في أوضاع الركود الاقتصادي الراهن التي تؤشر على توافر بطالة بمرتبتين عشريتين وأسعار هابطة عند المستوى الصفري، تؤازرها مؤشرات عجز ثنائي dual deficit أحدهما داخلي في الموازنة العامة والآخر خارجي في الحساب الجاري لميزان المدفوعات، فإن الجدالات بين معشر الاقتصاديين تميل الى تبني شيء من التكييف النقدي يعمل على تصحيح سعر الصرف وعلى وفق آلية تعويم مؤقته تساعد على التصحيح المستهدف والدفاع عن معدلات صرف مستقرة بمستويات أخرى. وبهذا يأتي تعديل سعر الصرف وبدرجات منضبطة للتصدي لاختلال موازنتين أساسيتين في الاقتصاد الكلي: الأولى، تصحيح الحساب الجاري لميزان المدفوعات وبلوغ نقطة قريبة من التوازن بين التدفقات الداخلة والتدفقات الخارجة. والثانية، توفير رافعة مالية leverage لتمويل عجز الموازنة بفروقات تصحيح سعر صرف الدينار الى الدولار وذلك لسد العجز في الموازنة العامة كلاً أو جزءاً وبريع آخر مصدره بواقي سعر الصرف المصحح نفسه، وعُّد تلك الفروقات بمثابة إيراد نهائي للخزينة. إن مثل هذه الإيرادات هي بمثابة ضريبة تضخمية في الأحوال كافة inflation tax أموالها إصدارا نقدياً صافياً يتناسب وخفض سعر الصرف. وإن الإنفاق الناجم عن تحصيل موارد مثل هذه الضريبة التضخمية (بصورة فائضات نقدية ريعية ولَّدها سعر الصرف الجديد) لا تخلو من عوامل تضخمية كامنة في سوق مولدة للتوقعات تقود الى تقلبات سعرية مستمرة. ولكنها قد تحرك في الوقت نفسه بعض أوجه نشاطات المالية العامة والاقتصاد الكلي الحقيقي الى حدٍ ما.
لمواصلة القراءة انقر على الرابط التالي لتحميل ملف بي دي أف
مظهر محمد صالح-التكييف النقدي في العراق-محررة
تعليق على مقال التكييف النقدي للدكتور مظهر محمد صالح
……………….
أ.د. عبدالحسين العنبكي
…………………….
اخيرا اخي د. مظهر يعود الى ماكنت أقوله قبل سنوات طوال ، لكن الفرق ان د. مظهر لازال يفكر في إنقاذ موازنة الدولة وعجزها الكبير من خلال التكييف النقدي والحصول على فروقات سعر الصرف التي توفر تمويل للموازنة .
اما انا في الكثير من كتاباتي السابقة بما فيها كتابي الأخير عن سعر الصرف المغالى فيه ٢٠١٩ ،فلم يكن يعنيني ذلك كثيرا اقصد تمويل الموازنة العامة رغم أهميته ،لان الأساس عندي هو إنقاذ الاقتصاد وليس إنقاذ الموازنة العامة ، اَي إنقاذ الجانب الحقيقي في الاقتصاد اقصد الجانب الانتاجي لان سعر الصرف المغالى فيه دمر القاعدة الانتاجية في العراق لان الفرق بين سعر صرف الدينار في حال تعويمه وسعر صرفه الرسمي المدعوم من البنك المركزي (الثابت ) يمثل دعم صافي للسلع المستوردة اَي بمثابة (تعرفة كمركية سالبة ) ولولاه لكانت الصناعات والزراعات العراقية منافسة للمستورد ولأصبح الاقتصاد العراقي متنوعا ولأصبحت الفعاليات الاقتصادية النشطة المولدة للدخول والقيم المضافة سببا في توسيع الأوعية الضريبية منذ سنين ، ولاصبح بالإمكان زيادة الإيرادات الضريبية التي تسد عجز الموازنة العامة ، اَي ان معالجة وضع الموازنة العامة يصبح نتيجة عرضية وتحصيل حاصل لتنويع الانتاج المحلي لولا انه كان مقموعا لأكثر من عقد بسعر صرف وهمي مغالى فيه .
وبذلك فالأساس عندي هو الاقتصاد الذي تعمقت ريعيته وتعاظم انكماشه وثارت أجياله الشابة العاطلة عن العمل ، بينما الأساس هنا عند اخي الدكتور مظهر هو الموازنة العامة ، فانا مهموم برفع الحرج والهشاشة والركود المستدام عن الاقتصاد العراقي بينما الدكتور مظهر في مقاله هذا مهموم برفع الحرج والهشاشة عن وضع الحكومة المالي ، وان كنا اخيرا اتفقنا في نفس الإجراء وهو حتمية التعويم المدار لسعر صرف الدينار كي يستقر بقيمة ادنى امام الدولار ،اَي بقيمة اعلى للدولار ، الا ان ذلك لو حصل في فترات الرخاء لكان افضل لنا وأنجع واقل ضررا من ان يحصل تحت وطئة أزمة خانقة من الركود والجائحة وإغراق سوق النفط ، ومتطلبات انفاق عام في ظل ترهل حكومي غير مسبوق.. مع الامتنان