د. علي مرزا*: ملاحظات مختصرة على مصادر البيانات والمعلومات الاقتصادية في العراق
بمناسبة ظهور المجموعة الإحصائية 2010-2011 على الموقع الإلكتروني للجهاز المركزي للإحصاء أود أن أبين بعض الملاحظات السريعة على مصادر البيانات والمعلومات الإحصائية (الاقتصادية أساساً) المتوفرة في مواقع إلكترونية رسمية.
ظهرت المجموعة الإحصائية السنوية 2010-2011 مؤخراً على موقع الجهاز المركزي للإحصاء وهي متكونة من 20 باباَ وبجداول عديدة في كل باب. وهي تتيح بيانات حديثة نسبياَ وذات فائدة كبيرة. وتتراوح البيانات في هذه المجموعة من معلومات سكانية إلى إحصاءات قطاعية (صناعة, زراعة, إنشاء, نقل ومواصلات, الخ) إلى بيانات عن الحسابات القومية وأحوال المعيشة والتجارة الخارجية. وأغلب الإحصاءات تتوقف عند 2010 مع وجود بعض البيانات التي تعود إلى 2011.
وفي مجال البيانات في العراق عموماً لدي مجموعة ملاحظات تتصل بها بعض الأقتراحات.
إن أهم مصادر البيانات الأولية التي تتوفر بمواقع إلكترونية بشكل دوري أو شبه دوري في العراق هي, حسب الشمول والاستمرارية:
1. الجهاز المركزي للإحصاء,
2. البنك المركزي.
3. وزارة النفط.
أولاً: الجهاز المركزي للإحصاء. إن نشر المجموعة الإحصائية 2010/2011 مؤخراً بعد أن نُشرت المجموعة 2008/2009 وقبلها 2006/2007, الخ, على الموقع الإلكتروني للجهاز يمثل خطوة ممتازة يُشكر عليها الجهاز. غير أن هناك مشاكل تقنية تتعلق بمدى سهولة وفائدة الموقع بالنسبة للباحث أو الإعلامي والمواطنين عموماً. فالمجموعة تتوفر بشكل “صفحات مفردة” أي (هـ ت م ل) يمثل كل منها جدولاً في باب معين (20 باب). وهي بهذا تماثل مجلد المجموعة المطبوع. ولكن للحصول على كل جدول فيها ينبغي النقر على الرابط المتعلق بالجدول. وهذه الطريقة في التنزيل لكل صفحة/جدول متعب جداً سواء في الإطلاع أو الخزن. لهذا السبب أتقدم بالمقترحات التالية:
(أ) أن يقوم الجهاز بتوفير المجموعة الإحصائية بشكل وثيقة متكاملة (ب د أف) وأخرى بشكل (إيكسيل) لكل باب من أبواب المجموعة العشرين. بذلك يتوفر للمهتمين بتحليل التطورات والسياسات بيانات سهلة المنال. وبالمناسبة هذا ما توفرة مواقع مثل تلك العائدة إلى مواقع حكومية مثل إدارة معلومات الطاقة الأمريكية والمواقع الإحصائية الحكومية للنرويج وتركيا لنشراتها الإحصائية المختلفة, وكذلك منظمات دولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
(ب) أن يقوم الجهاز بالعمل على بناء وتوفير قاعدة بيانات لإحصاءاته المختلفة تمتد لسنوات عديدة سابقة بهدف بناء سلاسل زمنية متسقة. فما هو موجود الآن جداول مفردة على الموقع وليس قاعدة بيانات. وهذا ينطبق على المجموعات الإحصائية السنوية والأرقام القياسية للأسعار والمسوحات القطاعية, الخ. ما اريد أقتراحه هو التفكير بتوفير سلاسل لمختلف المتغيرات تمتد لفترات طويلة نسبياً من الماضي. على سبيل المثال, سلاسل الحسابات القومية, التجارة الخارجية, ميزان المدفوعات, بيانات وتقديرات السكان, التعليم, الصحة, مسوحات الإنفاق, الخ. ولاشك أن هذا يحتاج إلى جهد وتنسيق كما يحتاج إلى عمالة كبيرة لتجميع وأدخال البيانات وخبرات برمجية. وفي أعتقادي هذه متوفرة في العراق. ويساهم هذا العمل بتوفير فرص عمل كثيرة مما يعالج شيئاً من البطالة القائمة للخريجين.
(ج) وبذلك يتحول الموقع الإلكتروني للجهاز المركزي للإحصاء من مجرد رفوف لمطبوعات متناثرة إلى قاعدة بيانات. لقد أنتشرت فكرة تحويل المواقع الإحصائية إلى قواعد معلومات في العالم. وسأعطي مثالاً قريباً هو المعهد التركي للإحصاء (الجهاز المركزي للإحصاء في تركيا) حيث أن موقعه يعرض سلاسل لمتغيرات عديدة وحديثة تثير الإعجاب.
ثانياً: البنك المركزي. لاحظت أن تحديث النشرة السنوية للبنك المركزي العراقي على موقعه الإلكتروني توقف منذ أكثر من سنتين تقريباً. وهذه أهم نشرات البنك. فآخر نشرة سنوية متوفرة في الموقع تعود لعام 2008 ونحن الآن في 2012. لقد كان الأمل سابقاً ليس فقط التحديث المستمر للنشرة السنوية ولكن تحويلها إلى نشرة فصلية (ربع سنوية). بالإضافة لذلك كان الأمل توفير سلاسل زمنية لمختلف البيانات النقدية والحقيقية تمتد لسنوات عديدة.
إن إنعدام البيانات الحديثة في هذا المجال يفرض على الباحث اللجوء إلى مصادر أقل موثوقية خاصة للتدفقات النقدية والمصرفية وميزان المدفوعات والإحتياطيات الدولية ومزاد العملة, وأسعار الصرف الرسمية والسوقية, الخ.
ثالثاً: وزارة النفط. تقوم وزارة النفط بنشر بيانات شهرية عن أنتاج وتصدير النفط الخام والاستهلاك المحلي منه ومن الغاز الطبيعي على موقعها الإلكتروني. ومع أهمية هذه المعلومات وفائدتها الجمة كونها بيانات من مصدر أولي مقارنة مع الأرقام الكثيرة وفي بعض الأحيان المتضاربة التي تتوفر في مصادر ثانوية ولكن هناك بعض الضعف في الإتساق لبعض جوانب ما ينشر في هذا الموقع. على سبيل المثال, أن مجموع الإنتاج من النفط الخام الذي يورده الموقع لايساوي مجموع الاستعمالات التي ترد في نفس الموقع (والاستعمالات هي: ما يصدر من النفط الخام وما يجهز منه للمصافي ومحطات الكهرباء) مما يثير تساؤلاً حول الفرق لايجد جواباً في الموقع. كما أن كمية ما يحرق من الغاز الواردة في الموقع لا تتوافق مع ما يظهر في النشرة الإحصائية السنوية التي تصدر عن منظمة الأوبك. إضافة لّذلك ليس هناك بيانات عن استيراد وتصدير المنتجات النفطية.
من ناحية أخرى, لاينشر الموقع معلومات مناسبة أو مكتملة عن الإتفاقات النفطية والغازية مع الشركات النفطية. إن وجود مصدر أولي موثوق لهذه الإتفاقات ضروري لسلامة البحث والتقييم. وفي غياب ذلك فإن البحث عن مصادر ثانوية مجتزئة ومتشرذمة يقود إلى حالة من عدم اليقين وضعف في التقييم والتنبؤ. ولقد قاد ذلك بالفعل إلى صعوبة تقديم تحليل يقيني لبعض الإتفاقيات المعقودة.
على سبيل المثال, كانت هناك في عام 2011 تساؤلات لمعرفة شيء موثق وبتفصيل مناسب عن إتفاقية غاز الجنوب مع شل/متسوبيشي من مصدر أولي رسمي. ولكن لم تتوفر, خلال ذلك العام مصادر رسية حول الإتفاقية, إلا وثائق غير معنونة تم تداولها في الإنترنت وقيل أنها مختصرات رسمية. ولكن على حين غرة ظهر مجلدي الإتفاقية بأكملها (372 صفحة) على أحد المواقع النفطية في كانون ثان 2012. ومع الفائدة التي قدمها هذا الموقع, فلقد كان من الأولى إتاحة هذين المجلدين على مواقع رسمية قبل ذلك التاريخ خدمة للتقييم والمناقشة.
لذلك أقترح على وزارة النفط ما يلي:
(أ) تنظيم نشر البيانات عن أنتاج وتصدير النفط وإنتاج الغاز الطبيعي وتصدير واستيراد المنتجات النفطية بشكل سلاسل زمنية متسقة مع تفسير الاختلاف بين مجموع إنتاج النفط الخام والغاز الطبيعي ومجموع الاستعمالات منهما.
ب. أستحداث قسم في الموقع الإلكتروني للوزارة حول الأتفاقيات النفطية والغازية تنشر فيها البيانات والمعلومات والتحديثات المختلفة حول هذه الأتفاقيات.
رابعاً: أهمية البيانات والمعلومات الوثيقة. إن وجود معلومات دقيقة وممحصة ومتسقة له أهمية كبرى في التأكد من التطورات الفعلية ومعرفة مدى الاستجابة للسياسات الاقتصادية والاجتماعية. ويعين هذا الأمر في جعل النقاش والتقييم وأقتراح السياسات مبنياً على أسس موضوعية.
(*) باحث وكاتب اقتصادي عراقي
Download PDF. Click on following link
د. علي مرزا-ملاحظات على مصادر البيانات الاقتصادية–نهائي
في عالم المال يتطلب منا اليوم أن تكون هناك شفافية عالية وبيانات نصف سنوية وربع سنويةسواء للبنك المركزي والمصارف التجارية كالرافدين والرشيد مما بمثل امذاراً مبكرا وأرضية ملاشمة للنحليل المالي والنقدي مع التقدير