أولاً: مقدمــة
تتعرض هذه الورقة، في جانب أساس منها، لما يبدو من تجنب، أو تواضع جهود، التركيبة المؤسسية في العراق في إقامة إدارة اقتصادية وطنية متمكنة وتبني استراتيجية وسياسات تنمية مستدامة خلال العقدين الأخيرين.
وفيها سأبدأ، في ما يلي من فقرات، بتناول أهمية البعد المؤسسي في التنمية كما تُعرض في بعض المصادر المعروفة، حول الموضوع، ومدى ملائمة ماورد فيها للحالة العراقية. وأنتقل بعد ذلك إلى “تقليد مؤسسي” استمر، عموماً، في الدولة العراقية منذ تأسيسها، في تبني استراتيجيات وسياسات تنموية والعمل على تنفيذها، لا سيما بعد عام 1950. ولقد توقف هذا “التقليد” خلال سنوات الحروب العبثية والعقوبات الدولية 1980-2002.
ثم أتحول بعد ذلك إلى ما أعتقد أنه كان من أسباب “التخلي”، فعلياً، عن التقليد المشار أليه، بعد 2003، لأخلص إلى أن ذلك كان عائداً لمحصلة عوامل عديدة. وأول هذه العوامل ممارسات سلطة التحالف المؤقتة PCA في تمكين أغلب الجماعات/الأحزاب والشخصيات المُختارة، على أسس طائفية/أثنية/دينية، من خلال أمر Order السلطة رقم 97 لسنة 2004 (والذي كان له قوة القانون، لذلك سأشير له بعبارة أمر/قانون) والذي استمر سريانه حتى صدور قانون الأحزاب لسنة 2015. ولقد كان لذلك دور مهم في تحديد اسبقيات وممارسات هذه الجماعات/الأحزاب/الشخصيات للاستمرار في السلطة والذي ساهمت فيه أيضاً أربعة عوامل أخرى، بحيث قادت محصلتها مع عوامل مساعدة، إلى غياب/تواضع اهتمامها في إقامة إدارة اقتصادية متمكنة وتبني منظور وسياسات وبرامج تنمية مستدامة. وتنصرف العوامل الأربعة الأخرى إلى: (1) استمرار قانون الاحزاب لسنة 2015، الذي أعقب أمر/قانون 97 لسنة 2004، في استهداف تأمين مشاركة الجماعات/الأحزاب في الانتخابات دون الاهتمام بمدى تمثيلها الجامع لمكونات العراق ومناهجها وبرامجها التنموية، (2) قاد توفر الريع النفطي، الذي لا يُستَمَد من فرض ضرائب على المجتمع، إلى الاستقلال الفعلي للعديد من هذه الجماعات/الأحزاب، اقتصاديا، عن هذا المجتمع، ومن ثم تواضع جهودها التنموية في خدمته، (3) الاعتماد في توصيات استراتيجية وسياسات التنمية على تقارير المؤسسات الدولية، لا سيما ما يتعلق منها “باستبعاد” الدولة/القطاع العام من النشاط الإنتاجي، (4) الخلاف بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان حول إدارة وتطوير الحقول النفطية في الإقليم. هذا إضافة للعوامل المساعدة التي جرى استعراضها في الفقرة رابعاً، أدناه.
بعد ذلك سأتناول نتائج انتخابات عام 2021 وفوز اعداد غير قليلة من المستقلين عن الجماعات/الأحزاب التقليدية. وأتناول إمكانية تكرار ذلك بأعداد أكبر، في حالة تأمين مشاركة واسعة في التصويت والتنسيق وإصلاح العملية الانتخابية، في الانتخابات التشريعية القادمة، بما قد يتيح الانتقال، باحتمال معقول، إلى تركيبة مؤسسية أكثر قبولاً لتبني أهداف وسياسات تنمية مستدامة وإقامة إدارة اقتصادية متمكنة.
وأخيراً، في ضوء تخلف العراق عن تحقيق تنمية ونمو مستدامين في الناتج غير النفطي، خلال العقود الماضية، لا سيما في القطاع الصناعي الذي يعتبر من أهم محركات التنمية والنمو المستدامين في هذا الناتج، سأشير إلى ما يعتقد به بعض الاقتصاديين وخبراء آخرين من صعوبة الاعتماد على التصنيع في الوقت الحاضر نتيجة ارتفاع وتعقد متطلباته المهارية (مهارة العمل) وتركزه في دول من الصعوبة التنافس معها حالياً في السوق الدولية، مقارنة بتلك العقود، وما ينبغي القيام به في هذا المجال، لأنتهي ببعض الاستنتاجات.
أود أن أشكر د. بارق شبر على مراجعة الورقة.
لمواصلة القراءة يرجى تحميل ملف ب د ف سهل القراءة والطباعة على الرابط التالي:
(*) باحث وكاتب اقتصادي.
حقوق النشر محفوظة لشبكة الاقتصاديين العراقيين. يسمح بإعادة النشر بشرط الإشارة إلى المصدر. 3 حزيران / يونيو 2022
Merza_Institutional_Setup_Econ_Dev_in_Iraq
شكرا د.علي على مراجعاتك وملاحظاتك المهمة لتنشيط الاقتصاد الوطني ونحن مع ان البلد بحاجة ماسة الى عدد كبير من المشروعات الاقتصادية الحقيقية وفي جميع المحافظات مثل المصافي والمدن الصناعية والمجمعات البتروكيمياوية ومشاريع جمع وتصدير الغاز الحر والمصاحب والمدن الزراعية التجارية والمطارات التحارية ومشاريع المترو اضافة الى حاجة البلد الى تشريعات وبرامج ومشروعات مستدامة كمحطات التوليد المائية والشمسية والريحية والطرق الذكية وغيرها
[…] […]