(1) تقديم
بتاريخ 25 تشرين الأول 2018 وزع الأستاذ أحمد موسى جياد رسالة تضم تقييمه لما ورد بشأن القطاع النفطي في المنهاج الوزاري،[1] واختتم رسالته بالدعوة التالية:
مناقشة ومتابعة المنهاج الوزاري والبرنامج الحكومي
بما ان كل من المنهاج الوزاري والبرنامج الحكومي يشملان كافة الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية والامنية والخدماتية والعلاقات الدولية وغيرها، فإنني ادعوا كافة الخبراء والمختصين كل حسب تخصصه وخبرته معالجة وتقييم المنهاج الوزاري ولاحقا البرنامج الحكومي خدمة لمصلحة الوطن والمواطنين. [التأكيد من الأستاذ جياد]
يسرّني أن أشارك في مشروع التقييم الذي يدعو إليه، بالتركيز على قطاع التأمين مع بعض التعليقات على مفردات المنهاج الوزاري خارج التأمين أو مما له علاقة به.
يعتبر هذا المنهاج، مقارنة بمناهج الحكومات السابقة،[2] خطوة إلى الأمام على مستوى التفكير بالقضايا العقدية للنظام السياسي والاقتصادي للعراق، رغم أن التشكيلة الوزارية هي إعادة إنتاج لما كان قائماً: نظام قائم على المحاصصة والاستحقاقات واستمرار الفساد. يعني هذا أن العقلية الحاكمة للسياسات والقرارات والتعيينات ستظل كما كانت سابقاً. عل سبيل المثل، وزراء لا علاقة لهم باختصاص الوزارة، ومدراء عامين ودرجات خاصة بلا شهادات حقيقية (شهادات من الخارج حقيقتها وقيمتها غير معرَّفة أو معروفة)، لا يملك أصحابها الخبرة في تخصص مؤسساتهم. وإذا كان المنهاج الوزاري يرى في تطوير أنظمة الحوكمة بشكل جذري (ص 8-9) حلاً تكنولوجياً، سحرياً، لعقد النظام فذلك أضغاث أحلام. لنقرأ ما جاء بهذا الشأن:
[1] يمكن قراءة المنهاج الوزاري في موقع بغداد بوست: https://www.thebaghdadpost.com/UP/GovProg_draft_22Oct18_v08.pdf
[2] مصباح كمال، “تعليق على غياب التأمين في برنامج الحكومة للسنوات 2011- 2014،” مجلة التأمين العراقي:
http://misbahkamal.blogspot.com/2011/09/2011-2014.html
مصباح كمال، “التأمين في المنهاج الحكومي: قراءة أولية،” الثقافة الجديدة، العدد 370، تشرين الثاني 2014، ص 51-63.
نشرت أيضاً في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين ومواقع أخرى
http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2014/12/Misbah-Kamal-Insurance-in-the-Government-Programme-for-TJ-IEN.pdf
سأستفيد من هاتين المقالتين في تقديم بعض الأفكار.
لمواصلة القراءة يرجى تحميل ملف بي دي أف سهل القراءة والطباعة. انقر على الرابط التالي
قراءة تأمينية للمنهاج الوزاري 2018-2022
باحث وكاتب عراقي متخصص في قطاع التامين مقيم في المهجر
عدم تطور قطاع التأمين العراقي: أين العلّة؟
عزيزي د. صباح
أشكرك على ترحيبك وتقييمك الإيجابي لمقالتي. قطاع التأمين ليس قائماً لوحده، فهو يتحرك مع حركة الاقتصاد العام، وطالما أن هذا الاقتصاد في أزمة فإن قطاع التأمين يعكس ذلك. ولذلك فإن النهوض بوقوع قطاع التأمين رهن بنهوض الاقتصاد العراقي، وهو ما أشرتَ إليه بشكل عام لكنه، وكما تعلم، فإنه بحاجة إلى دراسات تفصيلية. لن ألج هذا البا فهو خارج معرفتي وسأركز على نقطة واحدة.
أشاركك التمني بأن يطلع المسؤولين بما ينشر والاستفادة من الأفكار المعلنة، بعد تمحيصها نقدياً، في رسم السياسات. هناك مشكلة بهذا الشأن، وهي أن أصحاب القرار لا يقرأون ولا يستمعون (ربما يسمعون لكنهم لا يستمعون). دليلي على ذلك في مجال التأمين هو أن زملائي وأنا، ومنذ تشريع قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 (الأمر رقم 10) السيء الصيت، علّقنا وكتبنا وحلّلنا الآثار الضارة لهذا القانون، إلا أن أحداً من المسؤولين ومستشاريهم لم ينتبه إل ما صدر منا. وإن كان هناك موقف من أحد هؤلاء فإنه لم يتعدَ المداهنة؛ وهو ضعيف المحتوى كما بينّا أكثر من مرّة في التعليق على ما صدر من تصريحات لهذا أو ذاك من المسؤولين.
لم يتوقف أي مسؤول حكومي لحظة للسؤال: لماذا يعاني قطاع التأمين من عدم تطور حقيقي في حجم أقساط التأمين رغم وجود ثلاث شركات تأمين حكومية (إحداها متخصصة بأعمال إعادة التأمين) وثلاثين شركة تأمين خاصة؟ من يقوم بالتأمين على استيرادات الدولة الضخمة للحبوب والمعدات والمكائن، والمشاريع الهندسية وغيرها؟ أين تذهب أقساط تأمين هذه العقود والمشاريع، ولماذا لا تظهر في (احصائية نشاط شركات التامين العاملة بالعراق) التي تصدرها جمعية التأمين العراقية سنوياً؟
هل نبالغ إذ قلنا إن العلّة تكمن في الأمر رقم 10 الذي شرّعَ لتسريب أقساط التأمين إلى خارج العراق دون المرور من خلال شركات تأمين مسجلة في العراق ومرخصة لمزاولة العمل التأميني من قبل ديوان التأمين؟ هناك أسباب أخرى كالفساد المالي وتنظيم عقود الدولة على أساس سي آي إف CIF أو ترك الحرية للمقاول للتأمين أينما يشاء، إلخ، لكن هذا القانون هو الإطار المُنظّم لترتيب شراء التأمين من قبل الأفراد والشركات.
لقد تمادى مايك بيكنس Mike Pekins في إعداده لهذا الأمر القواعد الرقابية الموجودة حتى في ولاية أركنساس الذي كان يشغل فيها موقع مفوض التأمين (راجع: مصباح كمال، قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005: تقييم ودراسات نقدية، بغداد: منشورات شركة التأمين الوطنية، 2014. الكتاب متوفر في المكتبة الاقتصادية لشبكة الاقتصاديين العراقيين:
http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2015/02/2005-Insurance-Law-critique-NIC-edition.pdf
الحكاية محزنة. المهتمون بالمغانم والمحاصصة والاستحقاقات لا وقت لهم ليهتموا بمصائر الاقتصاد العراقي طالما أن نمط الإنتاج الريعي يدرّ أموالاً كافية لإعادة إنتاج أنفسهم للحكم في العراق، وإلهاء الناس ببوابة إلكترونية لترشيح أنفسهم للمشاركة في الحكومة. هكذا يتم الاستهزاء بذكاء الإنسان العراقي.
مع الشكر ثانية لاهتمامك.
مصباح كمال
6 تشرين الثاني 2018
الاخ والزميل العزيز مصباح كمال الموقر
تحية طيبة
1. أثمن عاليا جهودكم الحثيثة ومتابعتكم المتواصلة ومساهمتكم القيمة في الكتابة والتحليل للجوانب المتعددة لقطاع التأمين في العراق. أطلعت على مداخلاتكم حول المنهاج الوزاري 2018 ـ 2022، التي تحتوي على المحاور الشاملة والمهمة والمتكاملة لفروع التأمين. ودراستها باسلوب مهني ومعرفي والخبرة في رسم السياسة الواضحة والشفافة لهذا القطاع المهم في الاقتصاد العراقي ضمن المنهاج المذكور. أتمنى أن يتطلع عليها المسؤولين والاهتمام بها والاستفادة من ملاحظاتكم القيمة بهذا الخصوص، وترجمتها الى الواقع العملي في رسم سياستها وبرامجها الاقتصادية وخاصة في مجال التأمين.
2. أن المشكلة الاساسية في المسار الاقتصادي العراقي بما في ذلك التأمين منذ إحتلال الامريكي وحلفاءها للعراق عام 2003 وحتى الان، هي، أن الإدارات المتعاقبة في الحكم لم تكن قادرة على بناء مبدأ المواطنة التي تشكل روح الإدارة القانونية والمؤسساتية التي تساوي بين المواطن وتجمع بينهم وتوحدهم في إطار يتجاوز لولإءات الجزئية والعقائدية والحزبية الضيقة والطائفية والمحسوبية، والتي إنشغلت بالمصالح الفئوية والفساد المالي والاداري والتنافس من أجل الهيمنة والسلطة والمال. وقد أستندت تلك الإدارات على أوامر وتوصيات الحاكم الامريكي السابق ( بول بريمر)، وبعض الإقتصاديين اللبراليين الجدد، وسياسات المنظمات الراسمالية الدولية، صندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية. وقد أنصب برامجها على تشجيع التحول نحو إ قتصاد السوق الحر، والدور المميز للقطاع الخاص ، والاصلاح المالي والإداري للمؤسسات الحكومية على أساس الخصخصة وعلى حساب إضعاف أو إبعاد أداء القطاع الحكومي والتعاوني وحتى التطوعي في عملية التنمية.
3. يحتاج الاقتصاد العراقي الى إجراء إصلاحات بنيوية فيه للقطاعات والسياسة المالية والنقدية والتجارة. أن التحدى الاكبر الذي نواجهه اليوم، هو كيفية الخروج من حالة الفوضى في القوانين الاقتصادية التي تسود مجمل نشاطاته. ولا يتم ذلك إلا عن طريق تبني رؤية شفافة واستراتيجية واضحة ومعللة وتعرف ما تريد لعملية التنمية، وتحديد طبيعة فلسفة النظام السياسي، مع أخذ بنظر الاعتبار إيجاد نوع من التوازن في تسيير الاقتصاد بين التخطيط ودور القطاع العام وإقتصاد السوق وإصلاح القوانين والتشريعات المالية، وتفعيل دور الاستثمار وتطوير القوة البشرية المؤهلة، وتخفيف حدة البطالة والفقر، وتقليل الفوارق الطبقية وتحقيق نوع من العدالة الاجتماعية، وتقدير دور مجتمع الاعمال ومنظماته في عملية صنع القرارات المهمة والاستراتيجية حول النمو الاقتصادي. وأستخدام الطرق الحديثة في بناء النموذج الملائم للبيئة الوطنية وللتطور الاقتصادي والاجتماعي والقانوني والتنظيمي للمجتمع.
مع خالص المحبة والاعتزاز
صباح قدوري