المصارف وأسواق المال
22/12/2012
مقدمة:
شهد الربع الاخير من القرن الماضي انطلاقة مسيرة المصارف الاسلامية وانتشارها في مختلف ارجاء العالم. وقد عملت المصارف المذكورة على بناء مؤسساتها وتثبيت دعائمها وأرتياد مختلف آفاق العمل المصرفي المتوافق مع احكام الشريعة الاسلامية وحققت نجاحاً ملموساً في مجال عملها من خلال تقديم العمل المصرفي الاسلامي بصيغ بعيدة عن قاعدة الديون والربا التي تمارسها المصارف التقليدية، وبذلك استطاعت مواجهة وتجاوز آثار الازمة المالية العالمية.
ويركز هذا البحث على مناقشة وتحليل اسباب الازمة المالية العالمية التي بدأت في عام 2008 وكذلك تداعيات وتأثيرات تلك الازمة على اسواق المال العالمية وعلى الاقتصاد العالمي في مرحلة لاحقة. كما يركز البحث ايضاً على تحليل تأثيرات الازمة المذكورة على المصارف الاسلامية وكيف استطاعت هذه المصارف تجاوز التأثيرات السلبية الناجمة عن الازمة، وخصوصاً في بداية الازمة بالمقارنة مع المصارف التقليدية التي تأثرت كثيراً من خلال الخسائر المالية الكبيرة وبعدها يتم إجراء نقد لواقع المصارف الاسلامية وكذلك التحديات التي تواجه المصارف المذكورة. ومن المناسب، ابتداءً، تقديم نبذة عن ماهية ووظائف وخصائص المصارف الاسلامية وتطورها خلال العقود الثلاثة الماضية وكذلك اوجه اختلاف هذه المصارف عن المصارف التقليدية. وفي الختام يتم اقتراح عدد من التوصيات التي يمكن ان تساهم في تعزيز مسيرة المصارف الاسلامية وتطورها وتذليل العقبات والصعوبات التي تواجهها.
أهمية البحث:
تتأتى أهمية البحث من الاهمية الكبيرة والمتزايدة التي تحتلها المصارف الاسلامية بصفتها جزءاً من النظام المصرفي العالمي، وبديلاً مناسباً لها من حيث آلية التعامل مع قضايا التمويل والصيرفة والمتوافقة مع الشريعة الاسلامية والمتمثلة بأحلال المشاركة في الربح والخسارة محل المداينة بفائدة، ما يجعلها في وضع قادر على مواجهة آثار الازمات المالية العالمية.
هدف البحث:
يهدف البحث الى معرفة ما اذا كانت المصارف الاسلامية قد استطاعت تجنب تأثيرات الازمة المالية العالمية وكذلك فيما اذا استطاعت المصارف المذكورة من تحقيق الاهداف التنموية التي تسعى الى تحقيقها. ولهذا الغرض فقد طرحت بعض التساؤلات لغرض الاجابة عليها وهي:-
-
هل تختلف المصارف الاسلامية عن المصارف التقليدية من حيث الوظائف والآليات والخدمات المقدمة؟
-
هل استطاعت المصارف الاسلامية تجنب آثار الازمة المالية العالمية، وبالتالي فأنها تقدم البديل الافضل للمصارف التقليدية؟
-
هل نجحت المصارف الاسلامية في تحقيق الاهداف التنموية التي تسعى الى تحقيقها؟
منهجية البحث:
يتبع البحث منهجية التحليل الوصفي واستخدام التحليل الاقتصادي النظري في مناقشة وتحليل الجوانب المختلفة للبحث للتوصل الى استنتاجات واجابات للتساؤلات المطروحة.
ولتحقيق هدف البحث سوف نتناول الموضوعات الآتية:
أولاً: المصارف الاسلامية : تعريفها وتطورها ووظائفها وخصائصها.
ثانياً: الازمة المالية العالمية، اسبابها وتداعياتها.
ثالثاً: هل استطاعت المصارف الاسلامية تجنب آثار الازمة المالية العالمية.
رابعاً: نقد لواقع المصارف الاسلامية: السلبيات والتحديات.
خامساً: الاستنتاجات والتوصيات
أولاً: المصارف الاسلامية: تعريفها وتطورها ووظائفها وخصائصها:
التعريف: يمكن تعريف المصارف الاسلامية بأنها عبارة عن منشآت مالية تقدم الاعمال المصرفية في اطار الشريعة الاسلامية وتعتمد على منافذ مشروعة للحصول على الاموال واستثمارها بالطرق الشرعية من خلال وسائل المضاربة والمرابحة وبيع السلع والاجارة وغيرها(1). وهناك تعريف آخر اكثر شمولاً وهو ان المصارف الاسلامية مؤسسات مالية استثمارية ذات رسالة تنموية وانسانية واجتماعية تستهدف تجميع الاموال وتحقيق الاستخدام الامثل للموارد بموجب قواعد واحكام الشريعة الاسلامية لبناء مجتمع التكافل الاسلامي(2). ان الرسالة الاساسية لهذه المصارف تستند الى حاجة المجتمع الاسلامي لان يجد ملاذاً في التعامل المصرفي الاستثماري بعيداً عن شبهة التعامل بالربا(الفائدة) وينطلق من قاعدة (الغنم بالغرم) اي لا تكون هناك ارباحاً بدون تحمل خسارة، وكذلك مقولة ان الاموال لا تلد اموالاً وانما تستثمر في صيغ متعددة مثل المشاركة والمرابحة… الخ.
وقد اصبحت المصارف الاسلامية في ظل متطلبات العصر ضرورة اقتصادية لكل مجتمع اسلامي يرفض التعامل بالربا ويرغب في تطبيق الشريعة الاسلامية وذلك بهدف تيسير التبادل والمعلومات وتيسير عملية الانتاج. كما ان المصارف المذكورة وسيلة لمحاربة ظاهرة الاكتناز وتشجيع الاستثمار الحقيقي بأقامة المشروعات الاقتصادية.
النشوء والتطور: تعود البداية الاولى لنشأة المصارف الاسلامية الى عام 1940 عندما نشأت في ماليزيا صناديق للادخار تعمل بدون فائدة. وفي عام 1950 بدأ التفكير المنهجي المنظم يظهر في الباكستان بوضع اساليب تمويل تلتزم بأحكام الشريعة الاسلامية. الا ان المحاولات الجادة في العصر الحديث للتخلص من المعاملات المصرفية الربوية بدأت عام 1963 عندما انشأت مصارف الادخار المحلية في الدقهلية في مصر، وهي بمثابة صناديق ادخار لصغار الفلاحين ثم تبعها انشاء بنك ناصر الاجتماعي عام 1971 بالقاهرة لغرض جمع وصرف الزكاة والقرض الحسن، ثم تلتها محاولات عديدة منها في الباكستان ثم جاء البنك الاسلامي بالسعودية في عام 1974 وتلاه بنك دبي الاسلامي في 1975 ثم بنك فيصل (السوداني) في 1977 وبعدها الكويت ومصر والاردن الخ… وبعدها انتشرت البنوك الاسلامية في جميع انحاء العالم، حتى ان البنوك التقليدية فتحت نوافذ او فروع او بنوك اسلامية مثل سيتي بنك ولويدز وغيرها(3).
ويعود نمو وانتشار المصارف الاسلامية الى جملة من العوامل وفي مقدمتها (4) :
-
عدم الرضا عن اداء ونتائج القطاع النقدي والمالي في العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وكذلك خيبة الامل مع المقاربة غير الاخلاقية لمسألة التمويل التقليدي.
-
ظهور الحركة المالية الاسلامية كجزء من نهوض الشعوب الاسلامية.
-
المقاربة الاسلامية للنقود والصيرفة والتمويل والتي تختلف عن المقاربة التقليدية. فالتمويل الاسلامي يخلق ترابطاً مع الاقتصاد الحقيقي (الانتاجي) الذي يولد قيمة مضافة، ولا يسمح يخلق مخاطر جديدة من أجل الحصول على الربح.
وتبين الاحصائيات أدناه ما وصلت اليه المصارف الاسلامية من نمو وتطور(5):
-
بلغ عدد المصارف الاسلامية في عام 2009 اكثر من 270 مصرفاً اسلامياً في العالم وقد يكون قد وصل الرقم الآن الى 300.
-
بلغ حجم الودائع المصرفية لدى المصارف الاسلامية اكثر من 200 مليار دولار.
-
بلغ اجمالي حجم الاصول للمصارف الاسلامية مجتمعة اكثر من 265 مليار دولار.
-
بلغ حجم الاستثمارات في المصارف المذكورة نحو 450 مليار دولار.
-
بلغ معدل نمو الاستثمارات لدى المصارف الاسلامية نحو 23% سنوياً.
-
بلغ حجم التمويل الاسلامي اكثر من 750 مليار دولار.
-
بلغ عدد النوافذ الاسلامية للمصارف التجارية التقليدية نحو 300 نافذة.
-
وفي منطقة الخليج العربي وحدها تتولى المصارف الاسلامية ادارة مدخرات بقيمة 60 مليار دولار.
ومن هنا نرى ان التمويل الاسلامي يتميز بنموه السريع ضمن صناعة التمويل العالمية، وان مثل هذا النمو، سواء في البلدان المتقدمة او النامية، دليل على القبول الدولي لفكرة العمل المصرفي الاسلامي.
الخصائص: رغم ان المصارف الاسلامية تلعب دوراً مشابهاً الى حد ما لدور المصارف التقليدية الا ان هناك اختلافات اساسية بين النموذجين أهمها(6) :
-
التزام المصارف الاسلامية بأحكام الشريعة الاسلامية في اعمالها على عكس الحال في المصارف التقليدية، فالاولى مؤسسة استثمارية ذات رسالة تنموية وأنسانية واجتماعية تستهدف تحقيق الاستخدام الامثل للموارد في حين ان الثانية مؤسسة مالية تتعامل بالدين والائتمان (أي الاستدانة).
-
اختلاف وظائف المصارف الاسلامية من حيث تحريم الربا واعتبار النقود وسيلة للتبادل وللقيمة وللوفاء بالالتزامات، وانها ليست سلعة وليس لها قيمة زمنية الا من خلال ارتباطها بالتعامل بالسلع بشروطها الشرعية.
-
وهناك اختلافات فيما يخص الوساطة المالية، حيث تستند الوساطة التقليدية على الدين وتسمح بتحويل المخاطر في حين ان الوساطة الاسلامية تستند على الاصول ( assets) وترتكز على تقاسم المخاطر وتتحملها بالرغم من السعي لتقليلها.
-
ومن الاختلافات الرئيسة بين النموذجين ان النموذج الاسلامي لا يسمح بالاستثمار او تمويل ذلك النوع من الادوات المالية التي اثرت سلباً على المصارف التقليدية وكانت سبباً في ظهور الازمة المالية العالمية في عام 2008 وهذه الادوات يسميها البعض الاصول الفاسدة ( toxic assets) والمشتقات المالية والادوات المالية التقليدية.
-
ان العلاقة بين المصارف الاسلامية واصحاب الودائع ليست قائمة على اساس دائن ومدين ( كما هو الحال في المصارف التقليدية) بل علاقة مشاركة ومتاجرة ضمن عمليات البيع والشراء (7).
ومن هنا يتبين ان العمل المصرفي الاسلامي له فلسفة مختلفة تماماً عن فلسفة المصارف التقليدية ذلك ان الاخيرة تتاجر بالنقود عن طريق بيع وشراء الائتمان والتكسب من الفرق، فهي قائمة على الربا وليس على التعامل في السلع والخدمات، بأستثناء الخدمات المصرفية الخالية من المخاطرة. وبالمقابل فأن المصارف الاسلامية تتقيد بوظيفة النقود التي هي تسهيل انتقال السلع والخدمات وتجنب الربا وتحل محله المشاركة سواء بين مال ومال (شركات الاموال) او بين جهد ومال ( المضاربة الشرعية)(8)
الوظائف : تشتمل وظائف المصارف الاسلامية الامور الآتية: (9)
-
اجتذاب المدخرات من اجل استثمارها في القطاعات المختلفة.
-
ادارة استثمارات أموال الغير، حيث يكون المصرف مضارباً لقاء نسبة من ناتج الاستثمار في حالة تحقيق الربح فقط واذا تحققت الخسارة فأنه المصرف يخسر جهده ووقته ويتحمل صاحب المال الخسارة المالية.
-
استثمار الاموال، حيث يقوم المصرف بتوظيف الاموال المتاحة من مصادر ذاتية مع حسابات الاستثمار التي يتلقاها بصفته مضارباً عن طريق تأسيس منشآت او الاسهام في منشآت قائمة.
-
تقديم الخدمات المصرفية مقابل اجر محدد مثل الحوالات والشيكات وفتح الاعتمادات واصدار خطابات الضمان وتقديم الخدمات الاستشارية الخ، وهي تماثل الخدمات المقدمة من المصارف التقليدية.
-
تقديم الخدمات الاجتماعية من خلال الاقراض او من صندوق القرض او صندوق الزكاة والصدقات وذلك لتحقيق أهداف سياسية او حزبية معينة.
-
الاتجار المباشر والاستثمار المباشر في المصارف الاسلامية، وذلك من خلال بيع ما سبق ان اشترته المصارف المذكورة من السلع بثمنه الاصلي مع اضافة هامش ربح عليه، وكذلك من خلال القيام بتأسيس مشروعات جديدة أو المشاركة في اخرى قائمة.
-
ضمان الاموال سواء كانت حسابات جارية أو حسابات استثمار أو اموال الودائع الخ…
وهناك العديد من ادوات التمويل في المصارف الاسلامية وأهمها (10):
-
المضاربة( تمويل رأس المال مع تقاسم الربح): يقوم المصرف بتهيئة رأس المال فيما يقوم العميل بأدارة المشروع وهو هنا يسمى مضارب، اما العائد الكلي من المشروع فيقسم طبقاً لنسبة متفق عليها. وتعد المضاربة نظام من شأنه ان يسهل عملية الاستثمار على اساس تعاقدي بين من يملك المال (المصرف) وبين المستثمر( المضارب). ويتوجب ان يكون هناك تحديد لنصيب كل طرف من الربح عند التعاقد.
-
المشاركة: وهي شراكة بين المصرف والعميل يتم بموجبها تقاسم الارباح على اسس متفق عليها سلفاً، لكن الخسائر تقسم بناء على نسب المشاركة في الملكية. ويمكن لهذه الشراكة ان يديرها المصرف او العميل او كلاهما او طرف ثالث. ويتقاسم كل من المصرف والعميل بنسبة متساوية او متباينة من اجل انشاء مشروع جديد او تبني مشروع قائم بحيث يصبح كل واحد منهما مالكاً لرأس المال ومستحقاً لنصيب من الارباح، وتقسم الخسارة ايضاً على قدر حصة كل منهما في رأس المال.
-
المرابحة: هي شكل من التمويل يستخدم غالباً لتمويل شراء أصول أو لأقراض العملاء. وهنا يقوم المصرف بشراء مادة وبيعها الى العميل بأسعار اعلى بدفع اجل. وهنا فأن الفائدة التي تدفع عادة من قبل العميل في القرض التقليدي( والتي تمثل ربح المصرف) تستبدل بالفرق بين سعر الشراء وسعر البيع.
-
الاستصناع: وهو بمثابة عقد شراء بين المصرف والعميل حيث يقوم العميل بتحديد سلع يتم صنعها، وبعد ان يتم صنع السلع او تشحن يقوم المصرف ببيع هذه السلع الى العميل بموجب اتفاقية مسبقة. ان هذا الشكل من التمويل يعمل على نفس مبدأ المرابحة مع استثناء مهم هو ان المادة التي تشترى ليست موجودة بعد.
-
الاجارة: وهي عبارة عن عقد يقوم بموجبه المصرف بتأجير معدات الى العميل بآجر متفق عليه وفي نهاية الايجار يقوم العميل بشراء المعدات بسعر متفق عليه مع المصرف، والاجر المدفوع هنا يكون جزءاً من السعر يحتفظ مالك المعدات المؤجرة ببعض المخاطر والعوائد المرتبطة بالملكية المؤجرة.
-
السلم (شراء بتسليم لاحق) وهو عقد شراء يكون فيه السعر مدفوعا مقدماً من قبل المصرف وتسلم السلع لاحقاً من قبل العميل الى شخص محدد. بتاريخ محدد لايجارة المبلغ المقترض، وبأمكان المصرف منح مثل هذا القرض لزبائنه المشاركين في عمليات التمويل المحلية كالمضاربة والمشاركة لتقديم تسهيلات معينة تحفيزاً لهم.
-
قرض حسن ( قرض بدون فائدة) يقدم لدوافع خيرية وهنا يلتزم المقترض بأعادة المبلغ المقترض بتاريخ محدد وبأمكان المصرف منح مثل هذا القرض لزبائنه المشاركين في عمليات التمويل المختلفة كالمضاربة والمشاركة لتقديم تسهيلات معينة تحفيزاً لهم.
-
رهن : وهو عبارة عن اتفاقية لتوفير ضمانة للمصرف وتودع الاتفاقية لدى المصرف أو لدى العميل وهذا شكل اخر من اشكال الاقراض
ثانياً: الازمة المالية العالمية: اسبابها وتداعياتها
أسباب الازمة:
تُعد الازمة المالية العالمية التي حدثت في عام 2008 من قبل العديد من الاقتصاديين الاسوأ بين الازمات المالية منذ الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي. وقد بدأت مظاهر الازمة من خلال شح السيولة في النظام المصرفي في الولايات المتحدة الامريكية وانهيار المؤسسات المالية الكبيرة وهبوط اسعار الاسهم والسندات وفشل العديد من شركات الاعمال الرئيسة. وما لبثت ان امتدت تأثيرات الازمة المالية الى اوربا وبعض الدول الآسيوية وغيرها من البلدان، ومن ثم تحولت الى ازمة اقتصادية اي انتقال تأثيراتها من قطاع المال الى قطاعات الانتاج. ويرى البعض بأن الازمة المالية العالمية تمثل حالة فشل للأيديولوجية الرأسمالية وهزيمة لتلك المدرسة الفكرية.
ومن التعليقات المهمة والرسمية على الازمة المالية العالمية والتي تلقي بعض الضوء على الاسباب ما ورد في التقرير الذي عرف بتقرير ( Lievin- Cobwin) (11) حيث ذكر بأن الازمة لم تكن كارثة طبيعية بل نتيجة للمخاطر الكبيرة ومنتجات مالية معقدة وتضارب مصالح لم يكشف عنها وفشل الضوابط (Regulators) وهيئات تقدير الائتمان وتأثيرات السوق المالية (Wall Street). كما ان مجلس التحقيق عن الازمة الذي شكل في الولايات المتحدة الامريكية وجد في عام 2011 بأن الازمة كان يمكن تجنبها وان سببها هو الفشل الواسع في الاجراءات المالية، بما فيها بنك الاحتياط الفيدرالي الامريكي لكبح جماح التيار القوي للرهون الفاسدة. اضافة الى ذلك فأن انهيار الحوكمة (governance) لدى الشركات وميلها المفرط لتحمل المخاطر الكبيرة، وعدم تهيء واضعي السياسات لمواجهة الازمة، وضعف الفهم الكافي للنظام المالي عند الذين يشرفون عليه، وتجاوز كل قواعد المحاسبة ( accountability) والجوانب الاخلاقية على كل المستويات.
واذا اريد تقصي الاسباب الرئيسة المباشرة للأزمة المالية العالمية فيمكن اجمالها بالعوامل الآتية(12):
-
ازمة الرهون العقارية، وهي تعتبر نتيجة وسبب في آن واحد.
-
التوسع الجنوني في اصدار الاصول المالية وزيادة حجم المديونية .
-
ضعف او انعدام الرقابة والاشراف على المؤسسات المالية.
وفي ادناه شرح مختصر لكل من العوامل المذكورة اعلاه.
-
1. ازمة الرهون العقارية:
ان فحوى هذه الازمة هي ان الافراد يشترون العقارات من خلال الحصول على القروض من المصارف، وعندما تزداد اسعار العقارات يحصل المالك للعقار على قرض ثاني جديد مقابل رهن جديد من الدرجة الثانية، وهذه تُعد رهون اقل جودة ومعرضة للمخاطر بشكل اكبر وخاصة اذا انخفضت قيمة العقارات. والمشكلة الاخرى هي ان المصارف استخدمت المشتقات المالية لتوليد مصادر للتمويل والتوسع في الاقراض. وعندما تتجمع لدى المصرف محفظة كبيرة من الرهون العقارية يلجأ الى استخدامها لاصدار اوراق مالية جديدة يقترض بموجبها من المؤسسات المالية بضمان المحفظة، وهذا ما يعرف بالتوريق او التسنيد( securitization) وتستمر العملية موجة بعد موجة بحيث يولد العقار الواحد طبقات متتابعة من الاقراض مما يولد زيادة المخاطر. وقد ساهمت عملية التوريق هذه وكذلك التعاملات المستقبلية في زيادة حجم المشكلة. ان تضافر عاملي سهولة الأئتمان وتدفق الاموال الاجنبية الى الولايات المتحدة الامريكية ساهما في خلق ما يسمى بـ فقاعة الاسكان (housing bubble)
-
2. التوسع الجنوني في اصدار الاصول المالية وزيادة حجم المديونية:
ان المبادئ السليمة للمحاسبة المالية تربط بين حدود التوسع في الاقتراض وتوفر حد ادنى من الاصول المملوكة وتجدر الاشارة هنا الى ان اتفاقية بازل للرقابة على المصارف حددت التوسع في الاقراض من قبل المصارف بأن لا تتجاوز نسبة معينة من رأس المال المملوك. ورغم مراقبة المصرف المركزي ( بنك الاحتياط الفيدرالي) للمصارف التجارية فأن مصارف الاستثمار في الولايات المتحدة لا تخضع للرقابة من قبل المصرف المركزي ولهذا توسعت بعض المصارف في الاقراض لاكثر من ستين ضعفاً من حجم رؤوس أموالها. ومعلوم ان الزيادة في الاقراض تعني مزيداً من الارباح وفي نفس الوقت هي زيادة في المخاطر… وقد استند التوسع في الاقراض الى اختراع جديد لزيادة الاقراض اسمه المشتقات المالية (Financial derivatives ) التي يمكن عن طريقها توليد موجات متتالية من الاصول المالية.
-
3. ضعف او انعدام الرقابة والاشراف:
وخاصة بالنسبة الى مصارف الاستثمار وسماسرة الرهون العقارية والرقابة على المشتقات المالية والرقابة على الهيئات المالية التي تصدر شهادات الجدارة الائتمانية وبالتالي تشجع المستثمرين على الاقبال على الاوراق المالية. وفضلاً عما سبق فأن توسع وانتشار صناديق التحوط ادى الى خلق سيولة نقدية هائلة وتحقيق مكاسب سريعة. ان هذه الصناديق هي بمثابة مؤسسات مالية ليست مفتوحة للشعب بل للاثرياء فقط، وكل صندوق يستوعب نحو 500 مستثمر، والصناديق المذكورة غير مسجلة ولا تخضع للرقابة وتعمل هذه الصناديق على الاقتراض من مؤسسات مالية بأسعار فائدة منخفضة ثم تستثمر هذه الاموال مقابل فوائد مرتفعة وبذلك تحقق ارباحاً من الفروقات وهذا ما يسمى بالرفع المالي، وهو بمثابة استثمار في الاوراق المالية او مشتقات الأئتمان وهي عملية تحويل القروض المختلفة ( مثل قرض الرهن العقاري وغيره) الى سندات يمكن تداولها في الاسواق المالية. وهكذا نرى بأن ضعف الرقابة والاشراف يمثل العامل الآخر الذي شجع على التوسع في المديونية.
واضافة الى ما سبق هناك العديد من الاسباب الاخرى للازمة المالية العالمية وأهمها: (13)
أ. سوء سلوكيات مؤسسات الوساطة المالية التي تقوم بأغراء محتاجي القروض والتدليس عليهم وكذلك طمعهم وجشعهم.
ب. التعاملات المستقبلية والتي تتضمن قيام مستثمر ببيع سلعة غير موجودة حالياً اعتماداً على توقع أنخفاض سعرها لاحقاً وبالتالي جني الارباح.
ج. التجارة بالعملات الورقية والاوراق المالية دون ان يكون هناك رابط ما بين عملية الانتاج والنظام المالي.
د. التطور الهائل في الاسواق المالية وجعلها بالغة التعقيد، الامر الذي خلق فرصاً كثيرة وزاد من حجم المخاطر.
وهكذا نرى بأن الازمة المالية العالمية هي نتيجة توسع غير منضبط في القطاع المالي في الولايات المتحدة الامريكية ومن ورائه دول العالم المتقدم، وهذه في الواقع جزء من ازمات النظام الرأسمالي. وقد اثبتت الازمة حقيقة الاقتصاد الامريكي في السعي لجني الارباح الهائلة والسريعة ليس على اساس الانتاج الحقيقي وانما الحصول على الارباح التي اساسها المقامرة في اسواق المال.
تداعيات الازمة:
لقد كان من نتائج الازمة المالية العالمية، كما مر سابقاً، تساقط المؤسسات المالية والمصارف الواحدة تلو الاخرى وذلك على اثر هبوط اسعار العقارات واسعار الاسهم في الولايات المتحدة الامريكية، ثم انتقلت آثار الازمة تدريجياً الى البلدان الاخرى في اوربا واسيا وبلدان اخرى وذلك لارتباطها بأسواق المال الامريكية والعالمية. وفي مرحلة لاحقة انتقلت آثار الازمة المالية الى النشاط الاقتصادي، اذ توسعت البطالة وحل الركود وانخفضت اسعار النفط وتأثر الانتاج السلعي سلباً في الولايات المتحدة الامريكية ومن ثم الى البلدان الرأسمالية الغربية الاخرى والبلدان الآسيوية التي ترتبط ارتباطاً عضوياً بالاسواق المالية الامريكية وبالتجارة العالمية.
وقد نتجت عن الازمة المالية العالمية تأثيرات عديدة أنعكست على الولايات المتحدة الامريكية وعلى معظم بلدان العالم المختلفة واهمها(14) :
وقد دفعت الازمة المالية العالمية الى اللجوء لعدد من الاجراءات أهمها:
-
أنخفاض سعر النفط العالمي من حوالي 150 دولار للبرميل الى حوالي 77 دولار وذلك بأنخفاض بلغت نسبته حوالي 50% كما خسرت البلدان التي تمتلك صناديق سيادية ومنها دول الخليج التي تستثمر في امريكا وأوربا.
-
حدوث خسائر في اصول المصارف الخاصة المتعلقة بالقروض والاستثمارات وسندات الرهن العقاري وانخفاض اسعار الاسهم.
-
حدوث انكماش وكساد اقتصادي خطير وتباطؤ معدلات النمو وتقلص حجم الانتاج والدخل وارتفاع معدلات البطالة وانخفاض الطلب على النفط وأنخفاض اسعاره، وبالتالي تقلص المساعدات المقدمة للبلدان النامية.
وقد دفعت الازمة المالية العالمية الى اللجوء لعدد من الاجراءات أهمها:
-
قيام السلطات المختصة الامريكية بضخ حوالي 700 مليار دولار في السوق المالية لشراء القروض الرديئة من المصارف وشركات التمويل العقاري.
-
تدخل الدولة في الاقتصاد وذلك من خلال التأميم والاشراف والرقابة بالضد من المباديء الرأسمالية.
-
المطالبة بأعادة النظر في النظام المالي والنقدي والرأسمالي وتعديله ليكون في خدمة الانتاج والتنمية.
وعلى صعيد المنطقة العربية فأن انخفاض اسعار النفط العالمية ادى الى حدوث خسائر بالنسبة الى الدول المنتجة للنفط وتقلص النشاط الاقتصادي. ان مدى تأثر البلدان العربية يتناسب مع حجم علاقتها الاقتصادية والمالية مع العالم الخارجي. وتقدر خسائر دول الخليج من جراء الازمة المالية العالمية نحو 500 مليار دولار(15).
ثالثاً: هل استطاعت المصارف الاسلامية تجنب آثار الازمة المالية العالمية؟
منذ بداية الازمة المالية العالمية ظهرت العديد من الدراسات والتقارير التي تبين بأن المصارف الاسلامية لم تتأثر سلباً بالازمة المالية العالمية كما هو الحال في المصارف التقليدية وخصوصاً في الفترة الاولى للأزمة. ويعود السبب في ذلك طبقاً لتلك الدراسات والتقارير الى ان المصارف الاسلامية لم تتعامل بالفائدة ولا تتاجر بالدين وهذا ما يعطيها ميزة على المصارف التقليدية، لانها تتاجر بما تملك فعلاً من اصول مادية وهذا ما يجعلها بمنأى عن تأثيرات الازمات المالية العالمية. الا ان المصارف الاسلامية ليست محمية بالكامل. فحينما تتحول الازمة المالية الى ازمة اقتصادية ينخفض النشاط الاقتصادي أنتاجاً وتشغيلاً واستثماراً مما يؤدي الى تأثر المصارف الاسلامية من جراء تقلص النشاط الاقتصادي في جانبه السلعي ( الانتاجي) مما ينعكس على نشاط المصارف الاسلامية. الا انه رغم ان هذه المصارف تخسر بعض الشيء من جراء تقلص نشاطها لكنها لا تفقد كل شيء، كما يقول مدير مصرف استثمار يونيكورن في البحرين، ماجد الرفاعي(16).
وقد اشارت دراسة اجراها صندوق النقد الدولي(17) بأن المصارف الاسلامية اظهرت قدرة اكبر على تجاوز آثار الازمة المالية العالمية. ففي تلك الدراسة (التي قام بها اقتصاديان من الصندوق) تمت مقارنة تأثيرات الازمة على الربحية والاقراض ونمو الاصول المالية في المصارف الاسلامية والمصارف التقليدية. وتؤكد الدراسة بأن المصارف الاسلامية كانت افضل من المصارف التقليدية في تحمل آثار الأزمة المالية العالمية، وان تلك الازمة لم تؤثر سلباً على ربحيتها في عام 2008 كما هو الحال في المصارف التقليدية. وبشكل خاص فأن محافظها الاستثمارية الاصغر والرافعة المالية الادنى والتمسك بمبادئ الشريعة الاسلامية (والذي يمنعها من التمويل أو الاستثمار في نوع الادوات المالية التي أثرت سلباً على منافسيها من المصارف التقليدية) قد ساعدتها على تحجيم التأثير السلبي للأزمة على المصارف الاسلامية.
ان نمو الأئتمان وحجم الاصول لدى المصارف الاسلامية كان على اقل تقدير ضعف مثيله لدى المصارف التقليدية. وتفسر الورقة هذا النمو بحالة الملاءة المالية (solvency) للمصارف المذكورة وبأن العديد من المصارف الاسلامية أقرضوا الجزء الاكبر من محفظتهم الى قطاع الاستهلاك والذي لم يتأثر كثيراً بالازمة المالية كما هو الحال في القطاعات الاخرى. وهكذا ساهمت المصارف الاسلامية في تعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي خلال فترة الازمة وفي هذا الصدد يؤكد (Yves Mersch) صانع السياسات في المصرف المركزي الاوربي بأن طبيعة منتجات التمويل الاسلامي يمكن ان تعزز استقرار النظام المالي. ذلك لان محدودية تعرضها الى الاصول المعقدة وغير الشفافة وكذلك غياب الرافعة المالية المفرطة سوف يحميها من الوقوع في الازمات، وان اعتمادها على الودائع اكثر من اعتمادها على التمويل يضيف لها قدراً اضافياً من الاستقرار(18).
وقد ايدت دراسة اخرى لصندوق النقد الدولي أفضلية المصارف الاسلامية على مقاومة الآثار السلبية للأزمة المالية العالمية والذي عزته الى الحجم الاكبر لأحتياطيات رأس المال والسيولة بالمقارنة مع المصارف التقليدية، اضافة الى دور تقاسم المخاطر في العقود المطابقة للشريعة والتي تعزز الحماية لدى المصارف الاسلامية لانها قادرة على تمرير الخسائر الى المستثمرين(19).
واضافة الى ما سبق فأن مسحاً مشتركاً اجراه المصرف البريطاني HSBC ومجلة (The Banker Magazine) في عام 2009 أظهر بأن الاصول العائدة للمصارف الاسلامية وكذلك المصارف التقليدية التي لديها منافذ اسلامية قد ارتفعت بنسبة 29% لتصل قيمتها الى 822 مليار دولار في عام 2009، بعد ان كانت 639 مليار دولار في عام 2008، وهذا مختلف كثيراً عن حال المصارف التقليدية التي لم تتجاوز نسبة الزيادة في اصولها 6.8%. وتؤكد الدراسة المذكورة بأن المقاربة المحافظة للمخاطر والصلة الوثيقة بين قطاع التمويل والاصول الحقيقية ساعدت على حماية القطاع المالي الاسلامي من الآثار السلبية لأزمة الأئتمان العالمية(20).
وتؤكد النتيجة اعلاه ورقة العمل التي نشرها صندوق النقد الدولي بعنوان (آثار الازمة المالية العالمية على المصارف الاسلامية والتقليدية) التي قام بها كل من Maher Hasan و Jemma Didi والتي اشارت الى ان المصارف الاسلامية كانت افضل من المصارف التقليدية خلال فترة الازمة، حيث عانت المصارف التقليدية من خسائر كبيرة في اوربا والولايات المتحدة الامريكية من جراء الازمة المالية العالمية. في حين ان المصارف الاسلامية لم تتأثر كثيراً لانها غير مسموح لها بالاستثمار في المشتقات المضرة والخطرة ( Pernicious derivatives ) والتي كانت مسؤولة عن تفجير الازمة(21) ، وأنها مرتبطة إرتباطاً شديداً مع الاقتصاد الحقيقي الذي يبعدها عن امكانية مساهمتها في التجاوزات والمشكلات.
وفضلاً عما سبق فأن من مميزات المصارف الاسلامية الأيجابية الاخرى أنها تستهدف منح الخدمات المالية الى جماعات قد لا تستطيع الحصول عليها من المصارف التقليدية، كما انها تساعد المنتجين الصغار والمستهلكين للحصول على التمويل وهذا يمثل جانباً أجتماعياً لدى المصارف المذكورة(22)
لكن الدراسة المذكورة وجدت أيضاً بأن المصارف الاسلامية واجهت هي الاخرى خسائر اكبر من خسائر المصارف التقليدية عندما بدأت تأثيرات الازمة تنتقل الى الاقتصاد الحقيقي(23). ذلك لأن هبوط وتيرة النشاط الاقتصادي يؤثر مباشرة على نشاط المصارف الاسلامية المرتبطة بالنشاط الاقتصادي الانتاجي. وفي السنة اللاحقة (2009) فأن مظاهر الضعف في ادارة المخاطر في بعض المصارف الاسلامية قاد الى انخفاض كبير في الربحية بالمقارنة مع المصارف التقليدية.
رابعاً: نقد لواقع المصارف الاسلامية: السلبيات والمعوقات
لقد رأينا سابقاً ان الدراسات والتحليلات المختلفة، وخاصة دراسات صندوق النقد الدولي قد أكدت بأن المصارف الاسلامية كانت في وضع افضل في مواجهة الضغوط التي نتجت عن الازمة المالية العالمية ولم تتأثر سلباً كما هو الحال مع المصارف التقليدية، وخاصة في الفترة الاولى وذلك للأسباب والعوامل المذكورة آنفاً مما جعلها مصدراً للأستقرار المالي والاقتصادي خلال الازمة وذلك من خلال ربط التمويل بالعمل والمشاريع الاستثمارية مما يؤدي الى تدفقات نقدية وسلعية متوازنة (بدلاً من بيع النقد بالنقد مقابل فوائد) مما يحقق الموازنة بين العرض والطلب ويحقق الاستقرار الاقتصادي وتقليص مخاطر التضخم.
إلا انه رغم الدور الايجابي والتقييم الذي حظي به قطاع المصارف الاسلامية في مجال التمويل والاستثمار والصيرفة فقد ظهرت بعض الآراء والانتقادات لعمل وممارسات المصارف المذكورة، سواء على مستوى الاطار الفكري او على مستوى الممارسة والآليات. وندرج ادناه ابرز الانتقادات(24) :
-
بخصوص الاساس الاخلاقي للأقتصاد الاسلامي يشير البعض الى انه رغم ان النمو الكبير الذي حققته المصارف الاسلامية في نشاطاتها في مجال التمويل كان لافتاً الا ان النظرة الفاحصة لهذه التطورات تبين بأن ذلك النشاط لا يشاطر تطلعات وأدعاءات الاقتصاد الاسلامي الاخلاقي. ويقول هؤلاء المنتقدون بأن استجابة المصارف الاسلامية لحقائق النظام المالي العالمي جعلها تتوافق مع الفكر التقليدي لادارة الثروة ما ادى الى حدوث توترات مع الاسس الاخلاقية التي استند عليها النظام المالي الاسلامي. ولهذا فأن المنتقدين يعتقدون بأن هوية المصارف الاسلامية قد تقلصت الى مجرد التخلص من الربا.
-
استهدف الاقتصاد الاسلامي رسم استراتيجية تنموية اساسها انساني من خلال توفير قاعدة اساسية تمكن من انجاز النشاط التمويلي والاقتصادي وذلك استناداً الى عناصر تشمل التوجيه والاختيار والمسؤلية والربوية والتزكية والخلافة. وضمن هذا الاطار فأن مقاصد الشريعة الاسلامية هي ان تقود هذه الاليات الى الرفاهية الانسانية. لكن بعض المتتبعين لمسيرة المصارف الاسلامية يقولون انه رغم توسع حجم التمويل وزيادة حجم الاصول التي تمتلكها المصارف المذكورة منذ الثمانينيات فأن حياة المسلمين لم تتأثر كثيراً لان البعد الاجتماعي في الاقتصاد الاسلامي يقتصر على الزكاة التي يعتبرونها انها تنفي التنمية الاقتصادية النظامية.
وفي ندوة عقدت في لندن حول التمويل الاسلامي في عام 2007 تم اقتراح بعض القيم التي تندرج ضمن اهداف التمويل المصرفي الاسلامي وهي: تقاسم الربح والخسارة وتقاسم المخاطر وخلق القيمة المضافة والصيرفة المجتمعية التي تخدم المجتمع (وليس الاسواق) والتمويل المسؤول الذي يعزز الاستثمار لتنمية الاقتصاد الانتاجي الذي يحقق الاستقرار من خلال ربط الخدمات المالية بالاقتصاد الحقيقي ( الانتاجي)، الى جانب تحقيق التطلعات والآمال في توسيع قاعدة الملكية في المجتمع. لكن النظرة الموضوعية لهذه الاهداف تبين بأن الوقائع الفعلية بعيدة عن تحقيق الاهداف المذكورة.
-
وفيما يخص الموقف الاسلامي من تفضيل نمط التمويل المستند الى الملكية وتقاسم المخاطر على نمط تمويل الدين الذي تقوم به المصارف التقليدية يظهر بأن نسبة كل من المضاربة والمشاركة في اجمالي التمويل في مصرف دبي الاسلامي كانت متدنية جداً ولم تتجاوز 1.7% و 9.3 % على التوالي خلال المدة 1984 – 2006 ، في حين ان نسبة المرابحة كانت مرتفعة حيث بلغت بحدود 67.3% في المصرف المذكور خلال المدة نفسها. وتكاد الصورة هذه تتكرر في مصرف ماليزيا(25).
وتجدر الاشارة الى ان وسيلة المضاربة والمشاركة في تمويل المشروعات الاستثمارية هي افضل بكثير من وسيلة المرابحة، فالاولى توزع المخاطر بين اصحاب الودائع والمضاربين من خلال المشاركة في الربح أو تحمل الخسارة التي قد تنجم عن الاستثمارات، كما انها تستند الى قاعدة الملكية والانتاج في حين ان الثانية تقتصر على التمويل مقابل عائد وهذا يقترب من نمط التمويل الذي تتبعه المصارف التقليدية. فمن خلال صيغة التمويل بالمرابحة يكون للمصرف الاسلامي فائدة معتبرة بحجم رأس المال وزمن القرض في شكل نسبة مئوية يدفعها المقترض للمصرف الاسلامي على انه ربح بصرف النظر عن نتائج الصفقة التي تمول من اجلها سواء ربحت أم خسرت. وبذلك يؤكد البعض بأن المصارف الاسلامية ادارت ظهرها لقاعدة الغنم بالغرم(26) .
-
ان نسبة الاقراض الاجتماعي( القرض الحسن) الى اجمالي ادوات التمويل ضئيلة جداً في المصارف الاسلامية مما يفقدها احدى مزاياها الايجابية. ورغم انها اتبعت لنفسها وظيفة تقديم الخدمات الاجتماعية والثقافية لكن ذلك استخدم لتحقيق اهداف سياسية وحزبية معينة، وفي مقدمة هذه الخدمات جمع وتوزيع أموال الزكاة والصدقات التطوعية في مصارفها(27) .
-
ان النمط السائد في التمويل لدى المصارف الاسلامية في معضمه يتركز في مشروعات قصيرة الأمد (أقل من سنة) وهو موجه بالاساس نحو تجارة المفرد في حين ان نمط التمويل طويل الامد هو الاكثر ملائمة للأستثمار في القطاعات الصناعية والزراعية والسكنية.
-
أما مسألة ارتباط التمويل الاسلامي بالاقتصاد الحقيقي فأن مثل هذا الادعاء في نظر البعض غير مقنع. فالتمويل الاسلامي لا يظهر النتائج المترتبة على هذا التمويل على الاقتصاد الكلي، سيما وان التمويل المفضل لدى المصارف الاسلامية هو تمويل الدين بدلاً من التمويل من اجل تحقيق الملكية. ولهذا من الصعوبة الادعاء بأن الصيرفة الاسلامية ترتبط بالاقتصاد الحقيقي اكثر مما ترتبط بتمويل أسواق التجزأة ( اي الصيرفة التجارية). وعليه فأن القيمة المضافة المترتبة للأقتصاد المحلي متدنية وان مساهمة الصيرفة الاسلامية في التنمية الاقتصادية من خلال دورها في الاقتصاد الحقيقي كانت غير واضحة أو ملموسة. في هذا الصدد ينتقد البعض الصيرفة الاسلامية بأنها لم تتمكن من تحقيق التصنيع المطلوب بشكل كامل في البلدان الاسلامية رغم وجود التمويل الاسلامي والصيرفة الاسلامية، ولم تحقق هذه البلدان ما حققته البلدان الغربية في مجال التصنيع لذلك فهو يدعو الى تبني الصيرفة الاسلامية مهمة تحقيق عملية التصنيع في البلدان الاسلامية (28).
-
يؤاخذ البعض(29) الصيرفة الاسلامية بأنها ليست اسلامية في واقع الحال ويبررون ذلك بالقول بأن المصارف المذكورة تقوم بالالتفاف على مسألة تحريم الربا من خلال لعبة معينة تتضمن تجزئة عقد المرابحة الى ثلاثة عقود كل واحد منها يعتبر مسموحاً به دينياً لكنها مجتمعة تعطي نسبة ثابتة من العائد منذ البداية وهذا ما يشبه الربا في نظر البعض. وبالاضافة الى ذلك هناك فقرة اضافية في العقد تستخدم لتأمين ان المصرف لا يخسر نقوداً من جراء الصفقة في حالة حدوث غش من طرف المستفيد، ولهذا يتساءل البعض هل ان هذا هو تقاسم للربح؟ وقد اعترف احد مدراء تمويل التجارة الاسلامي بأنه لا فرق بين اعمال المرابحة التي تمارسها المصارف الاسلامية وبين خطاب الضمان التقليدي، والفرق فقط في التسميات (30).
ويؤكد آخرون(31) بأن ثمرة تحريم الفائدة هي ان اخذت المصارف الاسلامية على عاتقها في التمويل ادوات بديلة للفائدة المصرفية. لكنه وبعد مضي سنوات قليلة على تجربة التطبيق تخلت المصارف المذكورة عن صيغة التمويل بالمضاربة والمشاركة واستعاضت عنهما بالعودة الى نظام الفائدة المستورة تحت اسم جديد هو بيع المرابحة للأمر بالشراء وبذلك فقدت المصارف الاسلامية مشروعيتها الدينية ايضاً في وظيفة تمويل الاستثمارات.
-
وأخيراً فأن المصارف الاسلامية التي تستهدف تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وكذلك التكافل والتكامل لم تنجح في تحقيق هذا الهدف بالشكل المطلوب، حيث ان واقع المال يشير الى عجز هذه المصارف عن القيام بدور جدير بالاعتبار في نقل الفوائض من الدول العربية والاسلامية الغنية الى حيز تمويل التنمية في الدول الفقيرة.
الى جانب ذلك فهناك العديد من التحديات والمعوقات التي تواجه المصارف الاسلامية في مجال عملها ومن اهمها الاطار القانوني المطلوب لممارسة عملها لكي تجعل الصيرفة التي لا تستند على الفائدة مقبولة، وهذا ما يجعل امر التوسيع في الصيرفة الاسلامية يسير ببطء. ومن جملة التحديات التي تواجه المصارف المذكورة (32):
-
الدعم القانوني: لا توجد قوانين مناسبة لتطبيق الصيرفة الاسلامية والعقود المالية اذ ان عقود الصيرفة الاسلامية تعامل كشراء وبيع للثروات والممتلكات، ولهذا يتم اخضاعها للضريبة مرتين. أما القوانين التجارية وقوانين الشركات فأنها تحتوي على مواد معرفة بشكل دقيق مما يستدعي وضع قوانين خاصة لعمل المصارف الاسلامية.
ان الاطار القانوني للمصارف الاسلامية والتمويل قد يتضمن الآتي:
أ. محاكم مصرفية اسلامية:
ب. تعديلات للقوانين النافذة: ان قضايا المنازعات في المصارف الاسلامية تخضع الى النظام القانوني السائد نفسه، في حين ان طبيعة النظام القانوني في الاسلام مختلف تماماً، ولضمان الاسراع والدعم للنظام القانوني الاسلامي يتعين اجراء تعديلات في القوانين النافذة.
ج. قانون الصيرفة الاسلامية: في ضوء غياب قوانين المصارف الاسلامية فأن تطبيق الاتفاقات في المحاكم قد يتطلب جهوداً اضافية وتكاليف. وعليه فأن قوانين الشركات في العديد من البلدان بحاجة الى تعديلات مناسبة لتسوية الارضية للمصارف الاسلامية.
د. الودائع في المصارف الاسلامية: تعتمد الودائع على مبدأ الربح والخسارة (المشاركة والمرابحة) واذا حصل شيء يتحمل المصرف الخسارة وعندها يتم تحويلها الى المودع مباشرة. ان الخوف من احتمال الخسارة هو العائق الاكبر امام تحريك الودائع في المصارف الاسلامية.
ه. اختلاف الاجتهادات والفتاوي الشرعية.
و. ان البنوك المركزية لم تعترف بالمصارف الاسلامية في اغلب الدول لان معظم القوانين وضعت على وفق النمط التقليدي(33).
وهناك معوقات اخرى مختلفة ومنها:
ز. ان المصارف الاسلامية تتلكأ في الدخول في الصفقات طويلة الامد بسبب عدم وجود امكانية الحصول على السيولة من خلال السوق الثانوية.
ح. ان المصارف الاسلامية لا تتعامل بالسندات التي تحمل فائدة ولهذا فأن حاجتها الى اسواق حقوق الملكية اكبر، كما ان معظم المنتجات في المصارف الاسلامية تستند على السلع بينما الاسعار واسعار صرف العملات ترتفع وتنخفض من وقت لآخر مما يخلق مخاطر كبيرة.
خامساً: الاستنتاجات والتوصيات:
من خلال ما تقدم يمكن الاجابة على التساؤلات المطروحة في بداية البحث وكالآتي:
-
رغم التشابه في بعض النواحي فيما بين المصارف التقليدية والمصارف الاسلامية الا ان هناك العديد من الاختلافات فيما بينهما والتي تمت الاشارة اليها سابقاً.
-
ان المصارف الاسلامية استطاعت بنجاح تجنب الآثار السلبية للأزمة المالية العالمية بسبب طبيعتها الخاصة وعدم تعاملها بالوسائل والادوات التي تتعامل بها المصارف التقليدية وخاصة في المرحلة الاولى، لكنها تأثرت سلبياً وتحملت أنخفاضاً كبيراً في الارباح عندما انتقلت آثار الازمة المالية الى الجانب الاقتصادي.
-
رغم ان المصارف الاسلامية قد حققت عدداً من الاغراض التمويلية التي تتماشى مع الشريعة الاسلامية الا انها لم تنجح في تحقيق الاهداف التنموية المنشودة للمصارف المذكورة.
التوصيات:
ندرج في ادناه عدداً من التوصيات التي من شانها تجاوز نقاط الضعف والمعوقات التي تقف بوجه تطور المصارف المذكورة وتعزيز مسيرتها:
-
الاهتمام والتركيز على جهود الاصلاح الذي يتناغم مع اهداف واجندة التمويل الاسلامي واعادة صياغة الدور الاقتصادي للمصارف المذكورة عبر برامج عملية توظفها في توطين مدخرات المنظمين في البلاد الاسلامية واستعادة المهاجرة منها وربط هذه المدخرات ربطاً محكماً بمهمة التمويل الانتاجي والتكافل والتكامل.
-
ان ضعف الاجراءات التحفظية الفعالة يمثل احد نقاط الضعف في المصارف الاسلامية ولهذا يتعين تطبيق بعض المعايير المحاسبية والتدقيقية التحفظية على المصارف المذكورة.
-
يتعين توفير الاعداد اللازمة من الكوادر المؤهلة لدى المصارف الاسلامية ليس فقط في مجال الادارة المالية فحسب بل ايضاً في مجال التكنولوجيا وقضايا تأسيس الصناعات المختلفة لكي تساهم في عملية التنمية الصناعية وخلق الثروة وفرص العمل.
-
يجب على قطاع الصيرفة والتمويل الاسلاميين ان لا يتبع خطوات النظام المالي الغربي فيما يخص منتجات السوق المالي الاسلامي.
-
التأكيد على الحاجة لتعديل الهيكل القائم للمصارف الاسلامية لكي تستطيع توفير منتجات افضل وخدمة متميزة ضمن نطاق القوانين الاسلامية.
-
وبخصوص الصيرفة الاجتماعية فأنه يتعين ان يكون التمويل الاسلامي متصلاً بالاهداف الاجتماعية والاقتصادية للصفقات المالية وليس بآليات العقود التي من خلالها يتم تحقيق الاغراض التمويلية.
-
التأكيد على التمويل طويل الاجل لاغراض القطاعات الانتاجية كالصناعة والزراعة والاسكان الى جانب التمويل قصير ومتوسط الاجل لصالح النشاط التجاري.
-
حيث ان المصارف الاسلامية الاكبر حجماً افضل واعلى كفاءةً من مثيلتها الاصغر حجماً فأنه يتعين العمل على تأسيس مصارف اسلامية كبيرة الحجم تدار بشكل افضل بحيث تنافس المصارف القائمة بما يعزز تطور صناعة التمويل الاسلامي. ويمكن اللجوء الى عمليات الدمج بين المصارف الاسلامية لتحقيق الغرض المذكور.
-
هناك حاجة ماسة لتنمية الكوادر المصرفية العاملة في المصارف الاسلامية ورفع مستواها الفني والاداري لكي تواكب التطور والنمو الحاصلين في المصارف المذكورة.
-
يتعين تجنب الاستغلال السياسي لهذه المصارف ولاسيما من لدن القوى التي تغطي اهدافها الاقتصادية والسياسية بغطاء الدين.
-
واخيراً السعي لابتداع بدائل حقيقية وعملية تقوم مقام نظام الفائدة المصرفية في تيسير اعمال المصارف الاسلامية.
أود ان أعبر عن شكري للأستاذين المجهولين اللذان قاما بمراجعة البحث وابديا الملاحظات التي افادت البحث
*) خبير اقتصادي واكاديمي
الهوامش والمراجع :
1. للأطلاع على الاساليب والصيغ التمويلية المختلفة للمصارف الاسلامية، أنظر: د. صادق راشد الشمري، اساسيات الصناعة المصرفية الاسلامية، انشطتها والتطلعات المستقبلية، مطبعة العزة، 2006،ص 30-43 . وكذلك:
Nasser M.Suleiman, Corporate Governance in Islamic banks.
2. د. محمود حسن صوان، اساسيات العمل المصرفي الاسلامي، دار وائل للنشر والتوزيع، عمان، الطبعة الاولى 2001، ص90 وما بعدها.
3. للمزيد من التفاصيل انظر:
ميسون عبدالغني، المصارف الاسلامية، ملزمة تدريسية، كلية المنصور الجامعة، ص43.
وكذلك: د. صادق راشد الشمري، اساسيات الاستثمار في المصارف الاسلامية،مطبعة الكتاب، الطبعة الاولى، بغداد، 2009،ص79-80 .
4. Nejatullah, Mohammad, Siddiqi,Comparative Advantages of Islamic Banking and Finance: a lecture presented at Harvard University Forum on Islamic Finance, 6 April, 2002. www.sidiqi.com/mns .
5. انظر: د. محمود حسين الوادي و د. حسين محمد سمحان، المصارف الاسلامية: الاسس النظرية والتطبيقات العملية، دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة الطبعة الثالثة، 2009، ص 42-44
6. للمزيد من التفاصيل انظر:
-
· د. عبدالستار ابو غدة، بحوث المعاملات والاساليب المصرفية الاسلامية الجزء الثاني، شركة التوفيق مجموعة دله البركة، الطبعة الاولى، 2002، ص9.
-
· د. محمود حسن صوان، مصدر سابق، ص9.
-
· عبد الرزاق الهيتي، المصارف الاسلامية بين النظرية والتطبيق، دار اسامة للنشر، عمان، الطبعة الاولى، 1998، ص50.
-
7. د. محمود حسن صوان، مصدر سابق، ص91.
8. د. عبد الستار ابو غدة، مصدر سابق، ص14.
وكذلك: د. حامد ميرة، دراسة تكشف ان التمويل الاسلامي يوسع قاعدة المشاركة في ملكية المشاريع والتكامل، جريدة الشرق الاوسط، العدد 11759 في 7 شباط 2011، ص بلا
9. صادق راشد الشمري، أساسيات الاستثمار في المصارف الاسلامية، مصدر سابق، ص 24 -27 .
وكذلك: د. محمد شيخون، المصارف الاسلامية، دراسة في تقويم المشروعية الدينية والدور الاقتصادي والسياسي، دار وائل للنشر والتوزيع، عمان، الطبعة الاولى، 2002،ص85-187.
-
للمزيد من التفاصيل حول ادوات التمويل الاسلامية انظر:
Thomas A. Timberg, op. ect:Appendix, P 10-12
Banking and Capital Markets: Growing Pains: Managing Islamic banking Risks p23.
صادق راشد الشمري، اساسيات الاستثمار في المصارف الاسلامية، مصدر سابق، ص148-149
أ.د. محمد حسين الوادي و د. حسين محمد سمعان، مصدر سابق ص89-255
-
Wikipedia: Late- 2000s financial crisis.
-
Wikipedia، المصدر نفسه.
وكذلك : د. صادق راشد الشمري، اساسيات الاستثمار، مصدر سابق.
-
ميسون عبد الغني، مصدر سابق،ص 11-13
-
المصدر نفسه، ص15.
-
ميسون عبد الغني، المصدر نفسه، نقلاً عن د. ماجد الشيخ، ظل الازمة المالية الاقتصادية العالمية، مأزق الرأسمالية المالية، اتحاد المصارف العربية،2009 ،ص60-62
-
Faiza Saleh Ambah, Washington Post Foreign Service, Friday Oct.31,2008.
وكذلك:
Gabriel Chen, Islamic Banks have weathered sub-prime Crisis Well: Regulators, Friday, may,8, 2009.
www.asiaone.com /Business/News/My % 2B money/Story/A1 Story 20090506 – 139.
-
IMF Survey on Line: Islamic Banks: More Resilient to Crises, op. cit.
-
Ibid
وكذلك
Mersch, Yves, Islamic banks can help financial stability, ECB
19. IMF direct,Did Islamic Banks in the Gulf Do Better Than Conventional Oves in the Crisis?, Oct. 14, 2009.
20. Rocel Felix, Islamic Banks Enjoy Double- digit Growth in Spite of Global Crisis, 7November 2009.
-
للمزيد من التفاصيل انظر:
Mushtak Parker, Islamic Banks fared better during financial crisis, Arab News,
19 September, 2010
-
Thomas A. Timberg, Islamic Banking and its potential Impact, An International
Conference on Best practices,p8.
-
Mushtak Parker, op.cit.
-
للمزيد من التفاصيل حول هذه الجوانب أنظر:
Mehmet Asutay, Point of view: Islamic banking and finance- social failure, MEFTEC, New Horizon. www.meftec.com
-
Ibid.
-
د. محمد شيخون، دراسة في تقويم المشروعية الدينية والدور الاقتصادي والسياسي، دار وائل للنشر والتوزيع، الطبعة الاولى، 2002،ص476
-
المصدر نفسه ، ص477.
-
Azher Bin Osman and Ors, Islamic Banks Must Play Role in Industrialization of Muslim Nations: Tun Dr. Mahathir,p1.
-
ان لعبة تجزئة العقود سبق وان استخدمت من قبل التجار الأوربيين في العصور الوسطى للسماح بالاقتراض بربا. انها عبارة عن تشكيلة من ثلاث عقود مستقلة كل واحد منها اعتبر مسموحاً به من قبل الكنيسة لكنها مجتمعة تعطي نسبة ثابتة من العائد من البداية .
انظر في ذلك:
Islamic Finance, Islamic Banking isn’t Islamic,KREATOC.www.islamic-finance.com.
-
Ibid
-
أنظر: د. محمد شيخون ، مرجع سابق، ص474.
-
للمزيد من التفاصيل حول هذا الجانب انظر:
Abdul Jabbar Karimi, Challenges facing Islamic banks, The Islamic Economics Global Site.
-
د. صادق راشد الشمري، اساسيات الاستثمار في المصارف الاسلامية، مرجع سابق، ص134.
-
Bhimani, Shabbir, Islamic Banking, Solution to Current Problem,
march,15,2009.
-
Chu,Kathy, Islamic Banks Grow as Recession impact muted, USA TODAY
-
Foot, Michael, The Future of Islamic Banking in Europe. FSA Library, 22 Soptember, 2003.
-
Grose, Thomask, How some financial institutions avoid trouble by following the strict rules of the Koran,
38. Haque, Ahsanulla, Jamil Osman and Ahmad Zaki Hj Ismail, Factor influences selection of Islamic banking: astudy on Malysian Customer Preferences, May 2009.
أشكرك أستاذ بس شنو هي حدود البحث وشلون اطلعهة