لم يكن خلق الثروة المالية وتحقيقها ممكناً في اقتصاد يؤدي السوق فيه دوراً محورياً في الاستحواذ على الفائض المالي الممكن في اقتصاد مركزي شديد الريعية تستغرق فيه نفقات الموازنة العامة نسبة لاتقل عن 75% من الناتج المحلي الاجمالي والتي هي مصدرها عوائد النفط ، في حين تتمتع السوق بمحاور وأسس ضعيفة التنوع من الناحيتين الانتاجية والاستثمارية قادرة على امتصاص الفائض المركزي وتوليد كثافة عالية من التراكمات الرأسمالية عبر روافع قوية من الثروة المالية. وانه لايمكن تحقيق تلك الثروة الا عبر تقوية مراكز رأس المال المالي واندماج مختلف اشكال رأس المال في تلك الظاهرة الرأسمالية المالية التي تقوم على توليد الربح التضاربي وتكثير الاموال وتعظيم التراكم .
فالمؤشرات المتوافرة تدل على ان 20% من سكان العراق يستحوذون على 40 % من الدخل الوطني وان جل تلك الثروة وتراكماتها المالية هي من مصادر المضاربة المالية والمتاجرة عالية الربح ضعيفة القيمة المضافة معمقة لحالة اللامساواة في توزيع الدخل والثروة والمولدة في الوقت نفسه للاستخدام الناقص . اذ مازال سوق العمل العراقي يعج بالبطالة المقنعة بنسبة 28% من اجمالي قوة العمل العراقية البالغة 8 ملايين عامل. ويلحظ من ذلك مع شدة وكثافة رأس المال المالي غير المنتج تزداد شدة وكثافة مستويات البطالة الفعلية والمقنعة والاستخدام الناقص ( البطالة المقنعة ) بما يتناسب ونسبة استحواذ الرأسمالية المالية على الدخل والثروة الوطنيتين.بعد ان فقدت الرأسمالية المالية نفسها اية توجهات صوب الاستثمار الحقيقي وتوليد الدخل المنتج عالي الاستخدام .
ففي اقتصاد مالي بحت تتعاظم فيه عوائد الصادرات النفطية يجري انفاقها عبر الموازنة العامة في بيئة استثمارية وانتاجية داخلية ضعيفة ، فأنه من المتوقع جدا تعرض البلاد الى حالات كثيفة من تدفق رؤوس الاموال الى الخارج capital outflow ليستقر ويتحول من دولرة نقدية داخلية الى اشكال مختلفة من الدولرة المالية والتنويع في الطيف الواسع من الادوات في الاسواق المالية الخارجية في حالة التوجه نحو الاستثمار طويل الاجل .
وعلى الرغم من ذلك فأن اعادة تدوير رأس المال وتعظيم التراكم قد رافق تمويل التجارة الخارجية ذات الطابع القصير الاجل . اذ استفادت الرأسمالية المالية من ظاهرة تحرير الحساب الجاري لميزان المدفوعات التي التزم العراق بها استناداً الى احكام المادة 8 من اتفاقية صندوق النقد الدولي في ظل بيئة يصعب بموجبها تعريف رأس المال المالي المتدفق الى الخارج والذي ادغم في عمليات الحساب الجاري لذلك الميزان . بحيث بات من الصعب التمييز بين تمويل التجارة ضمن الحساب الجاري او انتقال رؤوس الاموال الى الخارج ضمن الحساب المالي لميزان المدفوعات .
فالسياسة النقدية التي مازال هدفها التدخل اليومي في سوق الصرف للحفاظ على استقرار الدينار العراقي اصبحت ممراً امناً لرأس المال المالي الحر للتدفق الى حواضينه الخارجية عبر التجارة المالية القائمة على حرية التحويل الخارجي تسودها آلية شديدة الغموض وذات مستويات وتراكيب معقدة في سوق المال نطلق عليها بالحركات العنقودية الماليةfinancial cluster movements وعلى وفق مستويين مختلفين وهما :
لمواصلة القراءة انقر على الرابط التالي
د. مظهر محمد صالح- عناقيد الثروة المالية في العراق- بين التدوير والتراكم
الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية