بسام أديب جيلميران:
(المقالة الأولى من سلسلة «قراءة في الواقع الاقتصادي العراقي)
بوصفي اقتصاديًا متابعًا للواقع العراقي، فإنني أعمل باستمرار على تحليل الأرقام، وتفكيك دلالاتها، واستخلاص المعاني التي تنطق بها، لأكوّن من خلالها تصورًا دقيقًا عن الواقع الحالي، ورؤية استشرافية للمستقبل. إن الأرقام، رغم جمودها الظاهري، تُعبّر عن حقائق ناطقة عندما يُحسن تفسيرها، وقد كنت دائمًا مقتصدًا في التعبير، مكتفيًا بالتحليل الهادئ. لكنني اليوم، أجد نفسي مدفوعًا لكتابة هذه السطور تعبيرًا عن قلق عميق وطموح حقيقي تجاه وطن وهبه الله ثروات قلّ نظيرها، ومع ذلك أخفق حتى يومنا هذا في استثمارها بما يخدم مواطنيه ويؤمّن مستقبل أبنائه.
إنني أرى أن مستقبل العراق الاقتصادي سيكون مريرًا إن لم تتغير المنظومة التي تحكم عمله، ويُعاد بناء هيكلها بما يضع نصب عينيه المواطن العراقي كأولوية قصوى وركيزة أساسية في مشروع التنمية الشاملة.
من خلال متابعتي المستمرة، ومساهماتي التي امتدت على مدى سنوات سواء عبر النشاط المهني في القطاع الخاص، وتحديدًا في قطاع التأمين، أو من خلال مشاركتي في الجهود الاستشارية الحكومية واخرها كعضو فاعل في الورقة البيضاء للإصلاح الاقتصادي، بات من الجليّ أمامي أن الاقتصاد العراقي يمرّ بمرحلة معقّدة وحاسمة في آنٍ واحد. هذه المرحلة تكشف بوضوح هشاشة البنية الاقتصادية وعمق التحديات الهيكلية التي لا يمكن التغاضي عنها مهما حاول البعض رسم صورة مغايرة للواقع.
لقد عانى الاقتصاد العراقي لعقود طويلة من اختلالات جوهرية ناتجة عن هيمنة القطاع النفطي، وهي هيمنة جعلت من الدولة أسيرة لمصدر دخل واحد يوفّر أكثر من تسعين في المئة من الإيرادات العامة. هذه الريعية المفرطة لم تخلق فقط حالة من الاعتماد الكلي على عوائد النفط، بل تسببت في تجميد التنمية في القطاعات الأخرى التي كان يُفترض أن تكون حاضنة لتنويع مصادر الدخل، مثل الزراعة، والصناعة، والخدمات، والسياحة. إن ما يمكن وصفه بـ”الكسل المؤسسي” قد ساهم في ترسيخ هذا الاعتماد، وجعل من أي اهتزاز في أسواق النفط العالمية كارثة حقيقية تهدد الاستقرار المالي والاجتماعي في البلاد.
وقد أظهرت تقارير رسمية صادرة عن مؤسسات كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وكذلك عن البنك المركزي العراقي ووزارتي التخطيط والمالية،
لمواصلة القراءة الرجاء الضغط على الرابط التالي:
قراءة في الواقع الاقتصادي العراقي 1-4


الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية