. تمهيد نظري :
أ- يعد استاذ الاقتصاد-جيمس بوكانان James M . Buchanan في تاريخ المالية العامة الاب الاقتصادي في تطوير (نظرية الخيار العام- public choice theory). وهي النظرية التي تختبر العلاقة بين العلوم الاقتصادية والعلوم السياسية. وفي الوقت نفسه هي منهج من مناهج تحليل السياسة الاقتصادية القائمة على دوافع القوى السياسية Politicians والقوى البيروقراطية الملازمة لها ازاء الموازنات العامة والتي اطرها (بوكانان -Buchanan ) في مؤلفه الشهير في العام ١٩٧٧ والموسوم : الديمقراطية في عجز:
Democracy in Deficit .The Political Legacy of Lord Keynes.N Y Academic Press .1977
اذ تصدى (بوكانان) مع زميلة (Wagner R.E ) من ان سياسة الاقتصاد الكلي الكنزية تعتمد على فرضية ان صناع القرار يتصرفون على وفق المصلحة العامة وليس على وفق مصالحهم الشخصية. ويرى (بوكانان) انه طالما ان صناع القرار (السياساتي ) هم من بني البشر ، وانهم سيتصرفون مثل باقي الناس ولاسيما في تعظيم دالة منفعتهم الشخصية بدلاً من اعتماد مبدأ نكران الذات او الايثار على انفسهم صوب امتثالهم للقانون وللسياسات المثلى التي تقدم الأفضل لعموم الامة.
حيث تجد ان أكثر النخب السياسية التي تتمسك بإعادة الترشح الانتخابي في الديمقراطيات الغربية والديمقراطيات الناشئة اليوم يسعون بالغالب الاستمرار بالحفظ على مراكزهم التشريعية بدلاً من تقديم متطلبات الازدهار لمناطقهم الانتخابية. اذ يميل غالبية السياسيين الى الوظائف والاعمال التي تدر عليهم الواردات العالية وتؤدي الى تحسين رفاهيتهم الشخصية كما يقول (بوكانان) على حساب الموازنة العامة بحكم سلطاتهم التشريعية. وهذا ما يؤدي بمرور الوقت الى اتساع نطاق الموازنة العامة طالما هم بحاجة مستمرة الى اعادة انتخابهم. اذ يذهب اولئك السياسيون الى توفير وظائف حكومية إلى مناصريهم وتوسيع نطاق وتعدد الاشغال الحكومية لتوفير فرص عمل إليهم لكسب اصواتهم الانتخابية في الدورات اللاحقة والمحافظة على ثقلهم السياسي. وبهذا ينحاز النظام المالي الحكومي الى مبدأ الموازنة الكبيرة large budget في التخصيصات وتداول النشاطات، ما يضع الحكومات امام مصاعب معقدة في اتخاذ القرارت المالية، وما يتطلب المزيد من الخبراء للخوض في مشكلات المالية العامة المستعصية. وهكذا وسم (بوكنان) علم الاقتصاد الكنزي مسمياً اياه ( بالمرض disease ) . او بالأحرى (المرض الكنزي ) الذي يؤدي بنهايات تتطلب بلا شك تقييد نطاق التصرفات اللا مسؤولة للسياسيين كما يسميها بوكانان نفسه. وتقيدهم كي يتصرفوا بطريقة ذات مسؤولية مالية منضبطة .
لمواصلة القراءة انقر عىل الرابط التالي
د. مظهر محمد صالح- نظرية الخيار العام والوهم المالي- ومضة في سلوك المالية العامة العراقية
الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية