دراسة منعم الخفاجي لتأثيرات كوفيد-19
لعل الزميل منعم الخفاجي هو الأكثر غزارة في الكتابة عن تأثير فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) بين زملائه العاملين في قطاع التأمين العراقي، فقد تعرّفت حتى الآن على مقالين له نُشرا في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين.[1] قدَّم في هذين المقالين مسحًا مميزًا لتأثيرات الفيروس على العديد من وثائق التأمين، وعلى حجم أقساط التأمين، واستثمار أرصدة التأمين، والتعويضات الخ.
تعامل جمعية التأمين العراقية مع كوفيد-19
وعدا ذلك ليس هناك الكثير من المعلومات عن استجابة قطاع التأمين العراقي للفيروس. أثرتُ مع جمعية التأمين العراقية بعض الأسئلة بهذا الشأن وكتبت الآتي:
“أفترض بأن جمعية التأمين العراقية قد بينت لأعضائها موقفها من كيفية التعامل مع الآثار التأمينية لهذا الوباء سواء ما تعلق منه بتنظيم استمرار العمل في الشركات عن بُعد، وطمأنة جمهور المؤمن لهم بسريان وثائق تأمينهم والنظر في مطالباتهم وتسويتها، وإعادة قراءة وثائق التأمين للتعرف على مدى تأثرها بالأخطار المرتبطة بالوباء من حيث التأمين عليها أو استثناءها من التغطية كوثائق التأمين على الحياة والحوادث الشخصية والتأمين الصحي وربما وثائق التأمين على الممتلكات الموسعة لتشمل غطاء خسارة الأرباح، وغيرها من أمور كالوضع النفسي والمعنوي لمنتسبي شركات التأمين الذي يمارسون العمل من أماكن سكناهم.”
وكعادته كان المدير المفوض للجمعية السيد فلاح حسن متجاوبًا معي وكتب بأن “الجمعية منذ بداية شهر أذار، أصدرت تعميما الى كافة السادة الأعضاء باستثناء وباء كوفيد-١٩ من غطاء وثائق السفر والتأمين الصحي ووثائق الحوادث الشخصية التي تكون فيها الأمراض مغطاة، وفي حال شمول هذا الغطاء بالوثائق الآنفة الذكر تكون لقاء قسط أضافي.
أما فيما يتعلق بموضوع متابعة إصدار الوثائق والتعويضات عن بعد، هذا الموضوع والحالة حاليا فإن الشركات غير مؤهلة للعمل بهذا البرنامج، ونأمل في المستقبل القريب أن يتم دراسة هذا الموضوع من قبل الشركات.” (18 نيسان 2020)
وقد استفسرت من أحد العاملين في شركة تأمين عراقية عن تأثيرات كوفيد-19 على وثائق التأمين على الحياة والتأمين الصحي وتأمين الحوادث الشخصية ووثائق تأمين السفر من حيث عدد المطالبات بالتعويض وحجم هذه التعويضات (بالنسبة لوثائق التأمين الصادرة قبل 1 آذار 2020). ومن المؤمل استلام بعض المعلومات بهذا الشأن قريبًا.
“الرأسمالية الهجينة” في العراق والتعامل مع كوفيد-19
ليس هناك معلومات عن تعامل شركات التأمين العراقية التي تصدر وثائق التأمين الصحي مع حالات المصابين بوباء كوفيد-19، وليس هناك معلومات معلنة عن الغطاء الذي توفره هذه الوثائق.
نعرف من تجربة البلدان الأوربية التي تتبع أنظمة الضمان الصحي الوطني أن البعض منها قد أظهر مساوئ السياسات النيوليبرالية التي طبقتها منذ ثمانينات القرن الماضي في قطاع الصحة العامة (خصخصة مستشفيات، خصخصة خدمات معينة، تقليص الانفاق على القطاع، إدخال آلية السوق في النظام الصحي الوطني باسم الشراكة مع القطاع الخاص) تجلّت مع جائحة وباء كورونا في نقص المعدات والأجهزة ومواد الوقاية والتعاظم النسبي في عدد الوفيات وخاصة في دور رعاية المسنين (وهي ليست كلها تحت إدارة نظام الصحة الوطني).
لقد أبرزت الجائحة أن النظام الصحي الخاص التجاري ليس مؤهلًا للتعامل مع الجائحة رغم رواج هذا النظام في الغرب، فعند حصول الجوائح يلجأ الكل إلى حماية النظام الصحي الوطني الشامل. وفي حين أن البنية التحتية للنظام الصحي في الغرب تساهم بدرجات متفاوتة من النجاح بالتعامل مع آثار الجائحة فإن البنية التحتية للنظام الصحي العراقي متهالك ويعاني نقصًا فاضحًا في جميع المجالات إضافة إلى تفشي الفساد في وزارة الصحة لسنين عديدة. ونقرأ بين الحين والآخر الاعتداء على الأطباء والعاملين في المستشفيات والتهديدات التي يتعرضون لها.
يضاف إلى ذلك فشل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في الاهتمام الحقيقي بالعمال (وهم مهملين كطبقة). وهي في ذلك ليس إلا نموذجًا لدولة المحاصصة والغنيمة التي فرضت جملة من السياسات العقيمة في مختلف الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والصحية منذ 2003. وكان من آثار هذه السياسات إضعاف قطاع التأمين العراقي رغم تزايد عدد شركات التأمين الخاصة وتباهي البعض منها بممارسة التأمين الصحي (تذكروا فضيحة وزارة التربية في مجال التأمين الصحي).
إن إهمال القطاع العام، ومنه قطاع الصحة، هو جزء من سياسات النظام الهجين في العراق. لقد غُيّب التفكير الاشتراكي لإدارة القطاع الصحي كخدمة عامة غير خاضع لمبدأ الربح من خلال النظر إلى صحة الإنسان على أنه سلعة، كالسيارة والبيت، قابلة للتأمين في السوق. إن قياس حاجة الإنسان لدوام الصحة من خلال آلية السوق القائم على تحقيق الربح مبدأ سقيم (تحويل الصحة إلى سلعة قابلة للتأمين من أجل تحقيق الربح).
(*) كاتب في قضايا التأمين
حقوق النشر محفوظة لشبكة الاقتصاديين العراقيين. يسمح بإعادة النشر بشرط الإشارة إلى المصدر.
[1] منعم الخفاجي “تأثير فيروس كورونا على التأمين”
منعم الخفاجي “تأثير فيروس كورونا على التأمينات العامة”
لتحميل المقال كملف بي دي أف انقر على الرابط التالي
COVID-19-Iraqi Insurance Association-IEN
باحث وكاتب عراقي متخصص في قطاع التامين مقيم في المهجر
الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية