الاستثمار الوطني والاجنبيالاقتصاد العراقي الكليالقطاع الخاص العراقي

جبار اللعيبي: البصرة مركز الجذب الإستثماري وبوابةانجاح عملية التنمية في العراق

أشار السيد رئيس مجلس الوزراء الدكتور حيدر العبادي في مستهل كلمته الترحيبية  لنخبة  من رجال الأعمال والشخصيات العراقية في أبو ظبي بتاريخ 15 / 12 / 2014 بأن العراق يواجه تحديات كثيرة وكبيرة في مقدمتها الإرهاب وداعش والفساد، وذكر كذلك بأن عملية التنمية والبناء تقع ضمن قائمة التحديات وتحتل الصدارة في برنامج عمل الحكومة، ولما ينطوي على عملية التنمية والبناء من أهمية بالغة حيث ستكون، وفي حال انجاحها، المعول الرئيسي في محاربة الإرهاب وآفاته وسلاحاً قوياً في ردع كل أشكال التهديدات الأمنية وزعزعت الإستقرار الإجتماعي والسياسي وحصن منيع يحمي الوطن من كل المخاطر. إن هذا الاستنتاج مبني على  أسس واقعية مستندة الى تجارب دول ومجتمعات عربية وغير عربية لعبت فيها المسارات الصحيحة والناجحة لعملية التنمية في خلق بيئة نظيفة وسليمة وأرض خصبة ينمو فيها مجتمع حضاري المعالم منفتح على نفسه والعالم الخارجي يسير على خطى المدنية والإصلاح ويصبو الى بناء دولة قوية ومزدهرة، لينعم بالعيش بسلام بعيداً عن آفات التخلف والجهل والفقر والطائفية والعنصرية يحمل عقيدة الإيمان بالله والوطن متسلح بالعلم والعطاء والوفاء، وينعم بالإستقرار السياسي والإجتماعي . من هذا المنطلق تتبلور بوضوح حقيقة مفادها، بأن تصحيح مسارات وإنجاح عملية البناء والتنمية هي الظهير القوي للدولة في دحر الإرهاب والقضاء على تبعاته وتشعباته وهي الأدارة الفاعلة في التغلب على التحديات الأخرى المتمثلة في التخلف والفقر والفساد والطائفية وآفات التراجع والخراب الإقتصادي والدمار الاجتماعي. إن المسار الصحيح والنهج السليم في إنجاح عملية التنمية يعتمد بشكل أساسي على المساهمة الكلية لأموال وخبرات الإستثمارات الأجنبية والمحلية كذلك، شريطة أن تقترن بوجود خطة واضحة وبرنامج عمل بمعايير وأسس علمية لأهداف واضحة يصار الى تحقيقها من خلال مجموعات عمل تتصف بالخبرة والكفاءة والدراية والإيمان الصادق والمبادئ الوطنية الثابتة في رسالة خلق مناخات الأمان الإقتصادي والأمني لتكون حاضنة جذب للإستثمارات الخارجية والداخلية .

ولكي تكون عناصر إنجاح عملية التنمية والبناء متكاملة فمن الضروري بمكان أن تكون في بداياتها أو مراحلها الأولى متمركزة في مواقع تتوفر فيها معطيات وامكانيات وموارد مادية وطبيعية وبشرية أكثر .. وأوسع من غيرها ، ولذا فبأعتقادنا أن محافظة البصرة تتميز عن غيرها بكثرة المعطيات وسعة الخبرات والموارد بكل أشكالها، فعلى الرغم مما أصابها من خراب ودمار وسوء إدارة وإهمال طيلة العقود الأربعة الماضية الا أنها لا زالت تحمل صفة أرض السواد التي تكتنز بطون أراضيها أغنى الثروات الهايدروكاربونية والمعدنية ربما الأعلى في المعمورة، وعلى سطح أراضيها تتوفر أوسع وأكبر المعطيات الهائلة من موارد طبيعية وبشرية، ويظهر هناك العديد من العناصر والمساحات التي تساهم في درجات التميز للمدينة من جانب الجذب الاستثماري ، ومنها على سبيل المثال لا الحصر :

1-        الموقع الجغرافي المتميز والفريد في النوافذ البحرية والبرية .

2-        الثروة المائية الواسعة .

3-        ثروات هايدروكاربونية ومعدنية هائلة .

4-        مجالات واسعة وكبيرة في تنمية الثروة الزراعية بأغلب صنوفها .

5-        مجالات لا تحصى في تنمية الثروة السمكية والحيوانية وتربية الطيور .

