التقيت في الاسابيع القليلة الماضية شخصية دبلوماسية رفيعة المستوى من بلاد مازالت ظلال اشجارها هي ستار السلام والتقدم في جنوب الكرة الارضية. فجلس الرجل الى جانبي وازدحمت في راسه خواطر ربما بدأها عن بلاده التي تنعم بالسعادة قائلاً:انه من المحزن الا نذوق شيئاً من السعادة نحن جنوب الارض طالما شمال الارض في حروب و لا نريد للشيطان ان يرحمنا في هذه الدنيا.ثم ضحك الرجل ضحكة باردة وقال لي انتم بلاد تنتج النفط الخام وهو مادة هايدروكاربونية(سوداء) تحتل نسبة من صادراتكم بنحو 97بالمئة ،ثم اردف ونحن ننتج حليب الابقار وهو مادة بروتنية (بيضاء)ونصدر مانسبته 70 بالمئة من احتياجات العالم من الحليب الجاف.قلت له اذن نحن كلانا من بلدين تنطبق عليهما نظرية انتاج المواد الخام في تفسير النمو والتقدم الاقتصادي.اجابني بلا تردد،نعم .فالحليب هو الغذاء الاول للانسان منذ ولادته والذي به وحده يترعرع بدنه وينمو جسمه ويشكل وحدة متكاملة للغذاء. اجبته مثلما ان الحليب الخام الابيض اساس نشأة الانسانية، فالزيت الخام الاسود الذي يصدره العراق الى العالم هو اساس الطاقة الحديثة ومحرك مهم لدواليب الصناعة التي تسهم في سعادة الانسان الذي يتغذى على حليب بلادكم .فضحكنا معا ضحكة لاحت في عيني ضيفي من خلالها سيماء الكدر واطرق متفكراً مغتماً وهو ينال من صفاء نفسه ويتأسى على شجرة السلام في بلادي التي حاول الارهاب النيل من خيراتها وبركاتها .واحسست عند ذاك ان يده اليسرى اخذت تتلمس بأسى راحته في يده اليمنى وتقبض عليها وربما لتقبض على انامله الباردة وتمنحها حرارة ودفئاً بان العراق منتصر لامحالة. حدثني الرجل قبل ان يغادرني ان الجالية الوطنية العراقية في نيوزلاندا ،التي يبلغ تعدادها بنحو 35الف مواطن، يمثلون جميعهم بحق قوة اخلاقية ومشروع نجاح للامة النيوزلاندية وهو نجاح في الوقت نفسه للامة العراقية.فرحت كثيرا وقلت له انهم من اهل العراق وانهم مفخرة بلادي القاطنين في جنوب العالم وهم موضع اعتزازنا ومحبتنا.ودعتُ الرجل ،وانا اتطلع الى مستقبل مزدهر للعراق وشعبه.ولكن صدمت قبل ايام بسبب الدراسة التي نشرتها جامعة جورج واشنطن مؤخراً حول من هي اكثر دول العالم تطبيقاً للدين الاسلامي.اذ كان القياس هو مدى انعكاس القيم الدينية على سلوك الناس ومعاملاتهم ،وان انموذج التقييم والقياس قد استمد من قول الرسول (ص):إنما الدين المعاملة …. وانما بعثت لآتمم مكارم الاخلاق.فكانت النتيجة ان احتلت نيوزلاندا المرتبة الاولى في العالم من حيث الصدق والامانة والاخلاص في التعاملات بين الناس وفي الواجبات والحقوق والتسامح والتراحم والاحسان والرفق والمودة والعلم والعمل .وللاسف جاءت البلدان النفطية جميعها في المراتب المتاخرة في تلك الدراسة. هنا توقفت بعد ان ارتسمت على شفتي ابتسامة باهتة واخذت اهرس يدي لأطمئن نفسي بان النفط والحليب هما حقاً من دين واحد… ولكنهما يختلفان في اللون والطعم والرائحة والثمن….!!!.
(*) المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء العراقي
حقوق النشر محفوظة لشبكة الاقتصاديين العراقيين. يسمح بأعادة النشر بشرط الاشارة الى المصدر. 10/8/2016
http://iraqieconomists.net/
د.مظهر محمد صالح: النفط والحليب من دين واحد..!
الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية
عزيزى الدكتور مظهر محمد صالح
استوقفنى قول ( الشخصية الدبلوماسية عالية المستوى : نحن ننتج اى نيوزيلدا – حليب الابقار ونصدر ما نسبته 70% من احتياجات العالم من الحليب الجاف )
لابد ان هناك خطاْ ربما الصحيح : نحن نصدر ما نسبته 70% من انتاجنا السنوى او ان هذه الشخصية الدبلوماسية عالية المستوى اخذها الغرور والتباهى ( لا قدر الله )
حسب المعلومات الاحصائية فان نيوزيلندا هى ثامن اكبر منتج للحليب فى العالم وهى تنتج 21 بليون لتر حليب
الدول الرئيسية المصدرة للحليب هى المانيا 17.4% وفرنسا 9.8% وبلجيكا 8.6% وهولندة 6.8% ——
اما حصة نيوزيلندا فهى 3%
انتاج العالم من الحليب 703996079 طن اما الاستهلاك العالمى ( عدا الزبد ) فيبلغ 558983380 طن
ستصبح الهند اكبر منتج للحليب فى العالم خلال السنوات العشر القادمة واكبر حتى من مجمل انتاج الدول الاعضاء فى الاتحاد الاوربى الذى حقق انتاجا بلغ 155مليون طن وتاتى بعده الهند بانتاج 135 مليون طن والولايات المتحدة 90 مليون طن والصين 40 مليون طن وستنقلب المعادلة ابتداء من عام 2024 وذلك بتبادل الاتحاد الاوربى والهند مواقعهما اذ ستصبح الهند اكبر منتج للالبان فى العالم بحجم يصل الى 205 مليون طن مقابل 162 مليون طن للاتحاد الاوربى حسب ما كشف عنه تقرير مشترك للمنظمة الاوربية للتعاون والتنمية ومنظمة التجارة العالمية ( طبعا الهند تستهلك معظم انتاجها )
اخى الدكتور مظهر محمد صالح
نيوزيلندا تقوم بانتاج وتصنيع الحليب الخام وتنتج وتصدر الاجبان والزبد والالبان فمتى يتم فى بلدنا العزيز انتاج المنتجات النفطية من النفط الخام لاغراض الاستهلاك الداخلى والتصدير الى الخارج ؟
نعم اضم صوتى الى صوت الدكتور محمد سعيد العضب ( التفاتة رائعة للتذكير – فذكر ان تفعت الذكرى )
الدين للديان جل جلاله —- لو شاء ربك وحد الاقواما
ما لم يقله المسول النيوزلندي ان اسعار الحليب الخام المقشوط المجفف انخفضت في السنتين الاخيرتين من فوق 5000 دولار للطن الواحد الى حدود 1700 دولار بسبب المشاكل الاقتصادية في الصين والمشاكل مع روسيا وكان عندهم امل بفتح السوق الكندي امامهم مع اتفاقيه عبر الاطلسي المتعثره .. اضطرت نيوزلندا الى خفض قيمه العمله الى النصف لانقاذ المنتجين الحائرين .. والحكومه حائره اكثر منهم .. ليس كل ما يلمع ذهبا والمظاهر تخفي ما تخفي .. سمعنا عن نمور اسيويه ونمور امريكيه جنوبيه وحتى نمور افريقيه واسال اين هم الان .. من ياكل ثلاث ارغفه من الخبز يستطيع في الضروف الصعبه ان يجعلها رغيف واحد ولكن ان اختفى النفط فان الرغيف الواحد سوف يختفي .. لا اريد ان اقول هذا الكلام لكنه مع الاسف حقيقه ونحن في الجانب الصحيح من هذه الحقيقه المره .. النفط هو الدم في جسد عالم اليوم ان اختفى عن اي عضو فيه مات ذالك العضو وويل لمن لا يمتلك النفط في عالم اليوم الذي اصبح معتمدا على بعضه بدرجه خطيره .. الغذاء والطاقه وحتى الدواء في بعض الحالات صارت كلها نتتج في مكان وتستهلك في مكان اخر ولا غنى عن النقل ووقود النقل .. المعابر المائيه ووقود النقل الذي هو ما زال وربما والله اعلم سوف يضل البترول .. ومشاريع الاكتفاء الذاتي اصبحت في خبر كان .. النفط هو النفط وليس هنالك مجال للمقارنه بينه وبين حليب نيوزلندا او حبوب استراليا والبرازيل او حديد اوكرانيا او او او .. واعتذر دائما ويعلوني الخجل ان اعلق على استاذه كبار مثلكم استاذي د. مظهر
التفاته رائعة لتذكير حكامنا من الاحزاب الإسلامية ان الاسلام هو الصدق والنزاهة وليس نهب وفرهده خيرات الامه تحت يافطة المظلومية وغيرها من سلوكيات مشينه . نتمنى ان يدرك قادتنا دلاله هذا الخطاب الواضح في مضمونه وقصده
العزيز دكتور مظهر
ذكّرني مقالك بما قاله ألإمام محمد عبده حينما زار لندن آنذاك، إذ قال (زرتُ لندن فوجدتُ الإسلام ولم أجد مسلمين، وفي بلاد المسلمين يوجد مسلمون ولكن بلا إسلام)… والدليل على هكذا قول، أنظر ماذا فعلتُ قوى الإسلام السياسي والقومية الشوفينية بالعراق: إستمرار عملية تدمير أركان الدولة ألتي تؤمن بحقوق الإنسان… لقد وُجِدَ الإنسان على الأرض قبل ظهور الديانات السماوية والأفكار الوضعية، ولذلك نرى أنّ دول اللجوء منحَت اللجوء لجميع العراقيين، ليس إعتماداً على خلفيتهم الدينية أو الإثنية، إنما بدافع إنساني… وعليه أن نؤمن بدين شامل للبشرية جمعاء يفوق الديانات الفرعية، ألا وهو – دين الإنسـانـيـة !.
مودتي وإحترامي
أخوكم عبد علي