بيانات وإحصائيات اقتصاديةجدل اقتصادي
31/10/2013
(1) هناك مشكلة حول كفاية واتساق المعلومات المتاحة عن القطاع النفطي في العراق في المجـال العـام (Public Domain). ومن ضمن ذلك هناك مشكلة أكبر عن توفر المعلومات النفطية عن اقليم كردستان. فما تنشره وزارة النفط، مشكورة، في موقعها الإلكتروني عن النفط الخام والغاز، على أهميته الكبيرة، غير كاف كما أنه لا يشمل الاقليم. وفيما عدا إنتاج النفط والغاز المصاحب (حسب شركة نفط الجنوب/شركة نفط ميسان وشركة نفط الشمال/شركة نفط الوسط) ليس هناك بيانات عن انتاج الغاز غير المصاحب ولا عن البنية الأساسية النفطية وتطورها.[1] كما أنه ليس هناك بيانات متسقة ومؤطرة حول المشاريع النفطية المستقبلية أو في طور الدراسة والتنفيذ. وفي بيانات إنتاج النفط الخام الشهرية المنشورة في الموقع فإن مجموع الاستخدامات (التصدير والمجهز للمصافي ومحطات الكهرباء) هو أكبر من الإنتاج. وليس هناك توضيح من أين يُجَّهَز الفرق. إن عدم كفاية وانخفاض اتساق المعلومات والبيانات النفطية يقلل من صدقية التحليلات والتنبؤات التي يمكن أجراءها والتوصيات والسياسات التي يمكن اقتراحها على اساسها.
(2) وإذا كانت هناك بيانات تنشر شهرياً عن إنتاج النفط والغاز في الموقع الإلكتروني لوزارة النفط فليس هناك موقع إلكتروني رسمي لإقليم كردستان ولا منشورات دورية معروفة في المجال العام يمكن من خلالها معرفة بيانات ومعلومات عن انتاج وتصدير النفط الخام والغاز أو المنتجات النفطية أو عن البنية الأساسية والمشاريع والعقود النفطية في الإقليم.
(3) لذلك حتى تُستكمل الصورة لابد للباحث أن يرجع إلى عدة مصادر وجهات ويطَّلع على عدة تقارير ويتصل بعدة خبراء. وعادة ما يعثر على معلومات في تقارير ومصادر اعلامية مهنية ودراسات مقدمة لمؤتمرات متخصصة أكثر بكثير (ولكن ليس بالضرورة أكثر اتساقاً) مما هو متوفر على المواقع الرسمية. لهذا السبب أقدر عالياً جهود السيد/حمزة الجواهري في نشر المعلومات النفطية، وأطلب منه الاستمرار بذلك. كما اشير بتقدير لجهود د. فؤاد الأمير التي نشرت بتقرير شامل في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين. ويشكر في هذا المجال أيضاً د. ثامر العكيلي في كتاباته لموقع الشبكة والسيد/ فلاح الخواجة بمداخلاته المتعددة.
(4) إن الحصول على العديد من التقارير النفطية “الرسمية” في بعض الأحيان صعب ولا يتاح للجميع. على سبيل المثال، إن ما هو متاح عن الاستراتيجية الوطنية المتكاملة للطاقة INES ، والتي تشكر الجهة المسؤولة على إتاحته، هو 22 صفحة بشكل ملخص تنفيذي (نشر على موقع MEES في حزيران بالإضافة لتداوله في الإنترنت) في حين أن التقرير المفصل (سبعة أجزاء)، والذي يبدو من الملخص التنفيذي أنه ينطوي على جهد كبير ومعلومات وبيانات تفصيلية غنية، غير متاح في المجال العام. ربما حصل على بعض الأجزاء أو جميعها عدد من الأشخاص بشكل شخصي. ولكن الأصل في نشر المعلومات هو اتاحتها في المجال العام ليتمكن المهتمون بالشأن النفطي والاقتصادي الاطلاع عليها ويصبح نقاشها شاملاً ومتوازناً ومثمراً.
(5) ومع فائدة الملخص التنفيذي الذي يمكن أن يُمَّكِن الباحث من التعليق والتقييم، كما قمت به في مقالي المنشور في MEES في 12 آب/أغسطس 2013، فإن إتاحة التقرير التفصيلي يوفر أرضية أشمل للتعليق والتقييم على مجموعة واسعة من القضايا المتعلقة بالمسار المستقبلي للطاقة والاقتصاد عموماً. على سبيل المثال، بالإضافة لسيناريوهات إنتاج وتصدير النفط الخام والغاز قد يتيح التقرير التفصيلي معرفة أسس تقدير الاستهلاك المحلي الحاضر والمستقبلي لمجموع الطاقة وتوزيعه بين أشكالها المختلفة بما في ذلك الاستهلاك المحلي للمنتجات النفطية والغاز والكهرباء. وهذا بالطبع يعتمد على سيناريوهات التطور القطاعي كالصناعة والكهرباء والإنشاء والنقل والاستهلاك المنزلي والتجاري والخدمي والتصدير وصولاً إلى سيناريوهات الناتج المحلي الإجمالي. وفي هذا المجال قد يمكن معرفة المسار المستقبلي للأسعار المحلية للطاقة التي افترض التقرير تحريرها وكيف أُخذت بالاعتبار في تقدير مسار الاستهلاك المحلي للطاقة وأثر ذلك على كمية المتوفر للتصدير من النفط الخام والغاز مستقبلاً. واعتماداً على فرضياتها المستقبلية، من ناحية، والمعلومات والبيانات وتفاعل العلاقات الفنية والاقتصادية التي اعتمدت عليها واستخدمت في تنبؤاتها، من ناحية أخرى. يستطيع الباحث تقديم تقييم أشمل لمعقولية السياسات والإجراءات والتوصيات المقترحة في الإستراتيجية.
(6) لقد تَبَيَنَت لي صعوبة الحصول على نظرة متوازنة للقطاع النفطي حين طُلِبَ مني مؤخراً إعداد مسح عن مشهد البنية الأساسية النفطية وآفاقها في العراق. وللحصول على صورة مناسبة كان لابد لي الرجوع إلى عدة مصادر معلومات وبيانات وجهات وتقارير ودراسات مقدمة لمؤتمرات والنقاش مع خبراء. ولقد كان السيدان/ فلاح الخواجة وحمزة الجواهري عوناً في هذا المضمار.
(7) لقد وجَدُت أن الاعتماد على معلومات جزئية وربما غير دقيقة في النقاش يقود إلى نتائج ناقصة وفي أحيان كثيرة مغلوطة. على سبيل المثال، لا زال العديد من المصادر والزملاء يشير في نقاشه حول مشروع غاز البصرة BGC إلى مَلزمتين بالعربية (أعدتا في 2011 وجرى تداولها عبر الإنترنت، 18 صفحة، غير مبين المصدر عليها) ولا يرجع إلى مسودة للاتفاقية نشرت بالإنجليزية (بجزئين، 381 صفحة) في موقع Iraq Oil Report. وكانت هذه المسودة هي التي اعْتَمَدتُ عليها في مقالي عن مشـروع غاز البصرة الذي ظهر في تشرين أول/اكتوبر 2012 في MEES’s Energy and Geopolitical Risk. وانأ ازعم أن المؤشرات المبينة في المَلزمتين، المشار أليهما، غير شامله وأغلب الظن أن بعضها غير دقيق.
(8) لقد أصبح كلاً من عقود الخدمة النفطية لوزارة النفط وعقود المشاركة في اقليم كردستان (وأنبوب التصدير من الإقليم إلى تركيا، 300 ألف برميل/يوم) أمر واقع وجزء من المشهد النفطي العراقي. كما أن الاختلاف النفطي بين السلطة المركزية والإقليم هو جزء من المشهد النفطي أيضاً.
(9) وفي ظل هذا المشهد، من ناحية، واعتماداً على الحالة الأمنية، من ناحية أخرى، فإن برامج التطوير في جزئي العراق تشير إلى الاحتمال الكبير لتصاعد الإنتاج النفطي (والغاز) سريعاً في السنوات القادمة. وسيكون التصاعد على أشده في المنطقة الجنوبية التي تشهد الآن تقدماً ملموساً في تطوير البنى الأساسية النفطية (تطوير حقول، تطوير موانئ تصدير، نصب عدّادات، تأهيل ومد أنابيب، تأهيل وتخطيط توسيع خزن، الخ). وفي ذات الوقت سيزداد الإنتاج النفطي والغاز من اقليم كردستان.
(10) لذلك من المناسب أن تتجه دراساتنا إلى تحليل تطور البنية الأساسية النفطية/الغازية وتطور زيادة الإنتاج والتصدير النفطي/الغازي على الاقتصاد العراقي من حيث تأثيراته المختلفة متوسطة وطويلة الأمد والتوصيات المناسبة في هذا الشأن خلال هاذين الأمدين. وينصرف الأمر أيضاً إلى تبعات الزيادة الكبيرة المتوقعة في الإنتاج والتصدير على وضع السوق النفطية الدولية (وعلى الأوبك بالطبع).
(11) من جانبي، سيكون ذلك أحد اهتماماتي.
* باحث اقتصادي
[1] من المناسب الإشارة إلى أن الموازين السلعية للمنتجات المختلفة (نفطية وغير نفطية) المنشورة حديثاً في موقع الجهاز المركزي للإحصاء تغطي المنتجات النفطية كالبنزين والنفط الأبيض وزيت الغاز وزيت الديزل والنفط الأسود والغاز السائل، الخ، للفترة 2009-2011. ويبين كل ميزان في كل سنة جانبي العرض (الإنتاج والاستيراد ومخزون أول مدة) وجانب الاستخدامات (الاستهلاك المحلي والتصدير ومخزون آخر مدة).
الموضوع جدير بالاستفاضة والاحاطة .. لاهميته..
شكرا جميلا اخي د. علي مرزا
م. الفاتح وديدي
wadidi at gmail.com