لم تستطع الدولة المركزية من بناء انموذج واضح( لدولة )المؤسسات عبر العقد ونيف الماضيين (اي من حيث كونه نموذج يتسم بسيادة القانون والنزاهة والكفاءة وتغليب المصالح العليا على المحاصصات والنزعات العرقية او القومية الفجة القاتلة لتقدم مؤسسات الحياة الوطنية) كذلك لم يتوافر برنامج تنموي حقيقي يكون هو الاخر من القوة بمكان ليرسم زوايا المستقبل الاقتصادي للبلاد وعلى نحو ملموس ليخلق اسواق عمل وراسمال وانتاج متجانسة للعراق الاتحادي (باستثناء ولادة راسمالية مالية تختزن ثرواتها وفوائضها في معاقلها الامنة خارج البلاد ) حيث ظلت المعادلة النفطية تؤدي دور تقاسم العوائد الريعية النفطية لتشكل جل الصراع والتنازع بين المركز والاقليم.
فاطراف المعادلة السياسية هي متساوية ولاسيما في ضعف النظام السياسي الريعي في الاقليم وبمستوى لايختلف عن نظيره الكبير في المركز . فنفط كردستان وسيلان اللعاب على نفط كركوك امست كافية مالياً لاقامة كيان سياسي لا يختلف كثيراً عن اي امارة بترولية خليجية في الاحوال كافة ذلك طالما تبتعد المالية العامة وانشطارها جغرافياً داخل الوطن الواحد fiscal disintegration .فوحدة النظام المالي من الناحية التاريخية هي التي ولدت الوحدة السياسية وليس العكس .فخلق رافعة مالية من نفط الاقليم ممزوجة بمبداء تقرير المصير self determination هو لوحده كاف لولادة كيان سياسي ريعي صغير .
فالاتحاد الاوروبي على سبيل المثال بدء وحدته بالاقتصاد ولم يبدء وحدته بالسياسة . وبالرغم من ذلك لم تكتمل وحدته السياسية بل ثمة طيف من الارادات السياسية الاوروبية تبدو موحدة في سطوحها ولكن لا تخلوا من اختلافات عميقة وجوهرية تحمل مصالح ذاتية جمة. اذ ترى المدارس الاقتصادية الانكلوسكسونية ان اهمال اوروبا للوحدة المالية والقفز الى الوحدة النقدية قد ابقى الاتحاد الاوروبي عليلًا في وحدته السياسية. وبهذا عدت بريطانيا ومنذ البداية بان بزوغ الوحدة النقدية الاوروبية ماهي الا وليد غير شرعي لغياب الوحدة المالية الاوروبية . وبقيت بريطانيا لهذا السبب واسباب اخرى محافظه على استقلالها النقدي وقيادتها لمنطقة الباون الاسترليني ،وهو الامر الذي ساعدها في الانسحاب من الوحدة الاقتصادية الاوروبية Brexit.
ارى انعزال كردستان بكيان سياسي مستقل على وفق المعطيات اعلاه هي قضية وقت من وجهة نظري الشخصية وبخلاف ذلك فان المطاولة وتحمل كلفة (تاجير الاقليم ) ضمن عراق اتحادي لاعتبارات الجغرافية السياسية ستجعل الاقليم وان طال الزمن قوة مطلبية (للابتزاز المالي بدلاً من السعي لبناء الوحدة المالية ) وعلى حساب المالية العامة المركزية .
فسامحوني ان كتبت شيء بالسياسة مخلوط بشيء من الاقتصاد والذي يسمى اليوم باقتصاديات العلوم السياسية The economic of politics وهو علم حديث من فروع تظافر المعارف السياسية بالعلوم الاقتصادية ،اذ يستخدم ادوات علم الاقتصاد في التحليل السياسي.لذا صار من المناسب دراسة الكلفة الاقتصادية للانفصال cost of disintegration .فمثلما هنالك دراسات لتقييم الكلفة الاقتصادية للاتحاد بين دولتين او اكثر مثل اتحاد الالمانيتين او حتى الكوريتين مستقبلاً ، فهنالك دراسات احتساب كلفة تفكك الاتحاد السوفياتي السابق ويوغوسلافيا وجيكوسلفاكيا واخرها السودان.لذا فدراسة الكلفة الاقتصادية للانفصال وما سيتحمله الطرفان من تكاليف وجراح بسسبب تعريف الهوية والتحري عن صيرورتها لشعب تصدعت بعض اجزائه بالاغتراب السياسي جراء النزاع المالي.
(*) المستشار المالي والاقتصادي لرئيس الوزراء العراقي
حقوق النشر محفوظة لشبكة الاقتصاديين العراقيين. يسمح بأعادة النشر بشرط الاشارة الى المصدر. 11 ايلول / سبتمبر 2017
لتحميل المقال بصيغة بي دي أف سهلة الطباعة انقر على الرابط التالي
Mudher M. Saleh- Kurdish state from an economic view point
د.مظهر محمد صالح: الكرد وهواجس الدولة – وجهة نظر اقتصادية
الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية
عنوان المقال : الكرد و هواجس الدولة وجهة نظر
من خصاص المقال – وحدة الموضوع وهي حجر اساس المقالة او البحث او التحقيق ثم المنهجية – مقدمة – عرض و خاتمة واخيرا استعمال اللغة السهلة والبسيطة
ماذا نجد في هذا المقال او وجهة النظر هذه؟
نجد ثلالة مواضيع متداخلة
الموضوع الاول – ( لم تستطع الدولة المركزية من بناء انموذج واضح لدولة الموسسات
الموضوع الثاني- يتحدث عن بدا وحدة الاتحاد الاوربي بالاقتصاد ولم تبدء بالسياسة
الموضوع الثالث – ( انعزال كردستان بكيان سياسي مستقل قضية وقت – من وجهة نظر الكاتب الشخصية كما يقول
ويختتم الاستاذ الدكتور مضهر محمد صالح ( وجهة نظره) بالقول : ( لذا فدراسة الكلفة الاقتصادية للانفصال وما سيتحمله الطرفان من تكاليف وجراح بسبب تعريف الهوية والتحري عن صيرورتها لشعب تصدعت بعض اجزاءه بالاغتراب السياسي جراء النزاع المالي –) ولم يكمل الكاتب ماذا بعد دراسة الكلفة وابقى النتيجة غامضة
واكبر الظن هناك خطاء او سهو في التعبير