تعيش الجغرافية السياسية للعراق ومنذ 10 حزيران 2014 وحتى اليوم الى تعرض عسكري وعمليات حربية واسعة ومكثفة في مواجهة قوى إرهابية خارجية إحتلت عدد من المدن والبلدات في غرب وشمال غرب العراق، معززة بعمل وإسناد مجموعات مسلحة محلية غامضة في تحالفها مع القوى الإرهابية. كما حل اللوجستك العسكري والعمليات القتالية محل متطلبات الإستقرار و البناء و إستمرار النشاط الإقتصادي المدني والعمليات الانتاجية و التسويقية المرتبطة به وعلى امتداد مساحة من أراضي جمهورية العراق زادت على 35% منه.
في حين تعرضت محاور النقل والتوريد وإمدادات السلع والبضائع والمستلزمات المختلفة وإنتقال الاشخاص من والى خارج البلاد عبر الطرق البرية الى التعثر والإنقطاع ولاسيما المحاور الغربية والشمالية والشمالية الغربية منها، معرضّة في الوقت نفسه إمدادات البلاد ومستورداته من شركاء العراق التجاريين من دول الجوار او من خلال النقل العابر(الترانسيت) منها الى الشلل او التوقف ولاسيما بلدان: سوريا والاردن وتركيا .ولايخفى أن النشاط الإقتصادي، ان وجد اليوم، في مناطق الصراع مع الارهاب، ( او التي هي تحت مفهوم الإحتلال حالياً)، لا يُعتد به في الحسابات الاقتصادية للدخل القومي، بل هي ضمن الإقتصاد الأسود او غير القانوني .
فالتقديرات الأولية تؤشر ان ثمة تدهور في مكونات الناتج المحلي الاجمالي في تلك المناطق يقدر بنحو 10% من قيمة الناتج الاجمالي المذكور سنوياً، والذي اصبح ضمن الإقتصاد غير الشرعي وخارج الحسابات الوطنية او حسابات الدخل القومي، ناهيك عن الدمار الذي حصل في الثروة الوطنية من بنى تحتية مختلفة ومكونات راسمالية مادية منتجة، أمست محطمة او متوقفة عن العمل او مسروقة اوتحت سيطرة الارهاب حالياً. واذا كان حجم السكان ممن هم تحت خط الفقر يقدر بنحو 19% قبل العاشر من حزيران في عموم العراق، فأن خط الفقر قد زاد اليوم ليلامس نسبة لاتقل عن 30% من سكان البلاد او اكثر، ويعزز ذلك وجود مليون ونصف مهاجر من المحافظات موضوع الصراع مع الارهاب، مضافاً اليهم معاناة السكان المحليين انفسهم ممن يواجهون الإرهاب بشتى الوسائل والذين إنقطعت بهم سبل الحياة المدنية وأساسيات الحياة كافة، كخدمات المياة والصحة والدواء والتعليم والكهرباء والعمل المنتج للدخل والإستقرار الإجتماعي وإنعدام معايير الحرية والتعبير عن الراي ونفاذ القانون.
ولايخفى ان مؤشرات البطالة الفعلية التي بلغت 12% قبل العاشر من حزيران قد ارتفعت اليوم وفق تقديراتنا الاولية الى 20%، او ربما اكثر بسبب توقف النشاط الإقتصادي في خمس محافظات تشكل اليوم مسرحاً للعمليات العسكرية. علما ان البطالة الفعلية بين صفوف الشباب ربما ترتفع إجمالاً الى 38% في الوقت الحاضر بدلا عن 24-28%، كما كان مقدر لها.
أصبحت إقتصاديات جنوب ووسط العراق اليوم، (عدا كردستان)، بمثابة القوة الإقتصادية الوحيدة الماسكة بزمام الوضع الإقتصادي الكلي والرافعة المالية في البلاد. فسلامة العمليات النفطية وإرتفاع طاقات إنتاج تصدير النفط الخام من حقول الجنوب والإنتاج الزراعي المحلي المستقر نسبياً هناك، فضلا عن التوسع في توريد السلع واللوازم المختلفة وانتقالها برا اوبحرا عبر الممرات الجنوبية والجنوبية الشرقية للبلاد، قد اسهمت بشكل واضح في الإستقرار الإقتصادي للعراق. كما ان إرتفاع إجمالي صادرات العراق من النفط الخام من الحقول الجنوبية الى حوالى مليونين وتسعمائة الف برميل يومياً (2,9 مليون برميل/يوم) ، سيعزز من عائدات العراق وموارده المالية، ذلك بغض النظر عما أصاب حقول نفط كركوك من مفاجآت أدخلته بعد العاشر من حزيران ضمن الخلاف الناشب بين المركز والاقليم، (اقليم كردستان).
وبناء على ذلك فان إنتاج حقول نفط كركوك البالغة 400الف برميل يومياً، (كمعدل معد للتصدير)، مضافا اليها 400 الف برميل يومياً تصدرمن حقول كردستان وعلى وفق مؤشرات موازنة عام 2014، (غير المقرة)، قد وضع السياسة المالية الإتحادية و مشروع قانون الموازنة أمام تحدي جديد آخر. فبدلا عن تسوية الخلاف على عوائد تبلغ 16 مليار دولار سنويا عن قيمة تصدير نفط خام حقول كردستان في موازنة عام 2014، فأن الامر سيتطور الى موضوع اضافة 16 مليار دولار أخرى سنويا في قائمة الخلافات النفطية بين المركز والإقليم في حال تصدير نفط كركوك ضمن سلة صادرات نفوط كردستان مستقبلا .
ان إقتصاد الحرب في وضعه الحالي الذي كان يكلف نفقات اضافية يومية على ميزانية البلاد بنحو 5-6 مليون دولار قبل احداث 10 حزيران المنصرم، اصبح بدون شك في وضع مختلف في مستوى تحمل أعباء مواجهة الإرهاب بعد 10 حزيران والتي غدت تكلّف البلاد يوميا أربع مرات ماكانت تتحمله من نفقات اضافية يومية قبل العاشر من حزيران والتي يقتضيها اليوم مسرح العمليلت من متطلبات الإسناد والتجهيز والتعبئة الحربية. وننوه ان مستوى المعيشة في البلاد لم يتأثر ولاسيما في الجغرافية السياسية الآمنة والبعيدة عن مجريات الحرب المباشرة والصدام المسلح مع الإرهاب. فسياسة الباب المفتوح في توفير عرض فائض من السلع واللوازم والخدمات الى السوق العراقية، كمستوردات تموّلها عوائد النفط أصبحت ظاهره متجذّرة في الحياة الاقتصادية العراقية. فاستيراد المواد الإستهلاكية من مختلف المناشيء وبقوة تنافسية للمناشيء الرخيصة، قد جعل الرقم القياسي السنوي لاسعار المستهلك، (كمقياس للتضخم)، يسجل مستوىً متدنياً من حالات اللاتضخم بل وفر درجة عالية من الإستقرار المائل نحو الركود اي إستقرار مصحوب بالبطالة وهو امر يثير مخاوف من شبه ركود اقتصادي في حاضنة ريعية، كثيفة الموارد المالية، ضعيفة الانتاج وشديدة البطالة. فبعد ان بلغ التضخم السنوي المحسوب في شهر نيسان من العام الحالي نسبة متدنية لا تتجاوز، ( 1 واربعة من المئة )، صاحبتها نسبة من البطالة الفعلية بنحو 12%، نجد في الوقت نفسه، وعلى سبيل المفارقة، ان الرقم القياسي السنوي لاسعار المستهلك في الولايات المتحدة الامريكية قد سجل في شهر مايس نفسه، ( 1 وسبعة من المئة)، وبنسبة بطالة بنحو 6% (ونيف)، مما يعني ان الإقتصاد الامريكي قد بدأ يغادر مرحلة الركود صوب الإستقرار في وقت ظل الاقتصاد العراقي منغمساً بحالة إستقرار سعري فريدة في نوعها مع ميل الى الكساد بسبب البطالة العالية. ولكون العراق يقع ضمن منطقة الدولار الامريكي، فان القيمة الحقيقية لسعر صرف الدينار العراقي امست اعلى من سعر صرف الدينار الاسمي المعلن. وان مافعله البنك المركزي من سياسة نقدية، (متساهلة)، ذلك بخفض الفائدة على حسابات الودائع لديه الى 1% وهو اجراء صائب لاسناد العمليات الإئتمانية التي تؤازر التنمية والإستثمار الحقيقي، ولكن على الرغم من ذلك فقد ناقض البنك المركزي نفسه بإعلانه عن سياسة إنكماشية، (متشددة)، مفادها بيع مايساوي (5 ) ترليونات دينار من حوالات البنك المذكور لسحب السيولة النقدية الممثلة بالاحتياطيات النقدية المصرفية الفائضة، مما عُدّ امرٌ متناقضcontradictory ،، في تسيير السياسة النقدية نفسها بإجراءات غير متماثلة في وقت واحد!! وبهذا لابد من التوقف عن عمليات السوق المفتوحة ذات الطبيعة الإنكماشية القاضية ببيع حوالات البنك المركزي بالدينار العراقي، كسياسة متشددة إنكماشية تستهدف السيطرة على مناسيب السيولة، والتي إذا ما تحققت فعلا ستتولى التاثير بسحب ما لايقل عن 13-15% من النقد الأساس المتداول في السوق المصرفية، مضافا الى ذلك الآثار الإنكماشية البالغة في إستمرار فاعلية مزاد بيع العملة الاجنبية ودوره في تعقيم السيولة النقدية بالدينار وإمتصاصها على نحو فائق يومياً. الامر الذي سيعظّم من قوة الإنكماش الإقتصادي وإستمرار حالة الركود
إنعكست أحداث ما بعد 10 حزيران 2014 على الإقتصاد الوطني وحالة التوقعات فيه مولّدة على الرغم من ذلك اثارا طفيفة في إرتفاع مستويات التضخم والتي يعود معظمها الى حالة الطلب المفاجيء على المواد الغذائية والوقود وخلق توقعات تضخمية مؤقتة. ففي شهر مايس الماضي، (وقبل اندلاع الأعمال الإرهابية على نطاق واسع)، شهدت البلاد على سبيل المثال انخفاضاً بالغاً في فقرة المواد الغذائية، (والتي يؤلف وزنها في فقرات الرقم القياسي لإسعار المستهلك بالعراق، (كمقياس للتضخم)، بنحو 30% من الفقرات الإجمالية لذلك الرقم القياسي. ولكن جاءت الأحداث العسكرية وعملياتها في مواجهة الإرهاب وانعكاساتها في تصرفات قوى السوق المحلية ذات تاثير واضح، إذ تعرضت فقرة المواد الغذائية الى الإرتفاع المفاجيء في شهر حزيران مقارنة بشهر مايس من العام الحالي بنحو يزيد على ( موجب 3%) في حين شهدت الفقرة نفسها في شهر مايس مقارنة بشهر نيسان الماضي انخفاضاً مفاجيً بلغ (سالب 5%). ولاسباب موضوعية وسلوكية ناجمة عن احداث 10 حزيران، قام الافراد من فورهم بالطلب الاضافي على المواد الغذائية القابلة للخزن وخلق إنفاق إضافي على العرض المتاح. في حين تحسست السياسة الإقتصادية الموقف وعمدت على مواجهة الطلب الفائق على المواد الغذائية عبر توسيع مصادر الإستيراد وتخفيف معايير وضوابط التوريد السلعي والإكتفاء بشهادة المنشأ من منافذ الإستيراد المختلفة .علماً ان المحورين الجنوبي و الشرقي واللذين تم استحداثهما قد ساعدا على التدفق السريع للسلع من دول الجوار و ساهم في إمتصاص موجّة الطلب ويسر من العرض الغذائي ومخزوناته حالا، فضلاً عن الغاء، (الرزنامة)، الزراعية للموسم الصيفي التي فرضت على توريد العديد من السلع الزراعية المنافسة للمنتج المحلي والمتدفقة من دول الجوار وبنحو 15 منتج.
وعلى الرغم من ذلك فقد إرتفع التضخم السنوي المقاس في شهر حزيران ليبلغ 2 ونيف بالمئة بدلاً من 1 ونيف من المئة، مما يعني ان الإقتصاد الوطني مازال في دائرة الإستقرار العالية حتى الساعة، ولكن مازالت ترافقه اليوم بطالة قسرية إضافية ولدّها إحتلال الإرهاب لاكثر من محافظة في آن واحد وعطّل نشاطها الإقتصادي.
*) باحث إقتصادي ونائب محافظ البنك المركزي السابق حقوق النشر محفوظة لشبكة الإقتصاديين العراقيين ، بغداد في 12 تموز 2014. يسمح بالاقتباس واعادة النشر بشرط الاشارة الى المصدر
الدكتور مضهر محمد صالح المحترم
شكرا جزيلا لاجابتكم و اهتمامكم بأراء قرائكم. ان تعيينكم مستشارا للسيد رئيس الوزراء اثلج قلوبنا و قلوب الألاف من محبيكم. رجاءا استمروا في اغناء عقولنا بالعلم. لقد اصبح هذا الموقع بمثابة المهرب و الملتقى للمئات من المحبطين من وضع العراق. ارجو ان تزول الغمة قريبا… و شكرا
د. ديار أحمد
الاستاذ العزيز ديار احمد المحترم
ربما يتصور البعض انني امتدح سياسات البنك المركزي لمرحلة ما بعد الاستاذ الدكتورسنان الشبيبي
والحقيقة ان هذه السياسات هي نفسها وانها لم تتغير منذ اكثر من عشر سنوات. وعندما اُشيد احياناً بها فاني لم اجاف الحفيقة والاسس المتينة التي رسمها الدكتور سنان ونحن معه منذ العام 2004.
ولم يتغير شيء يذكر في الوقت الحاضر وقد عجزوا على اضافة شيء جديد على السياسة النقدية سوى القدرة على التنكيل والتشريد ومحاكمات التي لم تنتهى بالنسبة لي حتى اللحظة…اللهم لاتنصر من عادانا وظلمنا
مع فائق التقدير
مظهر محمد صالح
تحية طيبة، قرأت مقابلة مع الدكتور مظهر في جريدة الصباح في أواخر شهر آب ٢٠١٤ و نشرت ايضا في موقع مباشر.نت، و فيها يثني الدكتور مظهر على سياسة البنك المركزي في احتواء السيولة النقدية حيث جاء في المقابلة “قال الخبير الاقتصادي الدكتور مظهر محمد صالح : إن نجاح مزادات حوالات البنك المركزي وحوالات الخزينة، الخاصة بوزارة المالية، ببيعها كامل الاصدارية يمثل نجاح السياسة النقدية في امتصاص السيولة وتمويل العجز المؤقت في الموازنة.واضاف صالح ان بيع حوالات المركزي والمالية هما من ادوات السياسة النقدية للتدخل في عمليات السوق المفتوحة لغرض السيطرة على مناسيب السيولة وتمويل العجز المؤقت الى جانب تقليل الضغوط التضخمية ، مؤكدا ان مزاد بيع حوالات المركزي لمدة قصيرة الاجل (3 أشهر) في حين ان مزاد بيع حوالات الخزينة يكون بنوعين الاول سنوي والآخر نصف سنوي.بحسب جريدة الصباح”، و السؤال هل هناك تناقض بين هذا المقال و بين المقابلة بخصوص بيع حوالات البنك المركزي او ان ما تم نقله في المقابلة غير دقيق؟ و شكرًا
من حقنا نحن مودعي المصارف المتضررة أن نحصل على بعض التعويض من الحكومة من باب التعويض. فمثلما حصل أخواننا المتضررين من الفيضانات والتهجير وغيرها من المآسي على بعض التعويض من الحكومة (وهذا بالطبع حقهم) فمن حقنا نحن أن نحصل على بعض التعويض من الحكومة بصفتنا متضررين.
بخصوص تسديد ودائع مصرف الاقتصاد: قرأت على جدار المصرف ان حتى تلك الاسماء القليلة وبالمبالغ البسيطة تلك سيتم تسديدها حين توفر السيولة !! اقتراحي هو: لماذا لا يتم البدء بتوزيع احتياطي المصرف الموجود بالبنك المركزي (على الاقل يستلم المودعين حصة معقولة من ودائعهم)؟
اعزائى
اجد امامى على هذه الشبكة ثلاث دراسات علمية و عملية مترابطة ومتكاملة تتوزع على ثلاثة محاور هى :
المحور الاول – التنمية والتمويل عام 2014 وافاق المستقبل – الباحث الاستاذ الدكتور احمد بريهى العلى
المحور الثانى – خطة طوارى لقطاع الطاقة – الباحث الاستاذ الدكتور ثامر العكيلى
المحور الثالث – ملامح الاقتصاد السياسى للصراع فى العراق – الباحث الاستاذ الدكتور مظهر محمد صالح
لعل الجامع المشترك بين هولاء الباحثين الثلاثة كونهم من العلماء الاقتصاديين العراقيين القلائل الذين اتيحت لهم فرصة العمل الميدانى فى مجال اختصاتهم الاكاديمية ( النفط – الاحصاء – الاقتصاد ) ومن هنا تاتى اهمية وضرورة ان تاخذ الجهات المعنية الرسمية العراقية ما يقدمونه من اراء تعبر عن خلاصة تجاربهم ماخذ الجد والعمل على تنفيذ ما يمكن تطبيقه من هذه الدراسات والمعرفة العلمية النزيه
سوف اكتفى بابداء بعض الملاحظات على المحورين الثانى والثالث
1- فيما يخص خطة الطوارىء ارى ان تتضمن خطة للعمليات التموينية فى مناطق النزوح داخل العراق تشترك فى وضعها وتنفيذها كلا من وزارتى التجارة والنفط مع حماية الاهداف الحيوية على مستوى جميع الوزرات ونقل الخزين الستراتيجى الى المناطق الامنة
2- فيما بخص النازحين ( وليس المهاجرين كما ورد فى الحور الثالث ) ضرورة اعطاء الاولية من قبل الجهات المختصة العراقية والدولية للجانب الانسانى والصحى والعمل على عودتهم الى مناطق سكناهم خلال سقف زمنى محدد
)3- قيام الجهات المختصة فى وزارات النقل والتجارة والمالية بتشكل لجان لدراسة المشاكل الاتية ووضع الحلول الناجعة لها
– مشكلة تعطل او شلل النقل الداخلى الانتاجى ونقل الاشخاص فيما بين محافظات العراق الشمالية والشمالية الغربية وبقية المحافظات الوسطى والجنوبية
– مشكلة شلل او تعطل تجارة الترتسيت من اوربا عبر تركيا ومن سوريا والاردن عبر العراق
– مشكلة نقص السيولة النقدية وضعف حركة التجارة الداخلية وتذبذب الاسعار وخاصة المواد الغذائية وباتجاه الارتفاع بسبب الاحتكار والتخزين فى البيوت وعدم السيطرة على انسيابية جيدة للمواد من مراكز الانتاج او الاستيراد الى مواقع الاستهلاك النهائى
مع التقدير
سيدي العزيز النظريات شيء والواقع الاقتصادي شيء اخر فالذين تضرروا من السياسة الاقتصادية العراقية الاف خاصة المصارف الاهلية حيث ظهر للمودعين ان مشكلة مصرف الاقتصاد هي اكبر مما كان يتوقع المركزي بعضها نتيجة تصرفات ابناء مالك المصرف ,وذلك بعد تحليل وفحص التقارير المالية وجرد الموجودات بمختلف انواعها مما يعني ان لجان الرقابة كانت صورية وكانت ترضى بما يقدم لها في كل جولة تفتيشية من مغريات وهكذا يبدوا ان المركزي الذي هو حامي مصالح المودعين كان المشارك الاول في مصيبة المودعين . وحيث ان ذلك من المفروض ان يشعر المقصر بالذنب ويحاول قدر الامكان خفض الضرر الا ان المركزي لم يستطع حتى جبر خاطر المودعين من خلال انشاء نظام واضح لتعويض المودعين وتحول الامر الى اوراق مهلهلة بخط رديء وبمبالغ تافهة .
ان هذه الطريقة البدائية في اعادة حقوق المودعين تثبت القدرات المحدودة للبنك المركزي وتشجع المتلاعبين كما كان ديدن المركزي مع كل من مصرف الوركاء والبصرة وغيرها من المصارف الاهلية التي تهاوت منذ سنتين ومازال بعضها ينتظر.
لقد تركنا مقررات مؤتمر بازل وتركنا مقاييس الامان المصرفية ومايقال عن مؤسسات ضمان الودائع وشعورنا بان المركزي لديه نوع من الحرص على انعاش القطاع المصرفي الاهلي بعد ان ضرب بالقاضية .والان اصبح المودعين يستجدون اموالهم بعد ان قدمت لجنة الوصاية خطتها في اعادة حقوق المودعين ويمكن لاي ساذج ان يعرف ان هذه الخطة تتطلب أكثر من 30 سنة لكي تستكمل استعادة حقوق المواطنين والتي تتضمن قائمة بعشرة اسماء كل اسيوع وبمبلغ لا يتعدى خمسة ملايين في كل مرة مما دعى احد مدراء الشركات الى حساب فترة استعادته لودائع الشركة بفترة 23 سنة وسبعة اشهر !!!!
مقال رائع من خبير اقتصادي كبير… ضياع العراق ودماره هو بسبب عدم الاستفادة من الكفاءات الاقتصادية العراقية، والدكتور مظهر محمد صالح من اهم تلك الكفاءات، وإذا اردنا بناء العراق فيجب ان تكون قاعدة الانطلاق هي إعادة البناء الاقتصاد الوطني والاستفادة من الخبرات العراقية.
شكرا للزميل الدكتور مظهر محمد صالح لهذا المقال المركز، واثني على جهودكم في رصد تداعيات العدوان الإراهبي الداعشي على الإقتصاد العراقي وعلى مسار نشاطاته الإنتاجية والإجتماعية. ولكن لدي بعض الملاحظات التي أراها جوهرية لإغناء المقال، ولربما تجدونها نافعة:
1. قدرت نسبة مقدارها 10% من النشاطات الإقتصادية التي وقعت تحت سيطرة المهاجمين، سوف تدخل ضمن الإقتصاد الأسود، كما سميته، أي تخرج من حسابات الناتج المحلي الإجمالي العراقي؛ وهنا تُثار الأسئلة؛ كيف حسبتم هذه النسبة؟ وعن الناتج المحلي لإية سنة، لاسيما وأن مدة سيطرت داعش على النشاط الإقتصادي للمناطق التي تقع الآن تحت سيطرتها لا تتعدى الشهر لحد الآن، وربما هي في تراجع في بعض المحافظات، كصلاح الدين وديالى والأنبار.
2. تؤثر الحروب، عادة، على مستوى الإستثمار المحلي، مما يؤثر على مستوى الإنتاج، ولكن العمالة قد تزداد بسبب الطلب المرتفع لمتطلبات الحرب، اي أن البطالة قد تنقص ولا تزيد، حسبما قدرت. ولكن الآثار الإجتماعية من معاناة وتشرد كلها ستشكل مشاكل تستدعي تخصيص المزيد من الموارد. كما أن تدميرا جرى و سيجري للبناء الراسمالي والمعماري، فما هو حجمه المحتمل. هذه بعض الأسئلة التي أثيرها لتلقى عنايتك، وشكرا لك مرة أخرى.