خلال شهر أيلول 2022 وخاصة الأسبوع الأخير منه وأنا أقرأ في الصحافة التأمينية الإلكترونية التي تصدر باللغة الإنجليزية خطر ببالي أن انتقي نتفاً مما قرأت لأبين حيوية نشاط التأمين في بعض بقاع العالم وركوده، لا بل تخلفه، في العراق.
حجم أقساط التأمين المكتتبة
نقرا في مجلة Insurance Age (28 أيلول 2022) أن شركة مولسان للتأمين Mulsanne Insurance على السيارات، مقرها جبل طارق، ضاعفت أقساطها المكتتبة الإجمالية إلى 119 مليون جنيه إسترليني في عام 2021 من 54.8 مليون جنيه إسترليني في عام 2020. وجاء في الخبر أن الشركة استطاعت استغلال المجالات المتخصصة في السوق والبناء على العلاقات الحالية والجديدة مع وسطاء التأمين. وتتوقع الشركة أن تكون عوائدها أفضل في المستقبل.[1]
أقساط التأمين التي اكتتبت بها هذه الشركة في هذا الإقليم الصغير التابع للملكة المتحدة يعادل ما يقرب ثلثي إجمالي أقساط التأمين التي اكتتبت بها جميع شركات التأمين العراقية في كل فروع التأمين سنة 2020 (173,566,206 دولار أمريكي). الرقم العراقي يكشف عن تدني كثافة التأمين. ليس هناك ما يشير أن كثافة التأمين (معـدل إنفـاق الفـرد علـى شراء الحماية التأميـنية) ستتحسن في المستقبل المنظور وخاصة مع غياب السياسات التسويقية ومعالجة القضايا العقدية للقطاع.
[1] https://www.insuranceage.co.uk/insight/7951521/mulsanne-and-complete-cover-parent-slips-to-2021-loss?utm_medium=email&_hsmi=227682107&_hsenc=p2ANqtz-_hT0E0pB-32I_5yUNzn6XR5R6pdOPE1GBOWhLUTTMTY9_ePrjgEaHUlKQDMRHUOWMVttmCAYrw4nDv6kTZEk3o9PLdv_-HUChsdekRqr1zI1JEeEc&utm_content=227682107&utm_source=hs_email
لمواصلة القراءة انقر على الرابط التالي
مصباح كمال- قطاع التأمين العراقي – بعض المقارنات المؤلمة من خلال أخبار صحفية
باحث وكاتب عراقي متخصص في قطاع التامين مقيم في المهجر
السؤال المؤلم: لماذا يظل قطاع التأمين العراقي متخلفًا؟
تعقيب على تعليق السيد علي الجنابي
عزيزي السيد علي الجنابي
أشكرك على تعليقك على المقال.
لم أفهم ما هو المعني بكلمة “المقاطعة”. إن كانت تعني الأخبار التي أوردتها من بعض أسواق التأمين فإن هذه الأسواق هي حقا محكومة بقوانين تنظم نشاط التأمين على أساس تنافسي. لكن وجود هذه القوانين لوحدها لا تفسر ما تسميه الأريحية في العمل، ولا تفسر نمو الاكتتاب بشكل متصاعد.
ما تقوله عن سوق التأمين العراقي بأنه “يعاني بالدرجة الأولى من القوانين [التأمينية] المرتبطة بالنظام الاشتراكي والتي لم تحاول الحكومات المتعاقبة ان تضعه [أي سوق التأمين العراقي] ضمن اولوياته[ا]” ليس صحيحا ويحتاج إلى إعادة نظر، وهو ما سأحاول تبيانه في الملاحظات التالية:
1 ما هي قوانين التأمين المرتبطة بالنظام الاشتراكي؟ إن كان ذهنك منصرفا إلى قانون التأمين الإلزامي من حوادث السيارات رقم 52 لسنة 1980 وتعديلاته فإن هذا النمط من التأمين قائم في أسواق التأمين الرأسمالية الأخرى ولا علاقة له بالنظام الاشتراكي (في الاتحاد السوفياتي كان تأمين المسؤولية المدنية قائماً على مبدأ الخطأ المفترض القابل لإثبات العكس، أي أنه كان إلى حد ما متخلفا عن مبدأ تحمل التبعة من قبل المؤمن بغض النظر عن الخطأ إلا في حالات معينة no fault system). يختلف تطبيق مبدأ إلزامية هذا التأمين في العراق عن غيره من الأسواق أن المشرع أفرد إدارة صندوق التأمين الإلزامي والتعويضات الناشئة من حوادث السيارات لشركة التأمين الوطنية (وقتها كانت الشركة الوحيدة التي تمارس الاكتتاب بأعمال التأمينات العامة). مع مرور أزيد من أربعة عقود على هذه التجربة آن الآن لمراجعة هذا القانون والأخذ بنظر الاعتبار التغير الذي حصل سنة 1997 بالسماح لشركات التأمين الخاصة بالعمل. وهذه الشركات، وعددها أزيد من ثلاثين شركة الآن، تطمع أن يكون لها حصة بالاكتتاب في تأمين المسؤولية المدنية الناشئة من حوادث السيارات. وإذا أخذنا بنظر الاعتبار أن محفظة تأمين السيارات هي من بين محافظ التأمين الكبيرة فإن تغيير القانون يستحق الدراسة للخروج بقانون جديد أو تعديل ما هو قائم بحيث يمكن لشركات التأمين الرخصة من قبل ديوان التأمين كافة التنافس فيما بينها لتقديم خدماتها مع عدم الإضرار بمصالح المؤمن لهم.
2 هناك قانون آخر بحاجة إلى إعادة نظر وهو قانون تأسيس شركة التأمين الوطنية رقم 56 لسنة 1950 وخاصة المادة 7 التي تقضي أن “على دوائر الحكومة والمؤسسات الرسمية أن تعهد حصراً إلى الشركة بمعاملات التأمين التي تجريها.” وهذا القانون شرع من قبل نظام كان يحارب الاشتراكية ويقمع من يدعو لها بوسائل عديدة. (راجع مصباح كمال، “ملاحظة على شركة التأمين الوطنية وإنتاج أعمال التأمين،” المنشور في موقع الشبكة، تموز 2021)
3 انتهى احتكار سوق التأمين بصدور قانون شركات التأمين رقم 21 لسنة 1997، وتأسست أول شركة تأمين خاصة سنة 2000. وجاء قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 (الأمر رقم 10) ليعيد تأسيس سوق التأمين العراقي على أسس نيو ليبرالية فجة، كان من آثارها تقزيم السوق كما يشهد عليه واقع الحال. كان من غباء المحتل الأمريكي أن شرع قانونا للتأمين (الأمر رقم 10) دون أن يأخذ بنظر الاعتبار قوانين التأمين السابقة وجعل هذا الأمر هو الأساس paramount في حال التضارب مع قوانين أخرى (راجع كتابنا قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005: تقييم ودراسات نقدية (2014) والعديد من مقالاتنا ومقالات زملاء المهنة في العراق من بينهم زميلنا الجليل منعم الخفاجي).
4 قولك إن الحكومات المتعاقبة لم تضع سوق التأمين العراقي ضمن اولوياتها فيه شيء من الصحة ذلك لأن اهتماماتها كانت على الورق وفي عقد مؤتمر بائس وتصريحات من قبل بعض المسؤولين هي الأكثر بؤسا، كما وضحنا في العديد من كتاباتنا. مع هذا نظل بانتظار ما سيسفر من الورقة البيضاء من إجراءات لإصلاح قطاع التأمين.
5 لم يعرف العراق نظاما اشتراكياً في الماضي وليس هناك توجه من قبل نظام المحاصصة الطائفية الاثنية المدعمة بالمليشيات الرسمية وغير الرسمية للسير نحو وضع قاعدة لنظام اشتراكي. ولا تقدم أي من الأحزاب الدينية في السلطة أو خارجها أو أي من الأحزاب الأخرى مشروع بناء نظام اشتراكي في العراق.
6 إن إلقاء اللوم على ما تسميه قوانين التأمين المرتبطة بالنظام الاشتراكي لتفسير التخلف الحالي لقطاع التأمين العراقي لا يدعمه تاريخ القطاع لا بل يُبقي الغطاء مستورا على عوامل أخرى وراء هذا التخلف. كما أن الدعاوى الآيديولوجية لتفسير تخلف القطاع ليست بديلاً عن الدراسة الموضوعية للتاريخ والتحليل الملموس لما هو قائم. كما قال أحد المفكرين ما معناه أن لا سبيل لنا للتقدم غير النقد الذي لا يخاف من نتائجه.
مع التقدير.
مصباح كمال
3 تشرين الأول 2022
استاذنا الفاضل تحياتي لحضرتك ..
لربما هذه المقاطعة لديها من (القوانين المشرعة) ما يساعدها في العمل بأريحية و المنافسة وبالتالي نمو الاكتتاب بشكل متصاعد .
اما سوق التأمين العراقي يعاني بالدرجة الأولى من القوانين المرتبطة بالنظام الاشتراكي والتي لم تحاول الحكومات المتعاقبة ان تضعه ضمن اولوياته .