إسراء صالح داؤد:
ديوان التأمين:
أودّ أن أشكر أستاذنا الفاضل منعم الخفاجي على ملاحظاته القيّمة بخصوص قطاع التأمين في العراق.  وإننا في ديوان التأمين نحرص على الاستماع إلى الآراء البنّاءة باعتبارها وسيلةً لتحسين الأداء وتقويمه، وتطوير السياسات التي تخدم صناعة التأمين. ويودّ الديوان أن يبيّن أن مهامه واختصاصاته محددة بموجب أحكام قانون تنظيم أعمال التأمين رقم (10) لسنة 2005، الذي رسم إطار عمله الرقابي والإشرافي، ومن أبرزها: حماية حقوق المؤمن لهم، وتعزيز الاستقرار المالي لشركات التأمين، وضمان التزام السوق بالقوانين والأنظمة النافذة.
يواجه قطاع التأمين تحديات كبيرة، منها التشريعية والتنظيمية، ومنها ما يتعلق بالثقة المجتمعية وثقافة التأمين، فضلًا عن التحديات التكنولوجية والتغيرات العالمية في الأسواق.  ومن هنا تبرز مسؤوليتنا في ديوان التأمين بوصفنا الجهة الرقابية والتنظيمية لهذا القطاع.  ورغم الصعوبات التي يعانيها الديوان بسبب ضعف موارده البشرية، فإننا نوضح فيما يلي ما ورد في الورقة البحثية بخصوص أنشطة الديوان:
لمواصلة القراءة الرجاء الضغط على الرابط التالي:
رد على مقال منعم الخفاجي التأمين العراقي إلى أين-IEN

            
الأستاذة الفاضلة إسراء صالح داود
رئيسة ديوان التأمين ،
تحية طيبة وبعد،
أتوجه إليكم بخالص الشكر على مداخلتكم ،وعلى ردّكم الواضح حول جملة من المواضيع التي سبق أن أثرتها. وقد سررتُ بتوضيحكم بأنكم تشغلون منصب رئيسة الديوان وكالةً فقط، بينما تتولى السيدة ايناس فواد منصب المدير العام لشركة التامين الوطنية، الأمر الذي يضع حدًّا للإشكاليات المتعلقة بتعارض المصالح.
كنتُ قد تناولتُ في مقالي السابق الذي نشر في شبكة الاقتصاديين العراقيين عن أهمية ارتباط الرقابة التأمينية بالبنك المركزي، أسوةً بما هو معمول به في دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة الأردنية الهاشمية. وما تفضلتم به بشأن احتمال إلحاق الديوان بالبنك المركزي يُعدّ خطوة في الاتجاه الصحيح نحو تعزيز متانة الإطار الرقابي.
غير أن التحدي الأساسي سيبقى في مدى توفر الكوادر الفنية القادرة على الاضطلاع بمسؤوليات الرقابة بكفاءة، وهو ما لا يتحقق إلا عبر التدريب المستمر والانفتاح على الخبرات والأسواق العالمية. وكما يقول المثل الإنكليزي: If there is a will, there is a way.
نتمنى لكم ولديوان التأمين دوام التوفيق والنجاح في خدمة هذا القطاع الحيوي.
وتفضلوا بقبول وافر الاحترام والتقدير،
سمير عبد الأحد
عند مراجعة ما تفضلت به السيدة إسراء صالح داود المديرة العامة لشركة التامين الوطنية ورئيسة ديوان التامين في العراق ،في ردها على ملاحظات الزميل منعم الخفاجي بشأن التامين في العراق إلى أين ، لا يسعنا إلا أن نتفق معها في التشخيص الجوهري الذي يربط ضعف الأداء بالقصور الواضح في الموارد البشرية. غير أن هذه الملاحظة، وإن كانت دقيقة، تفتح الباب لأسئلة أوسع تتعلق باتجاهات الديوان وخياراته التنظيمية، بل وتثير إشكاليات حول جدوى السياسات التي يجري اتباعها في ظل هذا الواقع الهش.
فالقانون رقم (10) لسنة 2005 المنظم لأعمال التأمين قد منح الديوان صلاحيات رقابية واضحة تخوله اتخاذ ما يلزم من إجراءات لتنظيم السوق وضمان سلامة النشاط. والسؤال المشروع هنا: إذا كانت هذه الصلاحيات قائمة ونافذة، منذ ذلك الوقت إلى يومنا هذا ،فما الداعي إلى رفع مقترح تعديل القانون في هذه المرحلة؟ إن لم يكن الهدف تعزيز استقلالية الديوان وحمايته من التدخلات الخارجية، فإن هذه الخطوة قد تبدو أقرب إلى إعادة إنتاج النصوص بدل معالجة جوهر الإشكاليات. فغياب الاستقلالية وضعف الموارد البشرية، يعني أن أي تعديل سيظل حبراً على ورق، بلا أثر فعلي.
وإذا عدنا إلى نقطة الموارد البشرية، فإن العجز في الكفاءات والقدرات المؤهلة يعني ببساطة أن أي تشريع أو تعليمات جديدة ستبقى بلا روح. فالقوانين لا تنفذ نفسها بنفسها، بل تحتاج إلى جهاز مهني يمتلك أدوات الرقابة والإمكانيات ، ويقدر على اتخاذ القرار. وهنا يتضح أن الأزمة ليست في النصوص بقدر ما هي في الآليات والطاقات التي يفترض أن تطبقها.
ويزداد الأمر تعقيداً عندما نتوقف عند ظاهرة تضارب المصالح، التي تقوض أساس الحوكمة السليمة. فكيف يمكن أن يستقيم أن يكون رئيس الديوان ذاته هو المدير العام لشركة حكومية عاملة في السوق؟ .
أما ما يتعلق بمشروع التأمين الإلزامي ضد الحريق والزلازل، فإن هذه الخطوة تبدو خارج سياق الواقع السوقي. فالسوق العراقي ضعيف القدرة أساساً، وشركات التأمين المحلية لا تمتلك الطاقة الاستيعابية لمواجهة مخاطر كارثية بهذا الحجم، خصوصاً في ظل عزوف شركات الإعادة العالمية عن توفير الحماية الكافية لمثل هذه الأخطار. والنتيجة أن المشروع، بصيغته الحالية، يشكل عبئاً ثقيلاً على السوق المحلي، ويدفعه إلى تحمل ما لا يستطيع احتماله، بل قد يؤدي إلى تقويض ثقة المستثمرين والزبائن في آن واحد.
إن السؤال الجوهري يظل معلقاً: كيف يمكن لديوان التأمين، وهو يفتقر إلى الكادر المؤهل ويعاني من قيود في الاستقلالية، أن يؤدي مهامه الأساسية كجهة رقابية؟ إن الإصلاح الحقيقي وان كان يستهدف تغير القوانين أو فرض إلزامات جديدة على السوق، لكن في نفس الوقت لا يجوز الاستغناء عن تعزيز استقلالية الديوان ، وتدعيمه بكوادر مهنية متخصصة، وتبني آليات حوكمة شفافة تمنع تضارب المصالح. عندها فقط يمكن الحديث عن تطوير تشريعات أو مشاريع تنظيمية تحمل معنى حقيقياً، وتدفع السوق إلى الأمام بدلاً من أن تثقل كاهله بما لا يطيق.
الأستاذ الفاضل سمير عبد الأحد المحترم،
شكرًا جزيلا لتعليقكم القيم وملاحظاتكم المهمة. نتفق معكم بأن الموارد البشرية هي جوهر العمل الرقابي، وأن القوانين مهما بلغت دقتها تحتاج إلى جهاز مهني كفو لتطبيقها. ولهذا فإن ديوان التأمين يعمل، ضمن إمكاناته واكرر ضمن إمكانياته على تطوير وتأهيل كوادره وعلى بناء القدرات البشرية وتطوير الكفاءات، سواء عبر التدريب أو عبر مقترحات إصلاحية لتعزيز استقلالية الديوان رغم التحديات التي تواجهها وربما بعد اكتمال عملية فك ارتباط الديوان بوزارة المالية وربطه بالبنك المركزي العراقي ستتغير الأمور.
أما ما تفضلتم به بخصوص تضارب المصالح، ٠، فأوضح لكم اني الان رئيس ديوان التأمين وكالة ومنذ ٢٠٢٢ وان السيدة ايناس فؤاد نجيب مدير عام شركة التأمين الوطنية ،وسيتم اشعار شركة الاقتصاديين العراقيين لتصحيح الصفة ، إذ إننا نسعى إلى تعزيز الحوكمة والشفافية، وتجنب أي تعارض محتمل بين الدور الرقابي والدور التنفيذي.لكن رغم سعينا إلى تطبيق الحوكمة المؤسسية في قطاع التأمين تبقى الملكية العائلية لأغلب شركات التأمين الخاصة من معوقات تطبيق الحوكمة ،
وفيما يخص مشروع التأمين الإلزامي ضد الحريق والزلازل، وإن الهدف منه حماية المصلحة العامة وتوفير غطاء تأميني لمخاطر كبيرة قد لا يتحملها الأفراد بمفردهم، مع إدراكنا للتحديات التي تفضلتم بذكرها والمتعلقة بسعة السوق المحلي ودور شركات الإعادة. فهو أحد الأسباب الذي جعلنا نصرف النظر عنه وعن أمور أخرى
إننا نرى أن الحوار البنّاء الذي تفضلتم به هو الطريق الأمثل لتطوير قطاع التأمين بما يخدم مصلحة المؤمن لهم والاقتصاد الوطني.
مع التقدير والاحترام
إسراء صالح داؤد
رئيس ديوان التأمين
العراق