يَبدو أنَّ التفكير الريعي واستسهال التوزيع، والتعويل على الموارد الطبيعية والمنح الالهية، تَسَرَّبَ الى العقل الجمعي العراقي ، بحيث أدمن التطلع لليد الخفية التي ستنقذه من واقعه الاقتصادي المأزوم.
وبات التفكير بالمشاريع الموهومة ، وفنتازيا المبالغة كحل ينتشل المجتمع من الفشل ببناء قطاع انتاجي مستدام يمكن للطبيعة أن تسهم في دفعه دون أن تكون مرتكزاً له بالضرورة.
تنتشر هذه الايام دعوات مستميتة للترويج لمشاريع ومبادرات اقتصادية مُتخيلة ، كمنقذ موازٍ للبترول (وكأنَّ البترول لم يكن كافياً) ، فمن الاتفاقية الصينية الى طريق الحرير الى القناة الجافة، وهلم جراً.
ابتداءً، ينبغي القول أن كل نشاط او مبادرة أو علاقة اقتصادية تحمل بعض الجدوى الاقتصادية للبلاد مرحبٌ بها ، ويجب انتهازها ، لكن المبالغة بالتعويل عليها كمنقذ للاقتصاد أمرٌ غير مستساغ ، والاسفاف بطرح ارقام وبيانات متوهمة لتضليل العامة أمرٌ مستنكر.
وكما يقول باولو فرير (ان تظليل عقول البشر هو أداة للقهر، تسعى النخبة من خلالها الى تطويع الجماهير لاهدافها الخاصة).
والأدهى ، أن مثل هذا الترويج الاقتصادي لا يصدر من النخب الاقتصادية غالباً ، وإن أسهَم به بعضهم ، انما أكثره يصدر من ناشطي منصات التواصل الاجتماعي ، وبعض الاعلاميين غير الاقتصاديين، الذين يكررون بعضهم في نشر بيانات إما مبالغ بها ، او مغلوطة بالمجمل ، ومن كثرة التكرار فانها تبدو للعامة بمثابة الحقائق، ولعل ما يحدث هو مصداق لقول هربرت شيللر (عندما يعمد مديرو اجهزة الاعلام الى طرح أفكار وتوجهات لا تتطابق مع حقائق الوجود الاجتماعي، فانهم يتحولون الى سائسي خيول)
لمواصلة القراءة انقر على الربط التالي
د. مهدي البناي – القناة الجافة العراقية ، شيءٌ من الواقعية للآمال الطموحة
تحية طيبة
رغم ان دكتور مهدي الناي في هذه الورقة أعطى تحليلات عميقة وواقعية لكن لا أعتقد أنه اطلع على الدراسة التي تقدم بها المهندس عامر عبدالجبار وزير النقل السابق حول ميناء الفاو والقناة الجافة…
وهي أقرب الدراسات الواقعية لكونها اعتمدت على التحليل الكمي في إثبات أهميتها وجدواها الاقتصادية… اما اعتماد كلفة نقل الحاوية الواحدة من الصين الى العراق في الوقت الحالي ومقارنته مع اسعار كلف نقل الحاوية الى نوتردام اعتبره اجحاف لكون الدكتور اغفل ان ارتفاع الكلف سببه ان البضائع الواصلة الى الفاو حاليا الخاصة بالعراق فقط وهنا الدكتور ايضا اغفل إمكانية انخفاض كلف النقل نتيجة وفرات الحجم الكبيرة لكون البضائع ستكون ليس الخاصة بالعراق فقط بل لدول أوروبا ايضا
اود في البداية تقديم التحية والشكر ل الاستاذ مهدي البناي على جهوده في اعداد هذا التقرير حول موضوع القناة الجافة واود ان اوضح ان مشروع ميناء الفاو و وجود اطلالة بحرية كبيرة وواسعة امر مهم للعراق و لتحقيق السلام في منطقة الشرق الاوسط ولو كان ميناء الفاو موجود قبل الثمانينات لما حصلت حرب الخليج الاولى مع ايران والنزاع على شط العرب و حرب الخليج الثانية وايضا خور عبداللة وجزر بوبيان ووربة من جهة الكويت ومحاولة توسيع مساحة سواحل العراق و الاطلالة البحرية التي تتعرض للتقلص في المساحة والزحف على اراضي العراق بسبب قوانين مجلس الامن الدولي وخاصة القرار 833 ومجموعة قرارت اخرى . لذالك مشروع ميناء الفاو مهم جدا لمستقبل العراق وانه يجنبنا حروب مستقبلية بسبب ضيق وقلة السواحل العراقية وهي لا تتناسب مع حجم العراق كمساحة وسكان واقتصاد وانما فرضته علينا الدول الكبرى وفرضت هذه الخريطة العراقية( الحدود العراقية مع دول الجوار ) لغايات تخصها لخلق حروب مستقبلية لغرض استدامة تواجد هذه الدول في منطقة الخليج وتنشيط صناعة الاسلحة لديها وانهاك الدول في هذه الحروب تستنزف اموالها .
مشروع ميناء الفاو ليس جديد وانما هو موجود سنة 200 او 300 قبل الميلاد وقد اسسه الاسكندر المقدوني وعرف الاهمية الستراتيجية ل سواحل بلاد مابين النهرين وقد اسس مدينة سراخس وقد كانت حلقة الوصل بين الشرق والغرب وحتى قبل قناة السويس كانت بلاد مابين النهرين هي الاساس في التجارة وبالتالي شهدت هذه المنطقة حروب عديدة للسيطرة على هذا الطريق بين افرس واليونانيين وبين الفرس والرومان وبين الفرس والعرب ( صراع على ارض العراق الذي لم ينتهي الى هذا اليوم ) وحتى في العصور الجديثة هناك صراع بين المانيا النازية وبريطانيا على العراق الذي انتهى به المطاف بيد الولايات المتحدة الامريكية وقد يحصل صراع اخر فارسي امريكي على العراق او صيني امريكي
مشروع ميناء الفاو والقناة الجافة يجب ان يكون مشروع عراقي خالص بمعزل عن طريق الحرير حيث يجب ان يكون العراق هو المحرك لهذا الطريق وان رجال الاعمال العراقين هم من يشترون البضاءع من الشرق ( صناعية زراعية ومواد اولية ) ويتاجرون بها الى الغرب وبالعكس وان هذا ممكن ان يكتب له النجاح بسب النفط والغاز العراقي و قرب كل شيء من بعضه واقصد قرب المعامل والمصافي من موانيء العراق وطرق النقل والسكك وكذالك الاراضي الزراعية قريبة من طرق النقل وامكانية شحن هذه المنتجات عبر هذا الطريق سواء كان سيارات او سكك حديد
ان حادثة غلق قناة السويس بعد جنوح العبارة ايفركرين في قناة السويس وتعطل حركة التجارة لمدة اسبوعين افرز اهمية وجود طريق اخر بديل لقناة السويس حتى لو كان تفريغ وشحن البضاءع يستغرق وقت افضل من توقف حركة التجارة العالمية او الدوران حول راس الرجاء الصالح . كما ان دول الجوار تتسابق لبناء طرق تجارية لتنشيط تجارتها بين الشرق والغرب منها باكستان وايران والامارات والسعودية وتركيا والهند ويجب على العراق ان يستغل هذه ال 58 كم المتبقية من السواحل البحرية والتي تعادل اهميتها كل سواحل دول الخليج مجتمعة .