نشر الزميل على الجنابي في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين مقالاً بعنوان “ماذا لو تم اندماج شركات التأمين الحكومية؟”[1]
بدءاً أشكر الزميل علي الجنابي على كتابة مقاله إذ أن ما يكتب عن قضايا التأمين في العراق قليل ولم يحظَ موضوع الدمج، حسب علمي، باهتمام واسع في الوسط التأميني العراقي.[2] بودي هنا تقديم بعض الملاحظات النقدية حول النقاط الأساسية التي أوردها في مقاله.
(1)
يقول الكاتب إن فكرة دمج شركتي التأمين الوطنية والتأمين العراقية تبلورت في عام 2018 “وتمت دراسة الجدوى الاقتصادية للدمج من جهات استشارية رصينة (جامعة بغداد) لكن الموضوع لم يرَ النور.”
[1] http://iraqieconomists.net/ar/2023/05/31/%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%86%d8%a7%d8%a8%d9%8a-%d9%85%d8%a7%d8%b0%d8%a7-%d9%84%d9%88-%d8%aa%d9%85-%d8%a7%d9%86%d8%af%d9%85%d8%a7%d8%ac-%d8%b4%d8%b1%d9%83%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84/
http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2023/05/%
[2] بودي هنا أن أشير إلى تعليق للزميل وميض الجراح بتاريخ 13 آذار 2016 حول مسألة دمج شركات التأمين الخاصة إذ كتب أن “المنطق والجدوى الفنية والاقتصادية تفرض على هذه الشركات الاندماج بين كل شركتين أو أكثر لغرض زيادة رأس المال وتعبئة المراكز الفنية والمالية والادارية فيها.” نشر في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:
وأشير أيضًا إلى مقال الزميلة هيفاء شمعون عيسى، “شجون تأمينية عراقية،” موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:
هيفاء شمعون عيسى*: شجون تأمينية عراقية – شبكة الاقتصاديين العراقيين (iraqieconomists.net)
يضم هذا المقال أحدث المعلومات عن دمج الشركتين إذ جاء فيه:
بالنسبة لهيكلة الشركات العامة والتي أعني بها هنا موضوع دمج شركات التأمين العامة المباشرة (وهي شركة التأمين الوطنية وشركة التأمين العراقية) فقد تم التوصل إلى الموافقات حول الموضوع من هيئة الرأي بوزارة المالية بعد تقديم الأوليات حول الجدوى الاقتصادية للدمج والمقدمة من جامعة بغداد تحديدا لغرض استحصال الموافقة من الامانة العامة لمجلس الوزراء. في ذلك الحين كان السيد مهدي العلاق هو المسؤول عن الملف، وهو الذي عطّل الموضوع ولم يرفعه لمجلس الوزراء والسبب؟ الله اعلم. في الواقع، إن السبب غير معلوم لحد الان. وبذلك اصبح الأمر (الهيكلة بمعنى الدمج) حالياً شبه مستحيل لوجود افراد وشخصيات معينة تسعى لإدارة شركات التأمين العامة من اجل مصالحها ومصالح الجهات المرتبطة بها.
وفي هامش لهذه الفقرة أوردت الكاتبة الآتي:
بعد أن انتهيت من كتابة مقالي وردتني معلومات تفيد أن مشروع الدمج أصبح سارياَ بعد حصول موافقة وزارة المالية الحالية عليه (رغم أن هناك موافقة سابقة لهيئة الرأي بالوزارة بعهدي)، وتم رفعه للأمانة العامة لمجلس الوزراء لغرض المصادقة. ونحن الآن بانتظار موافقة مجلس الوزراء على مشروع الدمج.
لمواصلة القراءة انقر على الرابط التالي
مصباح كمال – ملاحظات نقدية على مشروع دمج شركة التأمين العراقية وشركة التأمين الوطنية
باحث وكاتب عراقي متخصص في قطاع التامين مقيم في المهجر
عودة إلى مشروع دمج شركة التأمين الوطنية وشركة التأمين العراقية
أشكر الزميل علي الجنابي على تعليقه. فيما يلي سأعرض بإيجاز شديد ملاحظاتي على تعليقه.
خلل قطاع التأمين
لا شك أن هناك خلل عام في قطاع التأمين العراقي (متمثلاً في بنيته غير المتوازنة: شركتين عامتين كبيرتين وتخمة في عدد شركات التأمين الخاصة، وتأطيره القانوني المتجسد في قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 الذي طال انتظارنا لتعديله رغم الانتقادات العديدة الموجهة له من العاملين في القطاع ومن الباحثين)، وخلل في التنظيم الداخلي لشركات التأمين العامة والخاصة (متمثلاً بضعف الكوادر الفنية والافتقار لهذه الكوادر لدى معظم شركات التأمين الخاصة، والمحاصصة الطائفية في تعيين المدراء العامين وجهلهم بمؤسسة التأمين وكذلك جهل وزراء المالية وحتى رئيس الجمهورية، وعدم إدراك حقيقي لعلة وجود شركات التأمين وهي أساساً تعويض المتضررين في أموالهم وأبدانهم)، وخلل أيضاً لدى المؤمن لهم من الشركات الصناعية والتجارية والهيئات الحكومية (معظم هذه الشركات وحتى الكبيرة منها لا تضم مديراً للتأمين وإدارة الخطر وفي ظني أن فهمها للتأمين ليس عميقاً، وهو ما ينطبق على الهيئات الحكومية ونعرف مثالاً لها في عقود تأمين وزارة التربية والهيئة العامة للتقاعد التي شابتها مظاهر للفساد والإفساد)، إضافة إلى صفة مشتركة بين الطرفين، المؤمِن والمؤمن له، وهي ضعف الثقة، وهو أحد العوامل في تصعيب عملية تسوية المطالبات بالتعويض.
المنافسة السلبية بين شركتي التأمين العامتين (شركة التأمين الوطنية وشركة التأمين العراقية)
لم تُدرس المنافسة بين الشركتين للكشف عن الدوافع وراءها، ولم يقدم أي من العاملين دراسة لحالة ملموسة عن هذا التنافس الذي يوصف بالسلبي. أجازف بالقول إن المخفي وراء هذه المنافسة هو نظام الحوافز المادية المتوارث من زمن الدكتاتورية. كلتا الشركتين تجاهدان للحصول على أكبر قدر ممكن من أقساط التأمين. تعرّفنا على حالة واحدة كانت شركة التأمين العراقية العامة طرفاً فيها لجأت فيه إلى أوطأ الأسعار، غير المبررة فنياً، للاكتتاب ببرنامج تأمين شركة خطوط الأنابيب النفطية. وكانت هذه الحالة موضوعاً لمقال لنا نشر في موقع الشبكة.
من المناسب هنا الإشارة إلى أن المنافسة السلبية موجودة لدى شركات التأمين الخاصة، وبعض المنافسة يقوم على تهور لأنها لا تعير اهتماماً بكفاية سعر التأمين لتغطية الأخطار المؤمن عليها. وليس معروفاً أن هذه الأخطار محمية بعقود إعادة التأمين، مما يعني انكشاف شركة التأمين إلى الإفلاس في حالة وقوع أضرار وخسائر كبيرة تفوق قدراتها المالية.
شركات التأمين الخاصة
أتينا على ذكر المنافسة بين ومع شركات التأمين الخاصة. يقول الزميل الجنابي إن هذه الشركات لا تقدم خدمة تأمينية ملموسة وإنها لا تتعامل مع التعويضات برحابة صدر. السؤال هنا هو: لماذا؟ ألأنها لا تمتلك الأدوات الفنية لتتعامل مع التعويضات، أم أنها تفتقر إلى الموارد المالية الكافية للتعويض عن الأضرار، أو لأنها تنتظر موافقة معيد التأمين على التعويض؟ مهما يكن السبب فإنه يؤشر إلى خلل في عمل هذه الشركات يحتاج إلى من يكشف عنه.
هل سيسهم دمج شركتي التأمين العامتين في رفع كفاءة و جودة الخدمة مستقبلا
القول بأن “الدمج سيسهم في رفع كفاءة وجودة الخدمة مستقبلا” أمر قابل للنقاش. لا أرى أن هناك علاقة سببية بين دمج الشركتين العامتين ورفع مستوى الكفاءة وجودة الخدمة سواء في الشركة الموحدة أو في قطاع التأمين عموماً، ذلك أن الدمج سيحمل معه العلل القائمة وربما يُضخّمها.
زيادة الإيرادات المتحققة للدولة لن تتحقق آنياً ما لم تعمل الشركة الموحدة على زيادة إنتاجها من وثائق التأمين بما فيها إدخال وثائق تأمين جديدة، وإعادة النظر في هيكلها التنظيمي والتخمة في عدد الموظفين.
أما آن الأوان لدمج شركات التأمين الخاصة؟
إن الهرولة نحو دمج الشركتين العامتين لا يقابلها هرولة مماثلة لدمج شركات التأمين الصغيرة المتعثرة في عملها أو غير الممتثلة للقواعد الرقابية. وهذا موضوع منوط بديوان التأمين لا ندري إن بادر إلى دراسته أو اتخاذ الخطوات المناسبة لتحقيقه.
كلمة أخيرة
لقد جاء مشروع الدمج بقرار سياسي، كما أظن، وبعد راسة يتيمة تعزى إلى جامعة بغداد، ولم يكن المشروع موضوعاً لمناقشة علنية، ولم يُقدّم ضمن بدائل أخرى، وليس معروفاً ما هو الجدوى الاقتصادية منه. ويبدو أن المشروع قد أنيط من قبل وزارة المالية لديوان التأمين ليقوم على تحقيقه. إن دمج الشركتين العامتين ليس حلاً سحرياً لأزمة قطاع التأمين. أزمة قطاع التأمين ملازمة لـ”دولة سلق البيض” القائمة على المحاصصة الطائفية والإثنية، والمفتقرة إلى التخطيط المتوازن والمتكامل للقطاع العام والخاص.
مصباح كمال
15 تموز 2023
تحية طيبة لك استاذ مصباح ، وشكرا” على اشارتكم لمقالنا حول دمج شركات التأمين العامة وهو من منظوري اعتبره علاج و اصلاح للخلل الذي اصاب قطاع التأمين بسبب (التنافس السلبي) لشركتين مملوكتين للدولة .
اما الشركات الخاصة فلا تتعدى الجيدة منهم (٨) شركات كحد أقصى ولم نرى نهوض حقيقي و خدمة تأمينية ملموسة ومنتشرة بين شركات التأمين الخاصة لكونها لا تتعامل مع التعويضات برحابة صدر . فبالتالي ان موضوعة الدمج سيسهم في رفع كفاءة و جودة الخدمة مستقبلا” بالاضافة الى زيادة الايرادات المتحققة للدولة .