أدى انخفاض اسعار النفط العالمية بالكثير من الاقتصاديين العراقيين إلى البحث عن مصادر تمويلية لتغطية عجز موازنة عام 2016، إذ يدور نقاش كثير بين فريقين من الاقتصاديين العراقيين يدعو أحدهما إلى تخفيض سعر صرف الدينار المباع لوزارة المالية من أجل زيادة الايرادات الدينارية لها مما يغطي نسبة معينة من عجز موازنة 2016، بينما يذهب الفريق الثاني إلى التحفظ على تخفيض سعر صرف الدينار في الوقت الحالي ليس لقدسية استقرار سعر صرف الدينار بل لحين تهيئة الظروف الموضوعية الملائمة لذلك.
تقتضي المناقشة العلمية لمسألة خفض سعر صرف الدينار العراقي (المباع لوزارة المالية مقابل شراء الدولار منها) مقترحاً لسد العجز في الموازنة العامة لسنة 2016 أو جزء منه إيضاح بعض المسائل ذات العلاقة وهي الآتي:
1- عندما بلغ سعر النفط عام 2015 في المتوسط ما يقارب الـ (50 $) للبرميل بلغت مبيعات وزارة المالية من الدولار للبنك المركزي العراقي (32.45 مليار دولار) وبسعر (1,166 دينار لكل دولار) وأصبح السعر في مطلع عام 2016 (1,180 دينار لكل دولار)، لذا فمن المتوقع انخفاض مبيعات وزارة المالية من الدولار إلى البنك المركزي العراقي خلال سنة 2016 إلى (25-30 مليار دولار) على أقل تقدير.
2- قُدِّر إجمالي الايرادات في موازنة 2016 (84.07 ترليون دينار) منها الايرادات النفطية محسوبة على أساس سعر برميل النفط (45$) وحجم إنتاج تصديري (3.6 م ب ي)، بينما قدرت النفقات بـ(113.5 ترليون دينار) وعجر يقدر بـ(29.43 ترليون دينار).
3- سعر النفط في الوقت الحالي يتراوح بين (20-25$) وهو آخذ بالتراجع.
4- إذا استمر سعر النفط على ما هو عليه خلال سنة 2016 سينشأ عجز (العجز الاضافي) يضاف إلى العجز المقدر (العجز المخطط) ناجم عن الفرق بين سعري النفط العالمي، الأول: السعر الحالي الذي يتراوح بين (20-25)، الثاني: السعر الذي بُنيت عليه موازنة 2016 (45$ للبرميل)، أي أن الفرق بين السعرين يتراوح بين (20-25$)، ويقدر العجز الاضافي بحوالي (20-26 مليار دولار) (حاصل ضرب الفرق بين سعري النفط اعلاه في حجم الانتاج 3.6 م ب ي في عدد ايام السنة).
بعد هذه النقاط ذات العلاقة والتي تُعدُّ الأساس الذي يُستَند عليه في مناقشة مقترح تخفيض سعر صرف الدينار العراقي لسد العجز في موازنة 2016، يمكن توضيح حالتي تغطية العجزين المخطط (و/أو) الاضافي.
الحالة الأولى: لسد العجز المخطط في موازنة 2016 من قبل البنك المركزي العراقي عن طريق تخفيض سعر صرف الدينار، وفي حال بلوغ مبيعات وزارة المالية من الدولار (30 مليار دولار) خلال السنة (بالاستناد إلى النقطة 1 آنفة الذكر)، فإن سعر الصرف الذي ينبغي على البنك المركزي العراقي أن يشتري به الدولار من وزارة المالية هو (2160 دينار/ دولار) أي بفرق عن سعر الـ (1,180) الحالي بمقدار (980 دينار) وبدوره يبيع البنك المركزي للمصارف بسعر (2,170 دينار/ دولار) ويصبح سعر صرف الدولار في السوق بما يقرب (2,200 دينار/دولار) فضلاً عن التوقعات التي ترفع السعر إلى أكثر من ذلك، وهذا ينعكس مباشرة على أسعار السلع والخدمات التي جُلّها مستوردة وبالتالي يشتعل فتيل التضخم ويصعب السيطرة عليه فالموجة الأولى من التضخم تليها موجات أخرى. وهذا الأمر يجري على كل السيناريوهات اللاحقة.
أما السعر الذي ينبغي على المركزي العراقي أن يشتري به الدولار من وزارة المالية والذي يضمن سد العجز المخطط في حال بلغت مبيعات المالية للمركزي 25 مليار دولار هو (2,355 دينار لكل دولار) أي بفرق عن سعر الـ (1,180) بمقدار (1,175 دينار) وبدوره يبيع البنك المركزي للمصارف بسعر (2,365 دينار/ دولار) ويصبح سعر صرف الدولار في السوق بما يقرب (2,390 دينار/دولار) أو أكثر من ذلك.
الحالة الثانية: لسد العجز الاضافي الناشئ عن فرق سعري النفط – كما هو موضح سابقاً – (النقطة 4 آنفة الذكر) فحسب، والذي يقدر بحوالي (31-38.5 ترليون دينار) (حُوّل إلى الدينار بسعر صرف 1,180 دينار/دولار)، وعلى فرض أن العجز الأصلي (المخطط) قد وُضِعَتْ له مصادر للتمويل في موازنة 2016، ينبغي على المركزي العراقي أن يشتري الدولار من وزارة المالية بسعر صرف يتراوح بين (2,213 – 2,472 دينار/دولار) في الحالة التي تكون فيها مبيعات وزارة المالية من الدولار للمركزي العراقي تقارب (30 مليار دولار)، أما في الحالة التي تكون فيها مبيعات وزارة المالية من الدولار للمركزي العراقي تقارب (25 مليار دولار)، فينبغي على المركزي العراقي شراء الدولار من وزارة المالية بسعر صرف يتراوح بين (2,420- 2,730 دينار/دولار).
وفي محاولة لطرح سيناريوهين لتخفيض سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار لسد جزء من العجز الاضافي الناشئ عن فرق سعري النفط الحالي وسعر الموازنة نعرض الآتي:
في الحالة التي تكون فيها مبيعات وزارة المالية 30 مليار دولار ويشتري البنك المركزي الدولار من وزارة المالية بسعر (1,300 دينار لكل دولار) فإنه يغطي ما يقارب (3.6 ترليون دينار) من العجز الاضافي الذي يتراوح بين (31-38.5 ترليون دينار) اي بنسبة تتراوح بين (9-12% من العجز الاضافي) وليس (9) ترليون كما يعتقد المستشار الدكتور عبد الحسين العنبكي (في تصريحه المنشور في شبكة الاقتصاديين العراقيين نقلا عن وكالة كل العراق (اين) 23/1/2016)، لأن توفير هذا القدر (9 ترليون) يتطلب من وزارة المالية حجم مبيعات من الدولار للبنك المركزي العراقي بمقدار (75 مليار دولار) ]حاصل قسمة 9 ترليون/الفرق بين 1,300-1,180 والبالغ (120 دينار)[. وهذا الامر غير ممكن إذ ان أعلى حجم لمبيعات وزارة المالية كان في عام (2013) وبلغ (62 مليار دولار) أي لم يصل إلى عتبة (75 مليار دولار) وهذا الامر غير متوقع الحدوث عام 2016 الذي يقارب فيه سعر برميل النفط الـ(25$) مقارنة بـ(2013) حيث متوسط سعر برميل النفط يقرب من حوالي (100$) أو أكثر.
أما في ظل حجم مبيعات من قبل وزارة المالية (25 مليار دولار) وشراء البنك المركزي للدولار بسعر (1,300) فإنه يغطي ما يقرب (3 ترليون من العجز الاضافي) أي بنسبة تتراوح بين (8-10%) تقريباً.
في الحالة التي تكون فيها مبيعات وزارة المالية 30 مليار دولار ويشتري البنك المركزي الدولار من وزارة المالية بسعر صرف (1,500 دينار لكل دولار) فإنه يغطي ما يقارب (9.6 ترليون دينار) من العجز الاضافي الذي يتراوح بين (31-38.5 ترليون دينار) أي بنسبة تتراوح بين(25-31% من العجز الاضافي). أما في ظل حجم مبيعات من قبل وزارة المالية (25 مليار دولار) وشراء البنك المركزي للدولار بسعر (1,500) فإنه يغطي ما يقرب (8 ترليون من العجز الاضافي) أي بنسبة تتراوح (21-26%) تقريباً.
في خضم ما تقدم فإن تخفيض سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار لا يُسَرّع من عملية استنزاف احتياطيات العملة الاجنبية لأنه لا يخلق إنفاقاً إضافياً ينعكس بصورة طلب إضافي على العملة الأجنبية ينبغي للبنك المركزي تغطيته من أجل استقرار سعر الصرف المفضي لاستقرار الأسعار. وعلى الرغم من أن تخفيض سعر صرف الدينار العراقي سيغطي نسبة ضئيلة جداً من العجز في الموازنة العامة وقد تكون هذه التغطية أقرب إلى الوهم منها إلى الحقيقة، إلا أنَّ التخفيض في سعر الصرف سينعكس بصورةٍ مباشرةٍ في ارتفاع المستوى العام للأسعار، ذلك لأنَّ درجة انتقال آثار سعر الصرف إلى المستوى العام للأسعار تزيد كلما كانت مرونة الطلب المحلي على السلع والخدمات الأجنبية منخفضة ومرونة العرض الأجنبي مرتفعة، فضلاً عن ارتفاع حصة السلع والخدمات في سلة الاستهلاك الرئيسية (التي يعبر عنها بالـ CPI)، أي أن الانفتاح الاقتصادي للعراق كبير ويقاس الأخير من خلال نسبة حصة الاستيراد إلى النشاط الكلي أو إلى اجمالي السلع المستهلكة وهي درجة مرتفعة في الاقتصاد العراقي لا شك.
ويتضاعف الارتفاع في مستوى الأسعار عند دخول التوقعات Expectations حيز التحفيز للظاهرة التضخمية ويصعب مواجهة التضخم Anti-Inflation مع اشتعال فتيل العملية التضخمية وتداخل الاسباب في استمراره، خصوصاً وأنَّ الاقتصاد العراقي مستورد صافي للسلع والخدمات في ظل غياب شبه تام للإنتاج المحلي، والاغراق الذي تشهده أسواقه الداخلية بفعل غياب التعرفة الكمركية اللاجمة أو الكابحة التي تحد من الاستيراد وتحفز الانتاج ولو بنسبة قليلة. وبذلك فإن قدرة الاقتصاد العراقي الدخلية ومتانة بنيته الاقتصادية تعيقه بشكل كبير عن مواجهة التضخم. وأكثر المتأثرين والمتضررين من ارتفاع المستوى العام للأسعار هم أصحاب الدخل الثابت، وهم الشريحة الأكبر في المجتمع العراقي.
كل ما سبق لا يعني قدسية المحافظة على استقرار سعر صرف الدينار العراقي إلا انه ضرورة ماسّة على أقل تقدير لحين تهيئة الظروف والإجراءات اللازمة لغرض التخفيض ومن أهمها (تعرفة كمركية كابحة لبعض الاستيرادات – غير الضرورية- ، سياسة ضريبية فعالة، وضع اطار لضبط الانفاق العام للسياسة المالية يستجيب لظرف العراق المالي: وإلا ماذا يعني تنفيذ موازنة 2014 دون اقرارها وتشريعها، وموازنة 2015 بتخفيض نسبي في الانفاق يقل عن الانخفاض الحقيقي في الايراد العام؟ مما خفض احتياطيات العملة الاجنبية من ما يقرب 78 مليار دولار نهاية 2013 إلى ما يقرب من 54 مليار دولار نهاية 2015). كما أن سياسة استقرار سعر صرف الدينار العراقي هي سياسة استقرار كلي عبر المتغيرات وتعاملات التبادل في السوق وهي ليست سياسة نقدية انكماشية تناقض سياسة او مشروع (6) ترليون الذي يطرحه البنك المركزي العراقي، كما وصفها الدكتور العنبكي (في تصريحه المنشور في شبكة الاقتصاديين العراقيين نقلا عن وكالة كل العراق (اين)). والصحيح ان السياسة النقدية تقاس بمحصلتها النهائية دائما.
(*) باحث اقتصادي – البنك المركزي العرقي
حقوق النشر محفوظة لشبكة الاقتصاديين العراقيين. يسمح بالاقتباس واعادة النشر بشرط الاشارة الى المصدر. 31/1/2016
حسين عطوان: تغطية عجز موازنة 2016 من خلال تخفيض سعر صرف الدينار العراقي: التداعيات والآثار
الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية
تحية طيبة للاستاذ حسين
الخوف على الفقراء من تخفيض قيمة الدينار ليس في محله فالاقتصاد العراقي لايتحمل هذه القيمة للدينار ومايترتب عليها من التزامات بالعملة الصعبة على الموازنة للدولة لذلك بقاء قيمة الدينار كما هي سيضر الاقتصاد الى حد كبير مما سيؤدي بالنتيجةالى الاضرار بالفقراء ولا ينفعهم
الاخ حسين والاخ مصطفى المحترمين
عندما تحسب تخفيض سعر الصرف للدينار في موازنة 2016 بالقيم المقدرة للايرادات النفطية 3.6 م/ب/ي وبالسعر المقدر 45$ للبرميل يكون الفرق من 1دولار =1116 دينار الى 1دولار =1300 دينار يكون الفرق بحدود 9 ترليون اي بحدود ثلث العجز المقدر بالموازنة.
ثم صدقني انا لا يهمني مساهمة الامر في تمويل الانفاق الحكومي رغم اهميته لكي تستمر الدولة بهيكلها ودفع رواتب موظفيها وتمويل حربها المقدسة ، بقدر ما يهمني في اصلاح هيكل الاقتصاد المختل فانا مختص بالاقتصاد الكلي وافهم ان لكل اجراء اصلاحي اثار عرضية وستكون اجتماعية ولكن هذه الاعراض وقتية سوف تزول وافهم ان الجهاز الانتاجي العراقي غير مرن ويحتاج لفترة اول للتحفيز ، وتعرف اني كنت انادي بمطلب تخفيض سعر صرف الدينار في سنين الرخاء وليس من الان ، ولكن صدقوني ان اصلاح العوامل الاقتصادية يفضي الى ارتفاع مستوى المعيشة في نهاية المطاف وتحسن العوامل الاجتماعية بالتبعية ، ولكن مدارات العوامل الاجتماعية لن يؤدي الى علاجات اقتصادية بالمطلق ، وهي ظاهرة يرقص لها السياسيين لخلق ارضاءات وقتية للجمهور كما حصل على مدار السنوات العشر المنصرمة سيفضي الى مزيد من الاختلال الاقتصادي وتراكم المشاكل وندخل في متلازمة تكبيل السياسات الاقتصادية لبعضها البعض وعندها لم تعد المضادات الحيوية تعمل ،فماذا سنقول للجمهور حينها ، نقول كنا نخدعكم بارضاءات اجتماعية وقتية وانتهت اللعبة انهار الاقتصاد.
اخوتي سعر الصرف المغالى فيه كارثة على الاقتصاد ، فتاته لشرائح الفقراء ، واصله لخدمة التجار لطرد المنتجين من السوق ، ونبقى كل ما ناكله ونلبسه ونستعمله مستورد ، فكيف ننوع الاقتصاد ، ويخدم مافيات الصيرفات والمصارف التي تركت نشاطها الحقيقي المتمثل بخلق الائتمان وصارت ترضع من ضرع الدولة من خلال مزاد العملة ونمر الفرق في السعر .
الاستاذ عبد الحسين العنبكي المحترم.
إنَّ الافتراضات التي تكلمت عنها ووصفتها بـ (غير المطروحة أو غير الصحيحة) فهي تعبر عن مناقشة علمية تفصيلية للخيارت التي تتناول مسألة تخفيض سعر صرف الدينار لسد عجز موازنة 2016 من جميع جوانبها، ولم أقل أنَّها افتراضات مطروحة، أما الافتراض المطروح من قبلكم والذي يهدف إلى تخفيض سعر صرف الدينار إلى (1300 دينار/دولار) لتوفير (9 ترليون دينار) لسد العجز والذي جاء في تصريحكم (المنشور في شبكة الاقتصاديين العراقيين نقلاً عن وكالة كل العراق (اين) في 23/1/2016)، فتمت مناقشته في مقالي آنف الذكر والذي إتضح منه عدم دقة هذا الرقم. أما المسألة الأخرى وهي (الافتراض بأن الغاية من هذا الاجراء -تخفيض سعر الصرف- مالية فحسب أي لسد العجز في الموازنة)، فيعدُّ إستنتاج من قبلكم، لان المقال يناقش آثار وتداعيات تخفيض سعر صرف الدينار لتغطية عجز الموازنة فحسب، ولم يتناول الآثار الأُخرى لتخفيض سعر الصرف على القطاع الحقيقي كما جاء في تعليقكم أعلاه، وذلك لأن العنوان أصلاً لم يتطرق إلى ذلك، وإذا أُريَد الخوض في هذه الآثار يمكن القول بأن تخفيض سعر الصرف هو النائب المالي (Fiscal proxy) للتعرفة الجمركية، والجانب الايجابي في تخفيض سعر الصرف هو عدم تميزه بين طالب العملة لغرض الاستهلاك وطالبها لغرض الاستثمار في الخارج، إلا أنَّ تخفيض سعر الصرف لا يميز بين الأنشطة الاقتصادية التي يُراد دعمها من قبل الحكومة عبر تعرفة جمركية و الأنشطة الأخرى التي لا تريد الحكومة دعمها، هذا من جانب ، ومن جانب آخر، فإذا كان الهدف من تخفيض سعر الصرف وراءه تحفيز النشاط الزراعي والصناعي للتصدير فيجب أنْ نعلم بأنَّ مساهمتهما المتوقعة ضئيله، كما أنَّ مشكلة الصادرات أو إحلال الاستيرادات في معظمها ليست تنافسية يخلقها سعر صرف منخفض-وحتى ان بالغنا في التخفيض فنحن نعمل مع شركاء تجاريين لديهم تخفيضات غير متناهية بسعر الصرف- بل في:
1- سوء الإدارة المالية للقطاع الخاص بشقيه (الزراعي والصناعي).
2- الانفاق الحكومي غير المنضبط فضلاً عن تغليب الشق الاستهلاكي منه على الاستثماري وعدم تنفيذ الاخير بصورة كاملة.
3- أزمة تكاليف بسبب الطاقة والامن.
4- انعدام ضريبة كمركية لاجمة ومحفزة.
كل ذلك يجعل الاتكاء على تخفيض سعر الصرف كالمستجير من الرمضاءِ بالنارِ، لأنَّه سيؤثر في مستوى الرفاهية المتواضع أصلاً لشريحة الدخول الثابتة، في الوقت الذي لا تستطيع الحكومة القيام بتحويلات لمتضرري التخفيض من الفقراء ، وبالتالي فهذا الهدف إذا ما قورن بتأثيراته المحتمله والمجربة يتضاءل .
باعتقادي البسيط أنَّ استخدام التخفيض في القريب غير مؤثر دون الأدوات الأخرى والسياسات الأخرى وهدف الحفاظ على قوة الدخل فضلاً عن التضخم تتقدم.
أما إذا كان وراء هدف التخفيض الاحتفاظ النسبي بالاحتياطيات الاجنبية جزء من سياسة تقشفية عبر قناة سعر الصرف، فهو ذو تأثيرات أليمة وقاسية على مستوى المعيشة المقومة بالدينار العراقي المقوى بالاحتياطيات الأجنبية. وسواء تم التخفيض أم لم يتم فان الاحتياطيات تتناقص طالما يدار العراق بسياسة مالية غير منضبطة حتى باعقد مرحلة وهي التي نمر بها.
ويمكن تحفيز بدائل الواردات الزراعية والصناعية نسبياً من خلال اللجوء إلى سياسة التمويل غير المباشر للمصارف بإتجاه القطاع الخاص مع ضبط وتيرتها وطبيعة المشروعات المموله على أمل تقليل( وليس إنهاء) تنافسية سلع الجوار.
إنَّ تحميل السياسة النقدية أعباء غياب سياسة ضريبية وتجارية، فساد مستشري، وسياسة مالية غير منضبطة لسنوات فهذا أمر ليس بالمنطقي ولا بالمعقول.
وكل ذلك لا يعني قدسية الحفاض على استقرار سعر الصرف كما موضح في أصل المقال .
هذه هي الموضوعية و الصورة الكاملة للاقتصاد الكلي وليس كما وصفتني ياأستاذي “نظرة من زاوية نقدية أو محسوب على سلطة نقدية أو من زاوية شخصية عندما أكون موظف براتب ثابت وأخشى عليه من أن يتاكل جراء تراجع سعر صرف الدينار” ، فالشعب العراقي جلَّه من أصحاب الدخول الثابتة، والمركبة التي نحاول إنقاذها من الغرق كانت تغرق شيئاً فشيئاً منذ 10 سنين خلت وكنتم المستشار الأول لرئيس الوزراء ولم نلمس أنذاك حلاً واحداً لمشاكل الاقتصاد العراقي .
حسين عطوان
باحث اقتصادي
البنك المركزي العراقي
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
استاذ حسين
تحية طيبة عليك وعلى اساتذتي الذين شاركو بارائهم
ارجو من حضرتك استاذ حسين ان يكون طرحك مبني على افتراضات صحيحة وليس على الاهواء لكي يكون الرأي ذو قيمة حتى لا نترك لغير الاختصاص بالتدخل الذي يزعزع امن البلاد اقتصاديا وهذا لايقل خطورة من الامن سياسيا فلا يكون رأيك اعلاميا لجذب الانظار اليك لان هذا قد يقلل من قيمتك الشخصية والمهنية وهذا ليس انتقاص منك لا بل لتصيح المسار فالقضية رجالها وان خلت فتدخل …..
تحية طيبة
اشكرك استاذ حسين على هذا التحليل ولكن لدي ملاحظتين :
1- ماذا سيحدث في حال باعت وزارة المالية اقل من (25-30مليار دولار) الى البنك المركزي العراقي ولاسيما في ظل تراجع اسعار النفط ، هل سيتم تخفيض سعر الصرف الدينار العراقي اكثر
2- هل تعلم عندما يتم تخفيض سعر صرف الدينار العراقي سيؤدي الى تخفيض اكثر للاحتياطي الاجنبي للبنك المركزي
تحياتي
الاستاذ حسين المحترم
تحليلكم مبني على افتراضات غير مطروحة وغير صحيحة ، ومنها افتراض سد كل العجز في موازنة 2016 من خلال تخفيض سعر صرف الدينار ولم يقل احد بذلك اصلا لان هنالك مجموعة مصادر ممكنة من بينها سعر الصرف للدينار لمواجهة العجز ، كما ان افتراضك بان الغاية من هذا الاجراء مالية فحسب اي لسد العجز في الموازنة هو الاخر افتراض غير صحيح ، لان تخفيض سعر الصرف للدينار سيحمل معه اثار ايجابية اخرى غير مباشرة تتعلق بالجانب الحقيقي للاقتصاد وليس الجانب النقدي واعني بذلك انه سيجعل السلع المستوردة اغلى لدى المقيمين وتتحقق نفس الغاية الحمائية للمنتج المحلي كما لو اننا نحميه من خلال التعرفة الكمركية ، اما بسعره المغالى به حاليا فهو يعمل عمل الغاء اي تعرفة على المستورد وبذلك يقتل القدرة التنافسية لدى اي منتج محلي ، وبذلك فهو مشجع للمنتج الاجنبي وقامع للمنتج المحلي وهذا كان على مدى السنوات العشر السابقة – رغم مطالباتنا المستمرة ويمكن ان تراجع مقالاتي وكتبي من سنين – مما ادى الى طرد المنتج العراقي من السوق ولذلك لدينا بحدود 40 الف مصنع متوقف عن الانتاج في بغداد فقط ، فهل كان هذا السعر المغالى فيه للدينار متعاضد مع حدود مفتوحة وتعرفة معدومة قد ساهما معا في تدمير اي منتج محلي ، الجواب نعم وكان هناك منتفعين يحصلون على ارباح سريعة وسهلة من التجارة على حساب المنتج ، واليوم هل يعقل الاستمرار بهذه المهزلة ، وقد تراجع عائد البلد من النقد الاجنبي واذا استمر البنك المركزي جاهدا في الحفاظ على عذرية الدينار التي يعتبرها مقدسة وهي ليست كذلك ، ويضخ بين 150-200 مليون دولار يوميا للحفاظ عليها فتاكل الاحتياطي من 80 مليار دولار قبل 3 سنوات الى 55 مليار دولار حاليا ، فاننا بعد فترة سنجد انفسنا بلا احتياطي اصلا وينتهي الغطاء لان ما يدخل للبنك المركزي من دولار يوميا اقل مما يخرج منه ، وعندها سوف تنكشف بالكامل عورة دينارنا المقدسة وقد يكون الانهيار تراجيدي ، بينما ممارسة تخفيض لسعر صرف الدينار تدريجي وممنهج يكون حلا امثلا ..عليه ارجو ان ينظر الاقتصاديين للصورة الكاملة للاقتصاد الكلي وليس من زاوية نقدية مرة عندما يكون محسوب على سلطة نقدية او من زاوية شخصية مرة اخرى عندما يكون موظف براتب ثابت ويخشى عليه من ان يتاكل مرتبه من جراء تراجع سعر صرف الدينار ، الموضوعية مهمة جدا الان لاننا في مركبة واحدة تتعرض لامواج متلاطمة ، انقاذها يعني انقاذنا جميعا ، ولا ينتفع من يفكر بمصيره حسب لان غرقها يعني غرقنا جميعا.
أ.د.عبدالحسين العنبكي
الاستاذ العنبكي المحترم
اتابع طروحاتك منذ مده ولم اشا ان اعلق عليها الا فيما ندر لاني اعرف تحفظك على تدخل غير الاقتصاديين بالاقتصاد ولكن اسمح لي هذه المره ان اعلق
خفض قيمة الدينار العراقي هو عقوبة جماعية لاكبر شريحة في البلد وهم الموضفين والمتقاعدين .. وبدلا من ان تقوم الحكومة باخراج الفائض من موضفي الدولة وايجاد بديل للضمان الاجتماعي لهم ناهيك عن الفضائيين فانها تلجا الى تقسيم الرغيف بينهم فيتساوى الفائض مع الاساسي والملتزم مع الفضائي ..
ما بخصوص اعطاء ميزه تنافسية للمنتج العراقي .. ربما تعرف استاذي ان معظم مدخلات الانتاج هي مستورده والعراق لا يملك المواد الاولية للانتاج الكمي الا النفط ومشتقاته والطاقة عندنا تنتج من اغلى مصادرها وهو البترول وهي غير متوفرة على كل حال.. والمصانع التي ذكرتها متوقفة لسببب واحد وهو انها بنيت في ضل الحماية التجارية التي كان يوفرها النظام السابق والتي سقطت في عام 2003 والحكومة الان تحاول اعادتها بفرض قانون الجمارك بمعنى ان نعود الى المربع الاول وهو انتاج السلع في الداخل باكثر من كلفه استيرادها .. ولن تتحمل هذه الميزة التجارية الا الايدي العاملة !!!
نعم ان الحماية التجارية مطلوبه كحالة خاصة لبعض السلع منها ما ما يوفر انتاجه في الداخل فرص عمل كثيرة مثل بعض الصناعات الحرفية او بعض السلع الاستراتيجية او بعض السلع التي تتوفر مدخلات انتاجها في البلد والتي لا يمكن تصديرها فليس لها قيمة تجارية وان ادخالها في التصنيع يعطيها قيمة مضافة .. اما الاصرار الانتاج في الداخل لمجرد تشغيل المصانع بدون حسابات الضرر والمنفعه لا هو بالمنطقي ولا بالواقعي .. كمثال صريح ان انتاج الامونيا مثلا ( وهي الماده الاساس في صناعة اليوريا ) يحتاج الى 35 مليون وحده حرارية غاز للطن الواحد وبكلفلة 70 دولار حاليا وهو ما يعادل حوالي 6 براميل نفط مكافئ والتي تكلف بحدود 150 دولار بالسعر الحالي للنفط واحسب انت كلفتها عندما كان سعر النفط فوق 100 دولار !!!!!! عبث ما بعده عبث …
ربما من الاجدى هو محاوله معالجة المشاكل بدل التحايل عليها وايقاف الهدر في الموارد .. ل 13 سنه لم تستطع الدوله ان تطور مصافي النفط ولم تستطع ان تقوم بجباية اجور الكهرباء المدعومه بنسبه 90 بالمئه حسب اخر تصريحات وزاره الكهرباء وم تستطع ان تطور حقول الغاز لايجاد مصدر بديل ورخيص للطاقة .. كم يستهلك العراق من النفط يوميا ؟؟ وكم يستورد من المشتقات لتوفير الكهرباء التي تستهلك بشكل عبثي ؟؟ وكم من المحطات التي بنيت بشكل اعتباطي بدون ان تكون جزء من مجمعات صناعية للاستفادة من الطاقة المهدوره ؟؟ وكم من الاخطاء وكم من الفساد ؟؟
ولا نسمع الا اقتراحين .. الجمارك لدعم الانتاج في الداخل وتقليل الاستيراد وتخفيض قيمة الدينار العراقي يعني باختصار حيلة العاجز .. وليتها كانت سبل ممكنة او صحيحة .. تطبيق الجمارك شبه مستحيل في الضروف الحالية والحدود مفتوحه .. وكل ما سوف يحصل هو ايجاد فرص عمل للمهربين ومصدر رزق لفاسدين .. وان طبقت بشكل صحيح فضررها اكبر لانها سوف تجبر القطاع الخاص على الاستثمار في الصناعة في ضل حماية تجارية غير مضمونه .. فمن يدري متى سوف ترفع او الى متى تستطيع الحكومه تطبيقها وليتها تعود اصلا بالمنفعة للبلد وللاقتصاد .. اما اذا تم خفض قيمة الدينار العراقي فهذا يعني ان يتحمل المواطن تبعات كل هذا التخبط من اوله الى اخره ..
دعم الانتاج المحلي استاذي لا يحتاج الى حماية تجارية او خفض لقيمة العملة وانما يحتاج الى بيئة استثمارية امنه تشجع راس المال الداخلي قبل الخارجي للاستثمار في البلد ويحتاج الى ان توفر الدوله مدخلات رخيصة للانتاج واهما الطاقة بدلا من تحويل الايدي العاملة العراقية الى ارخص مدخلاتها !!!
اعتذر مقدما عن الاخطاء الاملائية