الاقتصاد العراقي الكلي

د. أحمد إبريهي علي: التنمية و التمويل في العراق عام 2014 و آفاق المستقبل

مقدمة:

رفع الموازنة المالية العامة إلى المجلس النيابي تتخذ مناسبة لتسخين الحوار حول الاقتصاد بأكمله، حاضرا ومستقبلا. وإدارة الحكومة للموارد، في ظل خيارات القوى السياسية المهيمنة  و تطلعات المجتمع بفئاته المختلفة و تفاوت مصالحها. و غالبا ما يتجنب النقاش و خطاب المطالب  وعي العمليات الاقتصادية، استثمار و إنتاج و تشغيل و تبادل و توزيع …، من داخلها والقواعد الناظمة لها وشروطها التقنية  و الإدارية و التنظيمية  و حاكمية الأسعار و التكاليف للقرار الاقتصادي. وايضا تتجاوز الأحاديث الرائجة  فضاء الإمكانية ألاقتصادية و كيف يتغير وما هي الحدود القصوى لما يسمح به من مجموع وسائل إشباع الحاجات في عامنا هذا و الزمن القادم. مع التغاضي عن حقيقة كبيرة وهي أن النشاط الاقتصادي سلوك بشري يتخذ انماطا مستقرة في الأفق الزمني للخطط و السياسات. و لأنها  بهذا المعنى معطاة، أي الأنماط ، فلا غنى أبدا عن التعرف عليها بتأن و موضوعية صارمة، لاكتشاف فرص الإصلاح و التطوير.

إن المجتمع بإفراده ومجموعاته  ومنظماته الاقتصادية  وغير الاقتصادية ليس موضوعا تام السلبية ، مادة خام مطاوعة، لفعل الذات الوحيدة وهي الحكومة – الشخص!!. بل المجتمع، بالنظام الاقتصادي و سياقه الحضاري، هو الذي يحدد مديات نجاح مشاريع التنمية أو إخفاقها . ولا بد من إعادة الاعتبار لمناهج تنفتح على العلم المتخصص بإخلاص و مقاصد مسكونة بالهم العام. و دعم البيئة الملائمة لإنتاج المعرفة الموضوعية  والأكثر فاعلية لتعضيد الجهد التنموي المطلوب. و من أجل أن يتحمل الأنسان المسؤولية الكاملة عن مصيره، وليتعاظم الإحساس بقيمة العمل المنتج لمقومات الحياة والمعنى  وارتقاء الأنسان و الحضارة.

من ذلك المنطلق تحاول هذه الورقة مناقشة وضع الاقتصاد العراقي عام 2014 و ما عرضته من مؤشرات و ملاحظات كتبت على خلفية دراسات و مراجعات  سبقت، و تهدف إلى إعادة طرح العلاقة المعقدة بين النفط و التنمية و المالية العامة لبحثها من جديد. فهي تنطلق من الشك في المصداقية التجريبية لفهمنا النظري، و في نفس الوقت لا تجاري القول بأن الخطط و السياسات صحيحة والعلة في التنفيذ. وإن المقصود بالتعرف على أنماط السلوك ليس التنميط المظهري للوقائع بل الكيفيات الداخلية لإنتاجها، و ما هي المدخلات الخارجية الممكنة للتأثير على تلك الكيفيات أو السياسات التي تقوم على توظيفها.

حاولت الورقة تغطية الأنفاق العام بالعلاقة مع عمليات خلق النقود و النشاط المصرفي من جهة، و بين بنية الموازنة و الواقع الاقتصادي القائم و آفاق تنميته من جهة أخرى. مع التركيز على النفط و استراتيجية تطويره و توقعات أسعاره، و هو المرتكز الأساس لأدامه الحياة الاقتصادية بالأمر الواقع. و لاحظت صورة العراق في التقارير الدولية ذات العلاقة و كيف يبدو المستقبل القريب لاقتصاده الوطني في تلك السيناريوهات.

لمواصلة القراءة يرجى تنزيل ملف بي دي أف. انقر هنا

*) باحث إقتصادي ونائب محافظ البنك المركزي الأسبق

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

تعليقات (1)

  1. Avatar
    محمد سعيد العضب:

    تعليق موجز حول دراسة الدكتور احمد بريهي العلي
    دراسة شامله عرضت بإسهاب اهم ملامح هيكل وبني “الاقتصاد العراقي “ وتضمنت علي مؤشرات إحصائية مسنده من الجهاز ا المركزي للإحصاء والبنك المركزي العراقي ,التي قد تبدو انها اهملت او لم تعكس واقع , دور واهميه فعاليات السوق السوداء (اي اقتصاد الظل) والتهريب, الذي تحول الي سمه مميزه في النشاط الاقتصادي بالعراق منذ بداية الحرب الإيرانية العراقية وحرب الكويت وسنوات الحصار علاوة ,علي فتره الاحتلال وليومنا الحاضر وما تمخض عنها من اخفاقات مشهوده , وعقد تنميه ضائع , تم تغليف انجازاته احصائيا بزياده إيرادات النفط الناجمة عن عوامل خارجيه , الا وهو التصاعد الفلكي في اسعار النفط لا غير .
    رغم كافه التحفظات علي الاحصاءات المتعلقة بالناتج المحلي الاجمالي او مساهمه القطاعات المختلفة في توليده ا ومدي مصداقيه نصيب الفرد ودخله او التوزيع الجغرافي له ( لغياب احصاءات سكانيه فعليه )
    ا ود في هذا المجال تناول محورين هامين تعرضت لها الدراسة القيمة
    اولها العلاقة بين الدولة واقتصاد السوق, وثانيهما محاوله وضع اولويات للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة .
    بخصوص المحور الاول حاول الكاتب من خلال تعرضه لمجموعه من الآراء والتصورات , التوكيد علي عدم وجود تعارض او تناقض موضوعي حقيقي بين توجيه موارد الدولة من النفط لتوطيد القطاعات المنتجة الأخرى خصوصا الزراعة والصناعة التحويلية في الاقتصاد ( ليس فقط الاهتمام في تطوير البني التحتية ) واستنادا علي منهجيه اقتصاد السوق ,حيث يتوجب ضمن هذا التوجه هنا التحرر من انماط اداره المؤسسات العامة السابقة والتحول الي انماط جديده في الإدارة وتحويل هذه المؤسسات الي شركات تعتمد معايير كفاءه الاداء اساسا , اي تحويلها الي شركات مساهمه او قابضه تعتمد الاساليب الاقتصادية والتجارية الصرفة بعيدا عن سياسيات المحاباة والتأثيرات السياسية , مما يعني ليس فقط التخلص من اساليب النظم الحكومية البيروقراطية السائدة في اداره المؤسسات الاقتصادية العامة بل لا يعني ذلك انكار ضرورتها او اهميتها في تسيير الاقتصاد ,مع التوكيد علي حقيقه في غايه الأهمية بان تنميه قطاعات الانتاج الزراعي والصناعي الوليدة في بلد نامي كالعراق ,كما حصل عبر التاريخ في البلدان الصناعية المتقدمة , تحتاج الي الدعم والتشجيع والحماية من قبل الحكومة ,غيره تظل قاصره , ولا تتمكن من الدخول بكفاءة في ميدان التنافس الاقتصادي الحقيقي . من هنا تظل مساله خلق انظمه تحفيز اقتصادي متوازن يعتمد معايير كفاءه الاداء ورعاية اوضاع الصناعات الوليدة مساله حاسمه في فكر وتصورات متخذ القرار الذي يهدف حقا التنمية خارج نطاق الاستمرار في انتاج النفط وتصديره الذي لم يخضع بتاتا لدراسات اقتصاديه صارمه لتحديد اقتصاديات الأنشطة المختلفة ضمن هذا القطاع, بل انطلق دائما وبديهيا انه قطاع مربح وتمكنه توفير الايرادات المطلوبة للدولة رغم مثالب الانكشاف وتعقيدات ارتباطه بالمتغيرات الخارجية التي قد تكون خارج السيطرة الوطنية . كما اعتبر حقا وباطلا هو الملاذ الاول والاخير في توفير الاموال لسلطه الدولة لا غير.
    من هنا لابد التنويه ايضا ان تطبيق وتنفيذ اليات اقتصاد السوق القسري كما سعي لها بريمر والحكومات لما بعده وليومنا الحاضر, قاد ليس فقط الي تأكل قدرات الدولة وتراجع سلطاتها الإدارية فحسب, بل تصاعد حالات الفساد المالي والاداري, مما يتوجب ا عاده النظر جذريا في هذه المنهجية , واعتبار ان حريه السوق والانفتاح الاقتصادي كما يسوق حاليا , لا يعني بتاتا الغاء بناء قطاعات الانتاج او التعويل فقط علي نشاطات موهومة تفتقر اسس قويه للتنمية والتطور بالتالي ترهيل دور الدولة العقلاني اتساقا وانسجاما مع اليات السوق .
    التنمية بالمفهوم الشامل تعني تغيير اقتصادي شامل تبدا في بناء اقتصاد منتج قادر علي خلق وتوفير مستوي معاشي رفيع يستند علي العدالة والمساواة عبر تدخل الدولة المكثف والعقلاني هذا وتظل عمليه التنمية الناجحة مرهونة في تحقيق جمله غايات, كما عليها تلبيه حاجات اجتماعيه شامله تتجاوز مساله تحقيق نمو اقتصادي او زياده نصيب الفرد في الناتج المحلي الاجمالي عليه تظل عمليه الانفاق العام لإيرادات النفط ضمن السياقات والمفاهيم السائدة حاليا مجرد وسيله لتعزيز ارادات الطغم المتحكمة والمتسلطة وسوف لا تساهم في انجاز المهمات الحقيقة التي من اهمها :
    *تسكين وتخفيض حاله الفقر النسبي والمطلق السائدة حاليا
    *توفير الامن والاستقرار لا فراد المجتمع
    *تصحيح اوضاع الامساوه بالعلاقات الاجتماعية التي تفجرت بعد الاحتلال والناجمة عن الوضع الديني الطائفي او المناطقي الاقليمي
    ان كافه هذه الاهداف لا يمكن انجازها من دون تدخل فاعل وعقلاني وكفوء لمؤسسات حكومية منظمة فاعله وكفؤه .
    بخصوص المحور الثاني حاول الباحث وضع اولويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة استنادا علي مقوله الاستغلال الامثل للموارد الطبيعية المتاحة .
    ابتداء يمكن القول ان الاقتصاد العراقي لا يزال يتسم بسمه اقتصاد الحرب الموروثة منذ بداية عقد الثمانيات – هيمنه الريع النفطي . غياب الانتاج الصناعي والزراعي ترهل تام في المجتمع ,وامل الجميع تلبيه حاجاتهم من الحكومة ,علاوة عي شيوع الاقتصاد الموازي والسوق السوداء , التهريب والابتزاز , تحكم العصابات وتجار الحروب علي التجارة والتوزيع , بزوغ قوي فاعله تمتلك القوه والسلطة والمليشيات والاموال . لذا وخلال العقد الاخير ساهمت السياسات الاقتصادية العشوائية مع الاسف الشديد في دعم هذه الظواهر, كله من اجل تلبيه طموحات النخب الجديدة في الاستحواذ علي خيرات البلد وتعزيزا لطموحات الفكر والممارسة الأميركية التي سادت منذ الاحتلال والرامية الي ايجاد بديل عن الملكية العامة للموارد الطبيعية وتوفير المبررات والحجج لخصصه قطاع النفط والغاز والفوسفات والكبريت وغيرها من ناحيه وبيع المؤسسات الصناعية العامة مثل مجمع البتروكيماويات والأسمدة والمصافي وصناعه الاسمنت ..الخ من ناحيه اخري , كله ليس فقط من اجل خلق نخبه ماليه جديده لتصبح البديل عن القطاع العام, بل توفير فرص للرأسمال الاجنبي , خصوصا بعد نصاعد الادعاءات الموهومة بعجز ه وفشله في قياده التنمية, مما يتطلب الركون علي القطاع الخاص والنخب الجديدة .
    هذا وطرحت شعارات القطاع الخاص ” الغائب” وحتميه احتلاله الريادة في عمليه التنمية ومن دون تعريف وتحديد لماهيته ودوره التنموي الحقيقي الممكن في تاريخ بناء الاقتصاد العراقي ماضيا وحاضرا . فالعراق لم يمتلك طبقه” قطاع خاص” رائده , بل ظلت فئات طبقته البرجوازية تحوم حول علي استغلال مواقعها السياسية والاجتماعية من السلطة للحصول علي منافع مباشره من الدولة عليه ظل هذا القطاع ضعيف القدرات المالية والتنظيمية وغاب عند معظم شرائحه سمات رياده الاعمال -المبادرة , المخاطرة والمنافسة , مما جعله خارج لعبه التنمية في تاريخ البلد الحديث.
    عليه ان استنتاج الباحث في حتميه اعتماد التنمية علي الدولة في تنميه قطاع الزراعة والصناعة ,خصوصا فروع الصناعات المعتمدة علي النفط والموارد الطبيعية الأخرى كالفوسفات والكبريت لتطوير صناعات مثل البتروكيماويات والأسمدة وغيرها من المشتقات سواء لسد حاجه الاسواق المحلية او للتصدير تعتبر من القطاعات كثيفه الرأسمال والمخاطرة العالية التي لا تتوافر مستلزماتها حاليا للقطاع الخاص الوطني , علاوة علي الاهتمام في تطوير صناعه المواد الإنشائية وبالأخص الاسمنت ومستلزمات التشييد الأخرى .
    هذا ولابد من اخضاع عمليه تطوير هذه الصناعات الي دراسات جدوى اقتصاديه وفنيه وبموجب معايير تقييم اقتصادي كلي شامل و ليس فقط التعويل علي معايير تجاريه قاصره , بل ينطلب تبني معايير شامله لتحديد الربحية القومية لمثل هذه المشروعات الاستثمارية اي الكلفة \ المنفعة الاجتماعية. من هنا يتطلب تصحيح اسعار السوق المشوهة في العراق , سواء بما يتعلق بأسعار المدخلات – الطاقة او اللقيم , كالغاز او النفط الخام او غيرها – علاوه علي ايجاد اسعار واقعيه لصرف الدينار وسعر الفائدة .
    فمن دون اجراء مثل هذه التصحيحات الجوهرية في اسعار السوق وتأسيس اسعار ظل تعكس الكلف والمنافع الاجتماعية تبقي قرارات التنمية قاصره ولا يمكنها تبرير المشروعات الاستراتيجية التي تساهم في النطور والتقدم علي الامد البعيد الامد كما سيظل الاقتصاد في دوامه التبعية المحتومة علي انتاج النفط الخام وتصديره باعتباره المورد المربح الوحيد تجاريا ..
    .هذا وستظل عمليه تأسيس نظام اقتصادي رصين لعمليه تقييم المشروعات الاستثمارية العامة وقبل ادراجها في موازنات الدولة السنوية تحتل اهميه قصوي في هذا المجال مما يتطلب اعتماد دليل في كيفيه اعداد الدراسات الاقتصادية والفنية العامة والاسس المعتمدة في تقييم جدواها من وجهه نظر الاقتصاد القومي الكلي

التعليق هنا

%d مدونون معجبون بهذه: