تلقيت من الخبير الاقتصادي السيد فاروق يونس، في 28 نيسان 2020، خمس استفسارات اقتصادية/نفطية لغرض النقاش. وفي ما يلي، سأناقش أولاً الاستفسارين المتعلقين بسوق النفط في الولايات المتحدة الذي ظهر فيه لأول مرة سعر سالب للنفط الخام. بعد ذلك سأتعرض للاستفسارات الأخرى التي تتعلق بالعراق.
وبالرغم من أني لم اتطرق للظروف التي تتعلق بالاستفسارين 1 و2، ادناه، في ورقتي الأخيرة، مرزا (2020-ب)، حول استهلاك وإنتاج الطاقة في الولايات المتحدة، إلا أن الورقة تبين خلفية مناسبة لنقاشهما أدناه ومن المفيد الرجوع إليها.
الاستفسار 1: تشير المعلومات الى هبوط [سعر] نفط غرب تكساس يوم 20 نيسان الجاري الى ما دون الصفر للبرميل الواحد ما هو تعليقكم وما هي برأيكم اسباب هذا الانخفاض وما تأثير تفشي وباء كورونا في حصول هذا الانخفاض؟
النقاش 1:
في يوم الإثنين 20 نيسان 2020، في تعاملات عقود مستقبلات futures تسليم شهر أيــار في سوق نيويورك NYMEX، وصل سعر خام وسيط غرب تكساس WTI إلى متوسط سالب قدره –37.63 دولار/برميل؛ أنظر (1-1) في الشكل (1) أدناه.
ماذا يعني سعر سالب؟ أنه يعني أن المتعامل/البائع يدفع لمتعامل آخر/المشتري (وليس العكس) مبلغ نقدي لاستلام براميل النفط من البائع.
إن انخفاض سعر تسليم شهر أيار لخام WTI بالشكل الذي حدث به (أي إلى قيمة سالبة)، في سوق نيويورك NYMEX، كان نتيجة لتفاعل مسألة فنية/تعاقدية مع تأثير متغيرات أساسية fundamentals .
ما هي هذه المسألة الفنية/التعاقدية؟ يلتزم كل مُتعامل في سوق نيويورك لعقود مستقبلات خام WTI عند استحقاقها أن يستلم، في مدينة Cushing في ولاية أوكلاهوما الأمريكية، براميل النفط المتعاقد عليها في موعد الاستحقاق (حوالي عشرة أيام، +-، قبل بداية شهر الاستحقاق)، إلا أذا كان قد قام بترتيبات أخرى قبل موعد الاستحقاق. ومن ضمن هذه الترتيبات، في الظروف الاعتيادية، يقوم معظم المتعاملون “بإغلاق”، أي تسوية، عقودهم المستقبلية قبل موعد الاستحقاق من خلال تسويات نقدية، أي شراء أو بيع عقود بديلة offsetting، ليتجنبوا استلام براميل النفط. مع العلم، في الظروف الاعتيادية، فأن حوالي 1% فقط من عقود مستقبلات الخام يتم استلام براميل فعلية فيها، حسب إدارة معلومات الطاقة الأمريكية EIA.
أما المتغيرات الأساسية fundamentals التي تفاعلت مع المسألة الفنية/التعاقدية لتقود، في ظروف غير اعتيادية يوم 20 نيسان 2020، إلى عرض نفط خام مجاناً زائداً دفع علاوة “للمشتري” والتي بلغ متوسطها 37.63 دولار/برميل (أي سعر سالب، –37.63)، فاهمها ما يلي:
- عدم قدرة المتعاملين المُسْتَحقة عقودهم العثور على متعاملين آخرين يشترون عقودهم المستقبلية قبل موعد استحقاقها. وهذا كان نتيجة لتوقع عدم وجود طلب عليها، أو انخفاضه بحدة، نتيجة للإجراءات المقيِّدة الشديدة التي صاحبت مكافحة وباء كورونا COVD-19.
- ندرة طاقة الخزن للنفط الخام المتاحة للمتعاملين، والكلفة العالية لما قد يتاح منها.
غير أن إمكانية السعر السالب لا تقتصر على التعامل في سوق مستقبلات. فقد يكون البائع منتجاً للنفط وليس بالضرورة متعاملاً في هذه السوق. ففي ظل طاقة خزن محدودة وعالية الكلفة، حينما يتوقع المُنتِج أن انخفاض الطلب هو لفترة غير طويلة فانه يفضل خلالها عدم توقف الإنتاج. ذلك أن التوقف يقود إلى أضرار بليغة في الآبار النفطية تنعكس في الكلفة العالية المستقبلية التي تتطلبها عملية الإنتاج بعد التوقف. لذلك فهو ينتج النفط ويعرضه، إذا أضطر، بسعر دون الكلفة أو مجاناً أو بسعر سالب. ويبدو أن حالة السعر السالب حدثت في بعض مناطق الولايات المتحدة الداخلية inland لإنتاج النفط المحصورtight oil، في آذار 2020. Fattouh & Imsirovic (2020, p. 7).
ومن الجدير ذكره أن سعر خام WTI بلغ 18.27 دولار/برميل في الجمعة 17 نيسان، لينهــار إلــى –37.63 دولار في الاثنين 20 نيسان (اليوم السابق لموعد استحقاق عقود مستقبلات شهر أيار) ثم قفز إلى 10 دولار في الثلاثاء 21 نيسان واستمر في الزيادة حتى وصل 19.8 دولار/برميل في الجمعة 1 أيار.
إن مدى توفر طاقة الخزن في مدينة Cushing ستبقى مشكلة بارزة في الأسابيع القادمة، مما قد يؤدي إلى تقلبات في سعر النفط في عقود مستقبلات شهر حزيران، وما بعده، لخام WTI، أو أي من الأسعار الفورية للنفط الأمريكي الذي يواجه طاقة خزن محدودة.
لمواصلة القراءة يرجى تحميل ملف ب د ف سهل القراءة والطباعة على الربط التالي:
Merza_نقاش_حول_استفسارات_قتصادية_ونفطية
(*) باحث وكاتب اقتصادي.
حقوق النشر محفوظة لشبكة الاقتصاديين العراقيين. يسمح بإعادة النشر بشرط الإشارة إلى المصدر. أيار 2020.
شكرا للدكتور علي مرزا على ما بينه من معلومات فنية/ اقتصادية مشيرا الى (المتغيرات الاساسية fundamentals التي تفاعلت مع المسئلة الفنية / التعاقدية لتقود في ظروف غير اعتيادية يوم ٢٠ نيسان الى عرض نفط خام مجانا زائدا دفع علاوة للمشترين )
يبقى السؤال حول كيفية التوصل الى وضع تسعيرة مجزية لبيع النفط العراقي في ظل الازمة العالمية وتفشي وباء كورنا
مع التقدير