النفط والغاز والطاقة

د. علي مرزا: معضلة الأوبك بين حصة السوق وتحديد الإنتاج OPEC’s Dilemma between Market Share and Production Quotas

Iraqi Economists Network

(1) مدخل *** [1]

عندما تكونت منظمة الأوبك في 1960، عقب تخفيض أسعار النفط المعلنة، posted prices، من قبل شركات النفط العاملة في الدول المصدرة للنفط، في تلك السنة والتي سبقتها، كان هدفها الأساس منع تخفيض والعمل على زيادة الأسعار. وبعد انتقال اتخاذ القرار، في مرحلة الإنتاج النفطي، للدول المصدرة في سبعينيات القرن الماضي، وتزايد دورها في التأثير في أسعار السوق النفطية، انقسمت أراء الدول الأعضاء حول المدى الذي ينبغي ان ترتفع أليه الأسعار. فأصحاب الاحتياطيات المنخفضة كالجزائر، وفي وقته فنزويلا، والدول الطامحة بتأثير سياسي إقليمي ودولي كإيران، وأحياناً العراق، كانت تميل إلى تحقيق أسعار نفط (ومن ثم عوائد نفطية) مرتفعة. في المقابل، كانت دول أخرى بقيادة السعودية تميل إلى عدم المبالغة في “رفع الأسعار” والقبول بأسعار “معتدلة “حتى يمكن الحفاظ على “حصة السوق” وإطالة أمد استعمال النفط في العالم. وبالنتيجة، أوجد ذلك الانقسام معضلة للأوبك. ولقد ساهمت عوامل عديدة في التأثير في فعالية سياسات الأوبك في تحقيق أي من أهدافها (بما في ذلك تحقيق تسوية لهذه المعضلة) على مدى العقود الأربعة والنصف المنصرمة. أولاً، إن كون الأوبك مجموعة من الدول التي لها اهداف مختلفة ووسائل محدودة في التأثير على سوق النفط العالمية (بالذات أسلوب تحديد “حصص” إنتاجية للدول الأعضاء في مرحلة الاستخراج) تختلف عن كارتل الشركات النفطية الكبرى. فلقد كان لهذا الكارتل، من خلال تكامله، الأفقي والعمودي، على مدى الأربعة عقود التي سبقت السبعينيات، مجال أوسع في التنسيق بين أعضائه، ومن ثم تامين الالتزام بالخطط والاستراتيجيات. كما كان له وسائل أكثر فعالية في تنظيم والتأثير في الصناعة النفطية. ثانياً، أدت سياسات الطاقة في الدول المستهلكة إلى الحد من فعالية سياسات الأوبك، من خلال، على سبيل المثال، تشجيع تطوير مناطق بديلة لإنتاج النفط أو استبدال بعض استعمالاته بأنواع وقود بديلة وتشجيع زيادة الكفاءة في استهلاك الوقود عموماً. ثالثاً، بالرغم من اتفاق دول الأوبك في العديد من السياسات التي نجحت في زيادة الأسعار أو منعها من الهبوط، فإن التوتر والاختلاف بين بعض أعضاءها (كالتنافس الجيوسياسي) حد من فعاليتها أيضاً.

وبعد التزام طويل الأمد في لعب دور المنتج المتبقي “العالمي” (للدفاع/الحفاظ على الأسعار)، تخلت الأوبك، بقيادة السعودية، في تشرين2/نوفمبر 2014، عن استراتيجية/هدف الحفاظ على الأسعار لمصلحة استراتيجية/هدف الحفاظ على “حصة السوق”. ولكنها، بعد سنتين، عادت لتتخلى عن هذه الاستراتيجية/الهدف لمصلحة الاستراتيجية الأولى من خلال العودة إلى تبني أسلوب تحديد “حصص” أو “سقوف” إنتاجية للدول الأعضاء (المنتج المتبقي مرة ثانية)، في اتفاقية جديدة في تشرين2/نوفمبر 2016 لتخفيض الإنتاج.

ويثار التساؤل حول أسباب هذا التغير بين الاستراتيجيتين، وما هي التبعات التي ترتبت على تطبيق الأولى والتي ستترتب على تطبيق الثانية. لذلك، في هذا السياق، أحاول في هذه الورقة التطرق إلى هذه المسائل من خلال مجموعتين من الفقرات، وكما يلي:

(أ) في الفقرة ثانياً، سأتطرق إلى تبعات استراتيجية الحفاظ على حصة السوق التي طبقت خلال الفترة أواخر 2014- أواخر2016، وأهم العوامل/الأسباب التي قادت إلى التخلي عنها (مع إشارة لتطبيق مثيلتها في 1986).

(ب) وفي الفقرات ثالثاً-سادساً سأتطرق، بالتتابع، لوصف لاتفاقية الأوبك في تشرين2/نوفمبر 2016 لتخفيض الإنتاج، ثم التبعات المتوقعة لتطبيق هذه الاتفاقية، يعقبها مقارنة بين قابلية الشركات النفطية ومنظمة الأوبك في تنظيم والتأثير في الصناعة النفطية. وأخيراً إشارة لبعض التبعات المتعلقة بالعراق.

لمواصلة القراءة يرجى تحميل البحث كملف (بي دي أف) سهل الطباعة. أنقر على الرابط التالي:

Merza__OPEC_Dilemma_April2017

(*) د علي مرزا، خبير اقتصادي، اكتسب خبرة واسعة في قضايا إعادة الهيكلة والإصلاح الاقتصادي والتخطيط واقتصاد النفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وله اهتمام خاص بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، والبنى المؤسسية والسياسات التنموية، في العراق والدول العربية الأخرى المنتجة للنفط. ولقد نشر بحوثًا ومقالات وقدّم أوراقًا، حول العراق وحول هذه المنطقة، في مجلّات علمية وعامة وفي مؤتمرات مهنية، بالعربية والإنكليزية. وخلال الفترة من 2010 إلى بداية 2015، نشر بكثافة في موقع “شبكة الاقتصاديين العراقيين” الإلكتروني بحوثًا مهنية، بالعربية والإنكليزية، عن الاقتصاد العراقي، وشارك مشاركة موسعة في النقاشات المتعلقة بمختلف القضايا التي تخصّ الإدارة الاقتصادية والنفطية العراقية، في منتدى الشبكة. كما نشر منذ ذلك الحين عدة دراسات في مواقع أخرى وكذلك في الأعداد السنوية لكتاب “حديث الثلاثاء”. ولقد عَمِل سابقًا في وزارة النفط والتخطيط العراقية، وكبير مستشارين في قسم الشؤون الاقتصادية والاجتماعية في الأمم المتحدة. وهو حاصل على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة بيرمنغهام البريطانية.

(**) نٌشِرَت هذه الورقة أصلاً على الموقع الإلكتروني “للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات”، في 27 آذار/مارس، 2017:

 http://www.dohainstitute.org/release/a6ed3e14-8423-40c6-ba34-d8221d421158

(***)اشكر كامل المهيدي وعدنان الجنابي وسعد الله الفتحي وصادق العويناتي وطارق الهيمص على ملاحظاتهم القيمة على مسودة اولية سبقت هذه الورقة.

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

تعليقات (2)

  1. Avatar
    د.مجيب حسن محمد:

    استاذي الدكتور علي ميرزا ،رجل صاحب رؤيا وفكر تحليلي ناقد ،يعتبر مصدرا مهما في مجال التخطيط الاستراتيجي والتنموي ،تشرفت به واستفدت كثيرا منه اثناء عمله مديرا للبرنامج التنموي للامم المتحدة في ليبيا ، له مني كل المحبة والود .. اطال الله في عمره وجعله ذخرا لبلده .

  2. farouk younis
    farouk younis:

    الدكتور على مرزا مصدر مهم لطلبة العلم خبرة علمية وعملية ومن حقه ان يقول للمسوْولين فى الحكومة العراقية ( اساْلونى قبل ان تفقودنى ) — اطال الله فى عمره ومنحه الصحة والعافية
    مغ خالص تقديرى واحترامى

اترك رداً على farouk younis إلغاء الرد

%d مدونون معجبون بهذه: