خواطر إقتصاديةمظهر محمد صالح
24/02/2016
في العام 1930 عندما كان العالم يعاني من هجومات داكنة وموجات سالبة من التشاؤم الاقتصادي جراء الكساد العظيم،خرج علينا عالم الاقتصاد( جون ماينرد كينز) بمقالة متفائلة جاءت تحت عنوان:<الممكنات الاقتصادية لأحفادنا>.إذ تصور( كينز) ان ثمة نقطة انقلاب ستكون في منتصف الطريق بين الكساد الاقتصادي وبين الثورة الاقتصادية، ما يجعل الاحفاد اغنياء بقدر عالي يفوق ابائهم، متنبأً، انه في العام 2030 سيشتغل العمال بنحو 15 ساعة في الاسبوع ليس الا وبمدخولات عالية. وبالرغم من ذلك فان الطريق هو ليس معبداً دائماً من دون ان تحف به المخاطر.وكانت مخاوف جون كينز هي ما اطلق عليها بالمرض الجديد او ما اسماه تحديداً (البطالة التكنولوجية).وان سبب ذلك يعود الى اكتشاف وسائل انتاج مقتصدة العمل بخطوات متسارعة تفوق الاستخدام الجديد للعمل نفسه.ففي العام 2013 نشرت جامعة اوكسفورد دراسة لكاتبين
تحت عنوان:مستقبل الاعمال واتمتة الوظائف، إذ بين ( فيري و اوزبورن) مخاوفهما حينما وجدا ان 47 بالمئة من الاعمال في الولايات المتحدة هي حساسة للاستبدال بالآلة.اذ غدت الآلة مؤهلة اكثر من ذي قبل للقيام بالاعمال المعقدة مثل ترجمة النصوص وتشخيص الامراض واعمال المحاسبة وحل القضايا القانونية والوظائف المكتبية.في حين اصبح الانسان الآلي قادراً على الاحلال محل الاعمال اليدوية التي مازالت حتى اللحظة تنُجز من جانب القوة البشرية المبدعة .كما وجد الكاتبان المذكوران آنفا ،ان نسبة العاملين الذين يخضعون لتهديد استبدال اعمالهم بالآلات في البلدان ذات الاسواق الناشئة والنامية هو اكثر مما هو عليه الحال في البلدان الغنية.اذ تصل نسبتها في الهند الى 69 بالمئة وترتفع في الصين لتبلغ 77 بالمئة وتتعاظم في بلد فقير مثل اثيوبيا لتبلغ 85 بالمئة.و يعود ذلك الى عاملين،الاول ،هي نوعية الاعمال في تلك البلدان التي هي في الغالب منخفضة المهارة ،والاخر،فان وسائل الانتاج الراسمالية هي من الانواع الضعيفة الكثافة وتعود الى اساليب انتاج قديمة جدا مما يسهل ادخال الاتمتة العصرية لتحل محل العمل.
وعلى الرغم مما تقدم،فان البلدان الغنية مازالت اشد مقاومة لربط الآلة بتسريح العاملين ومن ثم توليد بطالة تكنولوجية .ويعود السبب في ذلك الى البناء المؤسسي وتعقيداته .اذ يلحظ ان التفاعلات الاجتماعية الناجمة عن البطالة التكنولوجية عادة ما تتصدى لها المؤسسة القانونية من خلال ضغط التنظيم النقابي,في حين لاتمتلك البلدان الفقيرة ذلك المستوى من الدفاع ضد البطالة التكنولوجية الناجمة عن اتمتة الوظائف والاعمال.وعلى الرغم من ذلك، فمازال العديد يناقش الاتمتة وتفاعلها مع الاستخدام ولكن بالاتجاه الاخر.اذ يربط البعض بين تزايد استخدام الآلة وتزايد اجمالي الدخل ومن ثم تعاظم الطلب على السلع والخدمات مما يؤدي الى توليد فرص عمل جديدة تعوض الاعمال المستغنى عنها.وهو ما يطلق عليه كناية ب(تارد أي لوديت) يوم حطم عمال النسيج في القرن التاسع عشر آلات مصانعهم التي عُدت السبب في بطالتهم..!!
(*) المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء العراقي
الدكتور مضهر محمد صالح
كان مقالك فى جريدة الصباح تحت عنوان ( الالة واجر العمل ) بتاريخ 2-3-2016 اكثر قوة بل واضحا ( وضوح الشمس فى رائعة النهار ) جاء فى ذلك المقال ما نصه :
اولا -ان سرعة احلال راس المال محل العمل من خلال الاتمتة ما زاد من حصول راس المال على حصص مرتفعة من الدخل العالى وذلك منذ العقد الثامن من القرن الماضى حيث اخذت حصة راس المال بالتعاظم من الدخل العالمى ازاء تدهور حصة العمل من ذلك الدخل
ثانيا – ان اتجاهات بطالة العاملين فى امريكا من بين عمر 25 الى 54 عاما قد ارتفعت من عامل واحد عاطل ازاء عشرين عاملا مشتغلا فى ستينيات القرن الماضى لتبلغ اليوم عاملا واحدا عاطلا ازاء كل سبعة عمال مشتغلين مما جعل دخل العمل ضحية دائمة لسرعة اتمتة راس المال فى القرن الحادى والعشرين
ثالثا – يعزو الاقتصادى الفرنسى توماس بيكى فى كتابه الشهير الذى صدر فى باريس فى العام 2013 والذى جاء تحت عنوان راس المال فى القرن الحادى والعشرين ميينا ان انخفاض حصة من الدخل العالمى جاء نتيجة ارتفاع معدل نمو راس المال على معدل نمو الناتج الاجمالى للعالم ( ا. ه )
فكيف تفسر ما جاء فى مقالك الحالى ( يربط البعض بين تزايد استخدام الالة وتزايد اجمالى الدخل ومن ثم تعاظم الطلب على السلع والخدمات مما يوْدى الى توليد فرص عمل جديدة تعوض الاعمال المستغنى عنها وهو ما يطلق عليه كناية ب ( تارد اى لوديت )
ارجو التكرم بالتوضيح والتبسيط
مع التقدير
اولا- لم يرد الدكتور مظهر محمد صالح على تعليقى
ثانيا – لم يوضح الدكتور مظهر من هم Luddites
ما هى اللوديتزم و اللوديتزم الجديدة
ما معنى تارد اى لوديت ؟ا التى وردت فى المقال وكيف انتهت اعمال الشغب من قبل عمال النسيج؟
مع التقدير
الاستاذ الفاضل الدكتور مضهر محمد صالح
ورد فى مقالكم القيم : ( ان نسبة العاملين الذين بخضعون لتهديد استبدال اعمالهم بالالات فى البلدان ذات الاسواق الناشئة والنامية هو اكثر مما هو عليه الحال فى البلدان الغنية —– ويعود ذلك الى عاملين الاول هو نوعية الاعمال فى تلك البلدان التى هى فى الغالب منخفضة المهارة والاخر فان وسائل الانتاج الراسمالية هى من الانواع الضعيفة الكثافة وتعود الى اساليب انتاج قديمة جدا مما يسهل ادخال الاتمتة العصرية لتحل محل العمل )
هذه وجهة نظر صحيحة لا اعتراض عليها —
لكن هناك من يقول ان الاقتصاد العالمى اقتصاد مترابط وان الكثير من المنتجات التى نراها فى اسواق البلدان النامية ومنها السوق العراقية هى منتجات اجنبية وان استخدام التكنولوجيا الانتاجية المتطورة والتعويض عن العمل الذهنى والعضلى للانسان بالالات واختفاء العديد من فرص العمل بسبب ذلك مع انخفاض تكاليف الانتاج الصناعى والزراعى والخدمى وبالتالى انخفاض الاسعار فى البلدان المتقدمة كل ذلك ادى الى تقهقر الانتاج الزراعى والصناعى فى الدول الاقل تطورا وتسريح العمال نتيجة استيرادها للسلع والمنتجات المتطورة تكنولوجيا وهذا يعنى ان :
البطالة التكنولوجية فى العراق مثلا ليست بسبب استخدامه للتكنولوجيا المتطورة للروبوتات والعقول الالكترونية بل انها مرتبطة مباشرة بالبطالة التكنولوجية فى العالم المتقدم ولا مفر منها فى ظل العولمة و حرية التجارة
وكما توقع اللورد كنيز( لعل الجايات احسن من الرايحات )
مع التقدير