كاتب العرض: فريدريك ل. ﭙريور، قسم الاقتصاد، كلية سوارثمور
ترجمة: مصباح كمال
Timur Kuran, Islam and Mammon: The Economic Predicaments of Islamism. Princeton, NJ: Princeton University Press, 2004. xviii + 194 pp. $35 (cloth). ISBN: 0-691-11510-9.
Reviewed for EH.NET by Frederic L. Pryor, Economics Department, Swarthmore College.
http://eh.net/book_reviews/islam-and-mammon-the-economic-predicaments-of-islamism/
نشر في موقع شبكة التاريخ الاقتصادي EH.NET (آب/أغسطس 2004)
كتاب تيمور كوران، الذي يضم ستة مقالات، يستكشف الخصائص المختلفة للاقتصاد الإسلامي، لقي البعض منها اهتماماً كبيراً في حين أن البعض الآخر لم تخضع عملياً للدراسة. يتميز أسلوبه في الكتابه بحيوية، وحججه مقنعة، ومعارفه الأكاديمية واسعة النطاق.
الفصل الأول حول “الأثر الاقتصادي للإسلام” هو أفضل مسح للاقتصاد الإسلامي اطلعت عليه. يُولي هذا الفصل اهتماماً خاصاً بالمذاهب الإسلامية الدائرة حول تحمل المخاطر والفوائد والنشاط المصرفي؛ إعادة التوزيع وتنظيم الإحسان (الزكاة)؛ والأخلاق الإسلامية، مستكشفاً ليس فقط أصولها الفقهية والتاريخية، ولكن كيف يجري ممارستها حالياً. ويولي جهداً كبيراً للإشارة إلى غموض المذاهب الأصلية والطرق الرئيسية التي تختلف فيها الممارسات الحالية عن روحيتها الأصلية؛ على سبيل المثال، كيف تستطيع البنوك الإسلامية الإقراض بفائدة، على الرغم من أن دفع الفائدة الفعلية يبقى محتجباً وراء قناع.
يركّز الفصلان التاليان على كيفية وضع مختلف الممارسات الإسلامية في سياق الاقتصادات الفعلية التي تجري فيها هذه الممارسات، والآثار المترتبة لهذه المذاهب على السياسات الاقتصادية. ويسبر على وجه الخصوص كيف أن هذه الوصفات للسياسات تؤدي في كثير من الأحيان إلى نتائج عكسية، وكيف يجب التعامل معها في سياق الجدل السياسي. وفي كثير من النواحي فإن هذين المقالين يكرران ما جاء في المقال الأول.
ويقدم الفصل الرابع تحليلاً تاريخياً مثيراً جداً للاهتمام حول نشأة الاقتصاد الإسلامي وسياسة الهوية المسلمة [بولطيقا الهوية الإسلامية] politics of Muslim identity. من المستغرب أن المحاولات الجادة لصياغة اقتصاد إسلامي لم تبدأ حقاً حتى ثلاثينيات القرن الماضي. ويحاجج المؤلف بأن الدافع القوي الذي كان وراء هذه العملية الفكرية هو المساعدة في ربط الوحدة المعلنة التي تجمع كل المسلمين معاً (الأمة)، وأن شرح الاقتصاد الإسلامي [الذي ارتبط بهذه العملية الفكرية] أدى إلى ظهور خرافة “العصر الذهبي” للإسلام.
في الفصل التالي يقوم بسبر العدالة الاقتصادية في الفكر الإسلامي المعاصر. إن المذاهب المرتبطة بالعدالة غامضة وهي، على ما يبدو، على خلاف مع بعضها البعض، وتحليلها من قبل أولئك غير المعتادين على الخطاب الاقتصادي الحديث يؤدي في كثير من الأحيان إلى تأكيدات عديمة الفائدة و/أو ساذجة. ونتيجة لذلك، فإن كوران لا يجد صعوبة في إظهار كيف أن المبادئ الأساسية للمساواة والإنصاف ليس لها غير علاقة غامضة بالأوامر التي يتم بموجبها تنفيذ هذه المبادئ، وكيف أن الكتابات بهذا الشأن مليئة بالتناقضات. وبالطبع، يمكن القيام بنفس عملية التهشيم مع عقائد الديانات الأخرى المعاصرة أيضاً، كالعقائد المرتبطة بالمسيحيين الأصوليين.
ويتناول الفصل الأخير العلاقة بين الإسلام والتخلف الاقتصادي. ويبدأ كوران بتحليل إحصائي للحصة المنخفضة نسبياً من الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد في معظم الدول ذات الأغلبية الإسلامية باستثناء الدول المصدرة للنفط، ويقارن هذا مع الوضع في القرون التالية بعد وفاة محمد عندما كانت أمم الشرق الأوسط تتمتع باقتصادات مزدهرة وبدت أكثر تقدماً من الناحية الاقتصادية والتكنولوجية من الغرب. والسؤال الرئيسي، بطبيعة الحال، هو ما حدث في القرن التاسع والحادي عشر الذي تسبب بهذا التغيير. وبعد استعراض تحليلات الآخرين، يقول كوران بأن الإسلام لم يكن في حد ذاته هو الذي أحدث هذا التغيير المؤسف. بدلاً من ذلك، فإن السبب كان اجتماعياً/سياسياً. ففي هذه القرون الحاسمة انتهت حرية الابتكار عندما أعلنت السلطات أن إصدار الأحكام المستقلة لم يعد جائزاً (غلق “أبواب الاجتهاد”)، وأن جميع الأجوبة متوفرة، وأن كل ما يحتاجه المرء هو الاتباع والطاعة follow and obey. لكن هذا لم يكن كافياً: فقد حدث التغير الحاسم في العملية الاجتماعية اللاحقة حيث تم تعزيز هذا التحول الفكري من خلال الكوميونالية( * ) communalism التي أثبطت الخطاب النقدي العام فيما يخص هذه الأجوبة النهائية المزعومة؛ وببساطة لقد أصبح من غير المقبول اجتماعياً التعبير عن أفكار جديدة والمجادلة بشأن اتباع مناهج جديدة.
إن القراء سيقدرون محاولة كوران لتقديم الجوانب المختلفة من المسائل الفقهية ومن ثم مقارنتها مع الواقع الإسلامي. ولم أجد إلا القليل جداً في تحليله الذي يمكن أن أختلف معه فيه، ونقاشه يغطي معظم القضايا المهمة في الاقتصاد الإسلامي. ومع ذلك، هناك قضيتان تستحقان المناقشة، لأن كلتاهما مرتبطتان بخطايا السهو، بدلاً من الإغفال المتعمد.
لا يركز كوران في هذه المقالات على المصادر الأصلية للإسلام، ولكن بدلاً من ذلك يركز على استخدامها من قبل الاقتصاديين الإسلاميين. وأعتقد أن هذه استراتيجية حكيمة إذ أنني وجدت في قراءتي للقرآن بضع فقرات فقط تتعامل مع المسائل الاقتصادية؛ إضافة إلى أن هذه الفقرات غامضة للغاية. وبالطبع، يمكن للاقتصاديين الإسلاميين الاعتماد أيضاً على أحاديث محمد، والملخصة في موسوعة الحديث (19 جزء). ولسوء الحظ بالنسبة لمعظمنا، فإن هذه الموسوعة هي باللغة العربية ولم أجد ترجمة كاملة لها. يمكن للمرء، بطبيعة الحال، أن يعتمد على ترجمة بعض الملخصات الجزئية (لقد وجدت كتاب علي، 1988، مفيداً بشكل خاص لأنه يعرض الآيات القرآنية، فضلا عن العديد من الأحاديث ذات الصلة، وكلها مرتبة حسب الموضوع). ومع ذلك، وبالنسبة للشخص الذي يكتب في الاقتصاد الإسلامي فإن هذا الوضع يؤدي إلى بعض الصعوبات. على سبيل المثال، فإن كوران، استناداً إلى دراسته للأدبيات الواسعة حول الاقتصاد الإسلامي، يؤكد أن الاقتصاديين الإسلاميين يعتقدون إنه يجب على الصناعيين وضع الأسعار “العادلة”. لكنني وجدت أدلة من الحديث (وهي موضوع مناقشة تفصيلية في كتاب ﭙريور، 1985: 216) أن محمداً يعتقد أن الله هو الذي يرفع ويخفض الأسعار، مما يوحي بأن البشر لا يمكن لوحدهم اكتشاف السعر العادل. ونظراً لعدم صحة العديد من الأحاديث والكثير من الغموض الذي يكتنفها، أعتقد بأن كوران كان حكيماً في التركيز في المقام الأول على كيفية استخدام هذه المصادر الأصلية من قبل أولئك الذين يعلنون عن أنفسهم كخبراء في الاقتصاد الإسلامي، بدلاً من الانخراط في التأويل
خيبة أملي الوحيدة في الكتاب كانت في مناقشته للتخلف الاقتصادي والتكنولوجي للدول الإسلامية. فبينما وجدت شرحه للتغيير في العقلية في دول الشرق الأوسط والدور المثبط للرأي العام قبل ألف سنة رائعاً ومفيداً، يؤسفني بأنه لم يضم إلى كتابه كفصل سابع مقاله المنشور عام (2003)، الذي جادل فيه بأن الشرق الأوسط تخلّف عن الغرب بسبب تأثير ثلاث مؤسسات متشابكة جعلت من الصعب تراكم الثروة للأغراض الإنتاجية في تنظيمات كبيرة. (**) وهذه المؤسسات هي قانون الوراثة في الشريعة الإسلامية، الذي شتت الثروة العائلية بين عدد من الورثة. غياب مفهوم الشركة corporation في الشريعة الإسلامية، مما أعاق الاستثمار من قبل عدد من الأشخاص من خلال تجميع ثرواتهم؛ ووجود الوقف (مؤسسة خيرية)، الذي حجز موارد هائلة في تنظيمات وأنشطة غير منتجة.
على الرغم من أن الجدل الذي ينتظم كتاب كوران صارم وذا قيمة كبيرة للمتخصصين، إلا أنه سهلٌ على الفهم من قبل طلاب المراحل الجامعية الأولية، ويوفر مقدمة مفيدة ومفهومة لمذاهب الاقتصاد الإسلامي، وكيف ترتبط هذه المذاهب بالسلوك الاقتصادي في الدول ذات الأغلبية الإسلامية.
المراجع:
Ali, Maulana Muhammad. 1988. A Manual of Hadith. New York: Olive Branch Press.
Kuran, Timur. 2003. “The Islamic Commercial Crisis: Institutional Roots of Economic Underdevelopment in the Middle East.” Journal of Economic History 63, no. 2 (June): 414-46.
Pryor, Frederic L. 1985. “The Islamic Economic System: A Review Article.” Journal of Comparative Economics 9, no. 2 (June): 197 224.
Thesaurus Islamicus Foundation. 2000. Encyclopedia of Hadith. Vaduz, Liechtenstein.
(*)قد تختفي معاني مختلفة وراء هذه المفردة عند ترجمتها حرفياً إلى اللغة العربية تتوزع ما بين ما هو مشترك، وسائد اجتماعياً وفي السياق متوافقاً مع الخضوع لما هو موروث. ولعل المختصين يساهمون في صياغة مقابل عربي مناسب. (المترجم)
(**)راجع عرض كتاب تيمور كوران: التباين المديد: كيف أعاقت الشريعة الإسلامية الشرق الأوسط، موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين
http://iraqieconomists.net/ar/2015/12/16/%d8%b9%d8%b1%d8%b6-%d9%83%d8%aa%d8%a7%d8%a8-%d8%aa%d9%8a%d9%85%d9%88%d8%b1-%d9%83%d9%88%d8%b1%d8%a7%d9%86%d8%8c-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a8%d8%a7%d9%8a%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%af%d9%8a%d8%af/
باحث وكاتب عراقي متخصص في قطاع التامين مقيم في المهجر
عزيزى مصباح كمال
بعد ان اوضحت لى بان تيمور كولان اراد غير ما انا ذهبت – ذهبت الى Murray Bookchin
فعلمت ان الموضوع يحيطه الغموض خلافا لكل المصطلحات السياسية ولا يوجد له فى القواميس تعريفا واضحا كل ما حصلت عليه ان المعنى هو:
As a vague political idea of decentralized government structured around self-managed village communites or cities
او هو The vision of commune of communes
الكرة الان فى ملعب تيمور كولان ليضع لنا تعريفا محددا لما قصده بمصطلح Communalism
عزيزي الأستاذ فاروق
المفردة الإنجليزية commune وما يشتق منها شائعة الاستعمال إلا أن تعريفه، كما ذكرتَ، ليس واضحاً دائماً، كما جاء في تعليق الكاتب الفوضوي Murray Bookchin. ترد تعريفات قاموسية لها، وهناك كتابات عن الـ communitarianism تؤكد على ما هو جمعي تميزاً لها عن الليبرالية التي تؤكد على الفرد. المشكلة هو التعامل مع المفردة باللغة العربية؛ إيجاد مفردة مناسبة تعبر عن مجموعة الأفكار والقيم التي تنتظم العيش المشترك (حسب قاموس أوكسفورد Concise Oxford Dictionary وغيره من القواميس).
ربما ما فات المؤلف تيمور كوران وكاتب العرض هو استبعاد عوامل خارجية أثرت على تطور البلاد العربية والشرق الأوسط عموما. أعني أن مجتمعات هذه البلاد لم تتطور بفعل عوامل ذاتية صرفة فقد كانت مجتمعات مخترقة من الخارج في إطار التوسع الإمبريالي. وقد يكون من المفيد مناقشة هذا الجانب من قبل المهتمين بالتاريخ الاقتصادي للمنطقة.
أشكرك على اهتمامك.
مصباح
الشرح الذي قدمه الأستاذ فاروق يونس لنظام الملل ينطبق على التنظيم الاجتماعي الديني الحقوقي في ظل الإمبراطورية العثمانية. لكن كاتب العرض لكتاب تيمور كوران أراد غير ذلك—الدور الذي لعبه ما يسميه الكوميونالية في مجال الفكر في إحباط الجدل العلني النقدي للأفكار السائدة. وهو الذي صار يُعرف بإغلاق باب الاجتهاد، وبالتالي اتباع الموروث الديني والخضوع لسلطانه دون إعمال الفكر نقدياً.
ترجمة Communalism
بدلا من – الكوميونالية بل انها نظام الملل
يقول جواهر لال نهرو فى كتابه قصة حياتى ص 446 ( فى اوائل حكم الامراطورية العثمانية عاشت كل امة كتلة منفردة تتمتع بقسط من الاستقلال الذاتى وكانت تدعى الملة فكانت هناك الملة اللاتينية المسيحية والملة الاردكوكسية والملة اليهودية وبهذا بداْ ما يعرف فى الامبرطورية العثمانية بنظام الاقليات المحمية الذى اصبح فى الزمن الراهن بمثابة كابوس يكمن فى صدور كثير من الدول الشرقية )
يقول احد الكتاب الهنود ما نصه :
Commualism as we understand it in our country is blind loyaity to one,s own religious qroup
فى النظام الملى او نظام الملل هو تقليد نشاْ فى الدولة العثمانية وبمقتضاه اصبح لكل طائفة دينية او ملية حق استعمال لغتها الخاصة واتباع طقوس مذهبها الدينى ورعاية موْسساتها الدينية وحق التقاضى امام محاكم خاصة بها وجباية الضرائب المقررة على افراد الطائفة وتوريدها للخزنة العامة
حصر نظام الملل علاقة الدولة مع مواطنيها غير المسلمين عن طريق طوائفهم الدينية وبعد تثبيت روْساء الطوائف من قبل السلطان تغدوا لقراتهم صفة القانون فى الشوْون الدينية والمدنية ايضا وهذا ابرز سلبيات نظام الملل
فى عام 1923 اعلن كمال اتاتورك قيام الجمهورية التركية الحديثة لبناء الدولة الامة الموحدة بمعزل عن انتماءاتهم الدينية والطائفية والمذهبية والجنسية والاثنية وبهذه الخطوة التاريخية انهى اتتورك قرونا من نظام ( الملل ) والسلطة العثمانية