السياسة النقديةملف البنك المركزي العراقي
08/05/2013
يثار كلام كثير حول مزاد العملة الأجنبية الذي يقيمه البنك المركزي على أنه ينطوي على هدر للمال العام، وأود أن أدلي ببعض الأفكار حول هذا الموضوع.
1) ليس هناك هدر للمال العام نتيجة عملية المزاد، فالمصارف تتقدم بدنانيرها إلى البنك المركزي ويتم استبدالها بالدولار باستخدام الاحتياطي من العملة الأجنبية، وذلك حسب سعر الصرف المعلن، وبالتالي فنحن أمام عملية صرف ومبادلة نقدية بحتة. بعبارة أخرى نحن لا نعطي الدولار مجانا ، وبالتالي فنحن لا نهدره. ويتقاضى البنك المركزي 13 دينارا عن كل دولار يقوم بتحويله. البنك المركزي يهدر المال العام إذا أعطى الدولار مجانا كما ذكرنا أو أن تتم مبادلة الدولار بالدينار بأسعار صرف تفضيلية.
يقال أيضا إن البنك المركزي يهدر المال العام لأنه يبيع كميات كبيرة من الدولار. ولكن بيع هذه الكميات هو استجابة لطلب المشترين الذين يمثلون المصارف التجارية. إن من المهم جدا أن تتم مقابلة كل طلب على الدولار بعد أن يتم تدقيق وضع المصرف من ناحية المخالفات المصرفية، وبعد أن يكون المصرف قد قدم استشهادا بأن طلبه قد خضع لتدقيق مكتب غسيل الأموال في المصرف. إن مقابلة كل طلب أمر أساسي في السياسة النقدية وإلا فإن الطلب الذي لا تتم مقابلته وإشباعه من قبل البنك المركزي سيذهب إلى السوق لإشباع حاجته إلى الدولار من مصدر آخر، الأمر الذي سيخلق سعر صرف آخر يكون بالضرورة أعلى من سعر البنك المركزي، وبالتالي سنكون أمام ظاهرة تعدد أسعار الصرف في البنك المركزي والسوق المحلية. إن ذلك سيخالف قانون البنك المركزي (المادة رقم 3) وسيعرقل اتخاذ القرارات الاقتصادية ويشوّه مستوى الأسعار. إن معايير صندوق النقد الدولي الذي يعتبر العراق أول الموقعين على اتفاقيته تقول إن الفرق بين السعرين (سعر البنك المركزي وسعر السوق) يجب ألا يزيد على 2%. وفي الوقت الحاضر وفي ظل الإدارة الجديدة فإن الفرق بين السعرين يقرب من 8%.
عندما يبيع البنك الدولار فإنه يمارس سياسة نقدية وليس عملية تجارية ، فببيع الدولار يسحب الدينار من التداول ويخفف من الآثار التضخمية (الهدف الأول للبنك المركزي) ،الأمر الذي يعمل على ترشيد الإنفاق بشكل عام ويفضي إلى تقليل الهدر في المال العام .
إن التغير في سعر الصرف لا يعتبر هدراً في المال العام، كما أن إشباع الطلب على الدولار لا يعتبر هو الآخر هدراً للمال العام، ويجب أن يتساوى العرض والطلب حتى يستقر السعر (الهدف الأول للبنك المركزي كما ذكرنا). هذه عمليات سوق واقتصادنا هو اقتصاد في طور الانتقال إلى اقتصاد سوق، وانفتاح كهذا تصاحبه تقلبات في الطلب والعرض تؤثر بالتأكيد على حركة النقود. إن المهم في الأمر هو أن يعاد وضع السوق إلى حالة الاستقرار.
لقد ذكرنا للتو أن الفرق بين سعر صرف البنك المركزي وسعر السوق في ظل الإدارة الحالية هو حوالي 8%. البنك لم يبين سبب هذا الفرق، ونعتقد أن السبب يعود من الناحية الاقتصادية إلى عدم قيام البنك بتلبية كل الطلب ،الأمر الذي يؤدي إلى هذا التفاوت بين سعر البنك المركزي وسعر السوق، وهذا أمر يخالف المادة الثالثة من قانون البنك المركزي . هذا التفاوت يجب أن يعالج ( نلاحظ أنه في ازدياد )، وقد واجهت الإدارة القديمة بعض الاختلال والتذبذب في سعر الصرف في بداية عام 2012 نتيجة للطلب الكبير على الدولار بسبب الانسحاب الأمريكي في نهاية 2011 وظروف إقليمية أخرى إلا أن الإدارة تمكنت من إعادة الاستقرار في الأسبوع الثالث من شهر أيلول 2012، حيث بلغ السعر 1196 ديناراً للدولار. نستنتج إذاً أنه وحسب مبادئ وقانون البنك المركزي لم يكن هناك هدر للمال العام، فأولاً قام البنك المركزي ببيع الدولار لقاء الدينار، وثانياً أن البنك في عمله هذا يلبي الطلب على الدولار ويحافظ على استقرار سعر الصرف والأسعار المحلية ويوفر البيئة المناسبة للحفاظ على المال العام واستخدامه استخداماً منتجاً ،الأمر الذي يعزز التنمية المستدامة ويساهم في توفير فرص العمل، كما هو مبين في المادة (3) من قانون البنك المركزي.
2) يبيع البنك المركزي الدولار إلى المصارف وهذه تبيعه لزبائنها لاستخدامه في استيراد السلع والخدمات، وهذه عملية تجارية وليست عملية نقدية وهي تحصل خارج البنك المركزي، أي بعد أن يخرج الدولار من البنك المركزي. لذلك فإن هذه العملية التجارية لا تتعلق بالبنك المركزي، بل هي تتعلق بالاستخدامات المختلفة للقطاع الخاص الذي قد يستخدم الدولار لأغراض طبية وسياحية أو لشراء بعض الأصول أو قد يلجأ حامل الدولار إلى ما يسمى بالادخار الخارجي لأسباب اقتصادية وأمنية وسياسية انتظاراً لتحسن الظروف وبيئة الاستثمار حتى يعيد هذا الادخار كله أو جزءاً منه إلى العراق.
هذا يعني أن البنك المركزي لا يجب أن يلام إذا ما كان الاستيراد بنسبة قليلة من المبلغ الممنوح، فالبنك المركزي يجب ألا يحاسب عن عملية تجارية. من الممكن أن يحاسب البنك المركزي إذا كان هناك خلل في صرف الدولار مقابل الدينار، أي على العملية النقدية. إن هدر المال العام نتيجة لعملية تجارية بالرغم من أهميته لا يقع ضمن أعمال البنك المركزي.
3) يقوم البنك المركزي بتقديم نسخة من طلبات التحويل المقدمة إلى لجنة المزاد إلى دائرة مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب في البنك للمتابعة التفصيلية (التي تتضمن متابعة العمليات المشكوك فيها) بالرغم من قيام المصرف المعني بتزويدنا باستشهاد حول خلو عملياته من غسيل الأموال. إن هذه الدائرة هي التي يجب عليها أساساً أن تشخّص وتتابع عمليات غسيل الأموال وتمويل الإرهاب داخل وخارج العراق وتستطيع (حسب قانون مكافحة غسل الأموال لسنة 2004) أن تفعّل ذلك مباشرة من دون الرجوع إلى محافظية البنك، فدائرة غسيل الأموال تحتفظ باستقلالية عملياتها. إن هذه المتابعة اللاحقة، وهي مهمة جدا، لا تعرقل تحديد سعر الصرف واستقرار الأسعار بشكل عام. علينا أن نتذكر، وكما نوهنا سابقا ،أن استقرار الأسعار المحلية هو الهدف الأول للبنك المركزي حسب المادة 3 من قانون البنك المركزي. إن لجان المزاد تتسلم الاستشهاد من المصارف حول خلو العمليات من غسيل الأموال ،ولكن ذلك لا يجب أن يعرقل انسيابية التدفقات المالية واستقرار سعر الصرف. إن دائرة غسيل الأموال التي تتسلم نسخة من طلبات المزاد مباشرة هي التي يجب أن تدقق التدفقات من ناحية غسيل الأموال بشكل تفصيلي.
ويمكن أن نلخص ما أوردناه في النقطتين (2) و(3) بأن مصير العملة الأجنبية التي بادلها البنك المركزي لقاء الدينار العراقي ضمن عملية المزاد والتي تنتهي مهمته هنا، هو أن تذهب عن طريق المصارف التجارية لتموّل الأنواع المختلفة من السلع المستوردة والخدمات والأغراض الأخرى التي ذكرناها سابقا. كل طلبات التحويل هذه تُعطى إلى دائرة غسيل الأموال التي يجب أن تتابع وتحدد مصير العملة الأجنبية وخاصة المشبوهة منها وتخبر الجهات الأمنية مباشرة.
4) من المهم أن نبيّن أنه ليس هناك تقييد في التحويلات للمدفوعات الجارية حسب المادة الثامنة من اتفاقية صندوق النقد الدولي الذي كان العراق من أوائل مؤسسيه ومن أول الموقعين على اتفاقيته في 27/12/1945. إضافة إلى ذلك فإن الحرية في التحويلات ضمنتها مذكرات السياسات المالية والاقتصادية مع صندوق النقد الدولي التي تم عقدها ووقّعها كل من وزير المالية ومحافظ البنك المركزي. ونود أن نوضح أيضا أن كل التقييدات قد أزيلت خاصة بعد إلغاء مديرية التحويل الخارجي في البنك المركزي في سنة 2003 .
*) محافظ البنك المركزي السابق
المصدر : جريدة المدى العدد(2790) – الاثنين 6/5/2013
من الأمور الحتمية إن أستاذ الدكتور سنان الشبيبي المحترم من الشخصيات المهنية والمحترفة وله إيمان عميق في مسألة الحرية الإقتصادية , وإستقلالية البنك المركزي , لكن النقاش يدور حول نقطة مركزية وذلك بوجود تسرب في الإحتياطيات الدولية , وينعكس ذلك في إختلاف مستويات التحويل من جلسة الى جلسة من جلسات المزاد للعملة,الخشية وهي في وجودمن يستغلون الحصول على العملة الأجنبية بإسلوب رسمي ويستخدمونها بإسلوب غير رسمي, ومن ثم إن إتخاذ سياسات نقدية دفاعية أو إنكماشية لغرض منع التسربات ومن ثم إتخاذ سياسات هجومية للحد منها ومن يقوم بها وهذا لايعني الخروج عن الفلسفة الإقتصادية الحرة , ومن ثم إن الإرتباط مابين وزارة المالية والمصارف الحكومية التابعة لهإرتباطاً وظيفياً ومن ثم من حق وزير المالية التوجية لإجراءات العمل المصرفي , في حقيقة الأمر إن البنك المركزي هو المصدر ومن مهامه معرفة القنوات الي يذهب إليها اخر دولار يتم تحويله وفي إعتقادي إن الإجراءات التقييدية يجب أن تتخذ عندما يكون هناك إحساس بالخطر الذي فد يداهم المركز النقدي للعملة مع التقدير
السلام عليكم هنالك مجموعة من النقاط يجب التنويه اليها : أولاً : لا يمكن فتح الأبواب مشرعة وبدرجة 360درجة أمام عمليات التحويل إلى مالانهاية وخاصة مع وجود مجاميع نقدية كبيرة قد لايكون أمام البنك المركزي من تسها أو إبرائها وذلك الأمر يمكن أن نجد مقاربة له في توقف الولايات المتحدة الأمريكية عت تحويل الدولار إلى الذهب في مرحلة معينة فلابد من ترشيد عمليات التحويل .
ثانياً : لايشك إثنان إن جزء من العملة المحولة تتم لأغراض المضاربة بالعملة ‘ذا تمت عمليات التحويل يشكل مفرط, وعلى الرغم من إن العملة العراقية هي عملة لها قيمة معينة فإن ذلك لايعني نسيان إن الدولار هي عملة دولية والدينار عملة محلية.
ثالثاً:لا يمكن أن يغفل البنك المركزي عن طبيعة إستخدامات القطاع الخاص للعملة الصعبة , فإن ذلك يعني تحول البنك المركزي من جهة رقابية إلى جهة تحتاج إلى من يؤشدها وهي المرشد والمتحكم الأول بالإقتصاد, وهذا يعني أن يكون للبنك المركزي الوسائل غير المباشرة للمراقبة حتى لاتؤثر على مناسيب السيولة النقدية , ومن ثم لا يمكن التسليم من إن إستخدامات القطاع الخاص للعملة الصعبة هي منتجة , وكذلك نلاحظ إن عمليات التحويل الواسعة يقابلها إنقطاع لدورة النقد وبالتالي إضطرار البنك المركزي إلى المزيد من الإصدار النقدي وبذلك يتلاشى مفهوم التوازن النقدي الذي تحدث عنه أستاذي الدكتور سنان االشبيبي المحترم وتحول الدينار العراقي المدعم بكميات الدولار لدى البنك المركزي عن القيام بور النقد الفعال الذي يتكرر إستخدامه في التداول بدلا من خروج الدولار مرة واحدة دون بقائه فترة أطول لدعم الدينار العراقي .
إنني أتطلع لدور أكبر للبنك المركزي في الحياة الإقتتصاجية العراقية وترسيخ هذا الدور بصورة أكلر حتى يمكنه من إتخاذ القرارات التقدية بشكل أدق , كما يمكن دمج الوزارات الساندة للبنك المركزي في وزارة واحدة هي وزارة الإقتصاد والتي تنجم عن إندماج ثلاثة وزارات هي التجارة والمالية والتخطيط. مع التقدير وهي وجهات نطر.
رابعاً :