عُدت معدلات الادخار في البلدان الصناعية المتقدمة، نسبة الى الدخل الوطني، مرتفعة نسبياً، وان القدر الاكبر منها يأخذ طريقه الى المؤسسات المالية ولاسيما المصرفية منها. في حين تبتعد تلك الادخارات في البلدان الفقيرة والاقل نمواً، على الرغم من انخفاض معدلاتها كنسبة الى الدخل الوطني، من ولوج القطاع المصرفي المنظم. إذ يستقر الكثير من الموارد الادخارية في تلك البلدان الفقيرة في القطاعات الموازية او غير المنظمة ليُستثمر البعض منها بالمشاريع غير المجازة والتي يقع اغلبها خارج حماية القانون. ويضم القطاع غير المنظم عادة صغار التجار والحرفيين والمزارعين والشغيلة من العمال الذين يعملون بأدوات انتاجهم في الارياف والمدن وذلك بغض النظر عن الموارد المالية التي تتاح اليهم لأغراض تسيير اعمالهم.
وفي ظل غياب جهاز مصرفي منظم بمقدوره تلبية الطلبات الائتمانية او الحاجة الى التمويل لتلك الشرائح محدودة الدخل، فإن الكلف الادارية والمعلوماتية المطلوبة ستكون باهظة بالغالب او غير متوفرة، الامر الذي يجعل المقدرة على استرجاع راس المال محدودة جداً.
وعلى الرغم من ان اجمالي التدفقات النقدية في تلك البلدان الفقيرة هو مرتفع عادة ويبلغ ما بين ثلث الناتج المحلي الاجمالي الى قرابة نصفه، لكن فقدان الاسواق المالية او انقسامها وتباعدها، يجعل تلك الاموال مكتنزة في القطاع غير المنظم ولا تبلغ القطاع المصرفي المنظم الا قليلاً ومن ثم يتعثر تدويرها كبذور للاستثمار في المشاريع الصغيرة التي هي بأمس الحاجة اليها. واذا ما احتاج الناس الى رؤوس اموال صغيرة فليس لهم من خيار سوى اللجوء الى الصرافين او المرابين لغرض الاقتراض اذ غالباً ما تُقرض الاموال بفائدة سنوية لا تقل عن 50 بالمئة وهو ما يسمى (بالربا الفاحش) والذي يعد من اكبر عوائق الاستثمار.
ولكن يبقى السؤال كيف يمكن لنا تفادي هذه المشكلة التمويلية خاصة وأن التنمية المالية واحدة من القوى الاساسية في التنمية الاقتصادية. وهنا ينشأ التساؤل: : كيف يمكن للمجتمعات الفقيرة ان تعظم من راس المال وتمول النمو الاقتصادي اذا كانت الادخارات، على قلتها، لا يتم تداولها او تدويرها بيسر ولمختلف الاستعمالات .. كما يقال! الجواب هو ان واحدة من البدايات المشجعة هو تأسيس بنوك الفقراء.
وقد كانت بنغلادش السباقة في توفير الائتمانان او القروض الصغيرة للمحتاجين بغية توفير التمويل للمشاريع التي يجري تأسيسها لمزاولة النشاط الاقتصادي. إذ اسس محمد يونس بنك القرية في بنغلادش في العام 1983 واستحق جائزة نوبل على مبادرته. وتقوم فكرته على تقديم قروض الى سكان القرى و يضمن المقترضين بعضهم البعض. اذ سجل الاسترداد ما نسبته 98 بالمئة كما أن 5 بالمئة من السكان هناك يتخطون حاجز الفقر سنويا. وهو الامر الذي دعى البنك الدولي الى تبني فكرة مصرف القرية او بنك الفقراء في اكثر من 100 بلد في العالم اليوم.
ختاما، ان وزارة العمل والشؤون الاجتماعية هي الأحوج اليوم الى تأسيس مصرف العمل . فنجاح فقير واحد في تخطي حاجز الفقر من خلال الانتاج هو اشارة امل في تحرير الالاف من آفة الفقر.
* المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء العراقي
حقوق النشر محفوظة لشبكة الاقتصاديين العراقيين. يسمح بإعادة النشر بشرط الاشارة الى المصدر.
http://iraqieconomists.net/ar/
Download PDF
Mudhir M. Saleh-Banking for poor-final
د. مظهر محمد صالح: بنك الفقراء
الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية
ملاحظة الدكتور محمد سعيد العضب (بان وزارة العمل لا يمكنها انقدم على نشاط مصرفى بعيدا عن اهتماماتها او اختصاصاتها فالاولى ان يقوم البنك الزراعى والبنك الصناعى فى تطوير هذه الفكرة ) حفزتنى الى تقديم بعض الافكار والمبادىْ التى قامت على اساسها موْسسة بنك الفقراء :
اولا – المصارف التجارية فى البلدان النامية تقوم بتمويل الشرائح الاجتماعية العليا حيث توفر لهم الكمية المقبولة من الاموال وتزودهم بالضمانات والاعفاءات والتسهيلات اللازمة لتوفير مناخ ملائم ومشجع لهم
ثانيا – بنك الفقراء يركز على الفئات الاكثر فقرا لمحاربة الفقر – بنك الفقراء يقدم الخدمات المالية ولا يستهدف الربح
ثالثا – مطلوب تصميم نظام مصرفى يصلح للفقراء من اهل الريف والحضر على ان تتوفر الموارد المالية للفقراء باساليب وشروط مناسبة بهدف خلق نهضة تنموية كبيرة
رابعا – لابد من مساهمة الحكومة بنسبة لا تقل عن 70% فى راس مال المصرف ( فى بداية التاسيس ثم تنخفض النسبة تدريجيا )
خامسا – الزبائن – الفئة المستهدفة هى فئة افقر الفقراء – هم المساهمون وهم المستفيدون
سادسا- الائتمان حق اساسى من حقوق الانسان تماما مثل الماكل والملبس والماْوى والتعليم والرعاية الصحية
credit- human right fundamental
سابعا – الربط بين مكافحة الفقر وخلق فرص عمل وظيفية للفقراء – تقديم التسهيلات المصرفية للفقراء من الرجال والنساء
ثامنا – القضاء على استغلال المرابين للفقراء – خلق فرص للتوظيف الذاتى للقطاع العريض غير المستخدم او محدود الاستخدام – دعم القطاع المهمش من المجتمع فى نموذج موْسسى يستطيعون استيعابه والتعامل معه يستمدون منه القوة الاجتماعية – السياسية – والاقتصادية من خلال التعاون والدعم المتبادل
تاسعا – الصورة اليوم ( حالة الفقراء ) دخل قليل – مدخرات قليلة – استثمار قليل
الصورة البديلة : دخل منخفض – ائتمان – استثمار – دخل اكبر – ائتمان اكبر – مزيد من الاستثمار – مزيد من الدخل
عاشرا- مشاركة ومساعدة الدولة للفقراء ليساعدوا انفسهم – توفير العمل للقادرين من الفقراء بديلا عن الاحسان والصدقة – التركيز على النساء لانهن فقيرات ولكونهن نساء
عازيزى الدكتور مضهر محمد صالح
من سيقوم بتصميم مصرف للفقراء ؟
مع التقدير
اراء جيده ,لكن الوسائل المقترحه للتنفيذ محدوده الجدوي , حيث ان وزاره العمل لا يمكنها ان تقدم علي نشاط مصرفي بعيدا من اهتماتمها او اختصاصاتها . فالاولي ان يقوم البنك الزراعي والصناعي في تطوير هذه الفكره وتوفير القناعات الكافيه في جدواها وتنفيذها ,بعد ان يتم دعمها من قبل البنك المركزي والجهاز التخطيطي في مجلس الوزراء بعد تغييب جهاز التخطيط الذي من المفترض ان برعي مثل هذه الافكار والتصورات .
دكتور مضهر محمد صالح
اذا اردت تقديم الخدمات المالية للفقراء ذوى الدخل المنخفض من الذين لا يحصلون على اجر ثابت
فعليك اقناع البنك المركزى العراقى لاستضافة البروفيسور محمد يونس بهدف تاسيس ( مصرف القرية ) فى العراق كما فعل فى امريكا واسيا وافريقيا وفى الخليج والاردن
مع التقدير
عفواً ثلاث ملاحظات
تحية طيبة دكتور
شكراً دكتور على هذه الخاطرة ولديه ملاحظتين :.
1- اتمنى من وزارة العمل العراقية تنفيذ هذه توصيه التي تخدم شرائح كبيرة في المجتمع وان يكون هذا المصرف الذي تأسسه وزارة العمل مصرف فعال وحقيقي للفقراء والمحتاجين مو فقط تأسيس والاموال تعطى الى اصحاب النفوس الضعيفة والذين لديهم علاقات في وزارة العمل كما يحدث حالياً في رواتب شبكة حماية الاجتماعيين الذين اغلبهم يستلمون ثلاث رواتب من جهات مختلفة وهي دائرة التقاعد العامة وشبكة الحماية الاجتماعية ومؤسسة الشهداء ينبغي متابعة هذه الحالات وبجدية حقيقية .
2- ان يخضع هذا المصرف الى رقابة ومتابعة من قبل البنك المركزي العراقي .
3- ان يتم تسجيل كافة المحتاجين والفقراء من خلال فرق عمل جوالة حقيقة لمعرفة نسبة الفقراء والمحتاجين في العراق وليس بالاعتماد على نسب وبيانات وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لانها نسب خطأ ووهمية .
مع التقدير