المقدمة
إن التحدي المتمثل في توفير ما يكفي من السكن الجيد وبأسعار معقولة هو مشكلة تواجه جميع الدول، وخاصة الدول ذات معدل نمو سكاني مرتفع مثل العراق 2.5%[1]. وفي الوقت الذي يعد فيه الحصول على سكن مناسب أمر مسلم به في العديد من دول العالم، فإنه مازال بالنسبة إلى كثير من العراقيين حلما بعيد المنال قد لا يتحقق في ظل الطلب القوي والمتزايد على الإسكان، والذي يقدر بـ 5 إلى 6 ملايين وحدة سكنية لسد العجز في قطاع السكن[2]. وتتزامن هذه المشكلة مع قيود العرض الطويلة الأجل وكذلك الارتفاع القياسي في أسعار العقارات.
ومن المتوقع أن تتفاقم وتتعمق هذه المشكلة في السنوات القادمة نظرا للنمو المتسارع في عدد السكان والتحول في التركيبة الديمغرافية العراقية إذ إن فئة الشباب تشكل النسبة الأكبر من السكان، حيث بلغت نسبة السكان للفئة العمرية (15-64) سنة (57٪[3]، وهناك الآلاف منهم من يدخل إلى سوق العمل سنويا، وبدورهم يبحثون عن الحصول على سكن خاص بهم مما يؤدي إلى تزايد الطلب على السكن.
وبدلا من إن تقوم الدولة ببناء وزيادة العرض من المساكن المنخفضة التكلفة، نرى اليوم في بغداد مثلا زيادة المعروض من المساكن الأفقية والعمودية الفاخرة والباهظة الثمن، والتي لا تستطيع النسبة الأعظم من العراقيين شرائها بسبب الأسعار المرتفعة جدا قياسا بمعدلات دخولهم. وقد تحولت العديد من المشاريع والتمويل الإسكاني إلى أداة استثمارية لتحقيق الأرباح مما تسبب في زيادة المعروض من المساكن الفاخرة ونقص الإسكان المنخفض التكلفة.
بالمقابل نجد إن الافتقار إلى السكن المنخفض التكلفة أحد الاهتمامات السياسية المتزايدة والأساسية في كثير من دول العالم، وقد توصلت العديد من الدول إلى حل مشكلة الإسكان عن طريق توفير السكن الاقتصادي وليس السكن الفاخر فقط. فعلى سبيل المثال، بدأ تطوير نظام الإسكان الاقتصادي في وقت مبكر جدًا في الولايات المتحدة وأوروبا، وكذلك بدأت بعض الدول في آسيا مثل سنغافورة وهونج كونج مشروع الإسكان الميسور التكلفة منذ خمسينيات القرن العشرين، وفي العقود الأخيرة، بذلت الحكومة الصينية جهودًا شاقة للغاية لتطوير الإسكان الميسور التكلفة للأسر ذات الدخل المنخفض.
[1] https://mop.gov.iq/archives/12560
[2].المعرقلات أكثر من الحلول.. قطاع السكن في العراق: الحاجة لأكثر من 5 ملايين وحدة والاستثمار لا يسد/ شفق News / 2023-12-07
[3] https://mop.gov.iq/archives/17688
لمواصلة القراءة اقر على الرابط التالي
د.سهام يوسف -تجارب السكن الاقتصادي الناجحة على العراق الاستفادة منها
دكتوراه في الاقتصاد الدولي، المدرسة العليا للإحصاء والتخطيط، وارشو، بولندا. تقيم حالياً في المغرب
أطلعت على المقال، انه اختيار موفق للموضوع وذات محتوى جيد، مع أمثلة لبعض الدول بهذا الخصوص.
وبهذه المناسبة أود ان أشير الى أن العراق كان سباقاً وله تجربة رائدة في هذا المجال، وخاصة في عهد جمهورية تموز 1958. إذ أنجزت الحكومة في حينه عدة مشاريع في بناء مجمعات سكنية متكاملة الخدمات: الصحية والتعليمية، والبنى التحتية من الطرق والمواصلات، والأسواق التجارية في جميع أرجاء العراق منها إقليم كردستان الحالي. على سبيل المثال، في العاصمة ـ بغداد، أطلقت عليها أسم المدن، منها: الثورة، اليرموك، الشعلة، الزيونة وغيرها، وذلك عن طريق الشركات العامة للمقاولات، لإسكان الفقراء وعديم المأوي والطبقة المتوسطة، لامتلاكها و/أو تأجيرها مقابل مبالغ معقولة تتناسب مع دخول اصحابها، وكانت مدعومة من قبل الحكومة.
وكان هناك ايضاً جمعيات المساكن للمنظمات المهنية، منها على سبيل المثال: جمعية مساكن المعلمين والأطباء والمهندسين والشرطة والجيش والعاملين في دوائر الدولة واشتراك الأعضاء في هذه الجمعيات، وتوزيع قطع اراَ ضي عليهم والحصول على القرض من المصرف العقاري لتشيد الأبنية كمجمعات سكنية لهم، مقابل تقسيط القروض مع فوائدها الرمزية، واستقطاعها من رواتبهم الشهرية.
مع آسف الشديد تراجعت الحكومات المتعاقبة اهتماماتها بهذا الموضوع المهم، مع ازدياد الحاجة لتوفير السكن للفقراء والطبقة المتوسطة، كما جاء تأكيدكم في المقال. واليوم انتقل هذه المهمة من القطاع العام الى قطاع الخاص، وبذلك يتم التوجه نحو بناء الأبنية والفيلات لطبقات غنية ذات كلفة عالية، لا تصلها الطبقة المتوسطة، وأصبحت مضاربات العقارية مهنة مربحة جداً، في الوقت الذي يعاني المواطن العراقي من أزمة السكن، مع تفشى الفساد في قطاع السكن الحكومي والخاص، كما في القطاعات الأخرى من النشاط الاقتصادي، والمثال على ذلك (من دون الدخول في التفاصيل)، لمشروع برنامج الوطني في عام 2021، لإنجاز مليون وحدة سكنية في مختلف أرجاء البلاد، على أساس شراكة حقيقية بين المواطن والمصارف الحكومية والمستثمر لمشروع مدينة بساميه الجديدة بواقع (100.000) الف وحدة سكنية ل (600.000)
ألف نسمة في الجنوب الشرقي من مدينة بغداد.
مع اطيب تحياتي اليكم والاخ العزيز علاء
خالص محبتي ومودتي
المحترمة د. سهام يوسف
تحية طيبة
شكرا جزيلا لهذا الجهد المبذول على تلخيص تجربتي سنغافورة والمغرب في قطاع السكن. وقد أوجزتِ في نهاية المقال الأسباب والحلول المقترجة التي يجب على العراق الأستفادة منها تجاه مشكلة السكن. وتعليقي سيكون كالآتي:
1- ان مشكلة العراق تتمحور على خطين أساسيين ويعدان العمود الفقري لنجاح اي مشروع يمكن ان يطرأ على بال الفرد، وهما التخطيط والأدارة
2- اقوم ومنذ سنوات من خلال التعليقات او الحوارات حول موضوع السكن واختناقات المرور والتلوث البيئي بالقول والتأكيد على ضرورة القيام بأعادة وضع مخططات التطوير الحضري الجديدة لكل المدن العراقية ليتسنى للجميع معرفة الكيفيات والآليات التي يتم بموجبها معالجة المشاكل المطروحة على الطاولة ومنها مشكلة السكن.
3- ان عملية انجاز الوحدات السكنية في العراق تجري بشكل عشوائي لايهتم بتبعات الخطوات الخاطئة او الأجراءات غير العلمية التي لاترتبط ابدا برؤية مستقبلية واضحة للعيان بحيث يستطيع المرء ان يخطط لمستقبله انطلاقا من تصوره للحصول على سكن مناسب في مناطق تقع خارج الحدود البلدية للمدن الحالية.
4- افتقار التخطيط الحكومي العراقي ولغاية اليوم لأيجاد وأنشاء مدن جديدة بحيث تنتقل اليها المؤسسات المهمة الموجودة حاليا في داخل مراكز المدن والتي تعتبر واحدة من أهم اسباب الأزدحامات المرورية والتلوث البيئي. (لجأت الحكومة الماليزية الى اتخاذ مثل هذه الخطوة حيث انشأت مدينة جديدة كاملة خارج كوالالمبور- قرار للدكتور مهاتير محمد حينها).
5- ان معالجة موضوع السكن لايتم فقط من خلال الحكومة وتخطيطها المستقبلي الذي سيبقى قاصرا عن بلوغ منتهاه اذا لم يتعاون الجمهور معها لتطبيق الرؤية الواضحة على هذا الأتجاه. حيث ان الفرد العراقي بعمومه يؤمن بأن الحصول على قطعة ارض بأسمه (بطابو مسجل) هو ضمان اكيد لمستقبله ومستقبل اولاده. وهنا تتدخل الثقافة المجتمعية لتعديل هذا المفهوم الذي يرتكز في اساسه الى عدم ثقة المواطن بالحكومة (وهذا موضوع طويل بمداخلات سياسية وتاريخية معقدة بدأت منذ تاريخ بداية تشكيل العراق الحديث عام 1921).
6- ان توفير السكن الأقتصادي يمت بدرجة اساسية الى توفير السكن العمودي المناسب والذي يجب ان تديره التشريعات اللازمة التي تنظم هذا الأمر من ناحية التمليك ومايختص بتبعات السكن في المجمعات السكنية على اعتبارها تجربة حديثة في العراق (بالنسبة للقطاع الخاص). الا ان هذه التشريعات مازالت غائبة الى وقت قصير (تجربتي الشخصية المستمرة مع هذا الأمر).
7- تركزت الحلول التي طرحتيها على ان تقوم الحكومة باتخاذ الخطوات اللازمة على هذا المسار. وان كنت احترم رؤيتك على هذا الأتجاه الا اني اقترح ان تكون هنالك تشريعات ترسم هذا التصور اولا، وبالتالي وضع التصورات المناسبة بما يخص المشاركة الخاصة او حتى الأستثمارية في هذا المجال. كنت اعمل مع احدى الشركات على مشروع تنفيذ مشروعين ضخمين في العاصمة السنغالية دكار وكان المشروعان يخصان موضوع السكن الأقتصادي او واطىء الكلفة.
8- اذا لم تستطع الحكومة السيطرة على وسائل الأنتاج، فلن تستطع ان توفر المواد واطئة الكلفة حتى ان تم التوجه الاستثماري الخاص لتوفير الوحدات السكنية، ابدا.
9- ان بناء المجمعات السكنية في العراق الحالي مرتبط كما تفضلتِ بمستويات الدخل، وانتي خير من يعلم بان الدخول مرتبطة بالواقع السياسي والشرائح المرتبطة بالأيراد الريعي النفطي التي (لاتعد حقيقية في محتواها ولكنها واقعية) مما خلق فارقا كبيرا بين شرائح المجتمع واذى الى تضخم شريحة “محدودي الدخل” او في كثير من الأحيان ارى تسمستهم بـ “معدومي الدخل” الين لن يستطع راتب الضمان الاجتماعي على توفير مدفوعات مناسبة لأغراض السكن الحالي.
10-هنالك نقاط اخرى تمت بصلة الى مقالك الرائع، لن اتطرق اليها في الوقت الحاضر.
تقبلي خالص التقدير
المحترمة د. سهام يوسف
تحية طيبة
شكرا جزيلا لهذا الجهد المبذول على تلخيص تجربتي سنغافورة والمغرب في قطاع السكن. وقد أوجزتِ في نهاية المقال الأسباب والحلول المقترجة التي يجب على العراق الأستفادة منها تجاه مشكلة السكن. وتعليقي سيكون كالآتي:
1- ان مشكلة العراق تتمحور على خطين أساسيين ويعدان العمود الفقري لنجاح اي مشروع يمكن ان يطرأ على بال الفرد، وهما التخطيط والأدارة
2- اقوم ومنذ سنوات من خلال التعليقات او الحوارات حول موضوع السكن واختناقات المرور والتلوث البيئي بالقول والتأكيد على ضرورة القيام بأعادة وضع مخططات التطوير الحضري الجديدة لكل المدن العراقية ليتسنى للجميع معرفة الكيفيات والآليات التي يتم بموجبها معالجة المشاكل المطروحة على الطاولة ومنها مشكلة السكن.
3- ان عملية انجاز الوحدات السكنية في العراق تجري بشكل عشوائي لايهتم بتبعات الخطوات الخاطئة او الأجراءات غير العلمية التي لاترتبط ابدا برؤية مستقبلية واضحة للعيان بحيث يستطيع المرء ان يخطط لمستقبله انطلاقا من تصوره للحصول على سكن مناسب في مناطق تقع خارج الحدود البلدية للمدن الحالية.
4- افتقار التخطيط الحكومي العراقي ولغاية اليوم لأيجاد وأنشاء مدن جديدة بحيث تنتقل اليها المؤسسات المهمة الموجودة حاليا في داخل مراكز المدن والتي تعتبر واحدة من أهم اسباب الأزدحامات المرورية والتلوث البيئي. (لجأت الحكومة الماليزية الى اتخاذ مثل هذه الخطوة حيث انشأت مدينة جديدة كاملة خارج كوالالمبور- قرار للدكتور مهاتير محمد حينها).
5- ان معالجة موضوع السكن لايتم فقط من خلال الحكومة وتخطيطها المستقبلي الذي سيبقى قاصرا عن بلوغ منتهاه اذا لم يتعاون الجمهور معها لتطبيق الرؤية الواضحة على هذا الأتجاه. حيث ان الفرد العراقي بعمومه يؤمن بأن الحصول على قطعة ارض بأسمه (بطابو مسجل) هو ضمان اكيد لمستقبله ومستقبل اولاده. وهنا تتدخل الثقافة المجتمعية لتعديل هذا المفهوم الذي يرتكز في اساسه الى عدم ثقة المواطن بالحكومة (وهذا موضوع طويل بمداخلات سياسية وتاريخية معقدة بدأت منذ تاريخ بداية تشكيل العراق الحديث عام 1921).
6- ان توفير السكن الأقتصادي يمت بدرجة اساسية الى توفير السكن العمودي المناسب والذي يجب ان تديره التشريعات اللازمة التي تنظم هذا الأمر من ناحية التمليك ومايختص بتبعات السكن في المجمعات السكنية على اعتبارها تجربة حديثة في العراق (بالنسبة للقطاع الخاص). الا ان هذه التشريعات مازالت غائبة الى وقت قصير (تجربتي الشخصية المستمرة مع هذا الأمر).
7- تركزت الحلول التي طرحتيها على ان تقوم الحكومة باتخاذ الخطوات اللازمة على هذا المسار. وان كنت احترم رؤيتك على هذا الأتجاه الا اني اقترح ان تكون هنالك تشريعات ترسم هذا التصور اولا، وبالتالي وضع التصورات المناسبة بما يخص المشاركة الخاصة او حتى الأستثمارية في هذا المجال. كنت اعمل مع احدى الشركات على مشروع تنفيذ مشروعين ضخمين في العاصمة السنغالية دكار وكان المشروعان يخصان موضوع السكن الأقتصادي او واطىء الكلفة.
8- اذا لم تستطع الحكومة السيطرة على وسائل الأنتاج، فلن تستطع ان توفر المواد واطئة الكلفة حتى ان تم التوجه الاستثماري الخاص لتوفير الوحدات السكنية، ابدا.
9- ان بناء المجمعات السكنية في العراق الحالي مرتبط كما تفضلتِ بمستويات الدخل، وانتي خير من يعلم بان الدخول مرتبطة بالواقع السياسي والشرائح المرتبطة بالأيراد الريعي النفطي التي (لاتعد حقيقية في محتواها ولكنها واقعية) مما خلق فارقا كبيرا بين شرائح المجتمع واذى الى تضخم شريحة “محدودي الدخل” او في كثير من الأحيان ارى تسمستهم بـ “معدومي الدخل” الين لن يستطع راتب الضمان الاجتماعي على توفير مدفوعات مناسبة لأغراض السكن الحالي.
10- هنالك نقاط اخرى تمت بصلة الى مقالك الرائع، لن اتطرق اليها في الوقت الحاضر.
تقبلي خالص التقدير