الإعلان عن شركة التأمين التكافلي
أعلن المكتب الإعلامي للبنك المركزي العراقي بتاريخ 23 حزيران 2019 “عن شروعه بتأسيس شركة التأمين التكافلي الخاصة بالمصارف الاسلامية بالتعاون مع ديوان التأمين وبرأس مال قدره (15) مليار دينار بمشاركة جميع المصارف الاسلامية.
ويؤكد البنك المركزي ان هذه الخطوة ستمهد لانتقاله اخيرة نحو اسواق رأس المال الاسلامية من خلال اصدار قانون صكوك الاستثمار استكمالا لحلقات الاقتصاد الاسلامي في العراق.
يذكر أن هذه الشركة خاضعة لقانون تنظيم أعمال التأمين رقم (10) لعام 2005 وقانون المصارف الاسلامية رقم (43) لسنة 2015.”
قبل بضع سنوات كان هناك حديث بين بعض إدارات شركات التأمين حول الاستفادة من تأسيس نوافذ للتأمين الإسلامي فيها، لكن هذا الحديث لم يثمر عن نشر دراسة عن الموضوع، ولا قام ديوان التأمين بالبحث فيه. ترى هل أن البنك المركزي عرض مشروع الشركة التكافلية للنقاش المفتوح العام، وهل تم الاستئناس برأي أركان التأمين في العراق؟
فيما يلي سأثير بعض التساؤلات والملاحظات وأرجو من العارفين ببواطن الأمور تعديل وتصحيح ما أخطأت فيه من معلومات ومن قراءة للقوانين، والمساهمة في إجلاء خلفيات تأسيس البنك المركزي لشركة تأمين تكافلي.
لمواصلة القراءة انقر على الرابط التالي
Misbah Kamal-CBI and Takaful
باحث وكاتب عراقي متخصص في قطاع التامين مقيم في المهجر
تأسيس الشركة العراقية لضمان الودائع
ذكر لي أحد الزملاء في العراق أن شركة التأمين الوطنية لها مساهمة في شركة أسسها البنك المركزي العراقي، لكنه لم يذكر التفاصيل لأنه لم يكن على علمٍ بها. أود في هذا التعليق القصير أن أذكر ما استطعت تجميعه من معلومات وهي تخص (الشركة العراقية لضمان الودائع) وليس (شركة التأمين التكافلي).
تأسست الشركة العراقية لضمان الودائع كشركة مساهمة مختلطة استناداً لأحكام قانون الشركات رقم 21 لسنة 1997 المعدل (وهو القانون الذي ينظم تأسيس وعمل الشركات الخاصة).
أوردت وسائل الإعلام العراقية في تموز 2019 أن تأسيس الشركة العراقية لضمان الودائع تمَّ [أو سيتم] بمساهمة 42 مصرفاً، منها 6 مصارف حكومية و21 مصرفاً خاصّاً عراقياً، و15 مصرفاً عربياً وأجنبياً، فضلاً عن شركة التأمين الوطنيّة وهيئة التقاعد العامة/صندوق تقاعد موظفي الدولة، وبرأسمال قدره 100 مليار دينار.
يأتي تأسيس شركة ضمان الودائع بموجب نظام ضمان الودائع المصرفية رقم (3) لسنة 2016 الذي أجاز للبنك المركزي العراقي أن يمنح إجازة ممارسة ضمان الودائع المصرفية لشركة مساهمة تؤسس وفق أحكام قانون الشركات رقم (21) لسنة 1997. وجاء في النظام أن رأسمال الشركة يجب أن لا يقل عن (100) مليار دينار عراقي، وأوجب مساهمة جميع المصارف العراقية في الشركة.
ولحد الآن، اعتماداً على المعلومات المتوفرة، فإن رأس المال المكتتب به من قبل المؤسسين هو 15،784،000،000 (خمسة عشر مليار) بضمنه مساهمة التأمين الوطنية (784،000،000). ومن المؤمل أن تطرح أسهم شركة ضمان الودائع للاكتتاب لإكمال متطلبات رأس المال القانوني. وقد أعلمني مصدر في شركة التأمين الوطنية العامة أن شركة التأمين العراقية العامة ستساهم بمبلغ مليار دينار عراقي. ولكن ليس معروفاً إن كانت شركات التأمين الخاصة ستساهم في رأسمال الشركة العراقية لضمان الودائع (بعض المصارف تملك حصصاً في هذه الشركات).
إن تأسيس الشركة العراقية لضمان الودائع خطوة مهمة لتعزيز الثقة بالنظام المصرفي وحماية حقوق المودعين بحدود يقرّه نظام ضمان الودائع المصرفية رقم (3) لسنة 2016. ويأتي تأسيس هذه الشركة في ظل طغيان الفساد المالي والإداري الذي يكتنف جميع مناحي الحياة، والتخوّف العام من فشل بعض المصارف الخاصة بالالتزام بحقوق المودعين لديها في ظل ضعف الشفافية والحوكمة وتطبيق أدوات إدارة أخطار المصارف.
مصباح كمال
9 أيلول 2019
ملاحظات حول “تأسيس” البنك المركزي العراقي لشركة التأمين التكافلي
أشكر السيدة إسراء صالح داؤد على مطالعتها القانونية والاستنتاجات التي توصلت إليها. لقد قدَّمت تعليقاً مفيداً للقراء البعيدين عن معطيات قانون تأسيس البنك المركزي العراقي وقوانين أخرى. وهي بذلك توفر الفرصة للغير لتقديم ما لديهم من تعليقات.
فيما يلي سأقدم بعض الملاحظات على تعليقها.
(1) هل للبنك المركزي العراقي الحق في تأسيس شركة تأمين؟
أفهم من مطالعتها أن البنك المركزي العراقي، بموجب قانون تأسيسه، ليس معنياً بتأسيس شركات تأمين، تكافلية/إسلامية أو غيرها، وأن من بين مهامها “الترخيص والموافقة للمصارف الإسلامية بتأسيس شركات تأمين بنكية” أي أن البنك المركزي العراقي لا يقوم بذاته بتأسيس مثل هذه الشركات. لكن الإعلان الصادر من المكتب الإعلامي للبنك المركزي العراقي بتاريخ 23 حزيران 2019 يوحي بغير ذلك إذ أنه يتحدث “عن شروعه [البنك المركزي] بتأسيس شركة التأمين التكافلي الخاصة بالمصارف الاسلامية بالتعاون مع ديوان التأمين وبرأس مال قدره (15) مليار دينار بمشاركة جميع المصارف الاسلامية.”
ربما تكون قراءتنا للإعلان ليست دقيقة، أو أن الدقة ناقصة في إعلان المكتب الإعلامي. ولذلك يتعين على المكتب الإعلامي، أو أي جهاز آخر معني بالأمر في البنك المركزي، توضيح الأمر وإزالة الشك.
(2) هل أن شركات التأمين التكافلية غير ربحية؟
تقول السيدة إسراء وبشيء من الحذر بأنه “لا توجد شركات التامين التكافلي او التعاوني في العراق فضلا عن ان هذا النوع من الشركات تكون غير ربحية ولا يعد عملها نشاطا تجاريا.”
القول بعدم وجود شركات للتأمين التكافلي أو التعاوني في العراق صحيح، فلم يشهد تاريخ النشاط التأميني في العراق على وجود مثل هذه الشركات، ولم تذكرها القوانين المنظمة للنشاط التأميني منذ قانون الضمان (السيكورتاه) العثماني لسنة 2005 لحين صدور قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 الذي أشار إلى كيانات التكافل وإعادة التكافل، لكن ديوان التأمين لم يبادر بنفسه إلى إصدار التعليمات واللوائح التنظيمية الخاصة بهذه الكيانات.
أما القول إن هذه الشركات “غير ربحية ولا يعد عملها نشاطا تجاريا” فهو قابل للنقاش. إن هذه الشركات، بغض النظر عن التسميات التي تؤطر نشاطها (تعاونية، تبادلية، تكافلية، إسلامية) فإنها شركات تستهدف الربح. قد لا يرد مفهوم الربح في قوانين تأسيسها وانظمتها الداخلية لكن ذلك لا يخفي حقيقة استهداف الربح تحت مسمى تحقيق الفائض. ومن المفيد هنا أن أقتبس ما جاء في كتاب عن التأمين التكافلي.
“يتعين على المشارك [المؤمن له] بموجب هذه الوثيقة أن يوافق وفقاً لمبدأ الوكالة أن يعين الشركة كممثل له لإدارة صندوق التكافل العام [صندوق أقساط التأمين] لصالح المشارك. ويعني هذا أن المشارك يوافق على أن الشركة ستكون حريصة على إدارة صندوق التكافل العام لصالح المشاركين. وعليه يوافق المشارك بموجب هذه الوثيقة على أن تخصم الشركة …. في المئة من مساهمته [قسط التأمين] كرسم وكالة. كما يوافق على أنه إذا ما تحقق صافي فائض [ربح] في نهاية فترة التكافل [فترة التأمين] في صندوق التكافل العام سيتم اقتسامه بين المشارك والشركة [وهو المعمل به في شركات التأمين التبادلية] وفقاً لمبدأ الوكالة بنسبة …. في المئة للمشارك ونسبة …. في المئة للشركة كرسم أداء، دائماً شريطة عدم تقدم المشارك بأي مطالبة محققة وعدم تلقَّيه أي تعويضات بمقتضى هذه الوثيقة طوال فترة سريانها.” (مهيمن إقبال، التأمين التكافلي العام، ترجمة: تيسير التريكي ومصباح كمال، بيروت: الشبكة العربية للأبحاث والنشر، 2009، ص 253-254)
بدون تحقيق ربح، فائض، من عمليات التأمين فإن شركة التأمين تتحول إلى جمعية للإحسان وهي ليست كذلك، فهي تستوفي الأقساط من المؤمن لهم لقاء خدمة التأمين التي تقدمها، وما تكتتب به الشركة من أعمال يستهدف تحقيق إيراد كافٍ لتعويض من أصابهم الضرر أو الخسارة، ومكافأة العاملين والعاملات في الشركة، وتسديد الرسوم/المكافآت/الأجور إلى من قام بتوفير رأسمال الشركة (المُضارب أو الوكيل في لغة الشريعة الإسلامية) وغيرها من وجوه النفقات.
دأب العديد ممن يكتب عن التأمين التكافلي إلى تخيل الأساس الذي تقوم عليه الشركة. وقد لخصها أحد الكتاب كما يلي:
“ينشأ التعاون أو التكافل من اجتماع عدد ممن يخشون التعرض إلى خطر أو ضرر معين ويبدون استعدادهم لإنشاء صندوق من التبرعات التي يتبرعون بها لمواجهة أي ضرر يصيب أياً منهم في المستقبل. ولما كانوا بحاجة لمن يقوم بإدارة هذا العمل تتقدم منهم جهة معينة [رأسماليون أو أحد أجهزة الدولة] تأسست على شكل شركة لتقوم بإدارة أموال الصندوق وأموالها الخاصة بصورة شرعية وجبر الضرر الذي أصاب أحد المشاركين في الصندوق. وهذا ما اصطلح على تسميته شركة التعاون أو التكافل.” (جميل حجار، “شركات التكافل: هل هي شركات تأمين أم شركات خدمات تأمين.” مجلة البيان الاقتصادية، العدد 427، حزيران/يونيو 2007، ص 178. ويرد نص مماثل في دراسة من إعداد د. حسن حامد حسان، “أسس التكافل التعاوني في ضوء الشريعة الإسلامية”، 2004، http://hh.mm-ss.com/pagedetails.aspx?id=116)
إن ما تقدمه هذه الكتابات صورة متخيلة لا وجود لها في الواقع. هي في أحسن الحالات مقترب تصوري لبيان قيام شركة تأمين تكافلية. وهذا يذكرني بنظرية العقد الاجتماعي كما تخيلها توماس هوبز وجان جاك روسو وآخرين من فلاسفة السياسة. إن واقع شركات التأمين التكافلي يشهد بأن من يقوم بتأسيسها ليس مجموعة من البشر تستشعر تعرضها للخطر وتستنجد بعدد من أصحاب رأس المال الإسلاميين لإدارة حاجتهم إلى الحماية التأمينية، بل أصحاب رأس المال الذين يبحثون عن فرص لتوظيف فائض أموالهم. لنتذكر إن أول شركة تأمين إسلامية تأسست في السودان سنة 1979 بتمويل من بنك فيصل الإسلامي ومقرها في برمودا. وقل مثل ذلك بالنسبة للبنك المركزي العراقي والمصارف الإسلامية. ففي جميع الحالات فإن طالبي حماية التأمين لم يؤسسوا الشركات.
(3) هل هناك ضرورة لتأسيس شركة تأمين تكافلي؟
تنهي السيدة إسراء تعليقها بالقول:
“في الاقتصاد العراقي الغير مستقر وفقدان الاستراتيجية الاقتصادية، وعدم وضوح الرؤية التنموية لسياسة الدولة، فضلا عن ضعف أداء ديوان التامين، كما ان قطاع التامين يواجه مشاكل عدة … يبدو من الاجدر عدم السماح بتأسيس شركات تامين تكافلي بالوقت الحاضر.”
كأني بها تريد أن تؤكد أن شروط تأسيس شركة تأمين جديدة، إسلامية أو تجارية، ليست قائمة في العراق. وهي محقة في تقييمها، وهي الأدرى بواقع التأمين كونها تعمل في قطاع التأمين. وكلانا متفقان على عدم وجود ضرورة اقتصادية لشركة جديدة في الوقت الحاضر.
إن موقفي يقوم على قراءتي، وهي ليست كاملة، لواقع القطاع. فقد رجعت إلى (إحصائية نشاط شركات التأمين العاملة بالعراق لعام 2016-2017)، الصادرة من جمعية التأمين العراقية، وهي آخر ما هو متوفر لي من إحصائيات، ويظهر فيها أن إيرادات العمليات التأمينية لسنة 2017 بلغت 241,967,273,000 دينار عراقي (أي ما يعادل 203,293,136 دولار أمريكي). قارن هذا الرقم مع فرع واحد من فروع التأمين سنة 1980، وأعني به فرع التأمين الهندسي، فقد بلغ حجم أقساط التأمين المكتتبة ما يعادل 180 101,833,957 دولار أمريكي (يمكن لمن يتوفر على إحصائيات أقساط التأمين في العراق تأكيد أو تعديل هذا الرقم) وما يقرب منها أو يزيد من أساط التأمين البحري-بضائع. وكان ذلك من إنتاج شركة تأمين واحدة هي شركة التأمين الوطنية التي كانت، ولغاية 1988، مختصة بالتأمينات العامة. اليوم هناك 33 شركة تأمين عاملة في العراق، حسب إحصائية جمعية التأمين العراقية تتقاسم 203 مليون دولار من الأقساط.
لذلك فإن كعكة التأمين في العراق في الوقت الحاضر صغيرة، وفي تقديري فإن تأسيس شركة تأمين إسلامية سوف لن يزيد من حجم أعمال التأمين، ذلك لأن مصادر الطلب على التأمين منذ 2003 ظلَّت على حالها. ربما ستساهم الشركة الجديدة بإضافة طلب من اتقياء المسلمين أو الإسلاميين ممن يتوفرون على دخل فائض للتأمين على أموالهم وحياتهم (آمل أن لا يكون التأمين على الحياة مصدراً لغسل الأموال المشبوهة، ولنا منه في العراق الكثير ليس أقلها من خلال نافذة بيع العملة، عدا الأموال المتأتية من الفساد المالي).
يبدو أنه في غياب الضرورة الاقتصادية هناك ضرورة دينية إسلامية، في نظر البنك المركزي العراقي، لأن التأمين القائم في العراق تجاري ويقوم ضمناً على الربا، والميسر أو القمار، والغرر، والجهالة، وغيرها من مثالب أخلاقية واقتصادية (مصباح كمال، “نقد مؤسسة التأمين: قراءة لموقف إسلامي”، فصل من كتاب مؤسسة التأمين: دراسات تاريخية ونقدية، بيروت: منتدى المعارف، 2015، ص 183-261) ولأن التأمين الإسلامي يسمو فوق هذه العيوب فإننا، نحن الذي قضينا عمرنا في التأمين، كنا متواطئين في اقتراف هذه الأعمال التي يرفضها الإسلاميون لكنهم يلتفّون حولها من خلال الحيل الشرعية وإعادة التسميات ويتبنون ذات الآلية التي تنتظم كل أشكال التأمين. يكفي هنا أن تلقي نظرة على أية وثيقة تأمين تكافلية لتكتشف بأنها متطابقة، منقولة، عن مثيلتها التجارية المرفوضة شرعاً، بالاستعاضة عن التسميات المعتمدة بأخرى ذات طابع إسلامي. (راجع النص المقتبس من مهيمن إقبال أعلاه).
