سمير عبد الأحد
لم يعد التأمين متناهي الصغر يُنظر إليه اليوم كمنتج بسيط أو كخدمة موجهة فقط لذوي الدخل المحدود، بل أصبح جزءًا من الطريقة الجديدة التي تتعامل بها المجتمعات مع المخاطر. فقد ظهر في وقت تتغير فيه الظروف الاقتصادية بسرعة وتتسع فيه الفجوات في الحماية، حتى داخل الدول التي تبدو قوية اقتصاديًا. وفي ظل تركيز شركات التأمين الكبرى على المتطلبات الرأسمالية والتشريعية، برزت الحاجة إلى حلول مرنة ورخيصة وقريبة من الناس، تغطي احتياجات لا تعكسها قدرة الفرد المالية أو وضعه الوظيفي.
وفي هذا السياق، فإن الحديث عن التأمين متناهي الصغر لا يقتصر على التأكيد على أهميته؛ فهذه الحقيقة أصبحت معروفة. ما يهمّ اليوم هو فهم السبب الذي يجعل هذا النوع من التأمين، رغم قدرته على تحقيق عائد اقتصادي للشركات، يرتبط أيضًا ببعد أخلاقي واجتماعي لا يمكن تجاهله. فهو يلعب دورًا أساسيًا في منع تدهور أوضاع الأسر الهشّة، ويحدّ من تحوّل المشكلات الصغيرة إلى أزمات كبيرة، ويسهم في استقرار الفئات الأكثر عرضة للمخاطر.
ومن هنا تأتي أهمية تصميم هذه المنتجات بطريقة تجمع بين منطق السوق ومسؤولية الحماية الاجتماعية، بحيث يظل الهدف الأول هو خدمة الناس، وتخفيف المخاطر عنهم، قبل التفكير في زيادة الحصة السوقية أو توسيع قاعدة العملاء.
نشاة الفكرة.
نشأت فكرة التأمين متناهي الصغر من تحوّل في فهم العلاقة بين الإنسان والاقتصاد. ففي سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، أدرك الاقتصادي البنغالي محمد يونس—الحائز لاحقًا على جائزة نوبل عام 2006—أن تحسين أوضاع الفقراء لا يتحقق بالقروض الصغيرة وحدها، بل يحتاج أيضًا إلى شبكة حماية تمنع انهيارهم عند أول أزمة صحية أو مهنية. ومن هذا الوعي المبكر ظهرت فكرة التأمين الصغير كامتداد طبيعي لفلسفة تمكين الأفراد وتعزيز قدرتهم على مواجهة المخاطر اليومية، خصوصًا أولئك الذين يقفون خارج منظومة الحماية التقليدية ولا تشملهم التغطيات التأمينية المعتادة.
لمواصلة القراءة الرجاء الضغط على الرابط التالي:


الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية