الرئيسيةقطاع التأمين الوطني والاجنبي

مصباح كمال*: مناقشة التأمين والأديان في سياق ثقافي أوسع

misbah kamal

أشكر الأستاذ فاروق على هذا التعليق[1] الذي يدل على قراءته الدقيقة للنص المترجم وموقفه النقدي مما ورد فيه. أحيي فيه هذا الاهتمام الذي استفقده من أقراني من ممارسي التأمين في العراق.  كتبت هذه الروقة أصلاً كتعليق إلا أن توسعي في العرض جعلني أميل إلى نشره كمقال مستقل.

 

كتب الأستاذ فاروق التعليق التالي:

 

ورد في المقال (ففي نهاية العصور الوسطى كان الدين المسيحي والاسلام قويين للغاية حيث عارضت تعاليمهما انشاء آليات التامين التي كانت في ذلك الوقت في مهدها وتتطور باستمرار) انتهى الاقتباس ما مصدر هذه المعلومة بالنسبة للدين الاسلامي؟ هل يوجد نص شرعي في القران او السنة النبوية بالحل او بالحرمة؟ المعروف ان كلا من البنوك والتأمين من المعاملات التي خضع التعامل بها لاجتهادات العلماء وابحاثهم المستنبطة من بعض النصوص كقوله تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ان الله شديد العقاب) انظر رد أمانة الفتوى بدار الافتاء المصرية تحت عنوان تعرف على حكم الشريعة في التامين على الحياة والسيارات — رامي المصري السبت 18 يوليه 2015 على الانترنيت.

 

يؤكد النص المترجم، وخاصة ما اقتبسه الأستاذ فاروق، قوة الدينين المسيحي والإسلامي في نهاية العصور الوسطى.  الأول ممثلًا بالنفوذ الواسع للكنيسية (البابوية) في مجال الحياة العامة، والثاني ممثلًا بالنفوذ والتوسع الجغرافي للدولة العثمانية في أوروبا ودينها الرسمي القائم على الإسلام.  وترد في السرديات التاريخية أن الغزو العثماني للقسطنطينية (1453) والرحلة الأولى لكرستوفر كولمبس إلى أمريكا (1492)، والذي تزامن مع التطهير العرقي لإسبانيا وإنهاء الحكم العربي الإسلامي فيها، ومن بعدها الإصلاح الديني (1517) أكملت انتهاء القرون الوسطى التي يُؤرخ لها على أنها بدأت مع سقوط الإمبراطورية الرومانية في القرن الخامس الميلادي (467).

[1] شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/2022/03/14/%d8%ac%d8%a7%d9%86-%d8%a8%d9%8a%d9%8a%d8%b1-%d8%af%d8%a7%d9%86%d9%8a%d8%a7%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d9%82-%d8%a7%d9%84%d8%ab%d9%82%d8%a7%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%88%d8%b3%d8%b9/#comment-

لمواصلة القراءة انقر على الرابط التالي

مصباح كمال- مناقشة التأمين والأديان في سياق ثقافي أوسع

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

تعليقات (3)

  1. Misbah Kamal
    Misbah Kamal:

    تصحيح

    في القسم (3) من تعليقي وضمن فقرة “والسنهوري في موقفه هذا يساير …” وفي السطر الثاني منه ورد بين قوسين اسم (ابن تيمية كمثال في موقفه المانع للتأمين). وهذا خطأ إذ ايس معروفًا أن ابن تيمية كتب عن التأمين. رجعت إلى النص الأصلي لتعليقي حيث أوردت اسم ابن عابدين (وليس ابن تيمية). لفائدة القراء أنقل نص هذه الفقرة بالكامل:

    “والسنهوري في موقفه هذا يساير رأي مدرسة في الفقه الإسلامي تقول إن الأصل في المعاملات من عقود وشروط هو الإباحة (ابن تيمية)، لا الحظر والمنع (ابن تيمية كمثال في موقفه المانع للتأمين). هناك مدرسة أخرى تدعو إلى الحظر (كالحنفية، لكنها استعانت بالعُرف لتحليل العقود والشروط، وعرف عن أبو حنيفة استخدام ما يعرف بالحيل الشرعية لتسويغ ممارسات معينة، لم يكن التأمين من بينها لأنه لم يكن قائمًا في زمانه، القرن الثامن الميلادي). وقد كُتب الكثير حول شرعية التأمين من عدمه منذ القرن الثامن عشر (ابن عابدين) وحتى زماننا الذي شهد انتصار مدرسة الإباحة التي شكلت الأرضية النظرية لتأسيس ما يسمى بشركات التأمين الإسلامي.”

    مصباح كمال
    31 آذار 2022

  2. Misbah Kamal
    Misbah Kamal:

    عزيزي الأستاذ فاروق

    عودة إلى مناقشة التأمين والدين في سياق أوسع

    (1)
    أشكرك على تعليقك الجديد وعلى دوام اهتمامك بما ينشر في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين. وبودي هنا أن أقرّ بأنني أرحب دائمًا بتعليقاتك لأنك تثير الأسئلة بتواضع العالم لتوضيح ما هو غامض أو مستور وتنير جوانب لم تخطر على بالي لأنها، ببساطة، ليست من صلب اختصاصي لكنك تدفعني إلى التعلم وتوسيع المدارك.

    (2)
    من المفيد أن نفرق بين الدين الذي يتمتع بقداسة مطلقة قائمة على نص ثابت، وبين الفكر الديني الذي يستدعي إعمال التفكير البشري وهو ما يخضع، فيما يتوصل إليه من نتائج، للصواب والخطأ وفق قواعد منهج العلم الحديث. ونعرف أن هذا الفكر ليس قائمًا في فراغ بل يتأثر بالمصالح السياسية والاقتصادية والآيديولوجية المستترة. وهو ما نشهده عند استنطاق النصوص الدينية، مع تفاوت درجة قدسيتها، من قبل الفقهاء على مر العصور. وهكذا نقرأ عند البعض أن الإسلام، أو ما يسمى بالاقتصاد الإسلامي، يدعو إلى الحريات الاقتصادية ومنها حرية التعاقد في المجالات المادية طالما أن هذه الحرية لا تلزم نفسها بالتعامل مع الربا ꟷ المُحرَّم بنص مقدس . ولم يكن هذا غائبًا في مشروع ما صار يعرف بالتأمين الإسلامي وإيجاد المبررات المختلفة له. وقبل أن تفرض الرأسمالية المعولمة شروطها على العالم كان البعض يرسم ملامح اشتراكية للاقتصاد الإسلامي. في كلتا الحالتين يمكن، من خلال البحث، اكتشاف المصالح السياسية والاقتصادية والآيديولوجية. وفي هذا أتبع، بشكل عام، مقولة:

    “ان انتاج الوسائل المادية الضرورية للعيش ومن ثم درجة التطور الاقتصادي المحققة من طرف شعب ما او في حقبة ما تشكل الاساس الذي تقوم عليه مؤسسات الدولة والمفاهيم الشرعية والفن وحتى الافكار حول الدين التي يختص بها هذا الشعب او ذاك وعلى ضوئها يجب ان تفسر و ليس العكس كما هو الحال.” (فريدريك انجلز، في ذكرى رحيل كارل ماركس – خطاب على قبر كارل ماركس (https://www.marxists.org/arabic/archive/marx/1883/burial.htm

    نخلص من هذا أن النصوص الدينية قابلة لتفسيرات مختلفة تعكس مصالح متباينة على مستوى الفكر والممارسة مع تقدير الإسهامات الكبيرة للفقهاء في العرض والشرح والتأويل وتطويع النصوص لمتطلبات العصر الذي كانوا يعيشون فيه، سواء ما تعلق منها بمجال الفكر أو الممارسة أو العلاقة مع الحاكم. لقد كانوا يتعاملون مع واقعهم في تجلياته المختلفة في سياق التراكم في الأفكار والممارسات. ولما لم تكن مؤسسة التأمين قائمة في زمانهم فإنها لم تكن موضوعًا لتفكيرهم إلا في وقت متأخر.

    (3)
    لقد كان السنهوري متميزًا في عصريته ومرونته العالية في التعامل مع التراث. وهو ما يتبين مما نقلتَ عنه في تعليقك:

    “ان هناك قاعدة فقهية مُسلَّمة هي ان المسلمين عند شروطهم … فما ذكره الفقهاء في العقود المسماة انما هي العقود التي يغلب ان يقع بها التعامل في زمنهم فإذا استحدثت الحضارة عقودا اخرى توافقت فيها الشروط المقررة فقها كانت عقود مشروعة وعلى هذه السياسة جرى القانون المدني العراقي ثم يشير الى المادة 80 [الصحيح هو المادة 75] من القانون المدني العراقي ونصها (يصح ان يرد العقد على اي شيء آخر لا يكون الالتزام به ممنوعا بالقانون او مخلفا للنظام العام أو الآداب.”

    والسنهوري في موقفه هذا يساير رأي مدرسة في الفقه الإسلامي تقول إن الأصل في المعاملات من عقود وشروط هو الإباحة (ابن تيمية)، لا الحظر والمنع (ابن تيمية كمثال في موقفه المانع للتأمين). هناك مدرسة أخرى تدعو إلى الحظر (كالحنفية، لكنها استعانت بالعُرف لتحليل العقود والشروط، وعرف عن أبو حنيفة استخدام ما يعرف بالحيل الشرعية لتسويغ ممارسات معينة، لم يكن التأمين من بينها لأنه لم يكن قائمًا في زمانه، القرن الثامن الميلادي). وقد كُتب الكثير حول شرعية التأمين من عدمه منذ القرن الثامن عشر (ابن عابدين) وحتى زماننا الذي شهد انتصار مدرسة الإباحة التي شكلت الأرضية النظرية لتأسيس ما يسمى بشركات التأمين الإسلامي.

    (4)
    نعرف بأن العقد يقوم على اجتماع إرادتين يراد منهما إحداث أثر قانوني. وهو ما أبرزه السنهوري في تعريفه للعقد في المادة 73 من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 على أنه “ارتباط الإيجاب الصادر من أحد العاقدين بقبول الآخر على وجه يثبت أثره في المعقود عليه.” وهو ما ينطبق على عقد التأمين. والعقد التأميني، التجاري، بهذا المعني يستدعي وجود إرادتين لقيامه وهو ما يرتبط بمبدأ سلطان الإرادة الذي يضم شقين. الشق الشكلي الذي يستوجب عنصر الرضائية للتعبير عن الإرادة لفظًا أو كتابةً أو ضمنيًا. الشق الثاني يستوجب تحديد آثار التصرف، وهنا يمكن للإرادة إنشاء عقد غير محدد (غير مُسمى) في القانون أو الشرع.

    وهنا تكمن أهمية الإشارة التي نقلتَها في تعليقك عن السنهوري (المادة 75، “يصح ان يرد العقد على أي شيء آخر لا يكون الالتزام به ممنوعاً بالقانون او مخالفاً للنظام العام او للآداب”، و “أن المسلمين عند شروطهم.”) إذ نلاحظ هنا أنه يحصر المنع بالقانون أو المخالفة للنظام العام أو للآداب، أي أن المنع أو المخالفة ليس لهما أي علاقة بأحكام الشريعة أو بأي نص ديني معين. يدلّ هذا على إخراج العقود من الدائرة الدينية ونقلها إلى الدائرة الدنيوية لتسهيل حياة البشر في تعاملهم. وهو ما يؤيد ما كتبناه سابقًا أن التأمين مؤسسة علمانية رغم كل المسميات والمسوح الدينية التي تضفى عليها.

    (5)
    أخلص من هذا العرض إلى أننا متفقان في الموقف تجاه إباحة التأمين مستفيدين من النصوص التي اقتبستها من الدكتور السنهوري. ما أود أن أؤكد عليه هو قناعتي بمقتربه العلماني من العقود، وضمنًا عقود التأمين.

    مصباح كمال
    28 آذار 2022

  3. Farouk younis
    Farouk younis:

    عزيزي الاستاذ مصباح
    لأهمية الموضوع اجد من المفيد الاشارة الى ما ذكره الدكتور عبد الرزاق السنهوري في كتابه القيم ( مصادر الحق في الفقه الإسلامي- معهد الدراسات العربية العالية – 1953- 1954 كما يلي:-حيث كتب
    ان ابرز كتب الفقه الإسلامي هو كتاب البدائع للكاساني في الفقه الحنفي وبعد تعداد العقود عقدا عقدا تساءل السنهوري الا يوجد في الفقه الإسلامي عقود اخرى غير هذه العقود ؟
    وبوجه عام هل عرف الفقه الإسلامي مبدا حرية التعاقد فيجوز بايجاب وقبول التعاقد على اي امر لا يخالف النظام العام ولا الاداب ؟ تسأل هل العقود في الفقه الإسلامي مذكورة على سبيل الحصر ؟
    واجاب : يبدو لاول وهلة انها كذالك ففي كتب الفقه لا نجد نظرية عامة للعقد بل نجد على النقيض من ذلك عقود مسماة تاتي عقدا بعد عقد على ترتيب غير منطقي و يختلف هذا الترتيب في كتاب عنه في كتاب اخر حتى يظن الباحث ان الفقه الإسلامي لا يعرف الا هذه العقود المسماة وان اي اتفاق لا يدخل تحت عقد من هذه العقود لا يكون مشروعا
    ولكن هذه النظرة في الفقه الإسلامي نظرة سطحية فان الباحث يلمح من خلال الاحكام التي يقررها الفقهاء في صدد هذه العقود المسماة انهم يسلمون بامكان ان يمتزج عقدا او اكثر في هذه العقود في عقد واحد يجمع بين خصائص العقود التي امتزجت فيه بل ويلمح ان هناك قاعدة فقهية مسلمة هي ان المسلمين عند شروطهم
    ثم يقول السنهوري:
    فما ذكره الفقهاء في العقود المسماة انما هي العقود التي يغلب ان يقع بها التعامل في زمنهم فإذا استحدثت الحضارة عقودا اخرى توافقت فيها الشروط المقررة فقها كانت عقود مشروعة وعلى هذه السياسة جرى القانون المدني العراقي
    ثم يشير الى المادة 80 من القانون المدني العراقي ونصها ( يصح ان يرد العقد على اي شيء آخر لا يكون الالتزام به ممنوعا بالقانون او مخلفا للنظام العام أو الاداب )
    مع الشكر والتقدير

التعليق هنا

%d مدونون معجبون بهذه: