الفكر االقتصادي في رياضيات حافة الفوضى
د. مظهر محمد صالح*
في هذا المقال يستعرض د. مظهر محمد صالح نظرية حافة الفوضى Edge of Chaos وتطبيقاتها في مجالات علم الاقتصاد وادارة الاعمال، وفي علم البيئة وعلم النفس والسياسة، ومجالات أخرى في العلوم الاجتماعية.
صاغ عالم الفيزياء نورمان باكارد Norman Packard عبارة “حافة الفوضى” في أواخر الثمانينيات بمشاركة عالم الرياضيات والفيزياء دوين فارمرDoyne Farmer ، مستندين في ذلك ابتداءً على فكرة Cellular Automaton (CA). واتمتة الخلية عبارة شبكة منتظمة من الخلايا، كل منها في عدد محدود من الحالات، وتقوم على فكرة الرياضيات المتقطعةDiscrete mathematics وهي التشغيل والإيقاف (on- off) على عكس شبكة الخريطة المزدوجة Coupled map lattice CML التي هي نظام ديناميكي يقوم بنمذجة سلوك الأنظمة غير الخطية (خاصة المعادلات التفاضلية الجزئية).
ويبين المقال أن نظرية حافة الفوضى لا تنفصل عن ولوج مرحلة التكيف، والذي يؤدي دورًا حيويًا في جميع الكائنات الحية والأنظمة. فجميعها تغير من خصائصها الداخلية باستمرار لتتلاءم بشكل أفضل مع البيئة المحيطة بها. ومن أهم أدوات التكيف معلمات parameters التعديل الذاتي المتأصلة في العديد من الأنظمة الطبيعية. كما ان السمة البارزة للأنظمة ذات المعلمات ذاتية الضبط هي القدرة على تجنب الفوضى.
ويستعرض المقال العديد من النظريات والمفاهيم الاقتصادية التي اعتمدت فكرة التكيف والتي منها، على سبيل المثال، نظرية التوازن العام، ونظرية الاقتصاد التطوري، والتوقعات التكيفية، والاقتصاد السلوكي، واعتماد المسار، ونظرية الخيارات الحقيقية، ونظرية اللعبة، واقتصاديات المرونة، والنمذجة المعتمدة على الوكيل، والاقتصاد المؤسسي.
وفي المنطلقات الفكرية الاساسية لـ فارمر في نظرية حافة الفوضى، لم يبتعد عن تناوله لواحدة من العلوم الاقتصادية الحديثة الكلية (او ما بعد المدرسة النيوكلاسيكية) والتي تسمى اقتصاديات التعقيد Economics of Complexity، وهو مجال من مجالات الاقتصاد الذي يركز على دراسة الأنظمة الاقتصادية المعقدة والمتشابكة. ويسعى هذا المجال الى فهم كيفية تفاعل الأجزاء المختلفة من الاقتصاد وكيف تؤثر هذه التفاعلات على الأداء الاقتصادي الكلي. ومن بين تلك التفاعلات ما يطلق عليها: الابتكار والتطورInnovation and Evolution ، وهي تفاعلات في نظرية التعقيد تفسر لنا ان الابتكار هو المحرك الرئيسي للديناميكيات الاقتصادية ولا يمكن التنبؤ به بطبيعته. اذ يتطور الاقتصاد مع ظهور تقنيات ومنتجات وعمليات جديدة، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى تعطيل الهياكل القائمة ولا يخفى اهمية تحليل الهياكل الشبكية للعلاقات الاقتصادية وكيف تؤثر هذه الشبكات على تدفق المعلومات والموارد. كذلك توافر البيانات الضخمة وتحليلها ذلك باستخدام كميات كبيرة منها لتحليل الأنماط المختلفة والتنبؤ بالتوجهات الاقتصادية.
وفي جزء آخر من المقال، وتحت عنوان “اقتصاديات التعقيد والاقتصاد السياسي الريعي: العراق في مئة عام”، يتناول د. صالح الانظمة الاقتصادية المعقدة التي تقلب عليها الاقتصاد العراقي بين تناقض الريع الزراعي والريع النفطي خلال قرن من الزمن (زمن تأسيس الدولة العراقية الحديثة)، وتوصل إلى أن التفاعلات غير الخطية في مثل هكذا انظمة اقتصادية ريعية تكون معقدة. وهذا يعني أن التغيرات الصغيرة يمكن أن تؤدي إلى تأثيرات كبيرة من التغيير، والعكس صحيح.
أخيرا، وتحت عنوان “البنية الاقتصادية الاجتماعية المأزومة: الصراع على الريع”، يناقش د. صالح صراعات قوى ما قبل الدولة وتمدد نفوذها في تحصيل ريوع الزروع ونهب الفوائض في الحقبة الملكية وسلاسل الازمات والانقلابات التي تبعت تأسيس الدولة العراقية عام 1921 بعد الاحتلال الأول والصراع على ريع النفط بعد قرن من تأسيس الدولة في عقب الاحتلال الثاني عام 2003.
دراسات في الفكر االقتصادي
الفكر االقتصادي في رياضيات حافة الفوضى
الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية