د. علي مرزا*
أولاً: مقدمــة
بعد عام 2003 ساد توجه عام في العراق نحو إبراز دور “القطاع الخاص/السوق”، بإسناد من قبل الإدارة الاقتصادية العامة، للمساهمة في تحقيق التقدم والنمو الاقتصادي، لا سيما التنويع الاقتصادي. وكان هذا مُسنداً بتوصيات منظمات و”تجمعات” دولية ساهمت في العقد الأول، بعد التغيير، في رسم ملامح التوجه العام من خلال تقاريرها عن العراق. وفي هذا السياق، أطَّرت وزارة التخطيط (والتعاون الإنمائي، في حينه) هذا التوجه في “ستراتيجية التنمية الوطنية 2005-2007″ التي صدرت في حزيران/يونيو2005. ولقد كان البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والأمم المتحدة، و”تجمع العهد الدولي” للدول المانحة للمساعدات المالية للعراق، قبل زيادة الإنتاج/التصدير النفطي، الخ، في مقدمة الداعين لهذا التوجه. مرزا (2018).
ولكن هذا التوجه في “افساح المجال للقطاع الخاص/السوق”، في ظل ضعف الدوافع والتوجهات التنموية للتركيبة المؤسسية، قاد هذه المؤسسية، من بين عوامل أخرى، إلى التركيز ”الكبير” على النفقات الجارية في الميزانية الاتحادية على حساب النفقات الاستثمارية. ولقد ساهم ذلك، بدوره، في ضعف الجدية، في ”رسم/تبني” خطط واستراتيجيات متوسطة وبعيدة المدى لتحقيق التنويع الاقتصادي، للتخلص من أحادية الاعتماد على إنتاج وتصدير النفط الخام. ولقد قاد ذلك بدوره إلى مؤسسية وإدارة تخطيطية ضعيفة. هذا في الوقت الذي لم يستطع القطاع الخاص، بجانب ملموس منه، في ظل توجهات ريعية rent-seeking، بعيداً عن المجالات الإنتاجية، من ناحية، وفساد في القطاعين العام والخاص، من ناحية أخرى، في المساهمة في التعويض عن دور الإدارة الاقتصادية، في السير في طريق تنمية مستدامة.
ولقد كان ذلك يختلف عن التوجه الذي بدأ منذ تكوين الدولة العراقية في 1920/21، ولا سيما منذ 1950 وحتى اندلاع الحرب العراقية- الإيرانية، في رسم وتبني خطط ومناهج استثمارية جدية متوسطة وبعيدة المدى ساهمت مساهمة فعالة في تطوير البنى الأساسية والمؤسسات التنموية والتخطيطية والمشاريع الإنتاجية، بالرغم من عجزها، هي الأخرى، عن تحقيق تنويع اقتصادي ونمو غير-نفطي مستدام، مرزا (2018، 2020، 2022-أ، 2022-ب، 2022-ج، 2022-د، 2023، 2025-ب).
ومن المناسب الإشارة إلى التوجه البَناء الذي تبنته الإدارة الاقتصادية الحالية في تفعيل برنامج استثماري ملموس خلال العامين والنصف الماضية مما قاد إلى “فورة” انشائية في بنى أساسية واستمرار في توسيع الصناعة النفطية لاسيما مشاريع استغلال الغاز الطبيعي، وغيرها. هذا إضافة لتفعيل وإصدار قوانين وإجراءات مناسبة. وهذا توجه مرحب به ويثير تفاؤلاً. غير أنه لا زال بحاجة إلى ترصين وتغيير ملموس من خلال مأسسته في برامج/خطط تنموية جدية، متوسطة/بعيدة المدى، تتبنى مساراً لتنمية مستدامة، ترسمها وتشرف عليها وتتابعها، جهة عليا، وتلتزم وتساهم بها كافة وزارات الدولة. وكذلك تفعيل/تكوين أطر مؤسسية وحوكمة مواتية للنمو ولمساهمة القطاعين الخاص والعام فيه، إلى آخره من العناصر والقضايا التي تتعرض لها هذه الورقة، كلها في سبيل تغيير الهيكل الإنتاجي نحو التنويع الاقتصادي وإزالة الفساد ونبذ المحاصصة.
وفي التعرض لهذه القضايا، لا سيما دور والأداء التنموي/الاقتصادي للقطاعين العام والخاص، تُغطي هذه الورقة، أساساً، ولكن ليس حصراً، السنوات 2009-24. ويعود السبب الأهم لذلك إلى …
لمواصلة القراءة يرجى تحميل ملف ب د ف سهل القراءة والطباعة على الرابط التالي:
(*) باحث وكاتب اقتصادي.
حقوق النشر محفوظة لشبكة الاقتصاديين العراقيين. يسمح بإعادة النشر بشرط الإشارة إلى المصدر.
أيلول/سبتمبر 2025.
Merza-Iraq-Effective-Development-Motivations-&-Institutions

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية