في إطار التفكير في واحدة من المفاهيم السائدة في علم النقود المسماة بالشروط النقدية Monetary conditions والتي ترتكن إلى معيار يسمى بالرقم القياسي لتلك الشروط (MCI – الذي يحتسب التراكيب الخطية لعدد قليل من متغيرات السوق المالية في عموم الاقتصاد وعلى وجه الخصوص معدلات الفائدة الاسمية قصيرة الاجل ومعدلات أسعار صرف العملة المحلية ازاء النقد الاجنبي)، فقد قادني التفكير إلى التصدي لمسالة تحليل الشروط النقدية والسلوك النقودي للأفراد في السوق غير المنظمة في العراق (وهي سوق ظل في الغالب تنحصر تعاملاتها بالائتمان النقدي خارج النظام المصرفي الرسمي أو القانوني وتتصرف كذلك في سلوكياتها خارج ضوابط السلطة النقدية)، وتختلف في مستويات تجانسها مع السوق المنظمة التي تقع تحت اشراف وسيطرة السلطة النقدية مباشرة.
فبين السوقين المذكورين تظهر متغيرات في التعاملات النقدية تجاه تيار متصاعد من المعاملات الربوية المضاربة بالسيولة النقدية من خارج الجهاز المصرفي الرسمي. وهو نمط ربوي مستحدث يطلق عليه بتأجير العملة أو العملة المؤجرة Renting money. وهو شكل متسارع من التعاملات النقدية غير القانونية لتسويغ سوق الائتمان النقدي غير الرسمية أو غير النظامية. ويرتبط هذا الائتمان بالغالب باحتياجات المضاربين للنقد الأجنبي، اذ ترتبط كلفة تأجير النقود طردياً مع معدلات الفرق في أسعار الصرف التي تحددها السوق المركزية الرسمية للبنك المركزي والسوق الموازية للصرف.
فمعدل تأجير العملة المحلية (الدينار) تبلغ اليوم بنحو 15% شهرياَ وهو معدل مرتفع جداً على المستوى السنوي للفائدة الاسمية القصيرة الاجل. وازاء هكذا غلو في النقود المؤجرة ومعدلاتها الاقراضية التي لا تتناسب وحالة الانكماش السعري والركود في الاقتصاد الكلي، يذهب هذا البحث بالتحري عن الرابطة التي تدلنا على التراكيب الخطية للظروف النقدية داخل السوق النقدية غير المنظمة في العراق ومقياسها المتمثل بمعدلات الصرف في السوق الموازية أو غير المنظمة مقارنة بالتراكيب النقدية في السوق المنظمة ولاسيما في مجالي سعر الفائدة وسعر الصرف.
لمواصلة القراءة يرجى تحميل ملف بي دي أف سهل الطباعة. انقر على الرابط التالي
Mudher M. Saleh-Renting money-final
عندما تنشرط السوق الداخلية الى شطرين : سوق منظمة وسوق اخرى موازية غير رسمية غير منظمة سوق تحتية سوق سوداء فان السوق المنظمة بموجب القوانين هي السوق الكبرى كما هو الحال في الدول المتقدمة اقتصاديا اما في الدول النامية التي تفتقر الي القوانين المنظمة للسوق الداخلية نجد العكس
ليس لدينا في العراق سوق مالية منظمة ليس لدينا نظام للتحاسب الضريبي سواء في السوق النظامي ام السوق غير المنظمة قانونا ليس لدينا نظام مصرفي عصري ليس لدينا شركات تامين رصينة
ما لم يتم التوجه الجاد لتوسيع داءرة السوق المنظمة بموجب قوانين مالية- ضريبية ونقدية وادارية فان داءرة السوق غير المنظمة ستاخذ بالتوسع مستهدفة تشويه معالم الاقتصاد العراقي
مع التقدير
ان سياسة تخفيظ قيمة العملة ورفع نسبة التضخم ( التضخم الايجابي القابل للسيطرة ) هي اتجاه عالمي للكيانات الاقتصادية العظمى في العالم ابتداء من الولايات المتحدة الامريكية واليابان والاتحاد الاوربي فلايخفى عن اي متابع للشاءن الاقتصادي ما ينفذه الاحتياطي الفيدرالي الامريكي من برنامج للتيسير الكمي لرفع نسبة التضخم الى 2% عن طريق برنامج شراء الاصول وما يفعله ايضا المركزي الاوربي في نفس الاتجاه وبرنامج شراء الاصول وضخ السيولة للوصول الى تضخم 2% ونفس الحالة في بريطانيا واليابان ايضا كلهم يخفضون عملتهم لتعزيز القدرة التنافسية لتصدير السلع وتخفيض البطالة وحتى الصين تتلاعب بقيمة عملتها وتراقب الولايات المتحدة في حالة رفع نسبة الفائدة لتغير قيمية العملة الصينية وبالتالي فان تخفيض قيمة العملة ليس شيء سيىء الى هذا الحد وانما توجه محدد ومدروس لتنشيط الحركة الاقتصادية . بالنسبة للعراق فان الاستمرار في الدفاع عن الدينار العراقي والمحافظة على سعر صرف ثابت سوف يؤدي الى تاءكل مدخرات البنك المركزي مع هبوط اسعار النفط كما ان هناك سعرين للصرف في العراق فلو تم توحيد سعر صرف الدينار او تقليل الفرق بين سعر البنك المركزي والسوق الموازي فان ذالك اجراء اقتصادي عظيم سوف يؤدي الى رفع قيمة احتياطات البنك المركزي العراقي من العملة الصعبة بسبب ازدياد تدفق الاستثمارات الخارجية الى العراق بسبب سعر صرف موحد او قريب جدا من السوق الموازي لان المستثمر الاجنبي يبحث عن الربح وسعر صرف موحد يجذبه ويحقق له هدف عدم خسارة ارباحة من فرق صرف العملة وبالتالي زيادة الاستثمارات في العراق وتقليل البطالة . وفي حالة تعذر تخفيض العملة فان البنك المركزي يستطيع فتح مكانب للصيرفة تابعة له تبيع الدولار بسعر السوق الموازي وبذالك يربح مرتين ويستطيع بعد فترة ان يتحكم هو بسعر صرف السوق الموازي العراقي . كثير من دول العالم لم تنجح في برنامج تعويم العملة بسبب عدم وجود دخل من العملة الصعبة لتوجيهها الى الصناعة ودعم برامج الاستيراد الضرورية وباتالي ازدياد الفقر وارتفاع التضخم الى مستويات قياسية كان يجب ان يرافق عمليات تعويم العملة برنامج لدعم الفقراء حتى لا يتضررون اكثر