ارتبط التاريخ المالي للعراق منذ العام 2003 بالمادة 12 من قرار مجلس الامن الدولي رقم 1483 الصادر في آيار 2003 والتي نصت على انشاء صندوق تنمية العراق DFI كحساب مفرد لعوائد الموارد النفطية السيادية ،حيث عُهد للبنك المركزي العراقي مسك الحساب المذكور وادارته بالانابة عن جمهورية العراق.واشترط على ضرورة مراجعة حسابات الصندوق المذكور من جانب محاسبين عموميين مستقلين يقرهم المجلس الدولي للمشورة والرقابة التابع للامم المتحدة وقت ذاك.واستناداً الى نص المادة 20 من القرار آنفاً، فقد جرى ايداع عوائد النفط الخام العراقي (و المنتجات النفطية والغاز الطبيعي )المصدر او المباع الى السوق العالمية في ذلك الحساب،على ان تستقطع نسبة 5% من تلك العوائد لتودع في حساب صندوق الامم المتحدة للتعويضات الخاصة بحرب الكويت والتي تناولتها المادة 21 من قرار مجلس الامن الدولي في اعلاه..
اولا:- آلية بيع النفط وتسويقه وتسلم أثمانه
استنادا لما تقدم ،فقد تولى البنك المركزي العراقي منذ العام 2003 مسؤولية (حيازة) النفط العراقي المصدر الى اسواق العالم وعلى وفق الالية الاتية في تنفيذ اعتمادات تصدير النفط الخام :-
1. ثمة عقد يوقع مسبقا بين الشركة المستوردة للنفط ، وشركة تسويق النفط العراقية (سومو) حول الكميات المباعة .
2. يتسلم البنك المركزي العراقي (خطاب اعتماد LC) من المصرف الاجنبي بالانابة عن الشركة المستوردة ولمصلحة شركة تسويق النفط العراقية (سومو) ، بمبلغ اولي وحسب السعر السائد للنفط عند فتح الاعتماد . كما يتضمن(خطاب الاعتماد) شرط ينص على ان المبلغ النهائي او الاخير للاعتماد سيخضع للزيادة او النقصان استنادأ لسعر برميل النفط في الاسواق العالمية ذلك عند تسديد مبلغ الشحنة . منوهين ان اعتمادات تصدير النفط الخام هي مؤجلة الدفع وترسل قبل اسبوع على الاقل من بدء التصدير .
3. يتم تحديد سعر البرميل قبل استحقاق مبلغ الشحنة استنادا الى المعادلة السعرية المتفق عليها في العقد الموقع بين الطرفين (المشتري وشركة سومو).فعلى سبيل المثال ياخذ متوسط اسعار النفط لثلاثة موانئ (دبي ،عُمان ، رأس تنورة) او المعدل الشهري لسعر البرميل النفط المطروح لعدد من الموانئ الاخرى ايضا.
4. تقدم شركة تسويق النفط مستندات الشحن (شحن النفط الخام) كاملة الى البنك المركزي العراقي قبل استحقاق المبلغ وحسب شروط الاعتماد لتحويلها الى المصرف المراسل الذي بدوره يقوم بتدقيق المستندات للتاكد من مطابقتها لشروط الاعتماد . بناء على ذلك، يقوم البنك المركزي العراقي بارسال رسالة سويفت – SWIFT الى المصرف المراسل الفاتح للاعتماد يُعلمه بتاييد استلامه لمستندات الشحن وانها مطابقة لشروط الاعتماد وهنا يطلب منه قيد مبلغ الشحنة بالحساب المفتوح لهذا الغرض في البنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك ،وهو حساب (OPRA) حساب المقبوضات النفطية.
5. يتسلم البنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك من خلال حساب المقبوضات النفطية المشار اليه انفا، المبلغ كاملا في اول يوم عمل لاحق لتسلم رسالة (SWIFT) المرسلة من البنك المركزي العراقي الى المصرف المراسل للشركة المستوردة للنفط .
6. يستقطع البنك الاحتياطي الفيدرالي نسبة (5%) من كل شحنة نفطية عن كل برميل نفط خام جرى تصديره ولمصلحة صندوق الامم المتحدة للتعويضات ويحول الى مراسلة (J.P MORGAN) ومن ثم تحويل مبلغ 95% المتبقي الى حساب DFI الذي يسمى حساب العراق (2) في الوقت الحاضر .وهناك حساب اخر يسمى حساب العراق (1) وهو حساب خاص باحتياطات البنك المركزي العراقي مع العرض ان استقطاعات تعويضات حرب الكويت هي (صفر %) حاليا حسب الاتفاق مع الامم المتحدة والكويت وحتي نهاية 2017 .
7. يزود البنك الاحتياطي الفيدرالي / نيويورك البنك المركزي العراقي بكشف اسبوعي بالمبالغ المودعة بالحساب رقم (2) . اذ يتولى البنك المركزي العراقي من جانبه بارسال تلك الكشوفات الى دائرة المحاسبة في وزارة المالية ويعد ذلك ايرادا نهائيا الى الخزينة .مع العرض ان حساب المقبوضات النفطية بكل تفاصيله هو حساب مفتوح باسم البنك المركزي العراقي لدى الاحتياطي الفيدرالي / نيويورك ولمصلحة جمهورية العراق (وزارة المالية).
ثانيا :- آلية التصرف بالعوائد المالية (DFI) سابقا او حساب البنك المركزي (2) حاليا
تٌعد هذه الصلاحية حصرية برئيس السلطة التنفيذية ( رئيس الوزراء) في اصدار اوامر الدفع والتصرف بالاموال . وقد جرى العرف ان يتم ارسال رسالة امر دفع موقعة من رئيس الوزراء او من يخوله اضافة الى توقيع وزير المالية (الى جانبه) .أذ يرسل امر الدفع بالتوقيعين المذكورين انفا الى السيد محافظ البنك المركزي العراقي ، ويطلب فيه على سبيل المثال تحويل مبلغ (X) بالدولار الامريكي الى الدينار العراقي وتقيد مما يقابله في حساب وزارة المالية المفتوح بالدينار لدى البنك المركزي العراقي في بغداد وذلك لتامين المدفوعات النقدية المحلية للموازنة بالدينار العراقي. يقوم البنك المركزي العراقي هنا من جانبه بسحب العملة الاجنبية من (حساب رقم 2) ويحوله الى حسابه المفتوح ايضا لدى الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك (حساب رقم 1) ويسجل مقابل ذلك التحويل المبلغ المعادل بالدينار لحساب وزارة المالية لدى البنك المركزي العراقي في بغداد. ويمكن لمحافظ البنك المركزي العراقي ان يتسلم امر دفع اخر موقع من رئيس الوزراء او من يخوله ، ووزير المالية يطلب فيه تحويل مبلغ من حساب رقم (2) الى المصرف العراقي للتجارة (TBI) المفتوح لدى احد مراسليه بالخارج بغية فتح خطابات الاعتماد (LCS) المتعلقة باستيرادات الحكومة من السلع والخدمات. وبهذا يراكم البنك المركزي العراقي جُل احتياطاته من العملة الاجنبية (كغطاء للدينار العراقي) في الحساب (1) وتسديد مايقابله من الدينار العراقي الى حساب وزارة المالية المفتوح لدى البنك المركزي بالدينار العراقي .وهنا سيتحقق اصدارا نقديا جديدا بالعملة الوطنية في حال تحويل العملة الاجنبية الى الدينار العراقي .وبهذا، مارس البنك المركزي العراقي وظيفته في هذه الحالة كبنك لاصدار العملة الوطنية.
استناداً لما تقدم،يلحظ ان البنك المركزي العراقي غدى مجمعاً للعمليات الحسابية والمالية لتسويق النفط العراقي وادارة عوائده بالانابة عن الحكومة العراقية وعلى وفق دورة مستندية متكاملة .
(*) المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء العراقي
حقوق النشر محفوظة لشبكة الاقتصاديين العراقيين. يسمح بالاقتباس واعادة النشر بشرط الاشارة الى المصدر
د.مظهر محمد صالح: ادارة الموارد المالية النفطية للعراق:الدورة المستندية
الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية
بارك الله بكم دكتور مظهر على طرحكم القيم وشكراً للافاده ..
الاستاذ العزيز فاروق يونس المحترم
شكرا لتعقيبكم .نعم هنالك ثمة تفصيلات جزئية كثيرة في العلاقة بين شركة سومو والبنك المركزي ووزارة المالية نفسها/ دائرة المحاسبات العامة .ولكن لا يتسع المجال بالدخول بجزئيات الدورة المستندية وتغاصيلها كلها ..لذلك تحدثنا عن الدورة المستندية باطارها الكلي وليس الجزئي.
مع ودي وتقديري
مظهر محمد صالح
يبدو لى ان الدورة المستندية بجزئها اولا – الية بيع النفط وتسويقه وتسلم اثمانه ( مختصرة ) وغير كاملة وقد اكون مخطىء
حيث جاء فى المقال قيام البنك المركزى بتسلم خطاب الاعتماد من المصرف الاجنبى ولم يذكر كيف ستعرف شركة سومو التى ارسل خطاب الاعتماد لصالحهابذلك كما لم يذكر فى المقال تسلم شركة سومو اى اشعار لا من البنك المركزى العراقى ولا من البنك الاحتياطى الفدرالى فى نيويوك بقيد مبالغ شحنات النفط فى الحساب المفتوح لديه
يتطلب الامر تكامل الدورة المستندية لدى كل من المصدر والمستورد والمصرف المراسل فاتح الاعتماد والبنك الاحتياطى الفدرالى والبنك المركزى العراقى
مع خالص تقديرى لما قدمه استاذى الدكتور مضهر محمد صالح من توضيح لمجمل الدورة المستندية لعملية تصدير النفط العراقى