6-        تحوي على مجالات ومساحات واسعة في تنمية قطاع السياحة الطبيعية والدينية والأثرية لما فيها من معالم واسعة في هذه المجالات .

7-        تمتلك مقومات وقدرات بشرية فائقة تغطي أغلب المجالات العلمية والحرفية والزراعية والتجارية والفنون وغيرها .

ومن خلال مراجعة شاملة وتقويم بسيط لحيثيات الواقع يمكن التوصل الى حقيقة جوهرية تتمثل في وجود امكانيات ومعطيات متاحة وسهلة إن استغلت بشكل صحيح ونهج واضح يمكن أن تؤدي الى التسارع المطرد في مسار عملية التنمية من خلال مجالات الإستثمارات .

   وقبل القاء الضوءعلى أهم المفاصل المقترحة للمرحلة المعجلة أو الآنية في جذب الإستثمار لمدينة البصرة ، لابد من التركيز والتأكيد على ضرورة أن تأخذ الحكومة الإتحادية أدوار أساسية وفعالة في المجالات التالية :

أولا- استحداث نشاط اداري تخطيطي ( مجلس ، هيأة ، … الخ )، يرتبط بمجلس الوزراء

تناط به مسؤولية التخطيط للمشاريع الإستراتيجية  المهمة والتي تنفذ من خلال التمويل الحكومي او الإستثمار، كالطرق، سكك الحديد، السدود، المياه ، الموانئ، … الخ

تكون مهام المجلس تخطيطية وإرتباطية وتنسيقية بين الحكومة الإتحادية والحكومة المحلية.

ثانياً- اجراء مراجعة شاملة وعلمية لقوانين وأنظمة الإستثمار الحالية

  على الرغم من توفر الإمكانات المالية الكبيرة  لنشاط الإستثمار الا أن ما تحقق خلال العقود الأخيرة لا يرتقي الى أدنى درجات الطموح، عليه يتطلب وبشكل مؤكد اجراء مراجعة شاملة تستند على معايير علمية ونهج واضح لقوانين وأنظمة جديدة مع التركيز على ضرورة إدخال تغييرات جذرية وجوهرية في هيكلة القطاع وتصحيح مسارات عمله.

  مما لا شك فيه، فإن مساحات وإعداد المجالات الإستثمارية في البصرة تشمل سلسلة متناهية من الفرص الواعدة الا أن رأينا ينصب في هذه المرحلة على إجراءات آنية لمجالات وفرص متاحة وبمستويات عالية من الجذب الإستثماري .

وهذه المجالات تتمثل في أطر العمل التالية :

1-   الاستثمار في مطار البصرة

  • منشأ قديم الا أنه قابل للتأهيل والتطوير
  • إجراءات الإستثمار يجب أن تشمل وتغطي كامل نشاطات المنشأ من أعمال صيانة وتشغيل والسيطرة الجوية وإجراءات المسافرين وعمليات الشحن والتفريغ وكامل أعمال البنى التحتية واللوجستية .

2-   الإستثمارات في الثروة الزراعية

  • مراجعة  شاملة لطرق ووسائل الري بهدف الارتقاء بها .
  • إعادة زراعة فسائل النخيل بإتباع طرق حديثة مع تخصيص مساحات أراضي جديدة .
  • تطبيق تقنيات جديدة في زراعة محاصيل مختلفة كانت متوفرة بغزارة.
  • من الضروري جداً اجراء مراجعة علمية لمعايير جديدة تضمن امكانيات تعايش نشاطات الزراعة مع نشاطات صناعة النفط بهدف توسيع رقع ومساحات الاراضي الصالحة للزراعة .
  • إعتماد أسس جديدة وأكثر شمولية لنظام دعم وتحفيز النشاط الزراعي .

3-   الإستثمارات في الثروة السمكية والحيوانية

  • فرص واعدة لمجالات كثيرة تمتد على مساحات واسعة في جذب نشاطات الإستثمار ومنها :

–       تأهيل وتنظيم مواقع الأهوار وبطرق وتقنيات حديثة ومختلفة .

–       تنمية الثروات التي تحويها الأهوار ومنها السمكية والحيوانية والطيور وغيرها .

–       انشاء مزارع ومواقع جديدة لتربية الحيوانات ومزارع الأسماك في مناطق عدة من المدينة .

4-   الإستثمار في الموارد المائية ( بحرية ونهرية )

  • تطوير جانبي نهر شط العرب من القرنة الى الفاو وبناء منتجعات ومرافق سياحية وحكومية وخدمية .
  • بناء جسور وسدود على شط العرب بهدف تنظيم الملاحة والسيطرة على مستويات ارتفاع الملوحة .
  • تنظيم الأنهر الفرعية والإستفادة من المعطيات التي تحتلها .
  • الإستفادة من مياه البحر في منافذ المدينة البحرية .
  • إستخدام أساليب وتشريعات جديدة ومتطورة في كافة مجالات الموازنات المائية .

5-   الإستثمارات في نشاط الصناعات

  • تمتلك البصرة قدرات كبيرة وواسعة في مجالات النهوض الصناعي من خلال إعادة تأهيل وتطوير المؤسسات الحالية والتي أصبحت الغالبية العظمى منها معطلة أو من خلال تطوير مجالات صناعية جديدة، وذلك لتوفر المناخات الصحيحة والمشجعة منها توفر المواد الأولية والخبرات في مجالات الصناعة .
  • يتطلب شمول كافة المنشآت الحالية بنشاطات الإستثمار بهدف إعادة تأهيلها ومن ثم تطويرها.
  • المضي بنهج علمي جديد وخطط طموحة مستندة على أسس ومعايير جديدة للدخول في الصناعات التحويلية والصناعات البتروكيمياوية والأسمدة وغيرها من الصناعات الستراتيجية .
  • إعداد مسوحات علمية ومنطقية في مجالات توسيع صناعة مواد البناء والصناعات ذات الصلة .

6-    الإستثمارات في قطاع الطاقة

أ‌-     وضع خطط علمية واضحة في مساهمة الإستثمارات الأجنبية ذات الخبرة في تحسين وتطوير منظومات الطاقة الكهربائية.

ب‌-  ضرورة المباشرة في إعتماد برنامج وخطة علمية لإستحداث الطاقة المتجددة في بعض المجالات الخدمية والمنزلية ومن ثم توسيع استخداماتها.

7-   الإستثمارات في شبكات الطرق الرئيسية وسكك الحديد

  • بناء شبكات طرق رئيسية ومتطورة تربط المدينة ببقية العراق وكذلك دول الجوار وباعتماد أساليب ومعايير جديدة تدخل البلد وكما هو معمول في معظم دول العالم.
  • إنشاء شبكات سكك حديد حديثة ومتطورة تربط المدينة بكافة محافظات العراق.

8-   الإستثمار في بناء مدن وقصبات جديدة

  • بناء مدن سكنية جديدة في ضواحي وأقضية المدينة على أن تكون بتصاميم حديثة ومتكاملة التكوين، تحوي على كافة الخدمات والبنى التحتية واللوجستية.
  • تطوير بعض الأقضية والنواحي الحالية وجعلها بوضع أفضل من خلال توفير الخدمات وتأهيل وتطوير كافة البنى التحتية.

9-   الإستثمار في مجالات السياحة الطبيعية والدينية والأثرية

  • تحوي البصرة على معالم طبيعية كثيرة ومتميزة بالامكان أن تكون ذات جذب إستثماري عالي من خلال تطويرها وتحويلها الى منتجعات سياحية وأماكن استراحة وغير ذلك.
  • يوجد في البصرة العديد من المواقع الدينية والتي تستلزم التطوير والتأهيل الجيد، لتصبح بذلك مراكز جذب قوي للسياحة الدينية .
  • هناك العديد والكثير من المواقع الأثرية التي بالامكان تطويرها واستغلالها في نشاطات السياحة .

10 – تطوير مدينة الفاو الساحلية

  • تطل مدينة الفاو على الخليج العربي من الجنوب وشط العرب من الشرق والبصرة من الشمال وهي بموقع جغرافي استراتيجي ومتميز.
  • المدينة بموقعها الجيوسياسي المهم والمعطيات الكثيرة التي تمتلكها فيها عناصر لجذب الإستثمارات من جوانب السياحة وخيرات الزراعة والثروة السمكية والعديد من المزايا الصناعية واللوجستية.

ختاماً أود أن أشير أن ما ورد أعلاه يمثل الحلقة الأولى من سلسلة حلقات أعددتها في البحث عن مجالات الاستثمارات في مدينة البصرة .وفقنا الله وإياكم لخدمة بلدنا العزيز العراق وأهله ..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

(*)  المدير السابق لشركة نفط الجنوب، مهندس وخبير النفطي

 دبي 28 / 12 / 2014      

 

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

التعليق هنا

%d مدونون معجبون بهذه: