خلال حزيران الماضي عمت السوق النقديه العراقيه فوضى وتخبط وتهويل وسوء تقدير وتدخلات من جهات عديدة ادت الى عدم السيطرة على سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار الامريكي وكان واحد من الاسباب الرئيسيه لذلك هو بعض وسائل الاعلام غير الاقتصادي(او الاعلام غير المختص) الذي روج وحلل اخبار غير واقعيه تشوبها عدم الشفافيه في نقل الخبر وتحليله وفق رؤى خاصه بقصد او بدون قصد اضرت بالاقتصاد العراقي الذي يعاني اصلا من مشاكل عديدة بسبب هبوط اسعار النفط عالميا والحرب على الارهاب ومشكله النازحين والركود الاقتصادي وازمه السيوله مما جعل الاعلام يساهم في اضافه مشكله اخرى تمس عصب الاقتصاد العراقي وهو خلق حاله من الذعر وعدم الاستقرار الاقتصادي وارتباك حركه التداول النقدي والسلعي وارتفاع اسعار السلع والمواد الاساسيه والضروريه كالغذاء والدواء على سبيل المثال. مما اضطر خليه الازمه في مجلس الوزراء ان تتخذ عدد من القرارات بالتزامن مع قرارات اخرى للبنك المركزي العراقي وبالتنسيق مع رابطه المصارف الخاصه العراقيه ساهمت في اعادة التوازن والاستقرار الى التداول في سوق
النقد وارتفاع في سعر صرف الدينار العراقي الى معدل متوازن حاليا بحدود (1224دينار) مقابل الدولار لذلك من الضروري هنا ان يعي العاملون في الاعلام بكافه مجالاته .ان للاعلام الاقتصادي المختص دور مهم واساسي في خلق الاستقرار الاقتصادي ويتعدى ذلك الى المساهمه في الاصلاح الاقتصادي وتمكين ومعاونه اجهزة ومؤسسات الدوله المعنيه من السيطرة على المشاكل الاقتصاديه ونشر الثقافه الاقتصاديه وتجنب حالات الاخفاق لان الاعلام الاقتصادي يجب ان يكون اعلاما اقتصاديا وطنيا بالكلمه وبالمعنى.
اذ ان الاعلام والاقتصاد في شراكة متعددة الوجوه ودائمة العلاقة , وهما في الجبهة ذاتها لمواجهة التحديات التي يواجهانها معاً, واذا فرضنا بأن الاقتصاد يمكن أن يصنع اعلاماً ناجحاً فمن المؤكد أن الاعلام يمكن أيضاً أن يصنع اقتصاداً ناجحاً, وهذا ما يسفر عنه نجاح المؤسسة الاعلامية اذا توافرت لها قيادات اقتصادية متخصصة وواعية لدور الاعلام الوطني.
وتجربة العراق في هذا المجال تعتبر حديثة وبدأت فعلاً بعد عام 2003 عندما كان الاعلام بيد الدولة وكان يوجه مركزياً اما الآن فان الاعلام يسير باتجاهات متعددة اتجاه اعلامي يخدم توجهات الحكومة واتجاه يخدم الاحزاب والكتل السياسية واتجاه مستقل يشكل كماً ونوعاً حيزاً مؤثراً في الحياة السياسية والاقتصادية في العراق .
ان الاقتصاد يحتاج الى دعم ومساندة في الترويج والتحليل والتخطيط والدعم في سبيل ايصال رسالة اعلامية متميزة لجمهور المتلقين سواء أكان عن طريق الصحافة أو التلفزيون أو الاذاعة أو وسائل الاعلام الحديثة وقنوات التواصل الاجتماعي عبر تويتر والفيسبوك واليوتيوب.
اذن الاعلام الاقتصادي الذي يستطيع أن يقدم رسالة هادفة ويخدم الاقتصاد والمؤسسات الاقتصادية هو الذي يستقطب شريحة مهمة من المجتمع سيبقى ويستمر ويحقق الاهداف الاستراتيجية في دعم الاقتصاد الوطني وتطوير عمل المؤسسات الانتاجية والمالية والمصرفية لذلك يجب ان تعمل الجهات المعنيه على اعتماد ستراتيجيه جديدة للاعلام الاقتصادي تستند الى ماياتي :-
1- الاعلام الاقتصادي مصدر موثوق للتعريف بالنشاط الاقتصادي
ويتحقق ذلك عن طريق نشر الأخبار والآراء والتحليلات وتفسير المصطلحات الاقتصادية المعقدة ونشر المعلومات التي تشمل على الحقائق والأرقام والإحصائيات والدراسات والأبحاث.
2- الاعلام الاقتصادي يهدف الى نشر ثقافة الاصلاح الاقتصادي و التنمية المستدامه
يجب ان يتولى الاعلام الاقتصادي المشاركة الايجابية في عملية التنمية والإصلاح الاقتصادي وبرامج إعادة الأعمار عبر تقديم صورة عن طبيعة التوجهات المستقبلية للاقتصاد والتعريف بالنشاطات والفعاليات الاقتصادية والتنموية والطاقات المتاحة وتشجيع حركة التبادل الاقتصادي والاستثماري بشتى مجالاته وصوره.
3- الاعلام الاقتصادي يساهم في صناعه القرارات الاقتصاديه
يتطلب من الاعلام الاقتصادي القيام بتحسين المناخ الاقتصادي وتوسيع دائرة المشاركة في عملية صنع القرار الاقتصادي، وتحسين درجة الشفافية وقبول الانتقاد. وإبراز فلسفة التنمية وتوجهاتها، واستخدام أدوات البحث العلمي لزيادة القدرات الإعلامية على التحليل والاستقراء، والمهنية والمصداقية.
4- الاعلام الاقتصادي يوجه سلوك المواطنين نحو اهداف التنمية الاقتصادية
ويتم ذلك بتحويل الصحف ووسائل الإعلام الأخرى الى مواقع لعرض نتائج الدراسات العلمية الاقتصادية، ومنابر لتبادل الأفكار والآراء الاقتصادية والمعالجات الواقعية لقضايا وهموم التنمية، عبر حضورها بقوة في الفعاليات الاقتصادية وتواصلها مع الحركة الأكاديمية في هذا المجال، واختيار المعلومات والموضوعات بشكل دقيق وجذاب واستخدام أساليب مشوقه من اجل جذب كل شرائح المجتمع للتفاعل مع الوسائل الإعلامية في مجال الإعلام الاقتصادي.
5- تحليل عناصر القوة والضعف في الاقتصاد العراقي
يجب ان يقوم الاعلام الاقتصادي بالتعريف والتحليل لعناصر القوة والضعف في الاقتصاد العراقي،وتحديد طبيعة الدور الذي يمكن أن تلعبه كل من أدوات السوق والتخطيط الاقتصادي في عملية التنويع والتغيرات الهيكلية وتحفيز القطاعات الإنتاجية وبخاصة قطاع الزراعة والصناعة التحويلية، على أجراء عملية التصحيح للهيكل الإنتاجي .
6-المساهمه في بناء مقدمات الانتقال لاقتصاد السوق
القيام ببلورة الأفكار المتصلة باقتصاد السوق ومزايا الحرية الاقتصادية وتعزيز دور القطاع الخاص في الإنتاج وخلق الوظائف وبتوسيع نشاط المشروعات الصغيرة والمتوسطة.باعتبارها شرطاً لازماً لزيادة إنتاجية المجتمع وإطلاق طاقاته وتنمية روح التنافس بين قطاعات النشاط الاقتصادي وخلق الثقافة والوعي الاقتصادي الذي يمكن أن يساعد على تفعيل المشاركة الايجابية مع المتغيرات الناجمة عن التحول نحو اقتصاد السوق.
7- العلاقه مع العالم الاقتصادي الخارجي
ومن واجباته الاساسيه الاهتمام بالقضايا المتعلقة بعلاقة الاقتصاد العراقي بالعالم الخارجي وفي مقدمتها الانفتاح الاقتصادي والعولمة والاتفاقيات التجارية الثنائية والمتعددة الأطراف والمناطق الحرة، وسبل زيادة التدفقات المالية الواردة والاستثمار الأجنبي المباشر والاستفادة من مزايا العولمة والانفتاح التجاري والاقتصادي .
(*) باحث وخبير اقتصادي
حقوق النشر محفوظة لشبكة الإقتصاديين العراقيين. يسمح بالاقتباس واعادة النشر بشرط الاشارة الى المصدر، 9/7/2015
الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية