المقدمة:
منح قانون سنة 2018 شركة النفط الوطنية العراقية (فيما بعد الشركة) حقا حصريا لممارسة أعمالها نيابة عن الدولة العراقية في التصرف المطلق بحقوق ملكية الموارد النفطية الوطنية وبإدارة عمليات تطويرها واستغلالها. بيد أن القانون، كما نرى في هذا البحث، يضع استخدام الحق الحصري المذكور أمام مأزق تنظيمي كبير، من خلال تكوينه احتمالين مختلفين للهيكل التنظيمي لإدارة مواردنا النفطية، كلاهما يفضيان إلى نشوء تناقضات دستورية وتنظيمية كثيرة في المنظومة الكلية لإدارة هذه الموارد: الاحتمال الأول، هيكل متكون من مستويين تنظيميين فقط، هما “مستوى مجلس الوزراء” (ويمثل مستوى الإدارة الإستراتيجية، حسب الدور التنظيمي المناط به أداءه في أحكام القانون)، و”مستوى مجلس إدارة الشركة” (ويمثل مستوى الإدارة العملياتية، حسب الوظائف الإدارية المناط به تحقيقها في القانون). في هذا الاحتمال، يغيب مستوى الإدارة التنفيذية من الهيكل بعد أن أقر قانون الشركة ارتباطها بمجلس الوزراء، وفك ارتباط شركاتها المملوكة بوزارة النفط. الاحتمال الثاني، هيكل متكون من مستوى تنظيمي واحد هو “مجلس إدارة الشركة”، لا يمارس وظائف وأدوار الإدارة الإستراتيجية، وبدون تراتبية تنظيمية مقررة لشخوصه، ولكن بصلاحيات تنظيمية واسعة لرئيس الشركة، وبغياب صلاحيات الشركات المملوكة.
يناقض الاحتمال الأول للهيكل التنظيمي ما جاءت به أحكام المادة (112) من الدستور، التي نصت على أن شخوص الهيكل التنظيمي لإدارة الموارد النفطية الوطنية هي الحكومة الاتحادية، وحكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة للنفط، ويقع هذا الاحتمال في تناقض مع منهجية علم الإدارة في تكوين الهياكل التنظيمية لإدارة نشاط منظمات الأعمال، بعدم تكوينه منظومة إدارة كلية لهذه الموارد. وفضلا عن تناقضه مع منهجية علم الإدارة في تكوين الهياكل التنظيمية، كحال نظيره الأول، يتصف الاحتمال الثاني للهيكل بالاستحواذ غير المشروع دستوريا لمجلس إدارة الشركة على حقوق التصرف وإدارة ملكية الثروة النفطية الوطنية (المادتين 111 و112) من الدستور.
عندما يأتي قانون الشركة الجديد لإدارة الموارد النفطية الوطنية بأحكام مناقضة لأحكام الدستور ومناقضة لمنهجيات علم الإدارة في تكوين الهياكل التنظيمية لإدارة نشاط منظمات الأعمال الكبيرة والمعقدة تكنولوجيا وتنظيميا، حينها ستتصف مخرجات تطبيق هذا القانون بعدم الشرعية الدستورية، وعدم الكفاءة والفاعلية والجودة، وإنتاج بيئة أعمال حاضنة ومواتية لإشاعة مظاهر الفساد الإداري والمالي والسياسي في نشاط الشركة. في هذا البحث، وبثلاثة أقسام: الأول، نتفحص فيه المفاهيم ذات الصلة في قانون الشركة مقارنة مع نظرائها في علم الإدارة المعاصر؛ الثاني، تحليل مقارن للتجربة الوطنية في تكوين الهياكل التنظيمية لإدارة الموارد النفطية الوطنية وإدارة نشاط الشركات النفطية العاملة بالعراق؛ والثالث، توصيف وتقييم الكيفية التنظيمية لعمل هيكل تنظيمي افترضناه على ضوء أحكام القانون الجديد، بغرض إضفاء الطابع التنظيمي المنطقي على أداء منظومة إدارة أعمال الشركة، التي جاء بها هذا القانون. في خاتمة البحث، نعرض ملامح مقترح بديل لكيفية تكوين الهيكل التنظيمي لإدارة الموارد النفطية الوطنية ونشاط الشركة في آن واحد.
لمواصلة القراءة يرجى تحميل ملف بي دي أف سهل القراءة والطباعة. انقر على الرابط التالي
جواد الكعبي-الهيكل التنظيمي المتناقض لشركة النفط الوطنية العراقية-محررة
الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية