السياسة النقديةخواطر إقتصادية

د. ميثم لعيبي: تبديل (أبو العشرة) تنفيذ جزئي لمشروع رفع الاصفار

طرح البنك المركزي العراقي قبل أسابيع عملته فئة الـ 10 الاف دينار بحلة جديدة، وهو إجراء جاء لمجموعة من الأسباب التي أوضحها البنك في بيان كان قد أصدره بتاريخ 9/9/2014 ونشره على موقعه الالكتروني الرسمي.

تركزت الخصائص التي وضعت في الورقة على محورين رئيسين؛ أمنية وفنية. ويراد من ذلك زيادة كفاءة العملة وإضافة مواصفات أمنية عالية الحماية، فضلاً عن إضافات شكلية لتلافي ما يشار إنها ملاحظات على الاوراق القديمة.

على إن أهم هذه الاضافات هي إستبدال صورة عالم البصريات الحسن إبن الهيثم بنصب الحرية للراحل جواد سليم، وتحديث التاريخين الهجري والميلادي (2014م-1435هـ) إضافة الى العلامات الامنية كالحبر المغناطيسي متغير اللون (يتغير لونه عند إمالة الورقة) والنافذة الشفافة (تظهر صورة المأذنة عند وضعه على خلفية فاتحة ورقم الـ10000 عند وضعه على خلفية داكنة) فضلاً عن علامات المكفوفين البارزة.

حسب وجهة نظرنا، فأنه أمر حسن، أن تتم عملية إستبدال العملة بأخرى أكثر كفاءة وأماناً، خاصة إن عشرة سنوات قد مضت على صدور العملة بنسختها القديمة، وهي فترة كافية لاصدار عملة بنسخة أخرى، وهو ما يبدو إنه يتوافر في العملة الجديدة، وذلك في ظل وجود تقنيات تصوير عالية الدقة في طبع الاوراق النقدية (البنكنوت)، خصوصاً ان هناك عمليات تزييف تعرضت لها هذه الفئة إضافة الى فئة الـ25 الف دينار؛ وهما أكثر الفئات التي تعرضت الى عمليات التزييف، لأنهما الاكبر من بين بقية الفئات، وذلك لإرتفاع الفرق بين سعر طبع العملة وقوتها الشرائية، خاصة إن العُمل المزورة يجري ضخها في الاسواق باسعار أقل من قيمتها في العادة.

هذا مع تحفظنا ان عمليات التزييف التي شهدها السوق العراقي، لم تكن كبيرة وواضحة، ولم تؤثر كثيراً على تراجع الثقة بالعملة. بالمقابل فان ثمة أكثر من ملاحظة يمكن أن تؤاخذ على العملة المطبوعة بنسختها الحالية:

أولاً: إن العملة فئة 25 الف دينار هي الأكبر، ومنطيقاً كان الاجدى من ناحية الكفاءة الاقتصادية ومكافحة التزييف والحد من آثاره أن يتم البدء بإستبدالها بمواصفات أكثر أمانا وليس فئة الـ10 الاف دينار، اللهم الا اذا اريد البدء بهذه العملة لأنها أقل مخاطرة، أو ان عمليات التزييف التي شهدتها كانت أكبر.

ثانيا : تم استبدال توقيع (المحافظ) بتوقيع (المحافظ وكالة) وهذا ما يعد تراجعا ، لانه سيبقى مسجل في العملة الجديدة لفترة أقلها عشر سنوات قادمة، وهي فترة طويلة جدا، وكان الاجدر أن يؤجل الاجراء الى أن يتم تثبيت محافظ أصيل.

ثالثاً: كان المؤمل أن تصدر العملة الجديدة بلغتين؛ العربية والكوردية، وهو أمر منصوص عليه في الدستور، وحسب علمنا فان مشروع رفع الاصفار (السابق) وفئات العملات التي كان من المفترض أن تصدر بضوءه؛ في زمن الدكتور سنان الشبيي ونائبه مظهر محمد صالح، صمم ليصدر باللغتين، لا بلغة واحدة.

هذا الامر يطرح أكثر من تساؤل بحاجة الى أجابات (لا املكها حاليا) مثل، من هي الجهة المسؤولة عن مُساءلة البنك المركزي (البرلمان ام الحكومة) وهل تم إستشارتها أو أخذ موافقتها! وما هو موقف الكورد على هذا الامر! أم إنه أمر ليس ذو بال وتم تمريره في ظل المشكلات الاخطر التي تواجه البلاد!

رابعاً: للمتتبع، فان شكل العملة الجديد من فئة الـ(10) الاف دينار واغلب العلامات الامنية والاضافات مثل استبدال صورة الهيثم بنصب سليم، كانت موجودة من ضمن المقترحات لفئات العملة ضمن (مشروع رفع الاصفار) المطروح في زمن الشبيبي وصالح (بدايات صياغة المشروع في 2005، وموافقات البرلمان عليه 2010 والمنوي تنفيذه في 2014). لكن مشروع رفع الاصفار تم إيقافه لوجود إعتراضات عليه من قبل الحكومة في حينها، رغم ما قدم من حجج مؤيدة له تمثلت بإعاداة هيكلة العملة ومعالجة مشكلة التضخم وتخفيض تكلفة المعاملات النقدية وتسهيل التعاملات إضافة الى آثاره النفسية الايجابية.

خامساً: هناك نية لإستكمال إستبدال ما تبقى من فئات العملة الكبيرة (25000، 5000) دينار، والفئات الصغيرة (1000، 500، 250) دينار، في المرحلة القريبة القادمة، واضافة علامات أمنية وفنية، وأغلب هذه التعديلات متفق عليها منذ زمن بعيد، وفي ظل مشروع رفع الاصفار ذاته، لكن هذه التعديلات؛ على أهميتها، ستنفذ من دون المشروع الأصلي.

في الأخير، كنا نأمل أن ينفذ المشروع دفعة واحدة، بمعنى أن يتم دفع مشروع رفع الاصفار بما يتضمنه من إضافات وتعديلات أمنية وفنية على فئات العملة بحيث يصبح المشروع متكاملاً ويضمن الكفاءة وإنخفاض التزييف إضافة الى محاسن مشروع رفع الاصفار التي ذكرناها. لكن يبدو إن النية ذهبت الى إيقاف المشروع والاستفادة من جزء منه.

*) أستاذ علم الإقتصاد في جامع المستنصرية، بغداد

كل المقالات المنشورة على موقع شبكة الإقتصاديين العراقيين لاتعبر بالضرورة عن رأي هيئة تحرير وانما عن كتابها فقط وهم لوحدهم يتحملون المسؤولية العلمية والقانونية

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

التعليق هنا

%d مدونون معجبون بهذه: