يمر الزمان وتدور الأشهر الاثنتا عشر والمرأة تُعاود الاطلالة على آذار وثامنه في يوم يحتفل به العالم كله وهو عيد المرأة العالمي.
ولن أتباكى أو أنعى المرأة العراقية التي مافتئت تواجه الفقر والمرض والجهل والانتهاك في ظل صورة مزدوجة المظهر بين صورة تحاكي التقدم والديمقراطية وداخل أجوف من كل مقومات التطور والتقدم في معدلات تشير إلى التقهقر الإنساني في كل جوانبه: العمل، المشاركة السياسية، امتلاك وسائل الانتاج، حجم المساهمة في الدخل القومي.
العراق الآن ونحن على أبواب تحرير الموصل بات يمتلك 4 ملايين نازح تشكل النساء 75% منهم! ومن ثم إضافة إلى معدلات النساء المهمشات والمعنفات في المجتمع العراقي وهذه الإضافة لتشكيلة مهمة لا يمكن تجاوزها لتشكيلة توضح انتقالا طبقياً لحجم سكاني من الطبقات التي تشكل الطبقة الوسطى وانحدارها لتزيد من مساحة طبقة تقف على حد الفقر وهو أمر أدى إلى زيادة حدود الفقر في العراق من 11-12% إلى الاقتراب لتجاوز الـ 35%! وهذا الأمر هو أشبه ما يكون بانهيار طبقي للتركيبة الاقتصادية الاجتماعية للمجتمع العراقي، ويعد هذا الأمر ترسيخاً لظاهرة تأنيث الفقر.
يُقصد بمصطلح “تأنيث الفقر Feminization of Poverty“، أن معدلات الفقر وحدَّته لدى النساء أعلى منها لدى الرجال، بسبب انشغال النساء في القيام بالأدوار غير مدفوعة الأجر (الأمومة ورعاية الأسرة)، وفي المقابل اشتغال الرجال بالأعمال مدفوعة الأجر، وهو ما أدى إلى تركز المال في أيدي الرجال، في مقابل فقر النساء!(1).
وقد عرَّفته دراسة لمنظمة العمل الدولية بأنه: «زيادة نسبة الفقر بين النساء عن مثيلتها بين الرجال، وأن حِدَّة فقر النساء أكبر مما هي بين الرجال». وجاء أيضاً تعريفه في تقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة لعام 1997م بأنه: «فُرص أقل وعدم تكافؤ في فرص التعليم والعمالة وملكية الأصول (للمرأة)، ويعني: إتاحة فُرَص أقل للمرأة، كما أن من شأن الفقر أن يعمق الفجوات بين الجنسين.»(2).
والأهم هو تحديد الأسباب المباشرة لهذه الظاهرة:
1- التاريخ العريض من الاضطهاد والتهميش للمرأة بزعمهم، بسبب التمييز ضد المرأة.
2- تحكُّم الرجل بمقاليد الاقتصاد وتسيُّده علـى المرأة.
3- اقتصار دور المرأة على الجانب المنزلي والإنجابي واهتمامُها بشؤون الأسرة.
4- حرمان المرأة من التعليم.
5- حرمانها من تملُّك الأراضي والموارد المالية والعقارات.
6- حرمانها من حقها في الميراث.
7- أن هناك علاقةً بين زيادة عدد أفراد الأسرة المعالَة من قِبَل المرأة وبين الفقر.
8- أن هناك علاقةً وثيقة بين الزواج المبكر وبين الفقر.
9- الارتباط بين ظاهرة تأنيث الفقر بارتفاع معدلات الخصوبة.
وتشير التقارير الدولية إلى وقوع الفقر على كواهل النساء، لاسيما اللواتي يتحملن المسؤولية الكاملة للأسرة، وهي مسألة تعانيها معظم الدول خاصة الأقل نمواً، حيث تشير بعض الدراسات والتقارير الصادرة عن المنظمات الدولية أن النساء يشكلن 70% من فقراء العالم، والبالغ عددهم 1,3 مليار نسمة، وينتجن نصف الكمية الغذائية العالمية، ويعملن ثلثي ساعات العمل، لكن ملكيتهن لا تتجاوز 1% فقط من الأملاك في العالم.
وليس بعيداً أن نرى التفسير العلمي الواضح الذي يتطابق وحال المرأة العراقية اليوم ولاسيما المرأة النازحة، والمرأة الأرملة من زوجات المقاتلين الشهداء والمعاقين وزوجات ضحايا الإرهاب.
والآن، السؤال إلى الجهات ذات العلاقة: ماذا ستقدمون للمرأة في عيدها؟
ماذا ستقدمون لشريحة هي 70% من حجم فقراء العراق؟
ماذا سنقدم لمُصنعة القيّم وبانية الأُسرة؟
كل عام والمرأة العراقية والعالمية بألف خير.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإحالات:
(1) ورقة عمل مفهوم مصطلح تمكين المرأة (Women Empowerment) في منشأه، كاميليا حلمي محمد، اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل، ورقة مقدمة في ورشة عمل بعنوان دور المرأة في العمل الخيري والتطوعي).
(2) ظاهرة تأنيث الفقر، تهاني فيوض، مجلة البيان، العدد: 276.
(3) ورقة عمل: “تأنيث الفقر في الاتفاقيات الدولية”، أ. شذا الغيث في ملتقى (المرأة السعودية الثاني- المرأة العاملة..حقوق وواجبات، مركز باحثات).
* خبيرة اقتصادية
حقوق النشر محفوظة لشبكة الاقتصاديين العراقيين. يسمح بإعادة النشر بشرط الاشارة إلى المصدر.
http://iraqieconomists.net/ar/
ابتدا لابد من الاشاره بان عزل المراءة عن الحياةالعامة يستهدف حبس المراءة في زنزانة التقاليد البالية الغريبة عن الاسلام خذ مثلا هذا النقاب الغريب الا يوءدي الى تشويه صورة الاسلام ؟
ان ترسيخ ظاهرة ( تانيث الفقر) للاسباب التي ذكرتها الباحثة الاقتصادية الدكتورة سلام سميسم تجعلنا نتساءل هل حقا ان المراءة نصف المجتمع ام انها ( نصف الرجل)؟
شكرا للدكتورة سلام سميسم على هذا المقال القيم
مع التقدير
رساله قيمه من سيده ارادت منها توعيه او علي الاقل تذكير عتاة القوم من الاحزاب الدينية والأثنية المسيطرة علي زمام الامور في بلاد ضيع ولا يزال معظمهم ينظرون الي المرأة علي انها كائن مختلف , لابد من فرض الرعاية الابوبه عليها . انه حقا تراث قديم , ربما ورثناه من الجاهلية , لكنه تعزز علي ما يبدو في ظل عهود الاسلام المختلفة الاحقه وليومنا الحاضر . هذا ويبدو ان الباحثة تحاشت الولوج في اسباب تعمق الادلجه الدنيئة الطائفية والأثنية والعشائرية المقيتة في البلاد خصوصا بعد رفع شعارات شعوبيه منها المساواة وتخصيص نسب للمرآه في مجلس النواب او مؤسسات الدولة المختلفة وغيرها من شعارات ,وهكذا غيبت الحقيقة الصارخة ان المجتمع لايزال يحكمه الرجل ومن دون استئصال ذلك نظل ندور في اوهام حقوق مغيبة وشعارات واهيه .
أين هنًّ العالمات الاقتصاديات العراقيات؟
(1) تهميش المرأة العراقية
كل الشكر للدكتورة سلام سميسم على مبادرتها لتذكير قراء شبكة الاقتصاديين العراقيين بعيد المرأة العالمي، وبأوضاع المرأة العراقية، وتزايد تأنيث الفقر. سؤالها الخطابي إلى الجهات ذات العلاقة: ماذا ستقدمون للنساء اللائي يشكلون 70% من حجم فقراء العراق سيظل قائماً دون جواب حقيقي، وأخشى أن من تخاطبهم الدكتورة الجليلة هم من النفر الذي لا يقرأ ولا يسمع فهم في غيّهم ساهون.
بودي أن أثير جانباً آخر استمدته من هذه الفقرة من ورقتها:
“ولن أتباكى أو أنعى المرأة العراقية التي ما فتئت تواجه الفقر والمرض والجهل والانتهاك في ظل صورة مزدوجة المظهر بين صورة تحاكي التقدم والديمقراطية وداخل أجوف من كل مقومات التطور والتقدم في معدلات تشير إلى التقهقر الإنساني في كل جوانبه: العمل، المشاركة السياسية، امتلاك وسائل الانتاج، حجم المساهمة في الدخل القومي.”
وأنا أقرأ هذه الفقرة واتمعن فيها خطر ببالي السؤال عن حضور المرأة أكاديمياً في مجال الاقتصاد. لماذا هي غائبة أو مغيبة؟ أو لماذا هي مهمشة في هذا المجال؟
(2) المرأة في قطاع التأمين العراقي
أعرف أنه كان للمرأة دوراً مهماً في النشاط التأميني في الماضي، وكان البعض منهن، على قلَّتهن، يحتلن مواقع متميزة في شركة التأمين الوطنية على وجه التخصيص، مع حفظ الألقاب والاعتذار عمن لا أعرفهن أو أتذكر أسماؤهن: سعاد نايف برنوطي، بثينة حمدي، هدى سلمان الصفواني، سهير حسين جميل وغيرهن). ومنذ 2003 وقع عبء تسيير أمور شركة إعادة التأمين العراقية على عاتق عدد من النساء العاملات، وما زال هذا الواقع قائماً حتى اليوم. وقد شهدنا مؤخراً تعيين هيفاء شمعون عيسى مديراً عاماً بالوكالة لشركة التأمين العراقية بعد أن عملت لسنوات طويلة في إدارة حسابات شركة التأمين الوطنية.
(3) مشروع لتجميع كتابات العالمات الاقتصاديات
أتمنى على الدكتورة سلام سميسم، ومن له اهتمام بالتهميش الجندري، التعليق على هذا الموضوع والبحث فيه لنخرج بصورة أفضل عن واقع العالمات الاقتصاديات في العراق في المجال الأكاديمي وغيره.
وأقترح على الدكتورة سلام تعريفنا بالنساء اللائي عملن في تدريس مادة الاقتصاد وما له علاقة بها، وكذلك تعريفنا بكتابتهن.
وحبذا لو قامت بتجميع نماذج من كتاباتهن في كتاب يبرز مساهمتهن في دراسة الاقتصاد العراقي. وأرى أن مثل هذا الكتاب سيكون فريداً من نوعه في المكتبة العراقية.
إن تعذّر ذلك، يمكن استكتاب النساء الأكاديميات وغيرهن في مجالات العمل المختلفة للكتابة عن تجاربهن.
مع كل التقدير.
مصباح كمال
6 آذار 2017