(4) موقف من التأمين التكافلي – حيادية آلية التأمين
أرجو أن لا يفهم من تعليقي بأن لي موقفاً معادياً للتأمين التكافلي. فهو موضع ترحيب طالما أن الهدف منه هو تعميق الكثافة التأمينية (ما ينفقه الفرد على شراء الحماية التأمينية ويُمثَّلُ ذلك بنسبة إجمالي أقساط التأمين المتحققة إلى عدد السكان) والتغلغل التأميني (نسبة دخل أقساط التأمين إلى الناتج المحلي الإجمالي).
كما أن وصفي للتأمين الإسلامي بأنه تجاري ورأسمالي ليس من باب الانتقاص بل التأكيد على أنه، كغيره، يستهدف الربح، وهو ما كان موجوداً أيضاً في السابق في قطاع التأمين في الاتحاد السوفياتي والدول الاشتراكية في أوروبا الشرقية. في الجوهر، فإن التأمين ليس رأسمالياً أو اشتراكياً أو إسلامياً لكنه يتلون ويتكيّف مع العمران الاقتصادي الاجتماعي الذي يمارس التأمين في ظله. أقول هذا لأن آلية التأمين، من المنظور الفني، هي ذاتها في ظل الأنظمة الاقتصادية المختلفة. إن أشكال التأمين المختلفة تقوم على تجميع الأقساط (التبرعات في التسمية الإسلامية) في صندوق لتعويض من يصيبهم الضرر، وهذه الأقساط هي، أو من المفترض أن تكون كافية لضمان نجاح مؤسسة التأمين؛ إن هذه الأقساط هي المعادل الاكتواري لما يسدد من تعويضات. خلاف ذلك فإن مصير المؤسسة هو الانهيار.
وهكذا فإن إدخال التأمين الإسلامي لن يغيّر الأساس القانوني والاكتواري لمؤسسة التأمين، ممثلة بشركات التأمين، وحتى لن يغيّر التنظيم الداخلي لهذه الشركات فجميعها تضم أقساماً فنية لفروع التأمين المختلفة وإعادة التأمين وأقساماً للحسابات والاستثمار وإدارة الأفراد … الخ. ما يميّز التأمين الإسلامي هو وجود هيئة الرقابة الشرعية لضمان امتثال الشركة لقواعد الشريعة وخاصة في مجال استثمار الفوائض المالية والاحتياطيات من حيث تجنب الاستثمار بكل ما له علاقة بالخنزير والخمر. ومن المفيد الإشارة هنا إلى أن هذه الميزة موجودة لدى الشركات غير الإسلامية التي تضم قسماً متخصصاً بالامتثال للقواعد الرقابية compliance ويتبع العديد منها سياسة استثمارية ذات طابع أخلاقي ethical investment وتعكس المسؤولية الاجتماعية واهتماماً بالبيئة (كعدم الاستثمار في مناجم الفحم).
(5) تساؤلات مشروعة للسيد عقيل المحمداوي – غياب الشفافية لدى البنك المركزي العراقي
في تعليقه على مقالتي أثار السيد عقيل جبر علي المحمداوي التساؤلات الإضافية التالية:
– من هم الشخصيات التأمينية العاملين في البنك المركزي الذين يتبنون الجوانب التأسيسية والتنظيمية والفنية لنشاط شركة التأمين التكافلي؟
– هل يعد تشكيل شركة تأمين تكافلي ضمن تشكيلات البنك المركزي؟
– ما هي الانشطة التأمينية ووثائق التأمين التي سيتم تداولها وتغطيتها والتعامل بها وما هي الاخطار التأمينية التي تغطيها؟
– ما هو معيد التأمين التكافلي؟
– كيف يتم اعداد كادر وظيفي تأميني متخصص في مجال ممارسة التأمين التكافلي.
ليست هناك معلومات متوفرة للإجابة على هذه الأسئلة التي تبقى رهناً لما سيصدر من البنك المركزي العراقي نفسه. المهم هو التوقف قليلاً عند دور البنك في التأسيس والسؤال: ترى هل أن البنك تصرّف بشفافية؟ وهل عرض مشروع شركة التأمين التكافلي للنقاش؟ وهل استأنس بآراء أصحاب المعرفة والخبرة التأمينية؟ وهل قام بدراسات الجدوى بشأنها؟
هذه الأسئلة وتلك التي أثارها السيد المحمداوي تستحق من يبحث فيها إن ظل البنك صامتاً. بعض هذه الأسئلة تتجاوز شركة التأمين التكافلي إذ أن ضوابط التكافل رقم (1) لسنة 2019 لا تقتصر على هذه الشركة إذ هي ضوابط لشركات التأمين التكافلية التي من المتوقع أن تؤسس بعد بدء تشغيل شركة التأمين التكافلي.
إن التقدم يكون ناقصاً في غياب النقاش الحر والنقد. وقد كتبتُ هذه الملاحظات من هذا المنطلق، وأملي أن يساهم الغير في النقاش والنقد.
أشكر السيدة إسراء صالح داؤد والسيد عقيل جبر علي المحمداوي على تعليقاتهما المهمة وعلى خلق الفرصة لتقديم ملاحظاتي.
مصباح كمال
24 آب 2019
تحية طيبة وبعد ..
من المعلوم ان الدولة تمارس نوعين من الاعمال “اعمال السيادة “و”اعمال الإدارة” ,وحيث ان نشاط البنك المركزي يدخل ضمن اعمال السيادة للدولة ,فقد حدد قانون البنك المركزي العراقي رقم العراقي رقم 56 لسنة 2004 اهداف البنك بموجب احكام المادة 3 التي نصت على ان :(تتضمن الأهداف الرئيسية للبنك المركزي العراقي تحقيق الاستقرار في الأسعار المحلية والعمل على الحفاظ على نظام مالي ثابت يقوم على أساس التنافس في السوق . ويعمل البنك المركزي العراقي تماشيا مع الأهداف سالفة الذكر , على تعزيز التنمية المستدامة وإتاحة فرص العمل وتحقيق الرخاء في العراق ) كما نصت المادة 4 منه على ان : ( في سبيل تحقيق الأهداف تتمثل المنصوص عليها في المادة رقم 3 وفيما ورد ذكره علاوة على ذلك في هذا القانون, تشمل مهام البنك المركزي العراقي ما يلي :
ا- صياغة السياسة النقدية وتنفيذها في العراق , بما في ذلك سياسة الصرف الأجنبي , وفقاً لما ينص عليه القسم السادس .
ب- حيازة جميع الاحتياطي الرسمي الأجنبي للعراق , وادارته وفقاً لنص المادة رقم 27 , فيما عدا رصيد التشغيل الخاص بالحكومة .
ج- حيازة الذهب وإدارة مخزون الدولة من الذهب.
د- تقديم الخدمات الاستشارية والمالية للحكومة عملا بنص القسم الرابع.
هـ- توفير خدمات السيولة للمصارف وذلك وفقاً لنص المادتين 28 و 30 .
و- اصدار العملة العراقية وادارتها وفقاً للقسم السابع.
ز- تجميع ونشر البيانات الخاصة بالنظام المصرفي والمالي والبيانات الخاصة بالاقتصاد وفقاً لنص المادة 41 .
ح- وضع نظم فعالة وسليمة للدفع والاشراف عليها وتعزيزها وذلك وفقا لما ورد في نص المادة رقم 39 .
ط- اصدار التراخيص والتصاريح للمصارف وتنظيم اعمالها والاشراف عليها كما هو منصوص عليه في هذا القانون وفي قانون المصارف .
ي- فتح وامساك حسابات من دفاتر حسابات المصارف المركزية الأجنبية والمنظمات المالية الدولية.
ك- القيام من تلقاء ذاته بفتح حسابات للمصارف المركزية الأجنبية و الحكومات الأجنبية والمنظمات الدولية وتدوينها والحفاظ عليها في سجلاته.
ل- القيام بأية مهام او معاملات إضافية تطرأ اثناء ممارسته للمهام المنصوص عليها في هذا القانون.
2. علاوة على ذلك يجوز للبنك المركزي العراقي ان يتخذ الإجراءات التي يراها ضرورية للقيام بالاتي:-
(أ) مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب
(ب) وضع القواعد المنظمة لعمل شركات الإقراض , وشركات تقديم القروض الصغيرة واية مؤسسات مالية غير مصرفية لا تخضع للتنظيم بموجب القانون العراقي والاشراف عليها .
3. يكون للبنك المركزي العراقي سلطة اصدار اللوائح التنفيذية بغية تنفيذ هذا القانون والقيام بمهامه عملاً بهذا القانون تنشر في النشرة الرسمية اللوائح التنفيذية الصادرة بموجب هذا القانون واي تعديلات له تتم لاحقاً .
4. في حالة تقدم البنك المركزي العراقي باقتراح لإصدار لائحة تنفيذية عملا بهذا القانون , يقوم بنشر مسودة لنص اللائحة المقترحة بالشكل والأسلوب الذي يعتبره البنك مناسبا لجذب اهتمام القطاع المالي وعامة الجمهور . ويكون نص المشروع مشفوعا بشرح لأهداف اللائحة المقترحة ومتضمناً طلب الحصول على تعليقات بشأنه في فترة محددة لا تقل عن شهر واحد من تاريخ نشر المشروع ويتعين على البنك المركزي العراقي ان يأخذ بعين الاعتبار اية تعليقات ترد له بشان المشروع ويقوم بإصدار النص النهائي للائحة يصحبها سرد عام للتعليقات التي وردت له في شان مشروع اللائحة ولا تنطبق الإجراءات المنصوص عليها في هذه الفقرة اذا قرر البنك المركزي العراقي ان التأخير يمثل خطورة بالغة على صالح النظام المالي او يعوق من فعالية سير السياسة النقدية , على ان يقوم البنك المركزي العراقي بشرح أسباب اتخاذ مثل هذا القرار في ديباجة اللائحة التنفيذية .
5. يكون للبنك المركزي العراقي , وهو بصدد تنفيذ مهامه وفقا للأحكام المنصوص عليها في هذا القانون سلطة اصدار الأوامر الملزمة الموجهة لأفراد او كيانات محددة التي يكلف فيها هؤلاء الافراد و الكيانات القيام بمهام محددة يتماشى مع نصوص هذا القانون.
6. للبنك المركزي العراقي سلطة اصدار اللائحة الداخلية و الارشادات الداخلية والارشادات العامة الخاصة بتنظيم البنك وادارته .)
وعليه لم يعطي القانون صلاحية للبنك المركزي العراقي القيام بنفسه بإنشاء شركات تامين او حتى شركات مصرفية …. الخ, بيد ان المادة (5) من قانون المصارف الإسلامية رقم (43) لسنة 2015 التي نصت على ان : ( يمارس المصرف لحسابه أو لحساب غيره في داخل العراق و خارجه جميع أوجه الأنشطة المصرفية الإسلامية ومنها:-
ثالثا- تأسيس الشركات أو المساهمة فيها في مختلف المجالات المكملة لأوجه نشاطها والمساهمة في الشركات القائمة ذات النشاط غير المحرم شرعاً بموافقة البنك المركزي العراقي وبما لا تزيد على النسبة التي يحددها البنك من رأس مال المصرف واحتياطاته).
ومما تقدم يتضح ان البنك المركزي العراقي تقتصر مهمته على الترخيص ومنح الموافقة للمصارف الإسلامية بتأسيس شركات تامين بنكية , وليس البنك . تجدر الإشارة الى ان
ان هناك اتجاها عاما لدى المصارف بتأسيس بإنشاء شركات تأمينية خاصة بها وعلى قدر علمنا بانه لا توجد شركات التامين التكافلي او التعاوني في العراق فضلا عن ان هذا النوع من الشركات تكون غير ربحية و لا يعد عملها نشاطا تجاريا ؟ استنادا لأحكام (5 ) من قانون التجارة العراقي رقم 30 اسنة 1984، وان قيام المصارف الإسلامية بذلك يعد دورا تكميليا سواء لها وبالتالي سيكون عمل شركة التامين التكافلي مكملا لأعمال المصارف سواء من تقديم المنتجات التأمينية أو قيام بتغطية العمليات التمويلية التي تتم عن طريق المصارف الإسلامية … في الاقتصاد العراقي الغير مستقر وفقدان الاستراتيجية الاقتصادية , وعدو وضوح الرؤية التنموية لسياسة الدولة , فضلا عن ضعف أداء ديوان التامين , كما ان قطاع التامين يواجه مشاكل عدة … يبدو من الاجدر عدم السماح بتأسيس شركات تامين تكافلي بالوقت الحاضر
عزيزي السيد عقيل جبر علي المحمداوي
تساؤلات حول شركة التأمين التكافلي
أشكرك على تعليقك الذي أثرت فيه جملة من الأسئلة، وأشرت فيه إلى ترحيبك ودعمك للتأمين التكافلي كأحد أشكال التأمين المناسبة لطبيعة المجتمع العراقي.
آمل أن تنشر تعليقات أخرى على الموضوع وعندها سأعلق على محتوياتها، وآمل أيضاً أن تتوضح معالم شركة التأمين التكافلي:
التسجيل لدى مسجل الشركات، ترخيص مزاولة أعمال التأمين من قبل ديوان التأمين وكيفية تعاملها مع تطبيق المادة 16 من قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 الذي لا يجيز الجمع بين أعمال التأمين على الحياة وأعمال التأمينات العامة وكيف سيوفق الديوان بين متطلبات هذا القانون وضوابط التكافل رقم (1) لسنة 2019، تسمية المدير المفوض للشركة، تسمية أعضاء مجلس الإدارة، أعضاء تسمية هيئة الرقابة الشرعية، الإعلان عن تشكيلات الشركة، فروع التأمين التي ستبدأ بها أعمالها، طاقم الموظفين والموظفات ومؤهلاتهم، خطة عمل الشركة، مقر الشركة وهل ستفتح لها فروعاً في جميع أنحاء العراق بما فيها إقليم كوردستان، وغيرها.
عند توفر هذه المعلومات، قد يكون لنا موقف منها ومن التعليقات المرتقبة.
مع خالص التقدير.
مصباح كمال
15 آب 2019
مقال غاية في الاهمية وتساؤلات منطقية مهنية خبيرة لجناب السيد الخبير التأميني الاستاذ مصباح كمال المحترم في مجال النشاط التأميني وتقييم ومعالجة الأخطار التأمينية والمالية والاستفسار الأهم ما هو السند القانوني لتأسيس شركة تأمين تكافلي ؟ وهل ان ديوان التأمين سيمنح رخصة التأمين لهذه الشركة ؟
ولماذا ديوان التأمين لا يوجد لديه تصريح او توضيح ازاء هذا الموضوع والتساؤلات المثارة من قبل المختصين والخبراء في مجال النشاط التأميني وعلى رأسهم السيد خبير التأمين والمخاطر التأمينية والمالية السيد خبير التأمين الاستاذ مصباح كمال وغيره ؟
واضف الى هذه التساؤلات من هم الشخصيات التأمينية العاملين في البنك المركزي الذين يتبنون الجوانب التأسيسية والتنظيمية والفنية لنشاط شركة التأمين التكافلي ؟
وهل يعد تشكيل شركة تأمين تكافلي ضمن تشكيلات البنك المركزي ؟
وما هي الانشطة التأمينية ووثائق التأمين التي سيتم تداولها وتغطيتها والتعامل بها وما هي الاخطار التأمينية التي تغطيها ؟
وما هو معيد التأمين التكافلي ؟
وكيف يتم اعداد كادر وظيفي تأميني متخصص في مجال ممارسة التأمين التكافلي ؟
واستفسارات اخرى متعددة .
ومن واقع تخصصي تأميني ووجهة نظري المتواضعة ادعم تأسيس شركة تأمين تكافلي والولوج في نشاط التأمين الاسلامي الذي نتأمل ان يكون له في المستقبل قاعدة كبيرة من المؤمن لهم وكذلك معيدي التأمين التكافلي وما ينتج عنه مساحة واسعة من التغطيات التأمينية وسوق تأمينية واعدة واستقطاب مؤمن لهم جدد لا يؤمنون في شركات التأمين الحكومية والخاصة لأسباب طبيعة المجتمع العراقي والعربي وخصوصية التأمين التجاري والتأمين الاسلامي مع مراعاة الاعداد والتهيئة المناسبة لأدوار ديوان التأمين في تولي الإشراف والرقابة عليها واصدار ضوابط التكافل وغيرها من الامور الفنية … ودمتم بخير وامان
عقيل جبر علي المحمداوي
ما يعادل الماجستير / تخصص تأمين
طالب دكتوراه علوم مالية في روسيا