- أخبار السيول
نشرت وكالات الأنباء والصحف العراقية أخبار السيول الشديدة والأمطار الغزيرة في قضاء الشرقاط التابع لمحافظة صلاح الدين (ارتفاع منسوب مياه السيول إلى مترين)، وبعض المناطق في نينوى، وفي محافظات البصرة والناصرية وميسان وواسط. ونشرت أيضاً أعداد الضحايا (21 حالة وفاة) والمصابين (ما يقرب من 200)، وتدمير 3 آلاف منزل، وتشرد آلاف العوائل (3 آلاف عائلة في الشرقاط) وغرق قرى ومخيمات (1500 خيمة) للنازحين (مخيم حمام العليل في الموصل)، وتضرر العديد من المحال التجارية وشبكة الكهرباء، وانجراف عدد كبير من السيارات، وانهيار جسر في أيسر الموصل، وأضرار كبيرة بالحقول الزراعية ونفوق المواشي.
وقرأنا عن إجراءات الإغاثة المتأخرة، وعدم اتخاذ إجراءات استباقية ووقائية خاصة (غياب سياسة لإدارة الأخطار) وأن هيئة الإرصاد الجوية قد حذّرت من حدوث السيول؛ وأمور أخرى ذات علاقة كفشل الحكومة في حماية المدنيين وتوفير بدائل أفضل لمواقع المخيمات وإنهاء وجودها وغيرها كثير.
لمواصلة القراءة يرجى تحميل ملف بي دي أف سهل الطباعة.أنقر على الرابط التالي
Natural Disasters and the Silence of the Insurance Sector
باحث وكاتب عراقي متخصص في قطاع التامين مقيم في المهجر
عزيزي وميض
أشكرك على تعليقك الغني بالأفكار، وبودي تقديم الملاحظات التالية بشأنها.
(1)
لقد كتبت تعليقاً مهماً عرضتَ فيه باختصار مسألة غياب السياسة والاستعدادات، المادية والمالية والإجرائية، لدى الحكومة للتعامل مع كوارث الطبيعة وحالات الطوارئ. ليس هناك حقاً تخطيط للتعامل مع الاحتمالات المستقبلية ورسم السيناريوهات للتعامل مع آثارها. إن وضع الحكومة الحالي، والحكومات السابقة، يقوم على انتظار وقوع الكارثة وبعدها تقوم باتخاذ بعض الإجراءات والمناقلة في التخصيصات لتمويل المتضررين.
(2)
عرضتَ غياب المعرفة لدى قطاع التأمين العراقي تجاه الكوارث الطبيعية “التي سيزداد عددها وأثرها مستقبلا بسبب الاحتباس الحراري.” وأرى أنك بهذا تقول بأن سبب سكوت القطاع يكمن في غياب المعرفة الحقيقية بالتغيرات المناخية وليس مجرد عدم المعرفة بالحلول التأمينية. وإذا كان هذا صحيحاً فإن قطاع التأمين مطالب بمراجعة خزين المعرفة العلمية المتوفرة لديه في مجال التغير المناخي، والاستفادة من المعرفة العالمية في هذا المجال بما في ذلك الحلول التأمينية. أي أن يسبق القطاع الحكومة في اتخاذ المبادرة وليس انتظار وقوع كارثة طبيعية ثم التوجه لمعالجة آثارها.
إذا لم ينجح قطاع التأمين على تغيير الأحكام الضارة للأمر رقم (10)، قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005، هل بإمكانه أن ينجح في المجال البيئي؟
(3)
توسعت في تعليقك لتنعى باللائمة ليس على الحكومة فقط بل القطاع الخاص أيضاً، وكأني بك تقول إن نمط التفكير في القطاع الخاص لا يختلف عن الحكومة. وبهذا فإن كليهما مطالبان بإعادة النظر في موقفهما من كوارث الطبيعة والتغير المناخي. ترى هل العيب يكمن في انعدام المعرفة أم في غياب الرؤية لما يجب أن يكون عليه المشروع الاقتصادي الوطني والاجتماعي والبيئي؟ الريع النفطي كان وما يزال يغطي كل عيوب الحكومة والقطاع الخاص، وهو العماد لكل وجوه الانفاق التشغيلي والاستثماري (الضعيف) بما فيه الانفاق على مواجهة الكوارث.
هل أننا نحلم بالخروج من دولة المغانم والمحاصصات والاستحقاقات نحو دولة المواطنين والمنافع؟ القطاع الخاص ليس بعيداً عن دولة ما يعد 2003، فهو يعتاش عليها.
(4)
أنت تربط تعامل قطاع التأمين مع كوارث الطبيعة (ولنقل البيئة عموماً) بسياسة صادرة من الدولة مدعمة برصيد مالي. الدعوة ليست واضحة تماماً ولكني أفهمها على أنها تأسيس شراكة بين الدولة وقطاع التأمين (بشقيه العام والخاص) من خلال مجمعات/صناديق مشتركة لتمويل مختلف أنواع الكوارث الطبيعية أو السياسية. وهذا النمط من التعامل معروف ومستخدم في معظم الدول الغربية، وقد أشرت إليه في مقالة سابقة (مصباح كمال: خطر الفيضان في العراق ودور الدولة والتأمين، شبكة الاقتصاديين العراقيين، 9 تشرين الأول 2014)، ويمكن الرجوع إليها للتعرف على الحلول المتوفرة.
(5)
اختتمت تعليقك بالدعوة لتشكيل (لجنة مختصة مؤهلة) تضم في عضويتها ممثلين عن أجهزة الدولة المعنية و(أحد ممثلي قطاع التأمين من غير الطارئين)، لدراسة الموضوع وتقديم الاقتراحات، وتوفير ميزانية للإجراءات التي ستقترحها هذه اللجنة. أضم صوتي إلى هذه الدعوة ولكن، هل نجحت لجان أخرى في عملها؟ وهل حققت الحكومات المنشغلة بتقاسم المغانم منجزاً اقتصادياً حقيقياً لإعادة توجيه المشروع الاقتصادي الوطني بدل ترديد مقولات الليبرالية الجديدة في استبعاد أو تحجيم الدور الاقتصادي للدولة في ظل بؤس القطاع الخاص؟
كوارث الطبيعة تكشف عن هشاشة الفكر الاقتصادي الذي تعتمده الحكومة.
أتمنى عليك معالجة موضوع الطارئين على قطاع التأمين فربما نكتشف ما هو جديد في تركيب هذا القطاع ومراوحته في مكانه.
مع خالص التقدير.
مصباح كمال
1 كانون الثاني 2018
عزيزي مصباح
ليس من المستغرب غياب قطاع التأمين العراقي عن الكوارث الطبيعية التي سيزداد عددها واثرها مستقبلا بسبب الاحتباس الحراري (الذي بدأت العديد من دول العالم التعامل فعلا مع آثاره المستقبلية سواء من ناحية الاجراءات العملية على الارض للحد من دمارها او تاسيس صناديق حماية للتعويض عن اضرارها. أذا كانت الدولة المومن له الاكبر في سوق التأمين العراقي لا تشتري ابسط انواع التأمين على موجوداتها او افرادها لعدم وجود مخصص للتأمين في ميزانياتها فكيف هو الحال مع القطاع الخاص الذي تغيرت ملامحه فأنحسر حجم ونشاط محترفيه واحتكر معظمه من قبل جهّاله. ان تعامل التامين مع الكوارث الطبيعية ينشأ من سياسة الدولة في اصدار التشريعات المناسبة ورصد الاموال اللازمة واشراك قطاع التأمين في مجمعات مخصصة لمختلف انواع الكوارث الطبيعية او السياسية ( ويقصد بالسياسية الارهاب والحروب والشغب). لقد آن الاوان ان تبادر الدولة جديا في تشكيل لجنة مختصة مؤهلة تضم في عضويتها من المختصين احد ممثلي قطاع التأمين من غير الطارئين لتقديم دراسة فنية عن اجراءات التعامل مع آثار المتغيرات الطبيعية ، ورصد ميزانية مناسبة للإجراءات المقترحة من قبلها مع تحديد الاولويات لضخامة الموضوع.
مع التقدير ،،
وميض الجراح