قضايا محاربة الفساد والحوكمة الرشيدة
18/02/2016
اولاً: من هم التكنوقراط:
استحدث مصطلح التكنوقراط عام 1919 على يد وليام هنري سميث الذي طالب بتولي الاختصاصيين العلميين مهام الحكم في المجتمع الفاضل ، والمصطلح من مقطعين الاول (تكنو ) وتعني التقنية او التكنولوجيا او المعرفة الفنية ، و(قراط ) وهو من البيروقراط المعنيين بالادارة والحكم ، وبذلك يعّرف التكنوقراط على انهم شريحة من المتعلمين بعمق في مجالات اختصاصهم بمعنى ان تعليمهم في مجال معين ليس سطحي او التقاط مفردات من هنا وهناك يرسلوها ارسال البديهيات والذين اسميهم من باب التنذر (المتعمقين جداً في المسائل السطحية)، او يمكن اعتبارهم (مختصين بسفاسف الامور) او انهم (انصاف المتعلمين ) لان معرفتهم لا تتعدى معرفة والدتي المسكينة الطيبة في المجال الطبي على اعتبار انها مريضة على مدى ثلاثين سنة منصرمة فتراكمت لديها نتف معلومات طبية غير مترابطة وهذا يسري على كل من يقتحم اختصاص غير اختصاصه. ولان التكنوقراط متعمقين في اختصاصاتهم فهم معتدين بانتمائهم المهني ( النقابي) وبذلك يكون جزء كبير من ولائهم مجير لانتمائهم الحرفي او المهني حتى لو انتموا الى أحزاب سياسية معينة فلن تكون لديهم ولاءات عمياء لأحزابهم، وبذلك نضمن ان اغلب ولائهم للمعرفة العلمية العالية والخبرة المهنية المتراكمة التي ينتمون اليها، فتجدهم مستنفرين في مواجهة الاغلاط التي ترتكب في مجال تخصصهم والتي يشخصوها بكل دقة وحرفية ويعرفون كيفية مواجهتها بحماس وصدق، الامر الذي يجعل تأثير الأحزاب التي ينتمون اليها عليهم بأضيق الحدود وهي مرحلة متطورة جداً اذا ما استطاع العراق من تمكين هؤلاء من ادارة الانشطة المتخصصين فيها.
كما لا يمكن ان نعتبر المهندس الحذق تكنوقراط في المحاسبة والمال والاقتصاد مثلما لا يعتبر الاقتصادي الحذق تكنوقراط في البيئة او الزراعة او الموارد المائية او البلديات وهكذا، اما المفاهيم الشائعة لدى العامة و في بعض وسائل الاعلام بأن التكنوقراط يعني المستقلين (حصرا) الذين لا ينتمون لتوجهات سياسية او حزبية فهذا خطأ شائع يجب ان لا نتعامل معه بالمطلق، فقد يكون التكنوقراط مستقلاً وقد يكون منتمياً لحزب ما، فذلك سيان.
ثانياً: تمكين التكنوقراط جزء من الإصلاح وليس كله:
لو افترضنا جدلاً ان لدينا مركبة بموديل قديم وتكنلوجيا متخلفة ولم تجري لها الصيانة منذ امد فتراكمت العطلات في المحرك والعجلات والكهربائيات وغيرها بحيث ان اقصى سرعة لهذه المركبة لا تتعدى 5 كم /ساعة ، فهل بالإمكان زيادة سرعتها الى 100 كم/ساعة بمجرد استبدال السائق فقط، حتى لو كان السائق حذق جداً، ولكنه مكبل بقيود عدة، منها الأنظمة المتخلفة التي لا يسمح له باستبدالها وعدم توفر التمويل لصيانتها واذا توفر التمويل فأن الميكانيكي المختص بالصيانة لم يطور خبراته خلال السنوات الأخيرة من جهة ولا توجد قطع غيار جيدة لاستبدالها وغيرها من القيود، وهذه الأمور برمتها سوف نسميها (العوامل المكملة ) وهي كثيرة تجعل من استبدال الوزراء فقط لن يوفر الا فرصة بسيطة للإصلاح لان الحكومة لا تعمل بشكل صارم على ايجاد العوامل المكملة الأخرى، مثل الأنظمة والتعليمات ونظم العمل ونظم المتابعة والمحاسبة والعقوبات الإدارية الصارمة وتفكيك منظومة الفساد بين صغار موظفي الدولة وكبارهم وتنمية الانتماء المؤسسي على حساب الانتماء الحزبي وقمع كل اشكال المحسوبيات والواسطات وتفكيك العوائل الإدارية المتعشعشة في مؤسسات الدولة ليحل التكنوقراط محل (الفاملي قراط ).
ثالثاً: كيف السبيل الى التكنوقراط الأقوياء:
اذا أخذنا بالتعريف الشائع الخاطئ للتكنوقراط وجئنا بهم مستقلين فأنهم سيكونون ضعفاء غير مسنودين وسوف يصبحون فريسة سهلة للضغوط المنفلتة وما اكثرها وللابتزاز بمختلف اشكاله، واذا تركنا الامر برمته بعهدة الأحزاب فأن الأحزاب لا ترشح التكنوقراط الحقيقي المتعمق باختصاصه بشهادة عليا (رصينة) والمنتمي لاختصاصه ومؤسسته التي راكمت لديه خبرة طويلة لان هذا النوع سوف لا يكون ولائه اعمى لحزبه فلا تستطيع الأحزاب تمرير مشاريعها في الوزارات من خلالهم، واعني المشاريع المخالفة للمهنية والعلمية والمصلحة العليا ، فانها ستكون سياسة خاطئة نغرق في أوحالها مجددا وتلهينا عن الهدف الأساسي المتمثل بالإصلاح وإنقاذ البلد واستدامة زخم محاربة داعش ومن ورائهم، وعليه لابد من مسك العصى من الوسط، واعني ان ترشح الأحزاب (خمسة مرشحين) من ذوي الاختصاص الدقيق وبشهادة عليا وخبرة متراكمة للوزارات التي تخص الأحزاب.
على ان تراعي تلك الأحزاب مخافة الله سبحانه ومصلحة البلد والانتباه الى حجم الكارثة التي تنتظرنا فيما لو تقاعسنا عن الإصلاح ، وعندما تقوم الاحزاب بالترشيح يتولى رئيس الوزراء اختيار احدهم وفقاً للسيرة الذاتية والعلمية المرفقة لكل مرشح، وبذلك نضمن استمرار التوافق السياسي و في ذات الوقت تحسين أداء الوزارات من خلال تمكين المختصين.
رابعاً : القدوة الحسنة :
من باب أولى ان تكون رئاسة الوزراء أنموذجا وقدوة حسنة يحتذى بها من خلال تمكين خبراتها المختصة لديها كل في مجال اختصاصه، من حيث الاعمال واللجان ذات العلاقة باختصاصه وخبرته وبذلك تتوفر لديها الحجة في محاسبة الوزارات المنحرفة عن هكذا منهج ، وبخلاف ذلك فأنها لا تستطيع ان تحاسب أي جهة عن فعل هي أيضا تمارسه في اروقتها، ونرى بوضوح ان البلد مليء بالخبرات العالية والانسان عادة مهما تعلم في مجال فهو جاهل في غير اختصاصه وبدلاً من فهمه لفلسفه قراراته وتأثيرها في المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المختلفة نجده يتحول الى إمعة لمجموعة محتالين من حوله يتحكمون به وهو محتار في امره ويمارس عملية استحسان القول ليس الا ويسقط في مطبات، ثم يصبح رويداً رويداً معادي لما يجهل ويدفع بالخبرات الحقيقية لأنه لا يستطيع مجاراتها ويستقدم أنصاف المتعلمين لكي يبقى هو منظرهم وقراره – حتى وان كان خطأ – ماضٍ فيهم، ويكون البلد هو الخاسر الأكبر.
(*) مستشار الشؤون الاقتصادية في رئاسة الوزراء
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته اخي العزيز د.عبدالكريم العبيدي ، دعائي لك بالموفقية والنجاح وتحقيق الاماني الشخصية والوطنية ..اخي العزيز كان لي اخ وصديق من ايام الجامعة المستنصرية يحمل نفس اسمكم الكريم الا انه كان في الاداب – لغة عربية ، فان كنتم انتم من اعنيه فارجوا اعلامي بذلك لاني افتقده منذ حين .
الاستاذ الدكتور عبد الحسين العنبكي الموقر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد؛ فيطيب لي أن اهديكم خالص التحية والتقدير، سائلا الله تعالى أن يكتب لكم التوفيق والنجاح من أجل تحقيق التقدم والازدهار في برنامج الاقتصاد العراقي خدمة للوطن والمواطن. ودمتم في رعاية الله وحفظه.
شكرا جزيلا استاذي الفاضل فاروق يونس على الاطراء واللغة الودودة التي تتداخل بها ..الشيء المفرح ان السياسين وهم في الغالب اوصلت لهم المقال عدلوا من تعريفهم للتكنوقراط من على شاشات التلفاز وهذا هو الاصل والغاية ..مع اعتزازي بتقييمكم والدرجة التي تضعوها …مع فائق الامتنان والتقدير
استاذى العزيز بروفيسور عبد الحسين العنبكى
اولا – شكرا لما ابديتموه من توضيح —-
ثانيا – اما تساوْلكم عن القدوة الحسنة وان تكون رئاسة الوزراء انموذجا وقسدوة حسنة فهذا هو المطلوب فان لم تكن السلطة العليا قدوة حسنة فمن يكون القدوة ؟ والرائد ( اى القائد ) لا يكذب اهله وليس فى مقالكم القيم اى ترك او اغفال
ثالثا – وادراكا لما جاء فى تعقيبكم من روح التواضع العلمى وتوضيحكم لوجهة نظركم تم اضافة 20 درجة فحصلتم بذلك على 95 درجة وهذا ليس من باب الطرفة كما تظن ولكن لقول الشاعر :
وانى لتطربنى الخلال كريمة —– طرب الغريب باوبة وتلاق
متمنيا لشخصكم الكريم موفور الصحة والعطاء العلمى الدائم
الاستاذ فاروق يونس المحترم
شكرا على المداخلة الرائعة ..بالحقيقة انا حاولت مسك العصا من الوسط ، فلم اكن مع التكنوقراط المستقلين تماما كما طالب البعض لانهم سيكونو ضعفاء ليس لهم ظهر يحميهم ، واخترت تكنوقراط من الاحزاب السياسية ولكن هؤلاء المتعمقين في اختصاصهم سوف تتقدم لديهم قناعة الاختصاص العلمي على قناعة الانتماء الحزبي ، وعندما ينتصر الوزراء لاختصاصهم العلمي يكونو اكثر موضوعية وبالتبعية هو انتصار لاجندة البلد على اجندة الحزب .
ومن باب الطرفة لماذا ياسيدي لم تضع درجة على تساؤل القدوة الحسنة ..لو هذا ترك ..مع فائق الود.
لا شك بان البروفيسور ( وانا اشدد على استعمال مصطلح بروفيسور بدلا من الاستاذ الدكتور ) عبد الحسين العنبكى قد اجاب على السوْال من هم التكنوقراط وحصل على 10 من 10
ثم تسائل كيف السبيل الى التكنوقراط الاقوياء ؟ واجاب بان ترشح الاحزاب 5 مرشحين ويختار رئيس الوزراء احدهم وبذلك نضمن استمرار التوافق السياسى وفى ذات الوقت تحسين اداء الوزارات وحصل على 5 من 10 لان التكنوقراط ليسوا هم الاكثر قدرة على ادارة شوْون الدولة من السياسيين المتمرسين
لم يعط البروفيسور اى اهمية لانشغال التنكنوقراط بالامور السياسية اى بابور بامور اخرى غير التى تخصصوا فيها
لم يكن لدى البروفيسور ربط واضح بين اهمية كل من التكنوقراط والسياسين مع ان كل منهما يكمل الاخر فى اى دولة تنشد التقدم
النتيجة 15 من 20 او 75%
مع كل التقدير والاحترام لاستاذى بروفيسور عبد الحسين العنبكى
الاخ مهند المحترم
عندما يكون اعضاء برلمان وقادة كتل وفي وسائل اعلام تعرف التكنوقراط على انهم المستقلون فقط ، فاضطر الى اعتماد منهج تدريسي لتبسيط الامر ، ارجع للمقال فقد قلت ان (قراط ) تعني الادارة والحكم ، الا اذا كان حكمك غير حكمي ، فلماذا لامك تجر ولامي لا تجر اذن ، ثم ان الموضوع برمته لا يحتاج الى اسلوب تحليلي معمق فهو ترتيب اوراق لحكومة مقترحة يتداوله الجمهور. مع التقدير
الموضوع قراءة اولية في منهج دراسي اقرب منه دراسة تحليلية، كنت أتمنى أن أجد فيها رؤية تناسب وصف المستشار، ثم قراط أستاذي الدكتور كما تعلمت تعني الحكم وليس البيرقراط كما أوردته، مع الود.