزارات ومؤسسات الدولة ، وما يشهده العراق الآن من اضطراب في العملية السياسية سوف يؤثر بشكل كبير على إقرار الموازنة العامة، الأمر الذي سيعطل تنفيذ المشاريع أو جذب الاستثمارات إلى البلاد ،وهذا يؤشر استخفافا واضحا بمفهوم العدالة بشكلها العام والعدالة الاقتصادية على وجه الخصوص.
تتداخل آليات العدالة الانتقالية فيما بينها وعلى وجه الخصوص ما يتعلق بعدالة إصلاح الضرر التي تعالج عمليات الفساد والإصلاح المؤسسي وتعويض الضحايا ،وهي تتداخل بشكل كبير مع العدالة الاقتصادية ،
ولكن هل لدينا في العراق رؤية واضحة للإصلاح المؤسسي وبضمنه المؤسسة الاقتصادية ؟
لقد اكتفت الحكومة العراقية بتشكيل بعض الهيئات والمؤسسات التي تعنى بمعالجة جانب الفساد المالي والاداري ولم تضع الخطط الكفيلة بمكافحة الفساد المالي والاداري، ولم نشهد أية خطوات حقيقية بشان تطوير المؤسسات، كما أن سوء تأويل القوانين والجهل في التعامل معها أدى إلى خلل كبير في عملية الاصلاح المؤسسي ، إضافة إلى تولي بعض المسؤولين لمناصب إدارية في هذه المؤسسات وهم لا يملكون الكفاءة اللازمة لشغل هذه المناصب، وهو ما أثر بشكل كبير على استشراء ظاهرة الفساد في عموم مؤسسات الدولة ، وأصبح الفساد ينخر في مفاصل الدولة العراقية ، لذا أعتقد بأنه من الضروري التصدي الحقيقي لهذا الملف الخطير اذا ما أردنا إصلاحا مؤسسيا حقيقيا في البلد.
وهذا ولدا اختلالات كثيرة التي صارت واصبحت عبئا يواجه العراق والعراقيين اضافة الى التحدي الاول والاخطر وهو بناء الدولة التي يراد لها ان تؤمن وتعزز سبل الديمقراطية والتعددية والتي لايمكن لها ان تكون وفق هذه المعايير مالم تكون قد ارتكزت على حقوق الانسان وعدالة الفرص امام كل انسان ينتمي لهذا البلد.
هنا يبرز مفهوم العدالة الاقتصادية واحقية المواطنة والحصول على العمل ، ولعله من نافلة القول نورد ان غياب المفهوم الصحيح لمعنى الاستثمار البشري وابعاده واقتران ذلك مع مفاهيم وضوابط وقواعد حقوق الانسان صار ضرورة وليس ترفا حياتيا يدار وفق اساليب المحسوبية والمنسوبية و” خاطرانيات الادارات العليا ” هنا وهناك، والا فاننا والحال هذه من غياب وتغييب بت ترى ضياعا وهدرا في العناصر البشرية وتخصصاتها وتنوعاتها، والهجرة احدى ابرز جوانبها ، والبطالة المقنعة وجه بشع آخر، وتهميش الكفاءات لهذا السبب او ذاك كارثة يعيشها العراق منذ …… والى ماشاء الله، فان تهمش لانك من طائفة لاتتماثل وطائفة المسؤول او عرق مغاير او جنس مغاير كلها عناصر باتت تهدد عملية الاستثمار البشري في الاقتصاد العراقي من قريب ومن بعيد وفي كل المفاصل، ولذا فانك وبالمقابل تسمع بمناصب كثيرة ودرجات لانهائية في سلم وظيفي يمثل قمة الكوميديا المأساوية في كل هذا ترى مزيدا من الهدر والضياع وبالتالي مزيدا من الاضطهاد والتهميش وكذلك مزيدا من الترهل والترهل والترهل حتى باتت المرافق الانتاجية دورا للرعاية الاجتماعية ومقاهي لشرب الشاي والقهوة وتبادل الاحاديث لقضاء الوقت الوظيفي في استنزاف متعمد للوقت وهدر لامكانات العقل العراقي واهانة له وبأبشع الصور ……….
هنا اولا يجب ان ندرك اهمية التصور الاساس في بناء مفهوم للعدالة الاقتصادية ومدى ترابطها مع معايير ومستندات حقوق الانسان، وعليه يجب ان نبدأ اولا في:
كيف يمكن ان نضع تصورا لاستراتيجية للعدالة الاقتصادية في العراق ؟
أولا: يتعين على الحكومة وضع برامج اقتصادية يتم من خلالها توزيع عادل ومنصف لموارد الدخل القومي، ولابد من تفعيل دور القطاعين العام والخاص في عملية البناء الاقتصادي لأنهما سيسهمان في تطوير القطاع الاقتصادي في العراق.
وثانيا: على البرلمان أن يشرع حزمة من القوانين التي تحمي الاقتصاد العراقي بما فيها القوانين التي تتصدى لقضايا الفساد المالي والإداري والاقتصادي والقانوني. ومن الضروري سن مجموعة من القوانين التي تحمي الاستثمار والانتاج،
وثالثا: يجب النظر بتوزيع الأجور والرواتب بشكل عادل ومن دون أي تمييز،
ورابعا: اعتماد مبدأي الكفاءة والخبرة في تولي المناصب الإدارية.
وخامسا: يجب أيضا الفصل بين المعايير التي تحمي القطاع العام والمعايير التي تحمي القطاع الخاص،
وسادسا: تفعيل دور المحاكم التي تكفل حقوق العمل والاعتماد على معايير حقوق الإنسان في تلك القوانين،
كما أن على الحكومة ان تكون مؤمنة انها ملزمة وبموجب العقد الاجتماعي بحماية حقوق الأفراد والنهوض بواقعهم الاجتماعي والاقتصادي. وان هذا الالزام الاخلاقي هو الذي دفع ابناء هذا المجتمع لانتخابهم واعطائهم الشرعية القانونية والسياسية في ادارة امور البلاد، في وقت قطعت كل الافراد على نفسها عهدا ومن خلال دستور جمهورية العراق الجديد بحتمية الاستناد والاقرار والسير وفق ضوابط حقوق الانسان ومعاييرها ، هنا ندق جرس التنبيه ان ادارة ملفات الاقتصاد دون استناد على مفاهيم عصرية وحديثة وعلمية لقضية الاستثمار البشري هي الاساس الصحيح لعملية بناء الاقتصاد والنهوض به، وهي لاتقل خطورة عن قانون النفط والغاز واقرار قانون الاستثمار او استقرار الدينار العراقي او اقرار معدلات الفائدة المصرفية ا واو او……..
فهل ستصل الرسالة بصورة صحيحة الى القيادات الادارية في مرافق وزوايا العراق ام لا؟؟؟؟؟؟؟؟ سؤال وتحد تظل النفوس والهة في انتظار القرار السليم والنهج الاسلم .
ولله الامر من قبل ومن بعد
(*) باحثة اقتصادية والمديرة التنفيذية لمركز النهرين للاستشارات الإقتصادية
حقوق النشر محفوظة لشبكة الاقتصاديين العراقيين. يسمح بالاقتباس واعادة النشر بشرط الاشارة الى المصدر. 27/7/2015
استاذي الكريم فاروق يونس
لي الشرف ان اكون معكم في موضع نقاش مع كامل الاحراج للفرق الشاسع في المقام والمرتبة العلمية ولك جزيل الشكر لمناداتي بلقب استاذ وهو لقب لا استحقه فلا احمل الا بكلوريوس يتيم في العلوم
درست فيما درست بعد البكلوريوس اليتيم بعض المواضيع في الهندسه والادراة وكانت دراستي باللغه الانجليزيه وكان ال optimization احد المواضيع المكرره في الهندسة والادراة التشغيله وبحوث العمليات وكنت دائما اسال ما هي الترجمة العربية لهذا المصطلح الانجليزي .. وبعد الاستعانة بالانترنت وجدت ان الترجمه العربيه هي الامثله او الاستمثال وهذا هو المصدر
http://www.almaany.com/ar/dict/ar-en/optimization/
لست متخصص في اللغة العربية ولكني اتصور ان ( طلب الامثلية ) ليس ترجمه للمصطلح الانجليزي وانما هو شرح لمعناه وان اخترنا ترجمه له فيكون الاقرب هو الاستمثال او الامثلة
مع فائق شكري واحترامي لكم استاذي الكريم
استدراك
ذكر الاستاذ مصطفى ( الامثلة او الاستمثال ) ترجمة لمصطلح optimization وقد وجدت هذه الترجمة فى الحاسوب والمحفظة الاستثمارية وفى الرياضيات يشير مصطلح الاستمثال او المفاضلية الى اختيار العنصر الامثل من بين مجموعة بدائل متاحة وعليه فان اختيار الكلمة العربية المقابلة لمعنى optimization هل يعنى تحقيق الامثلية ام الامثلة ام الاستمثال سيظل محل نقاش فى المجامع اللغوية على ان معانى المصطلحات تختلف باختلاف استعمالاتها اللغوية والمصطلحية كما يختلف المعنى حسب الاستعمال من علم الى اخر وشكرا للاخ مصطفى لاثارته لهذا الموضوع
الاخ العزيز الاستاذ مصطفى
optimization
optimize also optimise
optimizes – optimizing – optimized : make the best use of (a situation or resource)
derivatives – optimization ( also optimisation ): انظر Oxford English Dictionary 2001-3002
optimisation
to make as perfect of effective as possible
to modify to achieve maximum efficiency in storage capacity
to plan or carry out ( an economic activity ) with maximum efficiency
Resource optimization is the set of processes and methods to match the available resource
( human – machinery – financial ) with the needs of the organization in order to achieve the established goals
Optimization
The choice from all possible uses of resources of that which gives the best results
-ارجو قراءة كامل التعريف فى Oxford Dictionary of Economics -2002- لان الكهرباء الميتة تعيقنى عن استمرار الكتابة ( طبعا هواء المبردة لاهف ( وان شاء الله تكون الجايات احسن من الرايحات )والله يستر من العشرة الاولى من اب تحرك البسمار بالباب والعياذ بالله
تم ترجمة Optimization بمعنى تحقيق الامثلية – قاموس الوافى فاين وجدتم ترجمتها الامثلة او الامتثال عزيزى مصطفى ؟
مع خالص الود والتقدير
مقال رائع .. فقط ارجو تصحيح كلمه OPTIMAIZAITION الى OPTIMIZATION وترجمتها الامثله او الاستمثال وليس الامثلية وشكر