أسواق النفط والطاقة الدوليةالرئيسيةالنفط والغاز والطاقة

د. علي خضير مرزا*: كتاب أوراق اقتصادية ونفطية -العراق والعالم – المجلد الثالث

صدر المجلدان الأول والثاني لهذا الكتاب في شباط/فبراير 2021، ويحتويان، في ما بينهما، دراسات وبحوث وتعليقات وتعقيبات كتبتها ونشرتها، بالعربية، خلال السنوات 2011-2020.  أما هذا المجلد (الثالث) فهو يحتوي ما كتبته ونشرته خلال الفترة نيسان/أبريل 2021 -نيسان/أبريل 2023. وهو يشمل، أيضاً، مواضيع تتعلق بالسياسات والمسائل (issues) والتطورات الاقتصادية/الاجتماعية والنفطية/الغازية والمؤسسية في العراق، قصيرة/متوسطة وبعيدة المدى.

ففي المجال الاقتصادي/الاجتماعي، بالإضافة لمسائل التضخم وتمويل نفقات الميزانية الاتحادية، الخ، استَكْمَلَت ثلاثة أوراق، في هذا المجلد، ما تم تناوله في المجلدين السابقين للعوامل التي قادت إلى تواضع جهود التنويع الاقتصادي، بما فيها أثر البعد المؤسسي، خلال السنوات 1950-2022. ففي ما يخص الوضع قبل 2003 (عدا سنوات الحروب والعقوبات الدولية) تناولت ورقة منها فترتي مجلس الإعمار ومجلس التخطيط (1950-1958 و1959-1980) لتصل إلى نتائج أساسية حول النشاطات الاستثمارية ونمو الناتج النفطي وغير-النفطي والتنويع الاقتصادي خلالهما. فبالرغم من تصاعد النشاطات الاستثمارية خلال هاتين الفترتين، وزيادتها بشكل ملموس في الثانية مقارنة بالأولى، فإن هذه النشاطات لم تقود إلى تنويع اقتصادي مستدام. لا بل أزداد اعتماد العراق، في كلاهما عموماً، على إنتاج وتصدير النفط الخام، في تمويل نفقات الميزانية العامة والمدفوعات الخارجية (ميزان المدفوعات). أما بعد تغيير 2003 فلقد ركدت أو تباطأت التنمية، عموماً، كما بينت الورقتين الأخريين.  ولقد تسبب في هذا الركود، بجزء أساس منه، تواضع الجهود، ضمن الميزانية (العامة) الاتحادية والمنشآت العامة، في القيام باستثمارات ملموسة في معظم المجالات الإنتاجية/الخدمية غير-النفطية-الخام. وبالإضافة لغياب استراتيجية وسياسات جدية للتنمية، كان ذلك أيضاً انعكاساً للتذرع بتوصيات البنك الدولي في “ترك” الاستثمار، في معظم المجالات الإنتاجية/الخدمية، “للقطاع الخاص”، والتركيز بدلاً من ذلك على الاستثمار في البنى الأساسية (“إجماع واشنطنWashington Consensus “). ولكن بالإضافة لتواضع الاستثمارات في القطاعات الإنتاجية/الخدمية غير-النفطية-الخام، تلكأت الميزانية الاتحادية في تنفيذ استثمارات البنى الأساسية، من ناحية، ولم يعوِض القطاع الخاص نقص استثمارات الميزانية الاتحادية والمنشآت العامة في المجالات الإنتاجية/الخدمية، بل انشغل، عموماً، بنشاطات تجارية وريعية ومحسوبية بعلاقاته بالقطاع العام، من ناحية أخرى. وبالإضافة لتزايد الاعتماد على عوائد تصدير النفط الخام، فاقم تواضع جهود التنويع الاقتصادي من البطالة والفقر، بعد تغيير 2003، وما ينطوي على كلاهما من مشاكل وخلاف مجتمعي/سياسي متصاعد. ولقد قاد ذلك، كما هو معروف، في تشرين الأول/أكتوبر عام 2019 إلى تظاهرات واسعة في بغداد والمحافظات جنوبها، احتجاجاً على البطالة وتواضع الخدمات العامة، وعدم كفاية الرعاية/التأمينات الاجتماعية، من ناحية، واستمرار المحاصصة السياسية والإدارية والفساد، من ناحية أخرى.

كل ذلك يؤشر تواضع جهود وإمكانيات الإدارة الاقتصادية العامة في إدارة وتمويل وتشجيع/اسناد التنمية والنمو، بعد تغيير 2003، وغياب استراتيجية وسياسات جدية للتنمية، كما أشير له أعلاه، سواء لدى هذه الإدارة أو لدى الأحزاب والحركات السياسية.

وبالإضافة لانخفاض الإيرادات غير النفطية في عام 2020، أساساً نتيجة لانخفاض النشاط الاقتصادي الداخلي، بدوره نتيجة لوباء كورونا (كوڤد 19)، قاد انخفاض أسعار ومن ثم عوائد تصدير النفط الخام، كنتيجة للعوامل ذاتها على المستوى العالمي في ذلك العام، إلى نقص حاد في تمويل نفقات الميزانية الاتحادية. ولقد دفع ذلك إلى تطبيق سياسات نقدية/مالية، قصيرة الأمد، انصبت، كما في السنوات السابقة، ولكن بحاجة نسبية أكبر، على إيجاد مصادر للتمويل، لا سيما للنفقات الجارية فيها. لذلك، من بين مجموعة من الإجراءات، اتُخذ قرار بتخفيض سعر صرف الدينار تجاه الدولار بنسبة 18.5% (من 1,182 إلى 1,450 دينار للدولار) في نهاية 2020، للمساهمة في زيادة عوائد الميزانية الاتحادية مقاسة بالدينار. ولقد قاد نقص التمويل وتخفيض سعر الصرف، من بين تبعات عديدة، إلى تقييد توسع الاستخدام الحكومي خلال 2020/2021 ومن ثم تصاعد مشكلة البطالة، التي فاقمهما محدودية فرص التشغيل في القطاع الخاص.

وفي عام 2022 برزت للعلن، لا سيما في وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام، مسألة تزايد الفساد ونهب الأموال العامة، والذي ظهر مثالها البارز في ما أطلق عليه “سرقة القرن” التي انطوت على نهب حوالي 3.8 ترليون دينار من “أمانات الضرائب” في حساب الهيئة العامة للضرائب في مصرف الرافدين، خلال 2021/2022، بتواطؤ رجال “أعمال” في القطاع الخاص وعاملين في الجهاز الحكومي. لقد أظهرت هذه السرقة وسرقة/تهريب النفط، وغيرها من السرقات، وتقرير للجنة استقصاء برلمانية حولها ظهر في نهاية عام 2022، مما رشح للعلن في المجال العام، من ناحية، وتواضع الثقة المحلية والدولية بالجهاز المصرفي العراقي، من ناحية أخرى، وجهاً آخر لأزمة الإدارة الاقتصادية العامة. فبالرغم من الارتفاع غير المسبوق في عوائد تصدير النفط الخام الاتحادي التي بلغت حوالي 116 مليار دولار في عام 2022 وحوالي 22 مليار دولار في الفصل الأول من عام 2023 ووصول الاحتياطيات الدولية إلى حوالي 103 مليار دولار في نهاية شباط/فبراير 2023، قاد استمرار الرقابة الدولية والمحلية لفرض الامتثال لقواعد الصيرفة الدولية على المصارف العراقية، من ناحية، ومحدودية جهود الإدارة الحكومية، من ناحية ثانية، إلى أزمة في عرض الدولار وعدم استقرار في سوق الصرف. وتعالج أوراق، في هذا المجلد، سوق الصرف وعدم الاستقرار فيها وتبعاته، بعد فرض تطبيق قواعد الامتثال، الخ.

وفي مجال النفط والغاز ومكونات الطاقة الأخرى، تتناول ورقتان، في هذا المجلد، أثر تصاعد التحول نحو الطاقات “النظيفة” في العالم، لا سيما بعد أزمتي كوڤد 19 واحتلال أوكرانيا، على مستقبل استهلاك الطاقة (ومن ضمنها النفط والغاز) في العالم وعلى استراتيجية وسياسات النفط والغاز/الطاقة في العراق. هذا إضافة لورقة أخرى تتعرض لجوانب من هذه الاستراتيجية والسياسات لتصل إلى نتيجة مفادها أنه بعد عقدين من الزمن، منذ تغيير 2003، لا زالت الطاقة الإنتاجية للنفط والغاز الطبيعي المُعالَج منخفضة مقارنة بما كان متأملاً عند انعقاد جولات التراخيص النفطية منذ 2009، ولا زال قسم ملموس من الغاز الطبيعي (المُصاحِب) يُحرق في الوقت الذي يستورده العراق من الخارج، ولا زال تزويد الطاقة الكهربائية متقطع وغير مستقر، الخ.

ومن المناسب الإشارة إلى أن الأوراق في هذا المجلد تم تنقيحها، في ضوء الآراء والتعليقات والمداخلات والتصحيحات التي أثيرت حولها بعد نشرها…

 

لمواصلة الاطلاع يمكن تنزيل نسخة مجانية من المجلد الثالث للكتاب (ب د ف) على الرابط التالي:

Merza-Iraq_&_the_World_Volume_III

(*) باحث وكاتب اقتصادي.

 

19/4/2023    حقوق النشر محفوظة لشبكة الاقتصاديين العراقيين.

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

التعليق هنا

%d مدونون معجبون بهذه: